رقم ( 8 )
الباب السادس : ( قل ) فى إصلاح اشباه المحمديين

الباب السادس  : ( قل ) فى إصلاح اشباه المحمديين

الفصل الأول : ( قل ) فى إصلاح أهل الكتاب  ..والمحمديين .!!

أولا : الدعوة الى الاسلام :

  ثانيا  ـ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )

ثالثا : رفض معظم أهل الكتاب الاسلام لله جل وعلا وحده ، والرد عليهم :

رابعا : الحوار حول ابراهيم 

 خامسا : الرد على رفضهم القرآن

 سادسا : النهى عن التزكية للنفس وللغير 

سابعا : فى تأليه المسيح :

  أخيرا : سؤال : لماذا كل هذا التركيز القرآنى على (اهل الكتاب ) و ( اليهود والنصارى ) ؟

الفصل الثانى :  ( قل ) فى إصلاح المنافقين ..والمحمديين .!!

مقدمة  عن عالمية النفاق : ونشأة وتطور النفاق بين الصحابة

أولا : البداية قبل المواقع الحربية:

 ثانيا : المواقع الحربية الأولى :

ثالثا : المواقع الحربية الأخيرة

رابعا : مع المنافقين من الأعراب خارج المدينة

الفصل الثالث : ( قل ) فى إصلاح الصحابة المؤمنين ..والمحمديين

مقدمة عن الزعم بالايمان

أولا : التقوى والصدق :

 ثانيا :عمومية الاصلاح من الصحابة الى آخر الزمان

ثالثا : أخطاء الصحابة التى جعلها المحمديون دينا ومنهج حياة و ( سُنّة )

 

الباب السادس  : ( قل ) فى إصلاح اشباه المحمديين

الفصل الأول : ( قل ) فى إصلاح أهل الكتاب  ..والمحمديين .!!

أولا : الدعوة الى الاسلام :

  ثانيا  ـ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )

ثالثا : رفض معظم أهل الكتاب الاسلام لله جل وعلا وحده ، والرد عليهم :

رابعا : الحوار حول ابراهيم 

 خامسا : الرد على رفضهم القرآن

 سادسا : النهى عن التزكية للنفس وللغير 

سابعا : فى تأليه المسيح :

  أخيرا : سؤال : لماذا كل هذا التركيز القرآنى على (اهل الكتاب ) و ( اليهود والنصارى ) ؟

 

أولا : الدعوة الى الاسلام :

 1 ـ : هى تعنى التساوى بين الخلق جميعا فى الانقياد لله جل وعلا وحده إلها وربّا ، فطالما يؤمن الجميع بأنه لا إله إلا الله ، فهم جميعا سواء فى العبودية لله وحده، مهما إختلفت أعراقهم وألسنتهم وأزمنتهم وأمكنتهم . هم بالتعبير القرآنى ( أمة واحدة ) تشمل كل الأنبياء وكل رسل الله وكل المؤمنين فى كل زمان ومكان . ولهذا جاء القصص القرآنى يحكى عن الأنبياء وأقوامهم ، ويؤكد بعد هذا القصص فى سورة الأنبياء أن الأنبياء مع المؤمنين فى كل زمان ومكان هم أمة واحدة لأنهم يعبدون الرب الواحد جل وعلا . يقول جل وعلا عن هذه الأمة الواحدة :( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) الأنبياء ). ولكن الذى يحدث أن يتفرقوا ويتقطعوا الى أحزاب ، يقدس كل حزب ألاها مصنوعا من البشر ينتمى اليه ، فتصبح هذه (أمة فلان ) وتلك ( أمة علان )، يقول جل وعلا فى الآية التالية:( وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)الانبياء).

ويتكرر هذا فى سورة ( المؤمنون ) يخاطب الله جل وعلا الأنبياء حميعا بأنهم جميعا أمة واحدة ، وهو جل وعلا وحده ربهم الذى يعبدونه  وحده ويتقونه وحده: (  يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) ولكن الذى يحدث أن يتفرقوا الى أمم شتى ( أمة فلان ) و ( أمة علان ) وكل أمة وكل حزب بما لديهم فرحون : ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) ( المؤمنون ).

2 ـ حدث هذا قبل نزول القرآن الكريم خاتم الرسالات السماوية ، وحدث مع أهل الكتاب ( أمة المسيح ) ، ثم حدث مع ( المحمديين ) أو ( أمة محمد ) بعد نزول القرآن الكريم .أى حدث الانتقال من عالمية ( الاسلام ) أو الانقياد لله جل وعلا وحده بكل الألسنة واللغات ومع اختلاف الزمان والمكان ـ الى التفتت والتفرق والشقاق والأديان المحلية والاقليمية الأرضية  ، ومن ثِمّ النزاع المذهبى والحروب الدينية والمذهبية ، وهى العادة السيئة لدى الأديان الأرضية ، من محمديين ومسيحيين ويهود ، وغيرهم. .3 ـ وقت نزول القرآن الكريم كان معظم أهل الكتاب قد تحولوا من ملة ابراهيم التى تعنى إخلاص القلب والعبادة لله جل وعلا وحده الى تفرق فى الدين وتكوين (أمة فلان ) و ( أمة فلان ). داخل ( امة المسيح ) وقتها كانت هناك خلافات حول طبيعة المسيح الألهية ، ومقدار الالوهية فيه ومدى ما فيه من الناسوت واللاهوت  ، واستمرت المجامع الكنسية تجتمع وتختلف ، مع وجود من يؤمن ببشرية المسيح وعدم تأليهه ( آريوس ). واستمرت هذه الخلافات المذهبية داخل الدين الأرضى لأمة المسيح ، ونشأت فرق جديدة بعد نزول القرآن ببضع قرون،أبرزها ما أفرزته حركة مارتن لوثر الاحتجاجية أو البروتستانية ، والتى تفرعت واختلفت وأنتجت مذاهب كثيرة . ونفس الحال مع اليهود ومذاهبهم ، ثم مع المحمديين ، ومذاهبهم وطوائفهم التى تعددت الى عشرات المذاهب ، إستمر منها الى الآن ( السُّنة ، والشيعة والصوفية ) مع الانقسام فى داخل السنيين والشيعة والصوفية .

