رقم ( 7 )
الباب الخامس : (قل ) وعلاج المحمديين

الباب الخامس : (قل ) وعلاج المحمديين

 الفصل الأول : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لا يعلم الغيب 

 أولا :  نكرر الكتابة فى هذا الموضوع لسببين.  .

مقالات متعلقة :

ثانيا : كلمة ( قل ) فى أنه لا يعلم الغيب إلا الله   

ثالثا : ( قل ) وإعلانه عليه السلام أنه لا يعلم الغيب

رابعا : الله جل وعلا يذكر بعض الغيوب فى القرآن الكريم  غيوب الماضى والحاضر والمستقبل :   

 الفصل الثانى : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لن يشفع يوم القيامة

أولا : نفى علم النبى بالغيب وشفاعته .

 ثانيا :  نفى شفاعة النبى فى سورة الزمر:   باستعمال (قل ) .  وبدون ( قل ): ـ

 ثالثا : تأكيد ما جاء فى سورة الزمر فى سور أخرى فى القرآن الكريم : بدون ( قل ): وباستعمال ( قل )

الفصل الثالث : ( قل ) فى الرد على إنكار البعث

مقدمة :  

  اولا : إنكار البعث قولا وعملا

ثانيا : أمثلة لتنوع الرد على انكار البعث بدون ( قل )

  ثالثا : أمثلة لتنوع الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل )

رابعا : الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل ) وبدون ( قل )

الفصل الرابع : ( قل ) فى تأكيد أن الاسلام ضد الاحتراف الدينى

مقدمة ـ أولا :  الاحتراف الدينى فى الأديان الأرضية 

ثانيا : حاجة أهل الحق للمال ليصمدوا ضد الكهنوت الذى يصُّدُّ عن سبيل الله

ثالثا : الرسل ودعاة الحق لا يسألون أجرا لأنفسهم 

الفصل الخامس : ( قل ) فى التحدى بالقرآن

 أولا : الشهادة الالهية بأن القرآن من عند الله جل وعلا

  ثانيا : التحدى بآية ( أو معجزة القرآن )

ثالثا : اوجه الاعجاز

الباب الخامس : (قل ) وعلاج المحمديين

 الفصل الأول : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لا يعلم الغيب 

 أولا :  نكرر الكتابة فى هذا الموضوع لسببين.  .

ثانيا : كلمة ( قل ) فى أنه لا يعلم الغيب إلا الله   

ثالثا : ( قل ) وإعلانه عليه السلام أنه لا يعلم الغيب

رابعا : الله جل وعلا يذكر بعض الغيوب فى القرآن الكريم  غيوب الماضى والحاضر والمستقبل :  

 أولا :  نكرر الكتابة فى هذا الموضوع لسببين : 

السبب الأول : إن المحمديين لا يزالون يؤمنون بأن النبى محمدا يعلم الغيب ، لذا لا بد من التذكير والتأكيد.

1 ـ يلفت النظر أن المحمديين يختلفون فى أشياء كثيرة ، ولكن يتفقون فى إسناد العلم بالغيب للنبى محمد والأولياء الصوفية والأئمة الشيعة والسنة .آلاف الأحاديث صيغت فى هذا الإفك ، وضاعت بسببها أجيال المحمديين جيلا بعد جيل ، ماتوا على الضلال .

2 ـ وبسبب رواج الاعتقاد فى هذا الزيف فقد تم توظيفه سياسيا ، فصاغوا أحاديث فى الغيبيات فى الصراع المذهبى والسياسى ، وتبارز السنيون والشيعة فى هذا الافك ، فيصيغ الشيعة أحاديث فى مناقب (على ) وتفضيله وأحقيته فى الخلافة ( وهو غيب مستقبلى مات النبى لا يعلم عنه شيئا ) وفى مكانته يوم القيامة، والنبى لا يعلم شيئا عن الساعة وما يحدث قبلها من علامات وما يحدث يوم القيامة، فيقابلهم السُّنّة بأحاديث فى فضل ابى بكر وعمر ومكانتهما يوم القيامة ومناقب العشرة المبشرين بالجنة،ومناقب سعد بن معاذ و ( سبقك بها عكاشة ).!! الخ .. الى أن نصل الى علم عمر بن الخطاب بالغيب ( يا سارية الجبل ) فيقبلهم الشيعة بأكوام من روايات تجعل عليا بن أبى طالب ينبىء بالغيب ـ بعد موته بقرون .  ويتطور الأمر بأن تصنع الدعاية العباسية أحاديث على لسان النبى ، تتنبأ بالخلفاء العباسيين وأن الخلافة العباسية ستستمر الى نزول المسيح . هذا عدا خرافات المهدى المنتظر لدى السنيين والشيعة والصوفية ، وهى خرافات سامة كان ولا يزال يستخدمها الطموحون للسلطة والثروة ، ولا تزال تسفر عن إثارة الفتن وتسفك الدماء .

3 ـ وفى خضم هذه الظلمات المتراكمة يكفر المحمديون بتأكيدات رب العزة فى نفى علم الغيب عن خاتم النبيين . ولو آمنوا بما قاله رب العزة فى القرآن لاسترحنا من آلاف الأحاديث الضالة ولوفرنا شلالات الدماء التى ضاعت ولا تزال تضيع عبثا فى سبيل إقامة دول دينية مؤسسة على أساطير العلم بالغيب .

السبب الثانى:   أننا نناقش هذا الموضوع فى صلته بكلمة ( قل ).

1 ـ .ونرى فيه عجبا ، فالأغلب أن تأتى فيه كلمة ( قل ) أمرا للنبى بوصفه وشخصه ـ  أن يعلن من البداية أنه لا يعلم الغيب . أى هو إعلان يأتى مقدما للرد على ( المحمديين ) تكفيرا لهم على لسان ( محمد ) خاتم المرسلين . وهذا فى حدّ ذاته آية وإعجاز للقرآن الكريم ، أن يرد مقدما على من ينسبون أنفسهم ل( محمد ) وهم أعدى أعداء محمد ، عليه السلام .وبالتالى فإذا كان عليه السلام لا يعلم الغيب فإنّ من يجرؤ على إسناد علم الغيب لنفسه يستحق الضرب بالنعال .فى أيسر الأحوال ..! .

ثانيا : كلمة ( قل ) فى أنه لا يعلم الغيب إلا الله 

.1ـ والغيب بتفصيلاته لا يعلمه إلا الله جل وعلا ، وهذه الحقيقة يؤكدها رب العزة بأساليب مختلفة ومتنوعة بدون كلمة ( قل ) ، وتحليل هذا الخطاب الالهى المباشر يخرج عن موضوعنا ، لذا نكتفى بسرد ألايات الكريمة . يقول جل وعلا : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)(الانعام ) (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)الأعلى )( وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِوَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)الأنعام )( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) الرعد ) ( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)  ) طه )( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) الملك ) (  وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) يونس )( عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِوَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) سبأ . ) 

2 ـ وتأتى كلمة ( قل ) أمرا للنبى عليه السلام أن يعلن أنه لا يعلم الغيب فى السماوات والأرض الغيب إلا الله  : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ  )(65) النمل ) . الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله جل وعلا . هذه حقيقة أمر الله جل وعلا رسوله الخاتم أن يعلنها . وجاءت صياغتها باسلوب القصر ، فكما تقول ( لا إله إلا الله ) تقول ( لا يعلم الغيب إلا الله )

ثالثا : ( قل ) وإعلانه عليه السلام أنه لا يعلم الغيب

1 ـ وتكتمل هذه الحقيقة السابقة بحقيقة أخرى أنه عليه السلام مأمور أن يعلن أنه لا يعلم الغيب مطلقا : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ )(50) الانعام )، ثم حقائق أخرى تفصيلية ، منها أنه مأمور أن يعلن أنه لا يعلم غيب المستقبل ، ما يحدث له أو لغيره فى هذه الدنيا أو فى الآخرة : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) الاحقاف ) وبالتالى لا يمكن أن يتكلم عن مستقبل الصحابة بعد موته ، ولا أن يبشر هذا أو ذاك بالجنة ، أو أن يتكلم عمّا سيحدث له أو لغيره يوم الدين . أى إن كل مفتريات الغيوب التى نسبوها للنبى بعد موته هى تكذيب للقرآن الكريم وإفتراء على الله جل وعلا .

