دموع الإف بى آى

آحمد صبحي منصور Ýí 2009-01-25


أولا
1ـ (الإف بى آى)هو البوليس الفيدرالى الأمريكى الذى تشمل إختصاصاته الجرائم العامة وتعلو سلطته على البوليس المحلى فى كل ولاية .
فى مدينة ديترويت فى ولاية ( ميتشجان )إحترفت عصابة من الأمريكيين السود طريقة طريفة فى السرقة؛كانت تقوم بتجميع معلومات عن العصابات الاجرامية الأخرى ثم تقتحم عليهم مساكنهم وهى متنكرة فى زى (الإف بى آى) ويقيدونهم ويسلبون ما لدى أفراد العصابة من اموال مسروقة أو مخدرات ، ثم يلوذون بالفرار وهم ملثمون. وبالطبع فإن أفراد العصابة المنكوبة لا يستطيعون الشكوى للسلطات.هذه العصابة المتنكرة فى زى (الإف بى آى) كانت أحيانا لا تكتفى بالسرقة ولكن قد تتعدى ذلك إلى القتل والإغتصاب.


وصلت إلى الأف بى آى الأخبار عندما وقعت تلك العصابة فى خطأ فى العنوان ، فدخلت على أسرة عادية فلم تجد لديها شيئا فاغتصبوا فتاة وقتلوا أمها .!!
سمعت هذه القصة فى برنامج (ID ) الذى يختص بذكر وتحليل الجرائم ويستضيف من قام بكشفها. وكان الضابط الأمريكى الشاهد على تلك الجريمة يستعيد الأحداث ودموعه تسيل وهو يحكى حال تلك الفتاة التى إغتصبها الجناة ، وهى تستغيث به وجثة أمها الى جوارها، كان الضابط الأمريكى حزينا وهو يؤكد على واجبه كرجل بوليس فى أن يحمى المواطنيين ، ومع ذلك تقع الجرائم.

2 ـ الثقافة التى نشأ عليها هذا الضابط الأمريكى أن واجبه هو أن يخدم الناس وأن يحميهم : serve and protect ) ). وضابط البوليس الأمريكى ضيف دائم على مدارس الأطفال يشرح لهم مهمته ويؤكد لهم أنه فى خدمة الشعب ، وصديق لكل فرد ، وانه يأخذ مرتبه من الضرائب التى يدفعها الشعب ولهذا فإن ولاءه لهذا الشعب ولكل فرد فى المنطقة التى يخدمها ، ويوصيهم بأن أى طفل منهم لو تعرض لأى إساءة أن يتصل برقم 911 وسيجدهم فورا فى نجدته.
الثقافة التى نشأ عليها هذا الضابط الأمريكى هى احترام المواطن حتى لو كان مجرما ، فهو يتحدث عن المجرمين المدانيين فى تلك القضايا بــ ( السيد فلان ) أو ( مستر كذا ). وحين يستوقف رجل البوليس مواطنا أوحين يقبض على مواطن متلبسا فلا يمكن أن يقول له إلا ( سيدى أو سير).
وفى القبض على المتهم لا بد من التحقق من وجود أدلة كافية تجعل المدعى العام (رئيس النيابة ) يوافق على القبض عليه ، وعند القبض عليه لابد من تلاوة حقوق المتهم ومنها أن له الحق فى أن يظل صامتا وألا يتكلم بما لا يضر بمصلحته ، وأن له الحق فى إستدعاء محامى وإن لم يقدر على توكيل محام فإن الولاية ستعين له محاميا...ولو حدث أى تعسف فى حق المتهم فمن حقه الرجوع على البوليس والمدعى العام بالتعويض.
والمدعى العام (رئيس النيابة ) هو الذى ينوب عن المجتمع معبرا عن حق المجتمع فى المحكمة ضد المتهم بالاضرار فى حق المجتمع وافراد المجتمع .وهو يتولى منصبه بالانتخاب ، وبقاؤه فى منصبه مرهون بكفاءته ونزاهته ، وحوله عيون متفحصة ترقب منه أى هفوة أو زلّة .
وللمحامى ـ الذى يدافع عن المتهم ـ نفس حقوق وكيل النيابة بالمساواة التامة.ولو قصر المحامى فى واجبه فللقاضى أن يطرده ، والقاضى مهمته التأكد من تجلية كل الحقائق المقدمة من المحامى والمدعى العام واتاحة الفرصة للدفاع والادعاء فى إقناع المحلفين حتى يستطيع المحلفون اقتراح حكم فيتلوه القاضى .
هذا الحرص على تحقيق العدالة للأفراد منبعه النظام الديمقراطى نفسه، ليس فقط فى إستقلال القضاء بكل درجاته عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكن أيضا فى وجود حرية إعلام وشفافية يستطيع بها أى مظلوم أن يرفع صوته فسرعان ما يصل صوته إلى الجميع ويجد من يناصره من الأفراد والجمعيات والمنظمات.