فى وقت نزول القرآن رفض معظم أهل الكتاب الاسلام ، أى أن يسلموا القلب والجوارح لله جل وعلا وحده ، ولشفائهم من   هذا الرفض جاءت دعوتهم الى الاسلام باستعمال كلمة ( قل ) وبدونها .وهى نفس الدعوة للمحمديين لأن يؤمنوا بالاسلام .

  ثانيا  ـ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )

1 ـ يتكرر كثيرا  ورود هذه العبارة : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فى هذا الحوار وصفة للشفاء . طبقا للبلاغة العربية فحين تقول ( نحن مسلمون له ) فهى تعنى ( نحن مسلمون له ولغيره ) أى لا تعنى الإخلاص فى الدين لله جل وعلا . أما عندما تقدم (الجار والمجرور ) هنا أى ( نحن له ) فهى تعنى القصر والحصر ، أى ( نحن له وحده مسلمون ) .

أسلوب القصر والحصر له طرق مختلفة ، منها النفى والاستثناء ( لا إله إلا الله ) والتقديم (إياك نعبد وأياك نستعين )  ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) آل عمران ) أى له وحده اسلموا ، واليه وحده يرجعون . واستعمال ( إنّما ): (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ )(20) يونس). وقد تتعدد أساليب القصر فى آية وحده فى الحديث عن رب العزة وعلمه وحده بالغيب ، من التقديم والنفى والاستثناء ، كقوله جل وعلا : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الآنعام ) .

2 ـ وقد جاءت عبارة (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فى :

2 / 1 : وصية ابراهيم ويعقوب لأبنائهم :( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) البقرة )

2 / 2 : فى النهى عن التفرق فى الدين ، لأن أول سبب له وهو التفريق بين الأنبياء وتفضيل نبى على آخر ، فالاسلام يمنع التفريق بين الرسل ، ويأمر بالايمان بهم جميعا وبكل الكتب ، وهذا يعنى(وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) . جاء هذا لأهل الكتاب مرة فى خطاب مباشر من رب العزة : (قولوا ) : (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة ) ومرة باستعمال ( قل ):( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران ) وطالما كان الشعار (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فلن يكون هناك مسيحيون او يسوعيون ( جزويت ) أو محمديون او مالكي أو شافعي أو أحناف أو حنابلة .أو وهابى!، يكفى أن الله جل وعلا هو الذى إختار لنا إسم الاسلام ، وسمانا ( مسلمين ) من أول رسالة سماوية الى القرآن الكريم : ( هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) (78) الحج ).

ونفس التحذير نزل مثله للمؤمنين (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )(285) البقرة ) ولكن المحمديين قالوا سمعنا وعصينا .

2 / 3 : فى الجدال مع أهل الكتاب بالتى هى احسن : ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46العنكبوت )، أى نؤمن بالقرآن وبما أنزل الله جل وعلا اليكم ، ونحن له وحده مسلمون . 

ثالثا : رفض معظم أهل الكتاب الاسلام لله جل وعلا وحده ، والرد عليهم :

1 ـ إنقسموا الى يهود ونصارى فى عهد نزول القرآن ، فى البداية إحتكروا لأنفسهم الجنة ، فأمر الله جل وعلا رسوله أن يطالبهم بالبرهان إن كانوا صادقين ، وأكّد رب العزة  أن الفائز بالجنة هو من أسلم لله جل وعلا وجهه وأحسن فى عمله: ( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) البقرة )، ثم إحتكر كل منهم لنفسه الهداية وانكرها على الآخر مع وجود الكتاب بينهم يتلونه، وتلك عادة سيئة كانت قبلهم  ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة  ) .ولأنهم إحتكروا الهداية لأنفسهم فقد إعتقدوا الضلال فى خاتم المرسلين طالما لا يتبع ملتهم ، ولا يمكن أن يرضوا عنه إلا إذا إتبع ملتهم ، مع أن الهدى هو هدى الله جل وعلا فى أن يُسلم الفرد وجهه لله جل وعلا وحده : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ(120) البقرة ). ولذلك جاءت وصفة الشفاء والهداية لهم بكلمة ( قل ) تأمر بعبادة الله جل وعلا وحده وعدم إتّخاذ شركاء معه ، وعدم أتخاذ أرباب معه ، فإن رفضوا فقد إختاروا لأنفسهم مكانهم فى الآخرة ، ويكتفى المؤمن بإعلانه أنه أسلم وجهه لله جل وعلا وحده : ( قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64) آل عمران ). هذه الآية الكريمة من سورة آل عمران نوجهها للمحمديين فى عصرنا ، وهم ضمن ( أهل الكتاب ) .

2 ـ واليهم أيضا ولغيرهم يقول جل وعلا عن التشهد فى الصلاة : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران )، هذا التشهد أنكره المحمديون وصنعوا مكانه ( التحيات ) . حدث هذا فى العصر العباسى حين دخل أبناء أهل الكتاب فى الاسلام بكل ما يحملونه من تراث وأوزار ، فأسسوا أديانا أرضية على أنقاض الاسلام ، وصنعوا هذه التحيات بديلا عن التشهد ، وجعلوا لها صيغا مختلفة نسبوها لعمر وعائشة وابن مسعود وغيرهم ، إعترافا منهم بأنها لم تكن موجودة ولا معروفة فى عهد النبى عليه السلام ، ثم صارته هذه التحيات من المعلوم عندهم فى دينهم ( بالضرورة ) . وتبقى حجة الله جل وعلا البالغة عليهم ، فبعد هذا التشهد يقول جل وعلا عن الاسلام الذى نزلت به كل الرسالات السماوية بكل ألسنة الأنبياء : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ  ) ويقول جل وعلا عن الاختلاف الباغى  الذى يحدث بعد نزول كل رسالة سماوية وما فيها من علم :( وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)آل عمران ) وأمر جل وعلا خاتم المرسلين أن يقول لهم أنه ومن يتبعه قد اسلموا لله جل وعلا وجوههم ، وما عليه سوى البلاغ : ( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)آل عمران ).