2 ـ وفى الآيتين الكريمتين السابقتين نلاحظ  التأكيد على حقيقة أنه عليه السلام كان متبعا للوحى القرآنى ، أى لا يمكن أن يعلن عدم علمه بالغيب ثم يتكلم فى الغيبيات . ولهذا ففى آيتى سورة الأحقاف والانعام وتكرر فيهما (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ).: ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) الاحقاف ) ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) الانعام ) .  كما أن ما جاء فى الاية الكريمة السابقة من سورة الأنعام عن خاتم المرسلين تتشابه مع ما قاله من قبل نوح عليه السلام الذى أعلن أنه لا يعلم الغيب ولا يملك خزائن الله وليس ملكا من الملائكة : ( وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (31) هود ).

3 ـ ومعنى هذا أن من الأنبياء من يعطيه رب العزة العلم ببعض الغيب ، وليس منهم خاتم النبيين . لذا يقول جل وعلا بدون (قل ) فى خطاب مباشر للمؤمنين : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ )  (179) آل عمران ).

4 ـ وباستعمال ( قل ) يأمر رب العزة خاتم المرسلين أن يعلن أنه لا يعلم موعد الساعة أقريب أم بعيد ، لأن عالم الغيب لا يُظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من الرسل ، وهو ليس منهم : : ( قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) 27 ) الجن ). ويتكرر الأمر ب ( قل ) فى نفس الموضوع : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنْ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) الانبياء).

5 ـ وكفرا بالقرآن إخترع أئمة المحمديين أحاديث فى علامات الساعة وما أسماه رب العزة ( علم الساعة ) وهو غيب لم يكن يعلمه خاتم النبيين . وكانوا يسألونه مرارا وتكرار فيجيب نفس الاجابة ويعلن أنه لا يعلم شيئا عن الساعة :( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)(ألأحزاب )( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)الاعراف )( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) النازعات )

رابعا : الله جل وعلا يذكر بعض الغيوب فى القرآن الكريم

المحمديون فى إتّخاذهم القرآن مهجورا غفلوا عن بعض الغيوب التى ذكرها رب العزة فى القرآن . ومنها ما جاء مقرونا بكلمة ( قل ) ومنها ما جاء بدونها . ونقسمها كالآتى :

1 ـ غيوب الماضى : وهى تأتى بدون (قل ) . ففى قصة نوح عليه السلام ، وهى غيب ينتمى للماضى قال جل وعلا لخاتم المرسلين : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) هود ). وبعد أن قصّ رب العزة قصة يوسف قال فى نهايتها : (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) يوسف ) . وفى قصة مريم قال جل وعلا لخاتم النبيين : ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) آل عمران ). كل هذا كان غيبا ماضيا لم يعرفه محمد عليه السلام وقومه إلّا بنزول القرآن . فهناك فجوة هائلة فى الزمان والمكان تفصل بينه وبين أبطال تلك القصص ، يقول جل وعلا للنبى إنه لم يكن حاضرا وموجودا وشاهدا وقت حدوث هذه القصص : ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)القصص).

المحمديون غفلوا عن الحقائق القرآنية التى أخبر بها رب العزة فى القرآن الكريم فى ملمح من ملامح الإعجاز القرآنى ، أو الآيات القرآنية . وبسبب تمكن داء الكفر فى قلوب أئمتهم فقد زيفوا تاريخا وقصصا للانبياء ملأوه أكاذيب ، بعضها من تزييفات التوراة المحرفة ، وبعضها من خيال القُصّاص . وتم تسجيل هذا الإفك فى أسفار التراث ، ووجدت طريقها الى ما يعرف بكتب التفسير و( قصص الأنبياء ) .

2 ـ غيوب الحاضر : التى نزلت فى عصر النبى تعليقا على الأحداث الجارية والحوارات الدائرة ، ومن الطبيعى أن تأتى فيها كلمة ( قل ) . ومن أمثلة ذلك :

2/ 1 : فى الحوار : وفيها تأتى كلمة ( سيقول ) ( سيقولون ) وبعدها ( قل ) . أى ينبىء رب العزة مقدما أنهم سيقولون كذا ، فقل لهم كذا . ونعطى أمثلة لنوعيات من هذا الحوار:( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) البقرة ) ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148)الانعام ). وفى الحوار حول الألوهية يخبر رب العزة مقدما بإجابتهم : أى ( قل ) و ( سيقولون ) :( قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِالسَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون ). وبعضها يأتى بأقوالهم مسبقا وبحركات رءوسهم أيضا : ( وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (51)الاسراء ) قال جل وعلا (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ )

2/ 2 : ويخبر رب العزة مقدما بما سيقوله المرضى بالكفر فى عهد النبى عليه السلام : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) الاحقاف ). أى طالما إختاروا الضلال فسيقولون لو كان خيرا ما سبقونا اليه.

ومن ذلك الإخبار المسبق عما سيقوله المنافقون وعن انهم سيحلفون كذبا بالله جل وعلا : ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ )(95)التوبة ) (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11) (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15) الفتح )

 2/ 3 ـ الإخبار بغيب السرائر وما تخفيه القلوب لبعض الصحابة من المنافقين وغيرهم . والأمثلة كثيرة ، ، ومنها : ( بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12) الفتح ) (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) آل عمران )( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)  ( محمد )

3 ـ غيوب المستقبل : ومنها وعود تحققت ، بعضها تحقق فى حياة النبى عليه السلام . بعد الهجرة للمدينة تابعتهم قريش بالحملات العسكرية حين كان المؤمنون مأمورين بكف اليد وعدم القتال . وقتها عاشوا فى خوف ؛ يخافون أن يتخطفهم الناس. فى هذا الوقت العصيب نزل لهم وعد مشروط بأن يبدل الله جل وعلا خوفهم أمنا إذا آمنوا وعملوا الصالحات : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) النور )، وتحقق الوعد ونزل قوله جل وعلا يذكّرهم : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)الانفال ).

 وفى مكة وعدهم الله جل وعلا بأن ينتصر الروم ( على الفرس ) وتحقق الوعد المستقبلى : (غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) الروم ).

والفتنة الكبرى التى وقع فيها الصحابة أنبأ بها مقدما رب العزة فى سورة مكية . نزل أولا التهديد ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام ) ثم جاءت الآية التالية تقرر حقيقة ، وهى أن قوم النبى ( قريش ) كذبوا القرآن وهو الحق .ودخلت قريش ( بهذا الكفر القلبى ) فى الاسلام واستخدمته لصالحها فيما يسمى بالفتوحات ، ونتج عنها الفتنة الكبرى المشار اليها فى آية 65 .  يقول جل وعلا  ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)  الانعام ) وقد فصلنا هذا فى كتابنا عن ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ).

 ولا يزال المحمديون سائرين فى الفتنة الكبرى ، ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام ) ولأنهم ( لا يفقهون ) فلا يزالون فى الضلالة يعمهون . وصدق رب العزة فى تحذيره لهم ولنا (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)  الانعام )

ودائما : صدق الله العظيم .