ثانيا

1 ـ مصر لا ينقصها الكفاءات القانونية ، فهى رائدة النهضة القانونية و التشريعية فى أفريقيا و العالم العربى والاسلامى ، وهى لا تزال ـ حتى الآن ـ عامرة بشيوخ قضاء وفقهاء قانون على أعلى مستوى من النزاهة والنقاء.
وحتى فى الشرطة فهى لا تخلو من ضباط أبناء عائلات محترمة وعلى خلق قويم، تربواعلى الشهامة ، وعرفوا أن واجبهم هو نفس واجب الضابط الأمريكى ليس فى التسلط على الشعب ولكن فى أن ( يخدم ويحمى ).وقد كان هناك شعار قديم يقول ( الشرطة فى خدمة الشعب ).ولا يزال من أجهزة الشرطة قطاعات واجبها الخدمة فقط ، مثل المطافىء والنجدة والمرور والأحوال المدنية والجوازات ...

2 ـ هذه الملامح الإيجابية فى القضاء والشرطة كانت واضحة قبل حكم العسكر عام 1952 .
جاء العسكر فوجهوا أول ضربة للقضاء المصرى متمثلا فى الإعتداء على السنهورى باشا ووجهوا الضربة الاخرى للدستور فتعطل وبدأ حكم الطغيان والطوارىء وانتهى حكم القانون .
حكم العسكر صراحة فى عهد عبدالناصر،ففتح السجن الحربى أبوابه للمدنيين تعذيبا وسحلا ، ثم اكتسب العسكر الحنكة فى الشر بأن ترك الجيش تلك المهمة القذرة للبوليس فتأسست فى مصر الدولة البوليسية لتحمى الطاغية العسكرى ، يقودها جهاز مباحث أمن الدولة بمعاونة فرق مسلحة من الجيش (الأمن المركزى ). وبهذا البوليس (السياسى) وقبضة الأمن المركزى تحولت مصر الى سجن كبير ، وتعززت قبضة أمن الدولة على عنق الشعب، بينما إبتعدت بقية فرق الجيش ومؤسساته لمراقبة الموقف عن كثب ، بحيث لا يتدخل إلا عند عجز البوليس بإجهزته وجيشه. تأكّد هذا الوضع بوصول مبارك الحكم عام 1981،وازداد الحال سوءا مع كل يوم يمر عليه فى السلطة .

