موسم «الهرولة» نحو تركيا.. «أخطاء» ابن سلمان تكسب تركيا المزيد من الحلفاء

اضيف الخبر في يوم الأحد ١١ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


موسم «الهرولة» نحو تركيا.. «أخطاء» ابن سلمان تكسب تركيا المزيد من الحلفاء

«مصائب قومٍ عند قومِ فوائد»، ينطبق هذا المثل بشكل نموذجي على حالة الشرق الأوسط حاليًا، حيث أدت السياسات الحدّية لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» إلى فقدان المملكة للكثير من الحلفاء الإقليميين بحسب العديد من المحللين، الذين فقدوا الثقة فيها باعتبارها حليفًا مستدامًا يمكن الاعتماد عليه وسط بحر إقليمي مضطرب، وفي الواجهة، كان اللاعب التركي ينتظر مبتسمًا، حيث يهرول إليه الكثيرون سعيًا وراء تعويض الدعم السعودي المفقود.

الأردن.. «عبد الله» يولي وجهه شطر أردوغان

كان من المنطقي تمامًا أن تختار المملكة الأردنية الهاشمية حليفًا تقليديًا لها مثل السعودية، كلا المملكتين ذات غالبية سنية ويتشاطران الخوف من تمدد النفوذ الإيراني، إذ كان العاهل الأردني عبد الله الثاني أحد أوائل الذين حذروا من «الهلال الشيعي» – الذي يمتد من لبنان إلى السعودية – عقب سقوط نظام الرئيس صدام حسين، ويحظى موقع الملك في كلا البلدين بسلطات شبه مطلقة، ويتشاركان الخوف نفسه من تمدد قوى الإسلام السياسي، وقد تلقت عمّان دعوة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، بعد أسابيع قليلة من انطلاق ثورات الربيع العربي عام 2011.

وإلى جانب تمتع البلدين بعلاقات تاريخية وحميمية مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل يجعلهما معًا على الجانب نفسه عند أي محاولة لتصنيف دول المنطقة سياسيًا. تعتمد الأردن – البلد فقير الموارد – بشكل رئيسي على الدعم الاقتصادي الخليجي، وبخاصة من السعودية، الذي اعتاد أن يتدفق بالمليارات، فضلًا عن أعداد كبيرة من العمالة الأردنية في السوق السعودي، والتي تمثل إحدى روافع الاقتصاد الأردني.

 


أردوغان والملك عبد الله الثاني

 

من هنا، كان من البديهي تمامًا أن تتطابق سياسات البلدين في الكثير من القضايا الإقليمية، إذ اتخذت الأردن موقفًا أقرب إلى السعودية في بدايات الصراع السوري، حيث استضافت غرفة عمليات «الموك» التي قدمت الدعم للفصائل السورية المسلحة في الجبهة الجنوبية، برعاية من الولايات المتحدة والدول الغربية، والسعودية والإمارات، كما أن عمّان شاركت في


البشير وأردوغان

 

لكن الأزمة الخليجية مع قطر قد جاءت لتضع البشير في مأزق لا يُحسد عليه، إذ اتخذت السودان موقفًا أقرب إلى الحياد في الأزمة، قبل أن تتحدث تقارير صحفية عن تعرض الخرطوم لضغوط «لاتخاذ موقف أكثر وضوحًا من الأزمة»، وقد صرح عضو البرلمان حينها «صلاح قوش» – تولى قبل أسابيع قيادة جهاز الأمن والمخابرات في البلاد – بأن على السودان رفض تصنيف جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس باعتبارهما جماعات إرهابية، الأمر الذي كان يشي بأن أطرافًا عدة في السلطة السودانية كانت قلوبها مع قطر فيما كان موقف البلاد الرسمي على الحياد.

التقارب المصري-السعودي كان محفزًا آخر لتوجس الخرطوم من الرياض، في ظل التوترات التي تشهدها العلاقات السودانية مع القاهرة، وكان المسؤولون السودانيون قد انتقدوا اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، بعدما أقرت تلك الاتفاقية تبعية الشواطئ المحاذية لحلايب على البحر الأحمر، واعتبرت الخرطوم أن ذلك يمثل تراجعًا سعوديًا عن اتفاقية مبرمة مع الخرطوم عام 1974، تقر بـ «سودانية مثلث حلايب»، وقد اعترض السودان رسميًا لدى الأمم المتحدة على تلك الاتفاقية.

اقرأ أيضًا: «إخوة أم أعداء؟»: التفاصيل شبه الكاملة للصراع المحتدم بين مصر والسودان

في ظل تلك التوترات المكتومة بين السودان والسعودية، كان الطرف التركي حاضرًا لاستغلال الحاجة السودانية إلى حليف إقليمي قوي في محيط مليء بالتوترات، ويُلاحظ مؤخرًا تسارع عجلة التطور في العلاقات بين الخرطوم وأنقرة، لترقى إلى درجة «التحالف»، تجلى في زيارة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى العاصمة السودانية أواخر ديسمبر الماضي.