 

 الفصل الثانى : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لن يشفع يوم القيامة

أولا : نفى علم النبى بالغيب وشفاعته .

 ثانيا :  نفى شفاعة النبى فى سورة الزمر:   باستعمال (قل ) .  وبدون ( قل ): ـ

 ثالثا : تأكيد ما جاء فى سورة الزمر فى سور أخرى فى القرآن الكريم : بدون ( قل ): وباستعمال ( قل )

 مقدمة : كتبنا فى الشفاعة سلسلة مقالات تم تجميعها فى كتاب منشور ، ولكن أيضا نعيد التأكيد علي نفى شفاعة النبى لسببين : الأول : إن المحمديين لا يزالون يؤمنون بأن النبى محمدا سيشفع فيهم يوم القيامة ، لذا لا بد من التذكير والتأكيد ( لعل وعسى ) أن يؤمن منهم من لديه إستعداد كامن للهداية . السبب الثانى : أننا نناقش هذا الموضوع فى صلته بكلمة ( قل ). ونعطى بعض التفاصيل :

أولا : نفى علم النبى بالغيب وشفاعته 

1 ـ نفى علم النبى بالغيب يترتب عليه نفى أحاديث الشفاعة ، هذا بالاضافة الى أكثر من 150 آية قرآنية تنفى شفاعة النبى بطريق مباشر أوضمنى ، وآيات محكمة أو متشابهة . وقد قلنا إن الايمان بشفاعة النبى والأولياء والأئمة وغيرهم أفسد أخلاق المحمديين ، ولا يزال هذا الفساد الخلقى سائدا وساريا ، بحيث ترى المحمدى المتدين أكثر الناس سوءا فى أخلاقه ، وبالشفاعة وأساطير الحور العين يتم خداع الأغبياء ليفجروا أنفسهم فى عمليات ارهابية إنتحارية يقتلون بها الأبرياء عشوائيا . 

 2 ـ وبعض الآيات القرآنية تنفى شفاعة النبى وعلمه الغيب معا : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) الانعام ) فى الآية الأولى نفى لعلم الغيب وأشياء أخرى ، وفى الآية التالية أمر له عليه السلام بالإنذار بالقرآن والإعلان بأنه ليس للناس ولى ولا شفيع إلا رب العزة .

3ـ ونقرأ الاقتران بين نفى علم النبى بالغيب ونفى شفاعته فى قوله جل وعلا باستعمال ( قل ):( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ( الاعراف 187 : 188 ) وفى قوله جل وعلا : (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) يونس 48 : 49 ). عليه السلام لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا بمشية الرحمن ، وهذا حال كل البشر . لا يعلم الغيب ولا ينفع ولا يضر إلا بمشيئة الرحمن .وقد إقتضت مشيئته جل وعلا أن يكون هو جل وعلا مالك يوم الدين وأن يكون هو وحده الولى الشفيع .

ثانيا :  نفى شفاعة النبى فى سورة الزمر

ركزت سورة الزمر على اخلاص الدين لله جل وعلا وحده ، فجاء نفى شفاعة النبى باسلوب مباشر مُحكم ، وباسلوب ضمنى ، وباستعمال ( قل ) و بدونها. ونعطى أمثلة من السورة الكريمة :

  باستعمال (قل ): 

1 ـ وذلك فى الأمر له بأن يعلن خوفه من عذاب جهنم إن عصى ربه جل وعلا :( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13). فإذا كان لا يستطيع دفع العذاب عن نفسه فكيف يشفع فى غيره ؟

2 ـ  كما أمره ربه جل وعلا أن يرد على من إتخذوا شفعاء من دون الله ، وهو جل وعلا وحده الولى والشفيع الذى له الشفاعة جميعا : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الزمر 43 : 44 )

بدون ( قل ): ـ

1 ـ وذلك فى خطاب مباشر جاء للنبى عليه السلام فى صيغة سؤال معروفة إجابته مقدما ، وهى أنه عليه السلام إذا حقت كلمة الله بالعذاب على شخص فإنه عليه السلام لا يستطيع إنقاذه من النار : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّار ) 19 ).

2 ـ وفى نفس السورة ذكر رب العزة أن الكفار سيُساقون الى جهنم جماعات ( زمرا ) وسيعترفون بأنه ( حقت عليهم كلمة العذاب ): ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) الزمر ). وبالتالى فإن من يحق عليه كلمة العذاب فلا سبيل لانقاذه .

3 ـ وفى خطاب مباشر للنبى أكّد رب العزة جل وعلا للنبى أنه ميت  (حين كان النبى حيا وقت نزول هذه الآية)، وأن أعداءه ميتون ، ثم إنه سيختصم معهم يوم القيامة : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُون ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون )الزمر  30 : 31 ). هنا مساواة بين النبى وخصومه ( ابوجهل وأبو لهب مثلا ) فى استحقاق الموت ، بنفس صفات موت الجسد وتحلله ، ومساواته بهم فى التخاصم أمام الله جل وعلا .وبالتالى ليست للنبى ميزة الشفاعة فى الغير إذا كان سيتساوى حتى مع خصومه فى الدفاع عن نفسه وفى التخاصم معهم أمام الواحد القهار .

4 ـ وفى خطاب مباشر آخر مع النبى يؤكد له ربه جل وعلا وحدة الوحى الذى نزل على كل الأنبياء وعليه من أنه لو وقع فى الشرك ومات عليه فإن الله جل وعلا سيحبط عمله يوم القيامة. هذا ينطبق على النبى وغيره من البشر ، وبالتالى فكيف يكون شفيعا فى غيره من لا يملك دفع الخسران عن نفسه إذا وقع فيما يستحق عليه العذاب : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) 65 )ـ

5 ـ وفى أواخر سورة الزمر يعرض رب العزة مشاهد يوم القيامة ، فكما تم خلق هذا العالم بالتفجير الكبير ، فسيتم تدميره بتفجير آخر ، أو بالتعبير القرآنى ( الصعق ونفخ الصور )،أو ما يحدث عن الانفجار من صعق و صوت التدمير الهائل، ثم يعقبه الانفجارالأخير بالبعث وخلق العالم الخالد لليوم الآخرالذى يحكمه مباشرة رب العزة ، ثم وضع كتاب الأعمال والاتيان أولا بالنبيين والشهداء للحساب ثم بقية البشر ،ثم سوق الكافرين جماعات للنار وسوق المتقين جماعات للجنة . فى كل هذا نفى تام لشفاعة النبى ، يقول جل وعلا  عمّن لا يقدر الله جل وعلا حق قدره من المحمديين وغيرهم : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُون وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُون وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُون وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِين قيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِين )( الزمر 67 : 72 )

ثالثا : تأكيد ما جاء فى سورة الزمر فى سور أخرى فى القرآن الكريم 

نفى شفاعة البشر  بدون ( قل ):

1 ـ عن شفاعة الملائكة التى تحمل العمل الصالح للمؤمنين يقول جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (106) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108) يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110) وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112) طه )( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) الانبياء ) ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) الزخرف )( وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) سبأ ) ( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى ) ( النجم 26 )

2 ـ وكما قال جل وعلا للنبى عليه السلام فى سورة الزمر : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّار ) 19 ). فقد جاء التأكيد فى سور أخرى أنه من حقت عليه كلمة الله بالعذاب فلاسبيل الى إنقاذه . يقول جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) غافر ) وفى حوار فى داخل النار بين المستضعفين الرعاع والملأ المستكبرين القادة والزعماء ، يقول الملأ للمستضعفين : ( وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِين فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُون ) الصافات 30 ـ )، أى حقت عليهم كلمة العذاب ولا تبديل لكلمات الله جل وعلا .

