تفسير القرآن بالأمازيغية يرى النور في الجزائر.. ورئيسة حزب إسلامي تعتبرها محاولة للقضاء على الإسلام

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢١ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست


تفسير القرآن بالأمازيغية يرى النور في الجزائر.. ورئيسة حزب إسلامي تعتبرها محاولة للقضاء على الإسلام

لم يكن راعي الغنم بشعاب إيفرحونن بمنطقة تيزي وزو الأمازيغية شرق الجزائر العاصمة حاج محند الطيب، وهو في سن العاشرة من عمره، يضع بالحسبان أن يكون أول شهر من عام 2019 تاريخاً لميلاد أول نسخة من تفسير القرآن بالأمازيغية ومن عمله هو شخصيا.

التفسير الذي كان الحدث الأبرز في الجزائر، موازاة مع الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2969 في 12 يناير/كانون الثاني 2019، سيزيّن رفوف المكتبات والمساجد، وكذا المعاهد القرآنية بداية من فبراير/شباط 2019.               

لكن على الرغم من وصف الجزائريين للعمل بالجبار، أمازيغَ كانوا أم عرباً، إلا أنه تلقّى بعض الانتقادات، خاصة من قِبل أولئك الذين يرفضون تعميم تعليم الأمازيغية، وتقديمها على العربية.

أول 100 ألف نسخة من تفسير القرآن بالأمازيغية

بدأت جمعية التنمية المستدامة «نماء» وهي جمعية خيرية تضامنية، في 15 يناير/كانون الثاني 2019، عملية الطبع والتوزيع المجاني لـ100 ألف نسخة، هي الأولى للقرآن الكريم مترجماً إلى الأمازيغية في العالم.

واعتبر رئيس الجمعية عبد الغني ويشر في حديثه لـ «عربي بوست» أن «مشروع طباعة 100 ألف نسخة من تفسير القرآن بالأمازيغية، هو أول مشروع خيري بهذا الحجم  تقوم به جمعية نماء منذ تأسيسها».

ومع بداية الشهر القادم فبراير/شباط 2019، يضيف ويشر، «ستبدأ الجمعية بالتنسيق مع هيئات في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف توزيع الكمية المطبوعة عبر ولايات الوطن كي تصل إلى رفوف المكتبات والمعاهد وكذا المساجد».

ولن تكتفي الجمعية بتوزيع تفسير القرآن بالأمازيغية داخل الوطن فحسب، كما يضيف المتحدث: «بل ستقوم أيضاً بتوزيعه على نطاق واسع وفي جميع قارات العالم، من خلال التنسيق مع السفارات والهيئات الإسلامية العالمية».

وكان لجمعية نماء شرف تنظيم منتدى علمي أمازيغي خلال الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في 13 يناير/كانون الثاني 2019، وفيها تم عرض أول نسخة للقرآن الكريم مترجماً إلى اللغة الأمازيغية.

59 عام أمل و7 أعوام عمل

وسط طموح جياش للحاج محند طيب لتحقيق أمنيته في ترجمة القرآن إلى اللغة الأمازيغية، حلت سنة 2012، ومعها بشائر من قبل وزير الشؤون الدينية والأوقاف حينها أبو عبد الله غلام الله، الذي أعطى الضوء الأخضر لبداية مشروع الترجمة.

فمحند الطيب الذي راوده حلم الترجمة مذ كان بمعهد ابن باديس بقسنطينة الأشهر الأولى من عام 1953، سرعان ما تخلى عن الفكرة بعد ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954 ضد المحتل الفرنسي.

ويؤكد مترجم القرآن إلى الأمازيغية في حديثه لـ «عربي بوست «بان الظروف حينها أرغمت على إغلاق المعهد، والالتحاق بصفوف المجاهدين ضد قوات الاستعمار الفرنسي، وباتت فكرة ترجمة القرآن مؤجلة إلى إشعار غير معروف».

ويضيف محند طيب في سرد قصة طريقه نحو هذا الإنجاز بالقول: «بعد الاستقلال عام 1962، عادت تراودني فكرة الترجمة، إلا أن تكملة الدراسة الجامعية، ومساعدة الجزائر في التعليم الأكاديمي جعلا الفكرة بعيدة المنال».

واصل المتحدث مشواره في التعليم والتفتيش في قطاع التربية، إلى أن حلت سنة 2012، عندما جاء اقتراح من وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله الذي يشغل حالياً رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، لترجمة القرآن إلى الأمازيغية.

وقتها، يقول المترجم: «كان الوزير سندي في المشروع، وعاد طموحي في تحقيق ترجمة أمازيغية للقرآن، من خلال تشكيل لجنة من أكاديميين ونحويين، سرعان ما افرنقعت هذه اللجنة بسبب انشغالات الأعضاء وبقيت وحدي في مسار التأليف والترجمة».

دامت عملية الترجمة بحسب المتحدث «خمس سنوات كاملة، أعقبتها سنتان من المراجعة والتنقيح، والعرض على اللجنة العلمية لوزارة الشؤون الدينية، التي أعلنت رسمياً إصدار النسخة وتوزيعها على أوسع نطاق».

السعودية تهديه عمرة وتشرف على تنقيح النسخة

في عام 2017، سافر حاج محند طيب إلى العربية السعودية، من أجل عرض الترجمة على كبار العلماء والمصححين في مكة والمدينة، والذين أعطوا الضوء الأخضر لطباعة النسخة المترجمة إلى اللغة الأمازيغية.