رابعا : الحوار حول ابراهيم 

 1 ـ بتحريفهم ملة ابراهيم ، وخروجهم عن الاسلام وتفرقهم الى أديان وملل ونحل مختلفة كان كل فريق يحتكر لنفسه  ( ابراهيم وذريته من الأنبياء) ، يجعلهم النصارى منهم ، ويجعلهم اليهود يهودا  ، ونزل الرد عليهم بكلمة (قل ):( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) البقرة ). ويأتى الرد بحقائق تاريخية ، أن ابراهيم أقدم من التوراة والانجيل :( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66)آل عمران )، وأن ابرهيم ما كان يهوديا ولا نصرانيا بل كان حنيفا مسلما ، وأن أولى الناس بابراهيم هو خاتم النبيين ومن أتبعه باحسان الى يوم الدين ، من أمة الاسلام وليس أمة المسيحيين أو أمة اليهود أو أمة المحمديين ، يقول جل وعلا : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) آل عمران )

3 ـ وفى النهاية تأنى وصفة العلاج من الله جل وعلا ، باتباع ملة ابراهيم ،وصدق الله العظيم : ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95) آل عمران )

 خامسا : الرد على رفضهم القرآن

1 ـ ردا على دعوتهم للإيمان بالقرآن الذى نزل مصدقا للتوراة الحقيقية والانجيل الحقيقى يأمر  رب العزة خاتم المرسلين أن يٍسألهم إذا كانوا متمسكين بالكتب السماوية التى نزلت اليهم فلماذا كانوا يقتلون الأنبياء السابقين ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة )، ولماذا ينقمون على المؤمنين بالقرآن أنهم يؤمنون بالقرآن وبالتوراة والانجيل وبما أنزل الله على أهل الكتاب : ( قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ ) (59)المائدة )

2 ـ وكان من حججهم أن الله جل وعلا ما أنزل كتبا على بشر ، وجاءهم الرد بكلمة ( قل ) : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الانعام )، وانهم لا يؤمنون إلا إذا جاءهم قربان تأكله النار ، وجاء الرد بكلمة ( قل ) : ( الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(183)آل عمران )

3 ـ وبكلمة ( قل ) جاءهم التأنيب على كفرهم بالقرآن وصدهم عنه ؛ عن سبيل الله الصراط المستقيم يبغونها عوجا :( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) آل عمران )

4 ـ وبدون ( قل ) جاءهم التهديد فى خطاب مباشر من رب العزة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47)النساء ) وبدون ( قل ) جاء التأكيد بأن أغلبية أهل الكتاب لن يؤمنوا بالقرآن ، ولن يتبعوا قبلة الاسلام ولا حتى قبلة بعضهم البعض ، مع انهم يعرفون صدق القرآن ويعرفونه كما يعرفون ابناءهم ولكنهم يكتمون الحق وهم يعلمون : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) البقرة ). هم كانوا يكتمون الحق ، وكانوا أيضا يفترون أحاديث كاذبة فخسروا أنفسهم :( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) الانعام ).

5 ـ هذا مع أنهم لو أقاموا التوراة والانجيل وما أُنزل اليهم من ربهم وآمنوا فعلا بها لكان هذا إيمانبا بالقرآن الذى ذكرته ونبّأت به تلك الكتب السماوية : (  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) ولكن الواقع أن أغلبهم سيزداد بالقرآن كفرا وطغيانا ، وهذا الصنف لا يستحق أن نحزن من أجله :( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) المائدة ).

6 ـ وعلى هامش الحوار مع أهل الكتاب جاء التحذير (لأهل القرآن ) الذين آمنوا من التأثر بأهل الكتاب وطاعتهم، يقول جل وعلا  بكلمة ( قل ):( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)، ثم بعده التحذير لأهل القرآن من طاعة أهل الكتاب العصاة  بدون استعمال ( قل )  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وأنه لا يجدر بهم الوقوع فى الكفر ، فالرسول ـ أى الرسالة القرآنية موجودة بيننا ، ومن يعتصم بالله جل وعلا وحده من خلال كتابه فهو الذى على الصراط المستقيم : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)، وعلى ( أهل القرآن ) الذين آمنوا أن يتقوا الله جل وعلا حق تقاته الى آخر لحظة فى حياتهم ليموتوا مسلمين :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران ).

سادسا : النهى عن التزكية للنفس وللغير 

1 ـ ونزل النهى عن تزكية أنفسهم بأنهم ( شعب الله المختار ) أو أولياء الله دون غيرهم، فتحداهم رب العزة بأن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين ، وجاء هذا بكلمة ( قل ):  ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) البقرة ) ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)  الجمعة ).وبدون (قل ) قال عنهم رب العزة : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء ).

ونزل فى القرآن الكريم النهى عن تزكية النفس أو الغير بالتقوى لأن ذلك مرجعه لله جل وعلا فقط ، والذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور : (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم )، ومع هذا يتنافس المحمديون فى تزكية أنفسهم . فهم عموما يختكرون الجنة لأنفسهم بأساطير الشفاعة المزعومة ، وهم ثانيا يتنافسون فيما بينهم فى هذه التزكية ، فالصوفية يجعلون أنفسهم ( أولياء الله ) وينافسهم السنيون والشيعة .

2 ـ وزعم المحمديون أنهم لو دخلوا النار فسخرجون منها بالشفاعة ، وهذه تزكية لأنفسهم . وقد سبقهم فى هذا الزعم أهل الكتاب ، ونزل الرد عليهم فى قوله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) آل عمران ) (  وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) البقرة ). ومع هذا الوضوح القرآنى فقد انتشرت أحاديث الخروج من النار ، وقد رددنا على هذا فى كتاب المسلم العاصى عام 1987 ، وصودر ، ودخلنا من أجله السجن . والكتاب منشور هنا .

3 ـ وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، ونزل الرد عليهم : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(18) المائدة ). والصوفية المحمديون يؤمنون بما يعرف بالحقيقة المحمدية ( أو النور المحمدى الالهى ) الذى يتنقل من محمد الى الأولياء والأئمة الشيعة . أى يجعلون محمدا جزءا من رب العزة ونوره الالهى ، ثم يجعلو أنفسهم جزءا من الله ، جل وعلا , وهذا بهتان عظيم .