 3 ـ و جاء معنى هذا فى قوله جل وعلا : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيد مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ   مُّرِيبٍ  الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيد قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيد قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيد مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيد   ) ( ق 24 : ـ ) لا تبديل لقوله جل وعلا ، وهذا معنى أنه حقت عليهم كلمة العذاب.

 4 ـ  والله جل وعلا يحكم لا معقب لحكمه :(وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) الرعد 41 ). فإذا أصدر أمرا فلا يستطيع مخلوق التعقيب ـ مجرد تعقيب ـ عليه ، فكيف بأساطير الشفاعات التى تجعل النبى يلغى قرارات رب العزة ، وكيف بيوم الحساب حيث يقوم الروح جبريل والملائكة صفا لايملكون من الرحمن خطابا: ( لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) (النبأ 37 : 38 )، و البشر أيضا ؛ لا يتكلمون إلا من اذن له الرحمن ، شقيا كان أم سعيدا : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ  )( هود 103 : 105 ).

 يؤمن بهذا من يكتفى بالله جل وعلا وليا وشفيعا . أما المحمديون الذين يجعلون محمدا مالكا ليوم الدين فهم لا يقدرون الله جل وعلا حق قدره، ولهذا جاء لهم ولغيرهم آيات سورة الزمر ( 67 ـ )

نفى الشفاعة باستعمال ( قل )

1 ـ ما جاء فى سورة الزمر 43 / 44 مصحوبا بكلمة (قل ) جاء تكراره فى سورة يونس بصيغة أخرى فى نفى شفاعة البشر: ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(18)

2 ـ وما جاء فى سورة الزمر 13 من إعلان خوفه عليه السلام تكرر مسبوقا أيضا بكلمة ( قل )فى سورة الأنعام (قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم/ 15 ) وفى سورة يونس (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ / 15 )، وبالتالى فلن يجيره من الله جل وعلا أحد إذا عصى  ربه : ( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا(22) ( الجن )

 3 ـ وماجاء فى سورة الزمر 65 عن مسئوليته الشخصية لو عصى تأكد فى سورة سبأ : ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ(50)

أخيرا

تخيلوا : لو لم يحفظ رب العزة القرآن الكريم ؟ كان المحمديون سيحذفون كل ما يخالف عقائدهم ويضعون بديلا منها أحاديثهم الضالة . ألا لعنة الله على الظالمين .!

الفصل الثالث : ( قل ) فى الرد على إنكار البعث

مقدمة :  

  اولا : إنكار البعث قولا وعملا

ثانيا : أمثلة لتنوع الرد على انكار البعث بدون ( قل )

  ثالثا : أمثلة لتنوع الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل )

رابعا : الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل ) وبدون ( قل )

مقدمة :

1 ـ من السهل القول بالايمان بالبعث وباليوم الآخر ، ولكن هذا يستلزم سلوكا عمليا يتجلى فى التقوى والاستعداد ليوم البعث ، يوم الحساب ، يوم الدين . التحدى الحقيقى هو فى السلوك ، فما أسهل القول ، وما أصعب الفعل . كلنا يعرف إنه سيموت ، وكلنا متأكد من هذه الحقيقة ، ولكن تحقيقها سلوكا صعب جدا ، فإذا كنت متيقنا من حقيقة موتك ، وإذا كان الآخرون كذلك فلن تكون هناك فى هذه الدنيا مشاكل ولا صراعات ولا محاكم ولا حروب ، فلماذا نتصارع على حُطام هالك فان تافه وكلنا سيتركه بالموت ؟

الايمان بالبعث وباليوم الآخر وبالموت لا يصح إلا بالسلوك القويم فى التعامل مع الناس وفى الايمان الخلص برب الناس ،جل وعلا .

2 ـ وكالعادة ، فإن العرب والمحمديين ينتمون الى ( القول ) وليس الى ( الفعل ) . ولقد أنّب رب العزة المؤمنين الصحابة وقت نزول القرآن فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَتَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) ( الصف ). ولا يزال المحمديون يقولون ما لا يفعلون ، يزعمون الايمان بالبعث وباليوم الآخر ، وفى سلوكهم يقترفون العصيان والفساد بما يؤكد أنهم لا يؤمنون بالله جل وعلا ولا باليوم الآخر . سلوكهم الذى يلوث أخبار العالم اليوم يؤكد أنهم ليسوا من المؤمنين الذين هم مشفقون من قيام الساعة ويعملون لها . ليسوا من الذين قال عنهم رب العزة ( وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)المعارج ) (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) الانبياء )( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61 )( المؤمنون )

3 ـ نقول هذا لنؤكد فارقا بين نوعين من إنكار البعث وقيام الساعة : نوع صريح ، كان يعلنه كفار قريش وغيرهم ، ويقول به اليوم العلمانيون الملحدون . وهم صرحاء . وهى صراحة مشكورة على أى حال . النوع الآخر هو النفاق الدينى، وهو عاهة بشرية وداء مستمر ينتشر بضراوة بين المحمديين المتدينين بالذات ، يعلنون الايمان بالله جل وعلا وباليوم الآخر وماهم بسلوكياتهم بمؤمنين . وصف رب العزة هذا الصنف والمرض المستحكم فيه فقال:( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12)( البقرة )

4 ـ كفار العرب والملحدون أفضل حالا من المحمديين المتمسكين بالسُّنّة الشيطانية.ونتوقف هنا مغ الانكار الصريح للبعث الذى أعلنه كفار العرب ، ورد رب العزة عليهم بكلمة ( قل ) وبدونها .

  اولا : إنكار البعث قولا وعملا

1 ـ الانكار القولى للبعث : أعلنوا بصراحة انها حياتهم الدنيا فقط بلا بعث : ( وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)الأنعام:29 )( إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) المؤمنون: 37 ). وقريب منه اليوم ما يتردد على الألسنة وفى الدراما ( إحنا حنعيش مرة واحدة ). 

2 ـ وقرن مشركو العرب هذا الانكار القولى للبعث بسلوك ظالم يؤكد أنهم لا يؤمنون بيوم البعث والحساب ، يقول جل وعلا يتوعدهم ويتوعد من على ملتهم :( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) المطففين:). التطفيف فى الكيل والميزان عنوان لتضييع العدل وتسيد الظلم ، ووصول هذا من قصر الحاكم الى الأسواق والمتاجر والشوارع . وليس مؤمنا بالبعث ذلك المجتمع الذى يصبح فيه العدل ممنوعا والظلم قاعدة ، ويكون فيه الغش فى التجارة وفى الامتحانات معروفا وليس منكرا. ومن يتجول فى أسواق المحمديين ومدارسهم ومصالحهم الحكومية يرى كيف تنطبق الآيات الكريمة عليهم ، مع أن مساجدهم تزاحم كل شارع وحارة ، واصواتهم بالأذان تلاحق الناس من مطلع الفجر الى العشاء .

ثانيا : أمثلة لتنوع الرد على انكار البعث بدون ( قل )

 1 ـ الاكتفاء بتقرير أن البعث وعد الاهى حق : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)النحل: 38 ) وسيتحقق هذا الوعد فى وقته وعندها سيندم المنكرون : ( قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) يـس :52 )

2 ـ وهذا الوعد هو أيضا ( وعيد ) وتهديد يأتى فى الحوار الالهى مع المنكرين ، يتوعدهم بعذاب اليم  ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (8) سبأ ) ( وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5 ) الرعد)

3 ـ ويأتى الرد الالهى بتقرير حقيقة يكتشفها العلم حاليا ، وهى أن الله جل وعلا يبدأ الخلق ثم يعيده : ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) (4 يونس ) ( أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) (64) النمل )( اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11 الروم ).

4 ـ وهذه الحقيقة نراها ماثلة أمامنا فى دورة حياة بعض الحشرات كالذباب ، والنحل ، من بيض وشرنقة وفراشة وذبابة تضع البيض وتعود نفس الدائرة . وهكذا فيما حولنا بدءا من البيضة والفرخة ودورة الحياة والبعث فيهما ، حيث يخرج الحى من الميت والميت من الحى : ( وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ ) (27) آل عمران )

5 ـ ويتجلى هذا فى موت وبعث النبات . فالحبة الميتة فى التربة تتحول الى بذرة تنبض بالحياة حين تتشرب الماء :( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ )(95)الانعام ) لذا ، فالدليل الأقوى على البعث يتجلى فى دورة حياة النبات من بذرة ميتة الى بذرة تنبض بالحياة الى شجرة تنبت حبا يعود الى الأرض ميتا ثم يحيا بالماء أى يتم بعثه.:( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (95) الانعام ) لذا فهو آية لنا كى نتعظ : ( وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33 يس ) بل ومن بعث الحياة فى البذرة نفهم آلية بعثنا من القبور، فكذلك سيتم إخراج الموتى  منها أحياء بالبعث والنشور:( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَيُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) الروم ) وكذلك سيتم البعث أوالنشور( كذلك النشور):( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر ).

6 ـ ومن هنا كرّر رب العزة ضرب المثل للحياة الدنيا وما يعقبها من موت ثم بعث بدورة حياة النبات : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس)( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ )(45)الكهف )( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)الحديد )

7 ـ والموت والبعث يمتد يمتد هذا الى أبعد من هذا .! الى الكون ونجومه ومجراته . نعرف الآن موت النجوم بغد ترهلها ثم إنفجارها لتتحول الى ثقب أسود أو أبيض ( أى الى طاقة أو شبح ) ومنها تتراكم وتتجمع أشلاء يتكون منها نجم جديد ، أى يتم بعث نجم من جديد من نجم مات . ويقرر رب العزة أن البعث أهون وأسهل من الخلق الذى يبدأ من لاشىء ، فالبعث هو مثال عكسى لمخلوق سابق ، أما الخلق الأول  فهو بلا مثال سابق . ينطبق هذا على بعث الانسان والمثل الأعلى فى بعث السماوات والأرض ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) الروم 27 )، ويؤكد رب العزة جل وعلا سهولة البعث فيقول : (مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) لقمان:28  )

8 ـ بل إن الموت والبعث ( يعيش ) فى داخلنا . جسدنا تتجدد خلاياه عدة مرات ، فالله جل وعلا خلقنا من ضعف ثم جعل بعد ضعف قوة وبعد قوة ضعفا وشيبة: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً  )(54) الروم ) .وفى كل مرحلة تتجدد خلايا الجسد ، تموت القديمة وتبعث منها خلايا جديدة ، لذا يحتاج الجسم الى الغذاء والبروتينيات لتجديد خلاياه .  وكل منا يعرف نشأته طفلا وليدا ، وربما ترى الآن صورتك وأنت طفل وليد فتتعجب اين ذهب هذا الجسد الغض الهش ؟ بإختصار : مات فى داخلك . ويبدو أن خلايا الجلد هى الأكثر تجددا ، فهى التى تظهر عليها تجاعيد الزمن حين يحل الضعف والشيبة محل القوة والشباب . وكم تتحسر نجمات السينما اللاتى بلغن من العمر أرذله وهن يشاهدن صورهن فى مرحلة الصبا والشباب ، والتى تنتهى آخر العمر بما قاله جل وعلا : ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68)( يس ) فى أرذل العمر يصير الانسان كالميت الذى يتنفس ، فقد استنفذ دورات الحياة والموت والبعث فى داخله ، وتعين عليه أن يدخل الموتة الثانية والأخيرة ، والتى يعقبها البعث . هذا البعث الذى ينكره الجاهلون ، مع إنه ( يعيش ) فى داخلهم ، لو كانوا يعلمون .!.  

9 ـ ولهذا يذكّرنا رب العزة بتحولات الجنين تدخل فى إطار البعث . فالبداية تراب ميت تنبت منه حياة النبات والحيوان ، يأكله الانسان طعاما ميتا لا حياة فيه فيتحول فى داخله الى دماء وخلايا حية ، ومنها المنى و البويضة ، وباتحاد الحيوان المنوى والبويضة تبدأ حياة الجنين ، وتحولاته الى أن يتم نفخ النفس فيه فيكون بشرا ، يولد وتجرى عليه تحولات أخرى من ضعف ثم قوة ثم ضعف ، ثم موت ثم بعث . فالبعث الأخير يوم القيامة سبقته تحولات من الموت والبعث قبل وفى حياة الجنين وفى حياة الانسان فى هذه الدنيا . وهو نفس الحال فى التربة وما يتجدد فيها وعليها من نبات . يقول جل وعلا يشرح لنا  ياسلوب علمى تقريرى قصة البعث فينا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ  ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) الحج  7 ـ ) ويوجز هذا يكرره ويؤكد : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) ( المؤمنون  12 : 16 ). ما سبق جاء بدون كلمة ( قل )

 ثالثا : أمثلة لتنوع الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل )

1 ـ الخطاب الالهى المباشر  السابق عن البعث بدون ( قل ) ورد بعضه مقرونا بكلمة ( قل ) مثل:

1/ 1 : بدء الخلق ثم إعادته : ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلْ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (34) يونس )،  وأن الذى خلق أول مرة هو الذى سيعيد الخلق بعثا مرة أخرى :  ( وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً )(  الاسراء 49 : 52)

1 / 2 : إخراج الحى من الميت والميت من الحى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31)( يونس ) ،

1 / 3 : التهديد :  ( وكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ . أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) (الواقعة 47 : 56 ) ( وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) (الصافات 15 ـ  ) ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10) التغابن )

 1 / 4 : ويقول جل وعلا :( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ  )( يس 78 ـ  ). وهنا إشارة علمية للبعث فى الشجر الأخضر الذى يتحول الى طاقة ، فالمادة الخضراء الحية تموت وتتحول الى خشب ميت ، يكون مصدرا للطاقة ، وقبلها البترول والفحم .  بل إن طاقة الشمس هى مصدر المادة الخضراء فى النبات الحى ، فهنا موت وبعث يتجدد أمام أعيننا . ثم إن الذى خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلها.

1 / 5 : وفى التقرير بالبعث حقيقة مؤكدة : ( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) السجدة ) ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِوَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)  سبأ ) 

2 ـ وتأتى ( قل ) ايضا فى إطار حوار حول الخلق والبعث سبقت الاشارة اليه فى فصل سابق ، كقوله جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبعُوثُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ  )( المؤمنون 80 : 90 )

والأمر بالسير فى الأرض :( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (68) قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل )

رابعا : الرد على إنكار البعث بكلمة ( قل ) وبدون ( قل )

يقول جل وعلا :  ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) الجاثية 24  ـ 26 ) . هنا رد الاهى مباشر بدون ( قل ) ، وهو: ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ) . ثم رد باستعمال ( قل  ) فى الآية التالية : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )

أخيرا

كل هذا الخطاب الذى تكرروتأكد بكلمة ( قل ) وبدونها لم يثمر هداية لدى المحمديين الذين يؤمنون بعذاب القبر والثعبان الأقرع بديلا عن الايمان بالبعث . أولئك المجرمون حين تقوم الساعة ويُبعثون سيُقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة : (  وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) الروم )

ودائما : صدق الله العظيم .!