وخلال الزيارة، تم الإعلان عن اتفاقية تقضي بتسليم السودان إدارة جزيرة سواكن الاستراتيجية، الواقعة على البحر الأحمر – تعد أقدم الموانئ السودانية – إلى الجانب التركي، لتتولى ترميمها وإعادة تأهيلها، كما أشار أردوغان نفسه، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع البشير أن الاتفاقية لها ملحق سري، لا يُعلم ما تحتويه.

الاتفاقية التي أثارت غضب مصر والسعودية، إلى حد وصف صحيفة عكاظ لسعي أردوغان في الحصول على الجزيرة بأنه «كشف عن الوجه الحقيقي له، وطمعه في التمدد والتوسع على طريقة نظام الملالي»، كانت فقط قمة جبل الجليد، حيث مهدت زيارة أردوغان لسلسلة من اتفاقيات التعاون بين الجانبين، تشمل إقامة مشاريع زراعية وصناعية تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل إضافة إلى بناء مطار في الخرطوم، حيث تقاطرت زيارات المسؤولين الأتراك إلى العاصمة السودانية لمتابعة تنفيذ تلك المشاريع.

لبنان.. الحريري «يهرول» باتجاه تركيا

أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفيما كان اللبنانيون في حيرة، يبحثون عن الحقيقة الغائبة وراء الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء «سعد الحريري»، فوجئ سكان مدينة طرابلس – إحدى المعاقل السنية في البلاد – بإحراق صور لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، كانت قد رفعت مؤخرًا في شوارع المدينة للتعبير عن التأييد للسعودية التي تعد الداعم الرئيسي للسنة في لبنان وتحظى بينهم بنفوذ واسع.

وبرغم الإدانة الرسمية التي لقيها مشهد حرق الصور، وبغض النظر عما أثاره من خلافات داخل المعسكر السني نفسه، فإنه يؤشر على دلالة صارت واضحة، وهي أن السعودية لم تعد الحليف الموثوق به لدى العديد من اللبنانيين السنة، وهو ما برز بشكل أكثر وضوحًا في «تذمر» تيار المستقبل من موقف السعودية في أزمة الحريري، حيث طالبت كتلته البرلمانية بعودة الحريري إلى البلاد «في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة في الدستور واتفاق الطائف».

كما خرج وزير الداخلية، والقيادي في تيار المستقبل «نهاد مشنوق» معلقًا بلهجة شديدة عن التقارير التي تحدثت عن رغبة السعودية في استبدال سعد الحريري، قائلًا :«اللبنانيون ليسو قطيع غنم ولا قطعة أرض تنتقل ملكيتها من شخص لآخر» معتبرًا أن الأمور في لبنان «تجري بالانتخابات وليس المبايعات»، في تعريض واضح بالسعودية وموقفها.

سعد الحريري، الذي لم تكد قدماه تطأ أرض لبنان حتى تراجع عن استقالته، التي تبين للقاصي والداني أنه قد قدمها مكرهًا بضغط سعودي، يبدو أنه قد فكر في البحث عن حليف آخر أكثر جدارة بالثقة من السعوديين، ليكون ظهيرًا للكتلة السنية في لبنان، لموازنة نفوذ حزب الله المدعوم إيرانيًا، ومن يمكن أن يكون هذا غير الأتراك؟!

اقرأ أيضًا: روبرت فيسك: هكذا أسكتوا الحريري

طار الحريري إلى تركيا، حيث التقى برئيسها ورئيس وزرائها في زيارة اعتبرت أكثر من عادية، وأثارت الكثير من التكهنات التي رأت فيها محاولة من الحريري للبحث عن حليف «حقيقي» بعدما تبين أنه لا يُؤمن مكر السعوديين، إلى الحد الذي اضطرت معه وزارة الخارجية السعودية إلى إصدار بيان رسمي تنفي فيه انزعاج المملكة من زيارة الحريري إلى أنقرة، معتبرة أن الأمر تم ترويجه من قبل «الصحف القطرية».

 


أردوغان والحريري

 

ولكن، ولأنه ليس هناك دخان بغير نار، يبدو أن الضيق السعودي من تقارب الحريري مع أنقرة لا يمكن إخفاؤه تمامًا، إذ إن ما نفته الخارجية السعودية، تحدثت به صراحة الصحف السعودية المعروف عنها أنها الناطق غير الرسمي باسم المملكة، وأبرزها صحيفة «إيلاف» التي اعتبرت أن «هرولة الحريري إلى تركيا ستكلفه ثمنًا باهظًا لأن المملكة لم تقصر معه في شيء»، بحسب وصف الصحيفة التي اعتبرت أن «تحالف الحريري مع تركيا لن يمر مرور الكرام» خاصة في الانتخابات القادمة التي قد تصب نتائجها في غير مصلحته.

اجمالي القراءات 1226
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق