رقم ( 2 )
المقدمة

د. أحمد صبحى منصور
كتاب : القرآن وكفى مصدرا للتشريع الإسلامي

الكتاب الذى صادرته مصر وليبيا في التسعينيات
بسم الله الرحمن الرحيم

مــدخـــــــل:
1ـ في مطلع التسعينيات ,1990 كنت في حرب ضروس ضد الفقر المدقع والخصوم التقليديين . خصومي هم فقط الصوفية والسنيون السلفيون والأزهريون وجميع مؤسساتهم الدينية والعلمية والتعليمية والدعوية في مصر وخارجها، بالإضافة الى خصم وديع رقيق القلب و هو أجهزة الحكم القمعية في مصر المحروسة التي تتابع أنفاسي وتتلمظ لافتراسي.

مقالات متعلقة :

كنت ـ ولا أزال ـ ضد تدين الجميع اناقشه بالقرآن . من الطبيعي أن يغلقوا كل أبواب الرزق في وجهى وأن يحيلوا حياتي الى رعب مستمر ومستقر كنت أداريه خجلا من نفسى . ولكن المفكر المسالم اذا دخل السجن ـ وخصوصا السجون المصرية ـ ولو لبضع اسابيع ، فإنها لا تخرج منه أبدا ، يظل يحمل السجن في داخله مهما طال به العمر ، ويظل يتحسب له ، خصوصا أذا كان مثلى لا يملك شيئا من حطام الدنيا ولا يعرف ماذا يحل بصغاره اذا أرجعوه الى غياهب السجون . بل انه يعرف ماذا ينتظره من رفاق السجن ، ومعظمهم متطرفون وخصوم له في الدين ، يرون جهادهم في الاجهاز عليه لحظة العثور عليه كما أفتى الفقيه ـ المعتدل ـ شيخ الاخوان المسلمين " سيد سابق " في كتابه الأشهر " فقه السنة " عن حكم الزنديق . وانا عندهم زنديق عريق . وخصومي من المتطرفين والحكوميين المفسدين المستبدين ـ مع الحرب الدائرة بينهم ـ الا انهم اتفقوا على شيء واحد ، هو اضطهادي وملاحقتي .
2 ـ وكانت فكرة إدخالي السجن للمرة الثالثة ـ وبأي ذريعة مقبولة ـ تحقق أملهم في التخلص منى الى الأبد ، حيث سيضيع دمى بين قبائل المساجين . ولهذا السبب كانت العادة السيئة لأمن الدولة هي استدعائي كل حين لإرهابي وترويعي ، خصوصا مع احتمال وارد اذا قرر ضابط أمن الدولة أن يمد استضافتي ليلة في سجونهم غير الرسمية التي يحشرون فيها ضحاياهم حشرا ويعذبونهم وفق روتين يومي عادى. وأغلب الضحايا متطرفون يتوقون للانتقام والجهاد ، ووجودي معهم يحقق رغبة الجميع في التخلص منى. وقد جربت هذه السجون الملاكي يومين فقط سنة 1988 ولكن الله تعالى سلم فلم يتعرف على أحد وقتها.
3 ـ هذا الفقر المدقع المغلف بإرهاب الدولة وارهاب المتطرفين لم يوقف أبدا إنتاجي العلمي ولا إصراري على استمرار الجهاد السلمى لإصلاح المسلمين بالإسلام ، والدليل هو صدور هذا الكتاب سنة 1991 بعد قصة لم يحن بعد الكشف عن تفصيلاتها ، وأغلب التفصيلات مع غيرى الذين تولوا طبع الكتاب ونشره. وبعض هذه التفصيلات كتبها الصحفي المصري الهامى المليجي في الأهرام العربي وقد كان وقتها قريبا من الأحداث.
4 ـ ما أعرفه أن أحد المسلمين المستنيرين في المانيا كتب الى" المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر " في ليبيا يقترح عليهم نشر مؤلفاتي ويعرفهم بمعاركي مع السنيين ومقالاتي الأسبوعية في جريدة الأحرار . وقتها كان القذافي يرفع لواء انكار السنة وكان خصومي في مصر يؤلفون مسبقا روايات عن علاقات بيننا . ولم يفكر أحدهم اذا كان هذا صحيحا فلماذا أعانى الفقر في مصر ولماذا لا أشد الرحال الى احدى الجامعات الليبية أنعم فيها بما كان ينعم به بعض زملائي وتلامذتي.
5 ـ لا يعرفون أن المفكر الحر يستحيل أن يكون أجيرا لدى أي حاكم مستبد . قد تلجأ سلطة مستبدة لنشر كتاب لي مضطرة أو تشجع نشره اذا كان ذلك يحقق مصلحة وقتية لها ولا يستطيع أذنابها من الفقهاء الاجتهاد في تأليفه . حدث هذا في بعض كتبي التي تثبت التناقض بين الاسلام والتطرف . مثلا احتفلت السلطة المصرية بكتابي "حد الردة" الذى كتبته في أعقاب اغتيال صديقي الدكتور فرج فودة ، والذى يؤكد بأدلة قطعية أن عقوبة قتل المرتد تناقض الاسلام. فتم نشره مرات عديدة لأن الاتهام بالردة وجهته الجماعات الارهابية الى رموز السلطة المصرية ولاحقتهم بمحاولات الاغتيال ، لذا كان هجوم شيوخ الأزهر على هذا الكتاب معتدلا . بل أنهم سنة 2002 أفتوا أن المرتد لا يقتل ولكن يستتاب فقط.
نفس الحال مع الحكم القذافي  في ليبيا الذى رأى أن بعض كتبي قد تشد أزر العقيد المهووس بالثقافة والفكر والاعلام . وفى كل الأحوال فان هذا التلاقي الاستثنائي محكوم عليه مقدما بأن يكون جملة اعتراضية استثنائية في العلاقة بين عقليتين متناقضتين : عقلية الاستبداد والاستعباد التي لا ترى في الكاتب المثقف الا راقصا في مواكبها, وعقلية المفكر الحر الذى يسمو بنفسه عن حطام الدنيا ومواكبها لأنه يقرأ التاريخ ويتـعـقـله ويرى كيف يخلد القلم المناضل وينتصر دائما على سيف الطغيان . لا يمكن للعقليتين أن يتفقا حتى اثناء تلك الجملة الاعتراضية.
6 ـ اتصل بي مسئول ليبي كبير واتفقنا على أؤلف لهم كتاب " القرآن وكفى مصدرا للتشريع". وفى اسبوعين بالضبط انتهيت من تأليفه واعطيته لهم . يقول الصحفي الهامى المليجي الذى تابع الموضوع معي بحكم صلاته بالقيادة الليبية وقتها ان القذافي قرأ الكتاب وأعجبه ووافق على نشره على اساس تغيير العنوان الى " لماذا القرآن ؟ " وتغيير اسم المؤلف ليكون " د. عبد الله الخليفة". ووافقت طالما لن يغيروا شيئا في صلب ما كتبت. وكان مقررا طبع الكتاب في القاهرة ليوزع في مصر أولا. وفزعت احدى المحجبات وكانت تعمل في المطبعة حين قرأت صفحة من الكتاب فأبلغت مباحث أمن الدولة. فتحفظوا على جميع نسخ الكتاب وارسلوا نسخة منه الى الأزهر{ الشريف جدا } فقرر مصادرته في الحال اذ أدركوا كما قيل لي بعدها أننى المؤلف الحقيقي للكتاب ، وفعلا حملت عربة نقل كل نسخ الكتاب لتلقيه الى اولى الأمر الليبيين على الحدود ، تم نشر نسخ الكتاب في ليبيا ولكن قامت عليه حملة السنيين الليبيين أيضا. فوافق القذافي على مصادرته لأن موضة أو هوجة انكار السنة بهتت لديه واصبح مشغولا بلعبة أخرى. وانشغل الجميع عن بقية مستحقاتي المالية لديهم و ضاعت .
7 ـ وها هو الكتاب الآن بين يديك عزيزي القارئ بعد 14 سنة من المصادرة ، يقدم لك حجة ناصعة لا يبقى معها عذر بالجهل. بعد قراءة هذا الكتاب ستتضح الحقائق وسيزول الجهل ويبقى اتخاذ القرار عن عمد وعن علم : إمّا بالتبرؤ من البخاري وغيره نصرة لله تعالى ورسوله الكريم ، وإمّا بنصرة البخاري وأئمة الحديث في ظلمهم لله تعالى ورسوله الكريم.

كل منا حر فيما يعتقد وسيكون مسئولا أمَام الله تعالى يوم القيامة عما اختاره لنفسه ، وسيلقى الجزاء بالخلود في الجنة أو الخلود في الجحيم. انها قضية خطيرة ومسئولية أخطر.
وكل عام وانتم بخير..

أحمد صبحى منصور .. يناير2005

مـقــدمــة:

ليس المقصد من هذا الكتاب اتهام القارئ ، بل الحوار معه إيماناً من المؤلف بأن الفطرة الإسلامية لدى كل مسلم عاقل تنبض في قلبه بالحق.. وإذا حدث وتراكمت على هذه الفطرة موروثات تخالف الحق فإن آيات القرآن العزيز كفيلة بتنقية هذه الفطرة لتعود إلى صفائها الأول الذى كانت عليه في عصر النبوة الذهبي الإسلامي.
ولذلك فالمؤلف يدعو القارئ ليتصفح معه كتاب الله ويتدبر آياته الكريمة طلباً للهداية له ولجميع المسلمين..
ومنهج المؤلف هو أن يدع الحقائق القرآنية تتحدث من خلال الموضوع الذى يعرض له. وكل ما يفعله المؤلف هو أن يختار عنواناً ينطق بمدلول الحقيقة القرآنية التي يتضمنها الكتاب ثم يستعين بالآيات يؤيد بعضها بعضاً..

وبعد هذا فالمؤلف يحتفظ في قلبه بالحب لكل المسلمين الذين يجمعهم حب القرآن، وهو يدعو الله تعالى أن يهديه ويهدى كل أخوة الإسلام إلى ما يحبه تعالى ويرضاه..
والله تعالى هو المستعان..
القاهرة 1991م