الفصل الرابع : ( قل ) فى تأكيد أن الاسلام ضد الاحتراف الدينى

مقدمة ـ أولا :  الاحتراف الدينى فى الأديان الأرضية 

ثانيا : حاجة أهل الحق للمال ليصمدوا ضد الكهنوت الذى يصُّدُّ عن سبيل الله

ثالثا : الرسل ودعاة الحق لا يسألون أجرا لأنفسهم

مقدمة :1 ـ هناك مخدرات عادية تضيع بها أموال الناس وربما حياتهم ، وهناك مخدرات أخطر يضيع بها الناس فى الدنيا والآخرة ، وهى المخدرات الدينية فى الأديان الأرضية . كلاهما يقوم بتغييب العقل ، وكلاهما تقوم عليه ( تجارة ) أو ( يزينيس ) بالبلايين ، وكلاهما يقتل من البشر ملايين . ثم كلاهما يقوم على إدارته وإستغلاله نوعية حقيرة من البشر المحترفين . الفارق أن قادة تجارة المخدرات خارجون على القانون ، يُعاقبون بالاعدام أو السجون ، بينما يتمتع قادة المخدرات الدينية بالتقديس .

2 ـ حين يسيطر رجال الدين الأرضى على مجتمع تتحول الحياة الدينية الى تدين سطحى وفساد أخلاقى ، ويروج الاحتراف الدينى ، وتتأكد سلطة الكهنوت الذى يؤسس له سلطة دينية وسياسية زمنية باسم الله جل وعلا . ويقف هذا الكهنوت يحارب أى إصلاح دينى ، لأن الاصلاح الدينى كفيل بتقويض هذا الكهنوت وفضح حقيقته كمخدرات دينية تجعل الانسان مجردا من العقل يحنى ظهره ليركبه هذا الشيخ أو ذاك البابا  ويحتاج المصلحون  للمال ، ليس لأنفسهم ولكن لمتطلبات الصمود ، أى يحتاجون الى الجهاد ( فى سبيل الله ) بأموالهم وأنفسهم ، أما الكهنوت فهو يجمع المال فى سبيل ( أنفسهم ) ومن أجل الصد عن سبيل الله جل وعلا .

3 ـ قضية الاحتراف الدينى بين دين الله جل وعلا ( الاسلام ) وبين الأديان الأرضية وكهنوتها معقدة ، وتتداخل فيها أحيانا كلمة ( قل ) . ونحاول تبسيطها على النحوالآتى :

أولا :  الاحتراف الدينى فى الأديان الأرضية 

1 ـ  يكتنز أرباب الكهنوت البلايين والملايين لآنفسهم. ونتساءل : كم تبلغ أموال الكنيسة الارثوذكسية المصرية أو الكنيسة الكاثولوكية ؟ وكم تبلغ ثروة الساستانى الشيعى وكم تبلغ ثروة القرضاوى السُّنى ؟ وكم تبلغ أموال الاخوان المسلمين وتنظيماتهم العالمية والمحلية ومنظماتهم العلنية والسرية ؟ مهما بلغت ملايين أباطرة المخدرات فهى لا شىء بالمقارنة بأباطرة المخدرات الدينية .

2 ـ وهى عاهة بشرية تليدة ، ففى عهد نزول القرآن الكريم كان كثير من الأحبار ( اليهود ) والرهبان ( النصارى ) يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ، ويكتنزون الذهب الفضة ، وقد توعدهم رب العزة بأن يُحمى عليهم فى نارجهنم بما إكتنزوه . يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)( التوبة ).

3 ـ وكان لدُعاة الباطل والكهنوت الدينى  من أهل الكتاب وسائل  فى الاحتراف الدينى ، منها :

3 / 1 : التحريف  فى الكتاب السماوى : كانوا ( يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)البقرة 75)، وفى عصر نزول القرآن كانوا ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ )(النساء 46 والمائدة 13 )(  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) المائدة 41 ). التحريف لا يعنى الالغاء التام للحق بل إدخال الباطل فى الحق وكتمان الحق ، وهذا ما نهى رب العزة أهل الكتاب عنه فقال : ( وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42 البقرة ).  وبعض هذا التحريف كان بالكتابة ، وقد توعد رب العزة من يفعله بالويل : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )(79 البقرة )، ومنه التحريف الشفوى بتلاوة الأكاذيب على أنها من الكتاب السماوى، فيحسبها السامع أنها كلام الله جل وعلا  : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) آل عمران )

3 / 2 : ثم بيع هذا الباطل أو التحريف للناس على أنه صحيح الدين ، وهو ما حذّر رب العزة منه أهل الكتاب ، فقال : ( وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ) البقرة (41) . وقد أخذ عليهم العهد على تبليغ الحق للناس وعدم كتمانه ، وعدم التجارة بالدين ، فعصى كثيرون منهم : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) آل عمران )، ولكن كان منهم متقون يؤمنون بالقرآن وبما أنزل اليهم ، لايشترون بآيات الله ثمنا قليلا : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) آل عمران )

4 : ولأنها عاهة بشرية تلك التجارة بالدين فقد جعل رب العزة أرباب تلك التجارة خصوما له يوم القيامة ، وأنذر أنه جل وعلا لن يكلمهم يوم القيامة ولن ينظر اليهم ولن يزكيهم وسيصليهم عذابا لامثيل له : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175 البقرة  ) ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) آل عمران ).

5 : وأخذت قريش عن أهل الكتاب الاحتراف الدينى  والصّد عن سبيل الله بالمال وزادت عليه الاعتداء المسلح ، فقال جل وعلا عنهم : ( اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10) التوبة )، كانوا يتكسبون بتكذيب القرآن الكريم ، فقال جل وعلا  لهم عن القرآن الكريم  : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)) الواقعة ). وتخصصوا فى ( الصّدّ عن سبيل الله والمسجد الحرام  ) فقال جل وعلا عنهم  (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34) الانفال ) وقال عن إنفاقهم المال للصّدّ عن سبيل الله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )(36) الانفال ).

وفعل ذلك المنافقون فى المدينة ، أتاح لهم الاسلام الحرية المطلقة فى الدين وفى المعارضة السياسية السلمية ، فكانوا ينظمون مظاهرات من الرجال والنساء تجوب شوارع المدينة يصدون عن سبيل الله يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف: ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67)التوبة )

 6ـ ولأنها عاهة بشرية مستمرة فقد إحترف المحمديون الصّد عن سبيل الله ، وإفتراء الأحاديث ( النبوية والقدسية بزعمهم ) وتحريف معانى القرآن بعد عجزهم عن تحريف النصوص القرآنية نفسها ، كل ذلك يسعون فى آيات الله معاجزين ، وأسسوا فى ذلك ما يسمى بعلوم القرآن والنسخ والتفسير . والله جل وعلا نبّأ بذلك مقدما ، وتوعد من يفعل ذلك بالعذاب . قال جل وعلا  عنهم بصيغة الماضى: ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) الحج ) ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) سبأ ) ، وقال جل وعلا عنهم بصيغة الحاضر دليلا على إستمرار هذه العاهة البشرية ( وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) ( سبأ ).

6 ـ وستستمر هذه العاهة البشرية الى قيام الساعة ، ويوم الحساب سيقف الأشهاد دعاة الحق يشهدون ضد أرباب الكهنوت والاحتراف الدينى ؛ الذين يفترون على الله الكذب ويكذبون بآياته، يقول جل وعلا  : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)هود ). وسيقال عنهم وهم فى النار : ( أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45) الاعراف )، وجاء قوله جل وعلا  عنهم قبل وأثناء وبعد نزول القرآن الكريم : ( وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3) ابراهيم )

ثانيا : حاجة أهل الحق للمال ليصمدوا ضد الكهنوت الذى يصُّدُّ عن سبيل الله

1 ـ حاربت قريش الاسلام بكل الوسائل المتاحة، منها سلاح المال: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)الانفال ) ومنها متابعة المؤمنين فى المدينة بالقتال لارجاعهم الى الكفر : (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا )(217) ( البقرة ) . كان حتما أن يدافع المؤمنون عن أنفسهم ، وأن يجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .

2 ـ  وفى سورة الأنفال نلاحظ أنها بدأت بتحديد صفات المؤمنين حقا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) الانفال ). كان من صفاتهم أنهم (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ). كما جاء فى نفس السورة توصيف الكافرين بأنهم ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)(36)الانفال ). فى مواجهة هذا نزل التشريع فى نفس السورة بالاستعداد الحربى الدفاعى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ).ولأن هذا الاستعداد الحربى يستلزم تبرعا بالاموال فقد قال جل وعلا يدعوهم الى الانفاق فى سبيل الله جل وعلا : ( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) الانفال )

3 ـ هنا التبرع بالمال فى سبيل الله ، وليس تبرعا لأرباب الكهنوت ، وهو فرض على الجميع ، وكل مؤمن يتبرع بما لديه من جهد ونفس ومال إبتغاء مرضاة الله جل وعلا . وقد كان النبى عليه السلام فى مقدمة المجاهدين فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، أى كان يدفع من جيبه ويبذل من صحته ووقته فى سبيل الله ، فاستحق والمؤمنون معه أن يقول عنهم رب العزة : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) التوبة )

4 ـ ولأنه تبرع فى سبيل الله جل وعلا فإنه جل وعلا :

4 / 1  : يجعله تجارة معه هو :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) الصف )

4 / 2  :ويجعله قرضا له جل وعلا ، ويعد ( من الوعد ) أن يرد القرض أضعافا مضاعفة : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن )

4 / 3 : ويجعله ميزانا لدرجة التقوى بين المؤمنين: فلا يستوى القاعد بالمجاهد كما لا يستوى المنفق بالمُمسك : ( وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد )

4 / 4 : ويجعل البخل نذير الاهلاك ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد ). وبعد تشريعات القتال الدفاعى قال جل وعلا : ( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195 ) البقرة )

4 / 5 : وتوالت الأوامر بالانفاق فى سبيل الله قبل الموت ، فهو الخير للمؤمنين : ( انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) التوبة )( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات  ) ( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)الحديد ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ (254) البقرة ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون ).

ثالثا : الرسل ودعاة الحق لا يسألون أجرا لأنفسهم 

1 ـ هم لا يسألون الناس أجرا لأنفسهم مقابل الدعوة للهدى ، لأنهم ينتظرون أجرهم من الله جل وعلا. وكل الأنبياء كذلك . نرى هذا فى قصص الأنبياء فى سور: يونس ( 72 ) هود ( 29 ، 51  ) والشعراء (  109 ، 127 ، 145 ، 164 ، 180  ).

2 ـ خاتم النبيين أمره رب جل وعلا أن يعلن ( بكلمة قل ) أنه لا يسألهم أجرا : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ(86) ( ص) . الأجر لهم هم إذا إختاروا طريق الهدى : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (57) الفرقان ). الأجر لهم هم لأن أجره على الله جل وعلا :( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) سبأ ). ومن ضمن هذا الأجر أن يكونوا ابرارا بذوى قرباهم : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )(23) الشورى) .

3 ـ وتكررت هذه الحقيقة بدون كلمة ( قل ) فى أسئلة إستنكارية يسألها رب العزة : (  أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40 الطور) ( 46 القلم ) ( َأمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) المؤمنون). وجاءت قاعدة عامة للبشر للتمييز بين الدعاة . دعاة الباطل يتصارعون فيما بينهم على اكل أموال الناس بالباطل ، أما دعاة الحق فلا يسألون الناس أجرا ، وفى نفس الوقت هم متمسكون بالهدى الالهى :( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) يس ) 

4 ـ وجاء نفس المعنى بنفس الألفاظ تقريبا بكلمة ( قل ) وبدونها : (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين) ( يوسف  104) ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الانعام ). 

أخيرا : 1 ـ خلال نصف قرن مضى ، ومن عهد الملك فيصل وحتى الآن أنفقت السعودية أكثر من مائة بليون دولار من عوائد البترول فى نشر الوهابية على أنها الاسلام ، وسينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) ابراهيم ) ويدفع العالم كله الثمن . أمام الجبروت السعودى يقف أهل القرآن بسواعدهم العارية ، ليس معهم سوى كتاب الله ، ونجحوا به فى فضح الوهابية .

2 ـ ندعو الله جل وعلا أن يجعلنا أشهادا عليهم يوم القيامة . ففى ذلك ـ  وليس فى حُطام الدنيا ـ  ينبغى أن يتنافس المتنافسون . ندعو الله جل وعلا ان ينطبق علينا قوله :(إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ) (26)  المطففين ).

ودائما : صدق الله العظيم  

الفصل الخامس : ( قل ) فى التحدى بالقرآن

 أولا : الشهادة الالهية بأن القرآن من عند الله جل وعلا

  ثانيا : التحدى بآية ( أو معجزة القرآن )

ثالثا : اوجه الاعجاز

 أولا : الشهادة الالهية بأن القرآن من عند الله جل وعلا

 شهد الله جل وعلا أنه لا اله إلا هو ، وشهد معه الملائكة وأولو العلم : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)  آل عمران )، وهذا هو التشهد الذى يجب أن يكون فى الصلاة ، وتجاهله المحمديون واخترعوا بدلا منه ( التحيات ) .

2 ـ وبنفس الاسلوب جاءت شهادة الله جل وعلا والملائكة على أن القرآن الكريم نزل من عند الله جل وعلا بعلم الله جل وعلا ، وكفى بالله شهيدا : ( لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (166) النساء ) . وجاءت الشهادة بلا إله إلا الله وبأن القرآن من عند الله فى آية واحدة ، تكررت فيها كلمة ( قل ) ثلاث مرات : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19)الانعام ).

3 ـ وفى معرض الرد على طلبهم آية حسية بديلا عن القرآن : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ) جاء الرد امرا بكلمة ( قل )  ( قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) ثم خطاب مباشر من رب العزة جل وعلا للكافرين بالاكتفاء بالقرآن الكريم :( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) . ثم أمرا بكلمة ( قل ) تأكيدا على شهادة الله جل وعلا شهادة خصومة على من لا يكتفى بالقرآن ، وعلى من يؤمن بالباطل ويكفر بالله جل وعلا الحق :( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (52) العنكبوت )

ثانيا : التحدى بآية ( أو معجزة القرآن )

1 ـ وقد تحدى رب العزة الكافرين بأن يؤلفوا مثيلا للقرآن ، ومن الملفت للنظر أن يوصف القرآن هنا بالحديث ، أى تحداهم رب العزة جل وعلا أن يأتوا بحديث مثله : ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) الطور ). وعجزوا عن الاتيان بحديث مثله . جاء هذا بدون ( قل ) .

2 ـ وظلوا يتهمون القرآن بأن محمدا إفتراه ، فتحداهم رب العزة جل وعلا أن يأتوا بعشر سور مثل سور القرآن ، وأن يستعينوا بمن يشاءون :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13). وإن عجزوا فعليهم أن يعلموا أن القرآن نزل بعلم الله جل وعلا ، وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يصفون :( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) هود ).

3 ـ وعجزوا عن الاتيان بعشر سور ، فتحداهم رب العزة ان يأتوا بسورة واحدة مثل سور القرآن . وأكّد رب العزة إستحالة أن يفترى أحد هذا القرآن الذى نزل مصدقا لما سبقه من كتب سماوية:( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37). ثم ردا على زعمهم بأن محمدا إفترى القرآن ، تحداهم رب العزة أن يأتوا بسورة واحدة  مفتراة مثل القرآن ، وان يستعينوا بما يشاءون  :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38). جاء هذا بكلمة ( قل ). بعدها أكّد رب العزة أنهم كذبوا بالقرآن الذى لم يحيطوا به علما ، ولم يعرفوا ـ بعد ـ تأويله . ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) يونس )

4 ـوتكرر التحدى بأن يجعلوا واحدا منهم مثل محمد فى الفصاحة ـ يأتى بسورة كسورة من القرآن ، إذا كانوا لا يزالون فى ريب ، وأن يستعينوا بمن يشاءون : ( وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23). وفى الآية التالية أكد رب العزة أنهم لن يفعلوا ، وعليهم أن يتقوا عذاب النار : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة )

5 ـ قبلها أكّد رب العزة مقدما أنه يستحيل على الجن والإنس معا الاتيان بمثيل للقرآن الكريم : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا(88) (الاسراء )

ثالثا : اوجه الاعجاز :

1 ـ حقيقة الاعجاز تتجلى فى أنه يستحيل على شخص ( محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم القرشى العربى ) الذى كان يعيش فى مجتمع صحراوى فى القرن السابع الميلادى ـ يستحيل عليه أن يؤلف القرآن ، بكل ما فيه من معلومات تاريخية وقصص للسابقين وللأنبياء ، وغيوب وحقائق علمية .

2 ـ كما أنه يستحيل على بشر عاش فى العصور الوسطى أن يؤلف كتابا يحوى حقائق علمية كانت مجهولة فى عصره ، و لا يزال العلم فى عصرنا يؤكدها . ثم إنه يستحيل على أى شخص مهما بلغت فصاحته أن يؤلف كتابا فيه التكرار والتفصيل والأساليب المختلفة لغويا ( فيه المجاز ، وفيه الاسلوب العلمى التقريرى ) وفى أغراض متنوعة من التشريع والوعظ والقصص والحوار والالإخبار بالغيبيات الماضوية والمستقبلية ، ثم لا يقع فى التناقض ، بل يكون الاسلوب فوق مستوى البشر فى الفصاحة والتبيين والحلاوة والوضوح ، بل يجمع بين نقيضين البساطة والعمق معا ، وهذا معنى أن الله جل وعلا جعل القرآن ميسرا للذكر والهداية  مع مجال لا نهائى للبحث المتعمق لمن يمتلك موهبة البحث ممّن وصفهم رب العزة بالراسخين فى العلم .

3 ـ من المستحيل أن يؤلف واحد من البشر كتابا يظل آية ومعجزة على مرّ العصور والقرون . فى عصرنا يتجلى إعجازه للبشرية فى اللغة التى يتفاهم بها البشر حاليا فى تقدمهم العلمى ؛ لغة الأرقام . الاعجاز الرقمى العددى فى القرآن لازلنا نتحسس الطريق اليه ، ولم نكتشف أبعاده بعدُ ، وهو الذى يفسر الطريقة الفريدة فى كتابة القرآن والتى تختلف عن الكتابة العربية العادية . إكتشف د . رشاد خليفة سرّ العدد 19 ومضاعفاته ، وإكتشف الاستاذ محمد صادق بعض أسرار العدد ( 7 ) ومضاعفاته ، واكتشف الاستاذ مراد الخولى حساب الجمل ، وعلاقاته بالعدد 19 ، وبتفسير بعض المصطلحات القرآنية ، وتخصّص الاستاذ عبد الله جلغوم فى إكتشافات حسابية معقدة . ولكن لم يتم حتى الآن الوصول الى الجذر العام للإعجاز العددى فى القرآن ، والذى هو مُدّخر لجيل أو أجيال قادمة ، شأن حقائق علمية أوردها القرآن ولم تصل اليها البشرية بعد .

الإعجاز العددى هو السّر الأكبر المكنون فى القرآن الكريم ، ويتجلى فى تدوين وكتابة القرآن . وأيضا فى حفظه،  لأن أى تحريف فى كتابة المصحف يكون الاعجاز العددى كاشفا له . ويلفت النظر أن المشركين فى مكة كانوا يمرُّون على النبى عليه السلام وهو يكتب نسخا من القرآن ويُمليه عليه ويساعده بعض أصحابه ، فوصفوا القرآن بالإفك ، وأنه أعانه على هذا الإفك قوم آخرون ، وأن القرآن اساطير الأولين إكتتبها وهى تُملى عليه بكرة وأصيلا : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) ) وجاء الرد بكلمة ( قل ) : ( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (6) الفرقان ). أى إن هناك ( سرّا ) فى كتابة القرآن مؤسسا على آية أو إعجاز مستقبلى .

المستفاد من هذا أنه يستحيل على أى بشر أن يؤلف كتابا فيه التكرار والتوضيح والتفصيل ، ثم ترتبط ( آياته ) و ( سوره ) باعجاز رقمى مُحكم ، ويكون أيضا غاية فى الفصاحة ، وفى السهولة .

4 ـ لست متخصصا فى الاعجاز العددى للقرآن الكريم ، ولكن يلفت النظر أن الشهادة الالهية عن رب العزة والقرآن الكريم هى رقم 19 : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19) الانعام )، وأن التأكيد على ان الدين عند الله هو الاسلام جاء فى الاية رقم 19 : (  إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) آل عمران ) وأيضا : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) ( محمد )وأن العدد 38 ( مضاعف العدد 19 ) جاء فى التحدى فى الاتيان بسورة مثل القرآن :( أم يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(38) يونس ). وفى سورة الأنعام : يطلبون آية حسية ، : (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) ويأتى الرد على طلبهم فى الآية التالية رقم 38 ، بإعجاز علمى وإعجاز رقمى : ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ). وفى نفس السورة يتحدث ربا العزة عمّن يفترون على الله كذبا من شياطين الانس والجن : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )   ، ويأتى الرد عليهم بالاحتكام للقرآن الكريم (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) وهى الآية رقم 114 ، من مضاعفات العدد 19 ، والتى تشير أيضا الى عدد سور القرآن الكريم .

5 ـ هى مجرد ملاحظات عابرة من غير متخصص ، ولكن الأهم أن هذه الاعجازات القرآنية غفل عنها المحمديون 14 قرنا ، لأنهم إنهمكوا فى السير على سُنّة كفار قريش فى : الجدال بغير علم فى آيات الله فى القرآن ، وفى السعى فى آيات القرآن معاجزين ، وفى إختراع ( لهو الحديث ) ليصدوا عن سبيل الله ، وفى مقولة النسخ بمعنى تبديل وتغيير شرع الله جل وعلا فى القرآن كما كان يطلب الجاهليون ( يونس 15 : 16 )، وفى التمسك ب ( الثوابت ) وما وجدوا عليه آباءهم و( أجمعت ) عليه ( أمة محمد ). ، وقد فصلنا الكلام فى هذا كثيرا . وبإيجاز ، فكما قلت فى بحث سابق تعليقا على تدنيس المصحف فإن المحمديين يقدسون ( المصحف ) ويكفرون بالقرآن .

آخيرا :

1 ـ لو بعث الله جل وعلا المسيح يقول للمسيحيين : (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) آل عمران ) لقتلوه وصلبوه .

2 ـ ولو بعث الله جل وعلا محمدا يقول للمحمديين : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)( الكهف ) لاتهموه بإنكار السُّنّة ، واقاموا عليه حّد الردة .

 

كتاب ( قل ) فى القرآن الكريم

( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن )
هذا الكتاب يوجز معالم الاسلام فى القرآن الكريم ،ويثبت أن أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن الكريم . أى يجعل حدا فاصلا بين دين الاسلام الذى لا مصدر له سوى القرآن ، واديان المحمديين الأرضية وتراثهم البشرى .
more