سابعا : فى تأليه المسيح :

1 ـ جاء التوضيح فى أن خلق عيسى بدون أب كخلق آدم بلا أب ولا أم فى خطاب مباشر بلا ( قل )  ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران )  

2 ـ وجاء الحكم الالهى بكفر من يزعم ان المسيح هو الله جل وعلا ، وجاء الأمر بكلمة (قل ) فى نفس الآية ، أن الله جل وعلا هو الذى يملك أن يهلك المسيح وأمه ومن فى الأرض جميعا :( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17)المائدة ) . وهو نفس الخطاب لمن يزعم أن محمدا مخلوق من نور الله جل وعلا . 

3 ـ ونزل التهديد بالبطش بمن يؤله المسيح ويقول بالتثليث : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) المائدة  ) ومع هذا فالتثليث ينطق به المحمديون ، حين يقسمون بالله جل وعلا أغلط الأيمان يقولون : ( والله العظيم تلاتة ) أو ( تلاتة بالله العظيم ). يقولون ( الله تلاتة ) .

 أخيرا

سؤال : لماذا كل هذا التركيز القرآنى على (اهل الكتاب ) و ( اليهود والنصارى ) ؟

الجواب : لأن الله جل وعلا يعلم أن ( المحمديين ) سيسيرون على طريق أهل الكتاب واليهود والنصارى.. إن المحمديين وجدوا آباءهم وأسلافهم  ضالين فساروا على آثارهم يهرعون : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) ( الصافات )

ودائما : صدق الله العظيم .

 

الفصل الثانى :  ( قل ) فى إصلاح المنافقين ..والمحمديين .!!

مقدمة  عن عالمية النفاق : ونشأة وتطور النفاق بين الصحابة

أولا : البداية قبل المواقع الحربية:

 ثانيا : المواقع الحربية الأولى :

ثالثا : المواقع الحربية الأخيرة

رابعا : مع المنافقين من الأعراب خارج المدينة

 

 مقدمة  : عن عالمية النفاق : ونشأة وتطور النفاق بين الصحابة

1 ـ  النفاق حالة بشرية تسود فى عصور الاستبداد السياسى والدينى وحيث يتم تأليه الحاكم. وهنا يصل المنافقون الى أعلى المناصب . يضمحل النفاق فى الدول الديمقراطية ويصبح صعبا وصول المنافقين للصدارة ، ولكن الديمقراطية تتيح لهم حرية التعبير وحرية الحركة ، ويتم الحوار معهم ، وبالحوار يتم فضحهم وكشف مزاعمهم وأكاذيبهم ، وحصرهم فى دائرة المعارضة فى آليات الجدل السياسى والصراع السلمى للوصول للسلطة وتبادلها . والديمقراطية بما فيها من شفافية لا تعطى الفرصة للمنافقين للوصول الى السلطة ، فى مجتمع مفتوح يخضع فيه الجميع للمساءلة . وهذا بالضبط وضع المنافقين فى دولة الاسلام فى المدينة والتى تأسست على الديمقراطية المباشرة التى أتاحت للمنافقين الحرية المطلقة فى الدين وفى المعارضة الدينية والسياسية السلمية قولا وفعلا طالما لا تحمل السلاح . الدليل على ذلك ليس فقط فى التسجيل القرآنى لأقوال وتحركات المنافقين ، ولكن الأهم والأعظم أن الخالق جل وعلا هو الذى كان يحاورهم بكلمة ( قل ) وبدونها . الخالق جل وعلا قيوم السماوات والأرض هو الذى كان يخاطب أولئك المنافقين ، خطابا مباشرا ، أو يأمر رسوله بكلمة ( قل ) أن يحاورهم وأن يرد عليهم . سبحانه جل وعلا.   وهذا الخطاب القرآنى يصلح للمحمديين ، وفيهم ملامح النفاق حيث يقولون مالا يفعلون ويراءون ويمارسون التدين السطحى ، وتحت مظاهر التدين من اللحية والنقاب والحجاب والجلباب يرتكبون الفواحش ، ثم يزايدون بالأقوال وبكلام فصيح عن الآداب والآخلاق وعظمة الاسلام . هذا أخسّ أنواع النفاق . ولكن يظل القرآن الكريم حكما عليهم ، وإن رفضوا الاحتكام اليه .!!

2 ـ والملاحظ أن سورة ( المنافقون ) تحدثت عن المنافقين ،وجاء الخطاب الالهى يحاورهم بدون كلمة ( قل ) ، ففى معرض خداعهم للنبى وتآمرهم عليه وعلى المسلمين لم يقل جل وعلا للنبى ( قل ) ، وإنما جاء الخطاب لهم ردا مباشرا من رب العزة . يقول جل وعلا :(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون )

3 ـ وفى سور مدنية أخرى جرى الحوار معهم بكلمة ( قل ) وبدونها من بداية حركة النفاق الى تطورهاوتشعبها الى نهاية القرآن الكريم نزولا . ونتتبع  تطور جركة النفاق من البداية الى النهاية كالآتى :

أولا : البداية قبل المواقع الحربية:

1 ـ سورة النور من اوائل ما نزل فى المدينة ، نزلت بتشريعات إجتماعية وعقابية ( الزنا وقذف المحصنات ) وفى موضوع الافك الذى إختلقه المنافقون عن النساء المؤمنات العفيفات ، وفى كتاب ( القرآن وكفى ) وفى حلقة من برنامج فضخ السلفية أثبتنا أنه لا علاقة لحديث اللإفك بالسيدة عائشة . فقد كان مؤامرة من المنافقين للخوض فى أعراض النساء المهاجرات اللاتى كُنّ يتلقين العون من الأنصار .

2 ـ الى جانب ذلك حفلت سورة المنافقين بحوار مع المنافقين . كانوا يزعمون الايمان والطاعة ، ولكن يظهر نفاقهم عند التقاضى والاحتكام للقرآن الكريم . إذا كان لهم الحق يذعنون ، وإن كان عليهم الحق يُعرضون ، مع أن شأن المؤمن الطاعة فى كل الأحوال . يقول جل وعلا عنهم :( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (51) النور )

3 ـ نلاحظ هنا قوله جل وعلا (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) فى الآيتين 48 ، 51 . الكلام عن (اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ولكن لم يقل جل وعلا ( ليحكما بينهما ) لأن الطاعة لواحد فقط هو الله جل وعلا وحده ، والاحتكام الى واحد فقط هو الله جل وعلا وحده ، والرسول هنا وفى كل وقت هو الرسالة القرآنية ، وهذا فصلناه فى ( كتاب القرآن وكفى ) .