وقد تكفلت السعودية بحسب المترجم «بتكاليف السفر والعمرة والإقامة، كما رافقت وزارة الشؤون الدينية هذا الإنجاز من خلال الدعم والتحفيز».

واعتمد المصحف المفسر بالأمازيغية من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ونقل النص، قبل أن يسافر المترجم إلى المدينة المنورة للوقوف على التصحيح والتصويب.

 وبعد سنتين من المتابعة والتحقيق والتدقيق، خرج المولود إلى النور ـ بعد اعتماده من مجمع الملك فهد الفقهي في طبعة ورقية وأخرى صوتية سجلها الشيخ بنفسه على أقراص مضغوطة.

تحدي الحرف العربي

وسط صراع كبير بالجزائر، حول طريقة تعليم اللغة الأمازيغية، والأحرف الواجب اعتمادها، بين أحرف التيفيناغ الأصلية، أو العربية أو اللاتينية، تأتي نسخة تفسير القرآن إلى الأمازيغية بالأحرف العربية.

ويؤكد صاحب الترجمة حاج محند طيب، أن اختيار الحرف العربي كان بعد دراسة وتعمق كبيرين، ولم يكن اعتباطياً كما يعتقد البعض.

وفي هذه النقطة يؤكد محند طيب لـ «عربي بوست»، «أردت في البداية الاعتماد على أحرف التيفيناغ الأصلية، وذلك لإنهاء الجدل كليا، لكن في الجزائر لا توجد قاعدة مدروسة لهذه الأحرف، كما أن أغلب الأمازيغ في الجزائر لا يفقهونها».

بعدها يضيف: «قمت بدراسة إمكانية تطبيق الحرف اللاتيني في تفسير القرآن إلى الأمازيغية، فوجدت اختلافاً في أكثر من 17 حرفاً صوتياً، وكسر هذا العائق يتطلب خلق أبجدية جديدة في اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني».

وبالتالي يؤكد «توصلت إلى أن الحرف العربي هو الأقرب في تحقيق التفسير وتوصيل المفاهيم إلى أمازيغ الجزائر، رغم أن هناك اختلافاً في 7 أحرف صوتية، تم التغلب عليها من خلال إضافة بعض النقاط لحروف الجيم، الباء، الزاي والظاء».

ولفك تلك الشفرات وتقريب مفاهيمها للقارئ، قام المؤلف بوضع مفتاح توضيحي لكل تلك التغييرات، في ثاني صفحات القرآن المفسر بالأمازيغية.

إشادة بالخطوة

اعتبر وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى، ما قام به العلامة حاج محند الطيب، خطوة مهمة في تكريس الأمازيغية كلغة وطنية سهر على ترسيمها رئيس الجمهورية.

وقال إن «جهود المؤلف في هذا العمل تؤكد أن للجزائر علماءها ودعاتها خدمة للدين والوطن، ودعماً للوحدة والاتحاد».

من جانبه أشاد الوزير السابق للشؤون الدينية والأوقاف الدكتور سعيد شيبان بهذا التفسير، وقال إنه ثمرة لاجتهاد العالم حاج محند طيب منذ سنوات.

كما رحب عدد من الناشطين بالخطوة وباركوها، سيما أنها زاوجت بين التفسير بالأمازيغية وباستعمال الحرف العربي.

 

 

وهناك من انتقده وحذر منه

انتقدت رئيسة حزب العدل والبيان في الجزائر، نعيمة صالحي، ترجمة تفسير القرآن الكريم باللغة الأمازيغية التي صدرت مؤخراً، معتبرة ذلك مؤامرة تستهدف الإسلامفي الجزائر.

ونشرت صالحي على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تقول: «ها قد وقفتم على كلامي وتوقعاتي الأكيدة بعدما تم الإفراج بمناسبة ينايرهم المعجزة القديمة الجديدة الضائعة بين بداية حكم شيشناق والسنة الفلاحية وأشياء أخرى».

وأردفت: «الإفراج عن إنجازهم العظيم في تفسير القرآن الكريم بالأمازيغية إلى غاية أن يكتب القرآن بالأمازيغية المزعومة».

وحسب المتحدثة، فإن «الحكاية ليست حكاية لغة أو أمازيغية، بل المقصود من وراء كل ذلك هو القضاء على الإسلام في أرض الإسلام واختراق القرآن الكريم، مشيرة إلى أنه من ينكر هذه الحقيقة المقيتة إلا مرتد عن دينه أو معتوه رفع عنه القلم أو جاهل معذور».

 

 

الناشط اريجو عبد المنعم شيتور، انتقد كلام نعيمة صالحي ونشر عبر صفحته بالفيسبوك: «التطاول الذي جاء من نعيمة صالحي ضد الشيخ الفاضل سي حاج محند الطيب غير مقبول بتاتاً ومرفوض وفيه تجاوز خطير وعنصرية مقيتة».

 

وأردف يقول: «من هنا يجب عليها شرعاً وعقلاً ومنطقاً تقديم اعتذار واضح وصريح له فما قالته يغذي النظرة المتطرفة لدعاة البربرة ضد كل ما هو إسلامي وعربي».

اجمالي القراءات 1864
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق