رقم ( 9 )
الخاتمة

الخاتمة
1- الله تعالى ينزل مصدراً واحداً لدينه ولكن لا يلبث الناس أن يقيموا إلى جانبه مصادر أخرى مع التزييف في كلام الله، ولكن الله تعالى أتم حجته علينا بإنزال القرآن محفوظاً بعناية الله من الزيف والتحريف وجعله مهيمناً على ما سبقه من كتب وأنزله مبيناً مفصلاً تاماً لا يحتاج إلى مصدر آخر معه، وتظل آيات الكتاب حجة على أولئك الذين يتهمون القرآن بالنقص والغموض والاحتياج للبشر.

مقالات متعلقة :

2- وأصحاب المصدر الثاني ينسبون الأحاديث للنبي مع اعترافهم بأن النبي نهى عن كتابة هذه الأحاديث، ومع اعترافهم أيضاً بأن العصر الذهبي للإسلام لم يشهد كتابة تلك الأحاديث التي لم تُدوّن إلا في عصور الاضطراب العقيدي والتفرق الديني والتحزب السياسي ، وهم حين ينسبون تلك الأحاديث للنبي يجعلونها درجات في الصحة والصدق ، فمنها المتواتر الذى يفيد عندهم اليقين وعدد أحاديثه يتراوح ما بين صفر إلى أقل من عشرة أحاديث عند أكثر المتفائلين ، ومنها الآحاد وهو القسم الأعظم من تلك الأحاديث ، ثم يقسمون أحاديث الآحاد إلى درجات مختلفة بين الصحة والزيف، وبين الصدق والكذب ، وهو تقسيم مضحك ، ذلك لأنك حين تنسب قولاً ما لقائله فالأمر لا يحتمل إلا واحداً من اثنين ، أما أن يكون الشخص قد قال ذلك القول فعلاً فالقول صادق في نسبته إلى قائله بدرجة 100٪، وإما أن يكون الشخص لم يقل ذلك القول، وحينئذ تكون نسبته إليه كاذبة 100٪، ولا توسط بين الاثنين، ومثلاً فإن حديث ﴿اعملى يا فاطمة فإني لا أغنى عنك من الله شيئاً﴾ إما أن يكون النبي قد قاله فعلاً ونطق به وحينئذ فهو من قول النبي 100٪، وإما لم يتلفظ به النبي وحينئذ تكون نسبته للنبي كاذبة 100٪ ولا مجال للوسطية. ولكن أين لنا أن نتحقق من ذلك وقد دار ذلك الحديث على الألسنة أكثر من قرنين من الزمان إلى أن تمت كتابته ، والذى كتبه لم يشهد النبي ولم يشهد الأجيال التي أتت بعد النبي أيضاً.
ونعود إلى تقسيماتهم المضحكة لدرجات الأحاديث من الصدق والكذب فنراهم يقولون أن ذلك الحديث صادق بنسبة 70٪ والآخر بنسبة 50٪ والآخر بنسبة 13٪ أي ضعيف.. وهو تقسيم يضحك منه الحزين. فإما أن يكون الرسول قد قال ذلك الحديث فهو صادق 100٪ وإما لم يقله الرسول فالحديث كاذب 100٪.
والذى قاله الرسول ويظل إعجازاً لنا على أنه كلام الله هو القرآن، وهو الحديث الذى ينبغي الإيمان به وحده والاحتكام إليه وحده ، فالذي أنزل هذا الكتاب هو الذى سيحاسبنا على أساسه يوم القيامة، أما الذين كتبوا لنا مؤلفات المصدر الثاني فهم بشر مثلنا سيقفون معنا صفاً أمام الله في الموقف العظيم يوم القيامة.
وخوفاً من ذلك اليوم فإننا ندعو القارئ المسلم لأن يخلو بنفسه ليتفكر فيما أوردنا في هذا الكتاب داعياً الله تعالى بإخلاص أن يهديه إلى الصراط المستقيم تاركاً خلفه كل هوى قديم.. إن أعمارنا محدودة ، والأيام تسير بنا والموت يتربص بنا ولا ندرى متى سينشب فينا أظفاره ، ولابد أن يحسم كل منا رأيه في هذه القضية حتى يكون مستعداً للقاء الله يوم القيامة ، يكفى أن ينظر في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله في الأرض من إبداع، أيمكن للخالق جل وعلا أن ينزل علينا كتاباً ناقصاً غامضاً موجزاً محتاجاً لكلام البشر ليكمله ويوضحه ويفصّله ؟.
﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ؟﴾ (الأعراف 185)

وصدق الله العظيم
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ؟﴾

والسؤال لا يزال مطروحاً...