4 ـ  ولكن المستفاد هو الاصلاح للمحمديين فى عصرنا ، الذين ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) . فى عصرنا يروج النفاق بين المحمديين على مستوى القادة والرعاع ، كبار الدعاة  ـ خصوصا ـ السنيين الوهابيين منهم ـ يتنافسون فى نفاق الحكام المستبدين ، يأكلون على موائدهم ويملأون أرصدتهم البنكية من أموال السحت التى يأكلها المستبد من دماء شعبه وموارد شعبه . وجميعهم يرفض الاحتكام الى القرآن الكريم ، والاحتكام للقرآن فريضة يتحدد بها المؤمن من المنافق . يقول جل وعلا  عن الاحتكام اليه وحده فى القرآن الكريم وحده : (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) (114) الانعام )، ويقول جل وعلا عن حكمه  (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)  المائدة )  ويوصف القرآن الكريم بأنه ( حُكم ) ورفض المشركين له : (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (37) الرعد ). ويقول عن الاحتكام لله جل وعلا فى الخلافات بين المؤمنين ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) الشورى ).

5 ـ الميزان الظاهرى هو الطاعة الظاهرية السلوكية ، وهذا مُتاح للبشر فى الحكم عليه . الميزان الباطنى القلبى هو التقوى ، وهذا لله جل وعلا وحده الحكم عليه . والذى يحقق الطاعة قلبا وسلوكا فى الظاهر وفى الباطن هو الفائز ، يقول جل وعلا : ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (52) النور ). المنافقون كانوا يقسمون بتمسكهم بالطاعة حتى لو أمرهم الرسول بالخروج من المدينة . وهم كاذبون ، وهذا الكذب يستحق السخرية ، بأن ( طاعتهم معروفة ) والله جل وعلا خبير بها : (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) يأتى هذا بكلمة ( قل ) ، وتأى أيضا الآية التالية بكلمة ( قل ) تأمرهم بالطاعة لله والرسول : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (54) النور )

ثانيا : المواقع الحربية الأولى :

محنة الحرب هى الاختبار الذى يتجلى فيه مقدار ما فى القلب من إيمان أو كفر. ومحنة أو إختبار الحرب تفضح المنافق ، ونتتبعها كالآتى : 

1 ـ بعد موقعة بدر : . لم يساهم المنافقون فى موقعة بدر ، ولكن تألموا بسبب هزيمة قريش ، وحقدوا على المؤمنين إنتصارهم ، فاتهموا المؤمنين بأنهم إغتروا بدينهم : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) الانفال ).

2 ـ بعد موقعة ( أحُد ) . لم يشاركوا أيضا فى موقعة أُحُد . كانوا يريدون إنتظار جيش قريش فى المدينة ، ولكن المؤمنين المتحمسين صمموا على التحرك لملاقاتهم فى الطريق ، وكانت هزيمة أُحُد التى إنتهزها المنافقون القاعدون فرصة فى الهجوم على النبى والمؤمنين . ونزلت آيات سورة آل عمران ترد عليهم باستعمال ( قل ) وبدونها ، فى إستعمال ( قل ) نقرأ قوله جل وعلا :( وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(154)، ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(165)، ( الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(168)آل عمران ) .

وبدون (قل ) نقرأ قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) ، ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) آل عمران )

3 ـ بعد موقعة الأحزاب : فى سورة الأحزاب ذكر رب العزة تندرهم على الوعد الالهى بالنصرة للمؤمنين :( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (12)، وتحريضهم على القعود عن القتال وقت الحصار الذى كان يستهدف إستئصال المؤمنين فى المدينة ( وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً (13) الاحزاب ) ، وردا على دعوتهم الانهزامية بالفرار خوف الموت يقول جل وعلا باستعمال ( قل ) أن الفرار لن ينجيهم من حتمية الموت أو القتل ، ولن ينجيهم من قدر الله جل وعلا الحتمى  : ( قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنْ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (17) ).وظهرت بوادر لجوء المنافقين الى الصدام الحربى ، أو ( الثقف ) فنزل الخطاب الالهى المباشر لهم بدون قل : ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62) الاحزاب )

ثالثا : المواقع الحربية الأخيرة

1 ـ مع منافقى المدينة : كانوا يقعدون عن المشاركة فى الحرب الدفاعية عن المدينة، وقد كانت لها طبيعة خاصة ، فالمدينة موقع ثابت ، والأعداء المحاربون يقطعون الصحراء للهجوم عليها ، ولتفادى أن يحاصروا المدينة ـ كما حدث فى موقعة ( الأحزاب / الخندق ) كانت الاتستراتيجية العسكرية تتمثل فى الدفاع الوقائى ، أى مواجهتهم قبل وصولهم للمدينة ، أى بالتعبير القرآنى ( النفرة ) اى ان يهبوا للسفر للقتال ،وقطع مسافة طويلة ، وكانت عادة المنافقين الاعتذار والحلف بأغلظ الايمان لقبول أعذارهم ، ثم عدم التبرع للمجهود الحربى مع التندر على المتطوعين المؤمنين ، والسخرية بالقرآن وبرب العزة جل وعلا  ورسوله الكريم ، وينزل  الرد بكفرهم وبالأمر بالاعراض عنهم تأكيدا على حريتهم الدينية والسياسية ، فيكفى ما ينتظرهم من عذاب الآخرة لو ماتوا بلا توبة . جاء هذا ب ( قل ) وبدونها . ونستشهد بما جاء فى سورة التوبة :

فى استعمال ( قل ) :عن شماتتهم بالمؤمنين  يقول جل وعلا : ( إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52). وعن عدم قبول الصدقة منهم يقول جل وعلا : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54) التوبة ). وعن إيذائهم للنبى يأتى الدفاع عنه من رب العزة دليلا على أن النبى نفسه لم يرد عليهم إلى أن جاء الوحى يأمره أن يقول كذا فقال يقول جل وعلا : ( وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61). وعن إستهزائهم بالله جل وعلا ورسوله وكتابه يقول جل وعلا : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66). وعن قعودهم ورفضهم الخروج للتصدى للعدو الزاحف لهم عبر الصحراء وقت الحرّ الشديد فى الصيف يقول جل وعلا : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82). والعقاب لهم بالسلب ، أى بحرمانهم من شرف القتال فى سبيل الله ، وعدم الصلاة عليهم إذا ماتوا ، يقول جل وعلا  : ( فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84). وعدم قبول إعتذارهم ، يقول جل وعلا : ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94) .

وبدون إستعمال ( قل ) يقول جل وعلا فى نصحهم وإصلاحهم : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) إ التوبة ). وبدون ( قل ) يأتى الرد الالهى مسبقا ينبىء بأنهم سيحلفون كذبا بالله جل وعلا يهلكون أنفسهم بهذا الكذب ، يقول جل وعلا : ( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42). ويأتى تحذيرهم من هذا الحلٍف ، يقول جل وعلا :

( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63). وعن مظاهراتهم التى تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف يصفهم رب العزة بالفسق ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67 ) التوبة )، ويأتى نصحهم بالتوبة ، يقول جل وعلا :  ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) التوبة ). ومنهم من لا يقبل الله جل وعلا توبتهم  مهما إستغفر لهم الرسول : يقول جل وعلا عنهم : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80).

كان المنافقون طوائف وأصنافا . لذا كان يتكرر القول بأن منهم كذا وكذا ، كقوله جل وعلا : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) ، ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127) التوبة ).

رابعا : مع المنافقين من الأعراب خارج المدينة :

1 ـ كانوا أخطر المنافقين ، وصفهم رب العزة بأنهم أشد كفرا ونفاقا . كانوا يدخلون المدينة بزعم الاسلام ، وفى الحقيقة للتجسس ولتنسيق خطط التآمر مع منافقى المدينة . ومن زعم الايمان منهم تصرف بنفس طريقة المنافقين فى المدينة ، لذا جاء الحوار معهم فى سورة الفتح مشابها لما جاء فى سورة التوبة ،  يقول جل وعلا : ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12) ، ( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً (16) الفتح ).

 قوله جل وعلا (أَوْ يُسْلِمُونَ ) أى يكونوا مسالمين لا يعتدون . فالمطلوب هو المسالمة وعدم الاعتداء ، ولأن طبيعة الأعراب هى السلب والنهب والآغارات فإن الأهم فى التعامل الظاهرى معهم أن يكونوا مسلمين أى مسالمين ، أن يقولوا ( أسلمنا ) .، يقول جل وعلا باستعمال ( قل ) : ( قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحجرات ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

الفصل الثالث : ( قل ) فى إصلاح الصحابة المؤمنين ..والمحمديين

مقدمة عن الزعم بالايمان

أولا : التقوى والصدق :

 ثانيا :عمومية الاصلاح من الصحابة الى آخر الزمان

ثالثا : أخطاء الصحابة التى جعلها المحمديون دينا ومنهج حياة و ( سُنّة )

 

 

 

مقدمة عن الزعم بالايمان

1 ـ من السهل أن تزعم الايمان ، وأن تكون ضمن المؤمنين ، فهكذا يفعل المحمديون . ولكن لا يكفى فيه مجرد الزعم والقول ، فلا بد من الالتزام الصادق بالاسلام عقيدة وسلوكا أخلاقيا وإخلاصا فى عبادة الله جل وعلا وحده ـ. يكفى أن الله جل وعلا أنكر هذا على ( الصحابة ) فقال لهم ولمن يزعم الايمان قولا فقط : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) الصف ) . وبعض أهل الكتاب زعم الايمان وتصرف عكس هذا الايمان فأمر الله جل وعلا  أن يقول لهم : (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) البقرة  ). وبعضهم كان يأمر الناس بالبر وهو غارق فى المعاصى فقال جل وعلا لهم فى خطاب مباشر : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44)( البقرة )

2 ـ وهناك صنفان من الدعاة أشار اليهما رب العزة : نوع فصيح فى قوله فاسد فى سلوكه ، يفترى على الله جل وعلا كذبا ، إذ يُشهدُ الله على ما فى قلبه زاعما التقوى ، ثم إذا وعظه أحد أخذته العزة بالاإثم لأنّ وظيفته ـ فى نظره ، أنه هو الذى يعظ ، ولا يجرؤ أحد على وعظه : ثم هناك صنف من الدعاة يتحرى التقوى ما استطاع لأنه باع نفسه لله جل وعلا إبتغاء رضى الرحمن . يقول جل وعلا  عن كل مجتمع فيه ناس : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) البقرة ). هذا يعكس نوعين من التدين ينطلق كلاهما من نوعين من الدين . الدين الحق القائم على التقوى القلبية والتى تتجلى فيها طاعة لله جل وعلا وسلوكا راقيا مع الناس ، ثم الأديان الأرضية المؤسسسة على التدين السطحى المطهرى والاحتراف الدينى ، مع الفساد الأخلاقى والرياء والنفاق ، وتناقض الأقوال مع الأفعال .

3 ـ يأتى الأمر بالتقوى للجميع ، للناس جميعا من أبناء آدم : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)النساء ) وللناس جميعا حتى قيام الساعة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)الحج  )، والى كل أصحاب الكتب السماوية حتى الرسالة الخاتمة:( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ )(131) النساء ). ويتكرر الأمر بالتقوى للمؤمنين بالقرآن لاصلاحهم حتى لا يتحولوا الى محمديين ، وتتداخل فيها أحيانا كلمة ( قل ) ، لأن الأغلب هنا أن يأتى الخطاب الالهى مباشرا من الله جل وعلا للناس جميعا وللمؤمنين بدون كلمة ( قل ) . ونعطى بعض التفصيلات :

أولا : التقوى والصدق :

1 ـ التقوى هى أن تصدّق بالكتاب السماوى ، وأن يتجلى هذا فى عملك ليكون عملك الصالح تصديقا سلوكيا لايمانك .

2 ـ والمتقون الصادقون نوعان : نوع إختاره الله جل وعلا للرسالة والنبوة ، ونزل عليه الصدق، وهو الكتاب ، وكان صادقا فى التمسك به ، ثم هناك مؤمنون صادقون إتبعوا هذا الصدق وصدقوا به ،  والنوعان معا هم المتقون. يقول جل وعلا :( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) الزمر )، فاتلذى جاء بالصدق هم الأنبياء ، والذين صدّقوا به هم المؤمنون الصادقون ، وهؤلاء وهؤلاء هم المتقون . الأنبياء صادقون بالاسم وبالوصف . أما المؤمنون الصادقين فسيتم معرفتهم يوم القيامة ، حين يدخلون الجنة .

3 ـ و يقول جل وعلا عن المسيح عليه السلام يصفه بأنه من الصادقين : (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) ( المائدة ). هذا القول الالهى أو الحكم الالهى سيقال يوم القيامة ، حين يتحدد الصادقون المتقون . إذ لا يدخل الجنة إلّا المتقون . فى هذا اليوم سيسأل الله جل وعلا الصادقين عن مدى صدقهم ، وقتها سيتم فضح المنافقين أصحاب التدين السطحى المظهرى ، يقول جل وعلا : (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً (8) الاحزاب ) ( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (24) الاحزاب  ).

4 ـ المحمديون أبعد الناس عن الصدق ، فهم يفترون على الله ورسوله الكذب فيما يعرف بالأحاديث النبوية والقدسية ، ويكذّبون بآيات الله التى تتعارض مع أحاديثهم ، ويحكمون على آيات الله القرآنية بالنسخ ( أى الألغاء ) لو تعارضت مع تشريعاتهم . ثم هم يؤولون ـ أى يحرفون ـ معانى القرآن لتتفق مع أهوائهم .والشيعة بالذات متخصصون فى التأويل ، . فى هذا المجال يؤول الشيعة قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة )، ويزعمون أنّ (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )  تعنى ( كونوا مع على بن أبى طالب وآل بيته ). وهذا إفتراء لأن عليا بن أبى طالب هو شخصية تاريخية ، وليس جزءا فى دين الرحمن . وكتاب الله الكريم ليس فيه ( على بن أبى طالب ) ، وهذا التأويل هو ظلم لله جل وعلا وتكذيب بآياته ، يكفى فيه قوله جل وعلا : ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) الزمر).هى شخصيات تاريخية  تمت الكتابة عنها بعد موتها ، ولا نعرف هل كان التأريخ لها صادقا أم كاذبا . فالحقيقة التاريخية نسبية وليست كالحقيقة القرآنية المطلقة . وأى شخصية تاريخية ـ خارج القرآن الكريم ـ يمكن أن تكون محض خيال ، وحتى لو كانت موجودة فعلا فإن هذا لايعنى صدق المكتوب عنها مائة فى المائة ، بل إن أباك لوعايشته طيلة حياته وعايشت ورعه فلا يصح لك أن تزكيه بالتقوى ، لأن الحكم بالتقوى هو من حق الرحمن فقط يوم القيامة : (  هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32)( النجم )

ثانيا :عمومية الاصلاح من الصحابة الى آخر الزمان

1 ـ فى خطابه جل وعلا للناس فى عصر نزول القرآن ، لم يقل يا أهل مكة ، أو يا قريش أو يا أيها العرب ، وإنما إستعمل الوصف الذى يعلو فوق الزمان والمكان ، فقال ( الذين كفروا ) ( الذين أشركوا ) ( الكافرين ) ( المنافقين ) ( المشركين ) كما خاطب الصحابة حول النبى بالذين آمنوا . أى الذين آمنوا بالقرآن وبالرسول عليه السلام . هذا لينطبق الوصف على من يستحقه الى قيام الساعة . وهذا ملمح من ملامح القصص القرآنى يختلف به عن التأريخ البشرى الذى يلتزم بتحديد أسماء الشخصيات وزمانها ومكانها .

2 ـ درجة هذا الايمان  ( للذين آمنوا ) ومستواه قد يتذبذب بين إزدياد أو نقصان حسب المواقف ، ولا يعلمه إلا الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور . يقول جل وعلا : (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) 25)( النساء ). والتقوى لا تعنى العصمة من الخطأ ، ولكن لها درجات تبدأ من الوقوع فى الذنب والتوبة منه وعدم الاصرار عليه : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) ) آل عمران ) لتصل الى الدرجة الأسمى كما جاء فى سورة الذاريات : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) . والخطاب الالهى المباشر للذين آمنوا  كان مرنا يأمر بالدرجة العليا من التقوى وبالدرجة الدنيا منها ، الدرجة العليا فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران ) أى حافظوا على التقوى كما ينبغى أن تكون الى اللحظة الأخيرة من الحياة حتى تموتوا وأنتم لله جل وعلا مسلمون ، وهذا لا يمنع من التقوى بقدر الاستطاعة ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) (16) التغابن ). وبهذه المرونة فى الخطاب للذين آمنوا فى كل زمان ومكان تكون وصفة العلاج القرآنى سارية من عهد الصحابة الى نهاية الزمان ، ومع حفظ الله جل وعلا للقرآن ، ليكون حُجّة علينا .

ثالثا : أخطاء الصحابة التى جعلها المحمديون دينا ومنهج خياة و ( سُنّة )

  ـ هذا يحتاج الى مجلدات ، وكتبنا فيه مئات الأبحاث والمقالات . فالصحابة حين ارتدوا عن الاسلام بالفتوحات والفتنة الكبرى فهم قد أرسوا الدين العملى الذى سار عليه المحمديون ، وحتى الآن . نكتفى هنا بإشارات كاشفة

1 ـ من قواعد التشريع فى القرآن ربط التشريع بالتقوى سواء كان التشريع فى العبادات أو فى المعاملات . المحمديون فى شرائعهم أهملوا التقوى تماما وتمسكوا بالتفريعات السلوكية والتفصيلات المظهرية وبالغوا فيها الى درجة تأليف أحكام فقهية نظرية إفتراضية مستحيلة الحدوث ، ولم ينسوا فى كل هذا الحكم بغير ما أنزل الله . ونعطى أمثلة ، فتشريعات الله جل وعلا فى القتال الدفاعى مرتبطة بالتقوى ( البقرة  190 / 194)( التوبة 4 ، 7 ) والتشريعات الاجتماعية مرتبطة بالتقوى ، وقد إبتدع المحمديون تشريعا للطلاق يناقض تشريع الرحمن فى القرآن ، وقد أوضحنا هذا فى بحث لنا منشور هنا عن التناقض فى تشريع الطلاق بين الاسلام و تشريعات الفقهاء . ولكن يهمنا هنا قوله جل وعلا يربط تشريع الطلاق بالتقوى : (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (1) الطلاق ) .

2 ـ المسئولية الفردية قاعدة أخرى من قواعد التشريع الجنائى فى القرآن ، بمعنى مؤاخذة المجرم فقط بذنبه دون أن يتحمل آخرون الوزر ، أو بالتعبير القرآنى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى  ) وقد تكرر هذا بدون كلمة (قل ) فى قوله جل وعلا : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (18) فاطر) ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) الزمر )( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )  (15) الاسراء )، وجاءت بكلمة ( قل ) فى سورة الانعام ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (164)، وجاءت أيضا فى صحف ابراهيم  وموسى : ( أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) النجم ). مع هذا التأكيد والتكرار فإننا نشهد الالتزام بهذا التشريع الراقى فى الغرب وفى أمريكا ، أما بلاد المحمديين فالعكس تماما ، يشهد على هذا سياسية العقاب الجماعى فى الجيش وفى تعامل الشرطة مع المواطنين ، بل فى عادة الأخذ بالثأر ، وفى تعامل المستبد مع معارضيه السياسيين،ثم يزعمون أنهم من ( الذين آمنوا ) ويتهمون الغرب بالكفر.!

3 ـ الكيل بمكيالين : وهذا يتناقض مع أمره جل وعلا بالعدل مع الخصم والصديق على حد سواء : يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة )( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)( النساء ) ومن الوصايا العشر القرآنية (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (152) الانعام ) وبالمناسبة فقد كفر المحمديون بالوصية  التالية العاشرة ، وهى الاكتفاء بالقرآن وحده ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)  الانعام ) لذا وقعوا فى كل هذا الفساد .

4 ـ أكل الربا : نزل فى مكة تحريم إعطائه للفقير وتشريع الصدقة للفقير بدلا عنه : (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ (39) الروم ) ، واستمر بعض الصحابة فى إعطاء الفقراء قروضا بربا ، فنزلت تفصيلات تشريعات الصدقة ، وبعدها تحريم إعطاء الفقير قرضا بربا ، وفى سياق التحريم يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)( البقرة ).و لا يزال التعامل بالربا سائدا فى مجتمعات المحمديين .

5 ـ تقديس القبور ( الأنصاب ) : تعرضنا لهذا كثيرا. كان العرب يحجون اليها فى مواسم معينة ، كالموالد التى يقيمها المحمديون الآن حين يتوافدون الى قبورهم المقدسة ، وقد صوّر رب العزة  يوم البعث بتوافدهم هذا فقال جل وعلا :( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) المعارج ) وحرّم رب العزة الأكل من الذبائح المقدمة قربانا للقبر (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) المائدة 3 ). واستمر ( الذين آمنوا ) فى تقديس الأنصاب دون ان ينتهوا عنها فنزل فى سورة المائدة ـ وهى آخر ما نزل من القرآن ) قوله جل وعلا فى خطاب مباشر للذين آمنوا يأمرهم باجتناب الخمر والميسر والأنصاب والأزلام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة ). وإزدادت القبور المقدسة لدى المحمديين وأصبحت من معالم تديمنهم خصوصا الشيعة والصوفية .

 6 ـ إن الله جل وعلا يقول : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ (31)الحج ). هنا أمر باجتناب الرجس من الأوثان ، والمحمديون يعتبرون هذا الرجس قمة الطهارة والتقديس . كل القبور المقدسة رجس من عمل الشيطان ، طبقا لدين الاسلام ، ولكن يستحيل على المحمديين أن يقولوا هذا عن قبر الحسين فى كربلاء والقاهرة وقبر السيدة زينب فى دمشق والقاهرة وقبر المنسوب للنبى فى المدينة . وهنا أمر باجتناب قول الزور . ودين المحمديين بكل أنواعه أقوال زور . بدءا من الكرامات التى يؤلفونها عن أصحاب القبور المقدسة ، الى الأحاديث التى جعلوها نبوية وقدسية . 

 7 ـ من التشريعات الأخلاقية فى الاسلام الوفاء بالعقود ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )1 ) المائدة ) والوفاء بالعهد ، وجاء هذا ضمن الوصايا العشر : (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) الانعام) وفى الوصايا الأخلاقية ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً (34) الاسراء ) ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) النحل ) ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) المؤمنون ). وهناك صنفان من البشر فى هذا الموضوع : نوع مؤمن يفى بالعهد والميثاق ، ونوع كافر ينقض العهد والميثاق : ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25). المضحك أن من عادة المحمديين إذا أراد أن يخدع أحدا يعطيه وعدا كاذبا ، أن يقول ( سأفعل كذا إن شاء الله ) يقول هذا وهو يعلم انه لن يفى بالوعد . يستغل إسم الله ومشئية الله فى تبرير كذبه مقدما . المؤمن الحق يقول إن شاء الله مخلصا حين يتحدث عن عمل ينوى أن يقوم به فى المستقبل :  ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً (24) الكهف ). أما المحمدى فيتخذ مشيئة الله هزوا .

أخيرا

كل مساوىء الصحابة ( الذين آمنوا ) أصبحت دينا عند المحمديين ، ولهذا فإن الصحابة يتمتعون بالتقديس والتأليه فى أديان المحمديين الأرضية . ومن التخلف العقلى لدى أئمة الحديث لدى السنيين أنهم يعتبرون كل الصحابة ( عُدُولا ) أى معصومين من الخطأ . يعنى أن الذين قاموا بالحروب الأهلية كانوا من الهنود الحمر .!

 

كتاب ( قل ) فى القرآن الكريم

( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن )
هذا الكتاب يوجز معالم الاسلام فى القرآن الكريم ،ويثبت أن أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن الكريم . أى يجعل حدا فاصلا بين دين الاسلام الذى لا مصدر له سوى القرآن ، واديان المحمديين الأرضية وتراثهم البشرى .
more