3 ـ ترتب على ذلك عدة نتائج سامة أهمها :-

*ــ إنهيار مستمر فى مستوى الكفاءة والنزاهة فى القضاء والشرطة ، وشيوع الفساد فى هذين الجهازين بحيث أصبح النزيه منهم كالقابض على الجمر .
*ــ شيوع ثقافة التعذيب وترسخها لدى القائمين على الشرطة إلى الحد الذى أضاع دور الشرطى فى حماية المواطنين وأضاع إحترافه فى التحرى وكشف الجريمة.
لم يصبح دور الشرطى خدمة الشعب ، فكيف يخدم ضابط الشرطة فردا من الشعب بإستطاعته أن يقبض عليه وأن يعذبه وأن يهينه متى وكيفما يشاء . ولم يصبح مطلوبا من الضابط أن يرهق نفسه فى العثور على المجرم الحقيقى ، وفى البحث عن أدلة الأجرام ، إذ يكفيه أن يقبض على أى شخص وأن يقوم ( بتضييق الخناق عليه ) ، أى تعذيبه فيعترف المسكين بكل شىء وأى شىء فيعترف بأنه هو الذى قتل قيصر وعمر بن الخطاب وكيندى والسادات وبنازير بوتو ... ثم تتولى النيابة أمره ويتوقف مصيره حسب الظروف .
أصبح من الوقوع فى المهالك أن يذهب المظلوم الضحية المجنى عليه إلى قسم البوليس ليشكو ، فربما يكون الجانى وثيق العلاقة بالباشا فى قسم البوليس فيصبح المجنى عليه جانيا ، ويضطر تحت التعذيب الى الاعتراف بأنه الذى قتل وسرق و اغتصب وتاجر فى المخدرات .
وفى كل الأحوال فإن الضابط لن يكلف نفسه التحرك من أجل هذا المواطن الذى يستطيع تعليقه وتعذيبه متى وكيفما شاء ، يتحرك الضابط فقط إذا كانت له مصلحه ، وعندما تكون له مصلحه فلا يهم هنا إذا كان الشاكى ظالما أم مظلوما ، وبالتالى أصبحت الشرطة ليست فى خدمة الشعب بل فى تعذيب الشعب وقهر الشعب ، وأن تقتصر على خدمة الأغنياء أصحاب النفوذ فقط من الشعب ، وليس أمام الفقير المظلوم إلا الابتعاد عن قسم البوليس والرضى بالظلم والدعاء – سرا – على الظالمين .

4 ــ مقابل هذا الفساد والأنهيار فى الأمن الجنائى لأكثر من سبعين مليون مصرى فقد تركز الإهتمام بالأمن السياسى لشخص واحد و الرئيس وأتباعه .
فى سبيل حمايته يصطف الجيش والمخابرات وكل موظفى الدولة والحكومة من حملة السلاح والأقلام وترزية القوانيين والمصفقين فى مجلس الشعب وخارجة ...
وفى سبيل حمايته أصبح الشعب عاريا من الحماية ، بل تتوجه إلى صدور الشعب العارى أسلحة الجيش والشرطة لكى يبقى الرئيس خالدا مخلدا فى الحكم...
ولكن كرسى الرئاسة لو دام للسادات ما وصل إلى حسنى مبارك ، وكل يوم يمضى يقترب بالرئيس مبارك إلى الموت ، ولن تستطيع كل جيوش العالم أن تحمى الرئيس مبارك من الموت الزاحف إليه بسرعة 24 ساعة فى اليوم .
وعندما يموت مبارك لن يجد دموعا تحزن عليه فقد استنفذ الشعب كل الدموع حزنا على ضحايا حسنى مبارك ، فلا يكاد يوجد بيت مصرى إلا وفيه فرد أو أكثر تعرض للاهانة والضرب أوالسرقة والنهب أوالاغتصاب والظلم من شرطة مبارك وجيش مبارك ونظام مبارك . وقد جفت دموع كل أسرة مصرية على ضحاياها الذين سقطوا فريسة لمبارك وأجهزة مبارك.
مبارك إحتكر لنفسه ولأتباعه كل الأمن وكل الثروة وكل السلطة ، وحتى يحتفظ بكل ذلك الى آخر لحظة فى حياته سلط قواته المسلحة والمشلحة على الشعب قهرا وإذلالا وتعذيبا واغتصابا. فكيف سيذرف الشعب عليه دمعة واحدة ؟ .
هانت .. فالحمد لله تعالى فإن ما بقى من عمر مبارك أقل كثيرا مما مضى ،فقد بلغ مبارك أرذل العمر ..والجميع فى مصر يترقبون موته ، ليس مهما عندهم ما سيحدث لهم بعده،فكل شىء يهون مقابل أن يختفى الى الأبد. الى هذه الدرجة بلغت كراهية الشعب المصرى له ، وهو يعلم هذا ، و الشعب يعلم هذا. وكل منهما يتربص بالآخر.. والموت هو القول الفصل .
وهناك أكثر من سبعين مليون مصرى يعيشون كل يوم على أمل وصول مبارك الى لحظة الموت لتنطلق مظاهراتهم تحيى الموت وتهتف (يحيا الموت ) ..

5 ـ ما أروع الموت !!
إنه اللاعب الأكبر فى حياة الشعوب العاجزة عن مواجهة الطغاة ، يقوم الموت بالنيابة عن تلك الشعوب المقهورة بعملية تبادل السلطة فيموت الطاغية ليتولى بعده آخر فيقف له الموت متحفزا . ويحاول الطغاة الهرب من الموت الحتمى بلا جدوى . فليس الموت شيبا فى شعر الرأس يستطيع الطاغية إزالته بالصبغة السوداء ، وليس تجاعيد فى الوجه يمكن مدارتها بالماكياج والمساحيق.
إن حاول الطاغية الفرار من الموت فسيدركه الموت من خلفه:(أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) ( النساء 78 ) ، وأن حاول الطاغية الهرب من الموت فسيجد الموت أمامه يقابله (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) ( الجمعة 8 ). لن يستطيع انسان الفرار من الموت فالموت خلفه وامامه ،أى إن الموت فى داخله لا يستطيع منه هربا ،فكيف إذا بلغ ـ فعلا ـ أرذل العمر ؟
وعندما يأتى الموت الى مبارك فلن ينفعه طنطاوى ولا طنطاوى ، لن يستطيع وزير الحربية المشير طنطاوى إنقاذه ، ولن يستطيع شيخ الأزهر الشيخ طنطاوى الشفاعة فيه ..!!

6 ـ جميع الشعوب العربية المقهورة العاجزة تقف فى طابور أمام شباك الموت فى انتظار أن يحل الموت مشكلتها مع الطاغية المتحكم فيها القابض على انفاسها ، وإن آجلا أو عاجلا ستأتى لحظة الاحتضار لكل واحد من الظالمين والفجّار ، وعندها لا فرار ولا مهرب ولا أعذار ، يقول الله جل وعلا : (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) ( الأنعام 93 ـ )

7 ـ ودائما ـ وأبدا ـ صدق الله العظيم





اجمالي القراءات 16007

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (7)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ٢٥ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33422]

اللهم أرنا فيهم يوماً كيوم فرعون وملأه .

اللهم أرنا فيهم يوماً كيوم (فرعون وهامان وقارون) وملئهم ،وشتت شملهم ،وأرسل على (مبارك وأهله وملأه) الدم والقمل كما أرسلتهم على فرعون وملأه .


اللهم لا تمت (طنطاوى) شيخ الأزهر حتى يقول كما قال قارون عند ذهاب عقله (لا مساس) وحتى يفقد عقله وتحكمه فى جسمه ،وحتى يصبح جيفة نتنة لا يُقبل عليه أحد ،ولا يقبل به أحدا ، (يا ربنا  يا سميع يا مجيب الدعوات).


2   تعليق بواسطة   خالد حسن     في   الأحد ٢٥ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33431]

السلام عليكم

شكرا دكتور على هذا المقال الرائع واني لأرجو الله أن نكون نحن من نحل مشاكلنا بيدنا بأسرع وقت ممكن يا الله


3   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الأحد ٢٥ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33439]

حتى لا يكون الموت ..

حتى لا يكون الموت هو العلاج الوحيد للمشاكل لابد أن نصل لدرجة الفاعل وليس المفعول به ، لابد من المطالبة بالحقوق ،والإصرار على ذلك ، لابد من جعل الإصلاح السياسي في كل الأنظمة المستبدة الهدف الأول لكل المثقفين والمصلحين . وأوافق الدكتور أحمد أنه لا يخلو مجتمع مهما كان من وجود نخبة في كل المجالات تستطيع أن تكون القاطرة .


4   تعليق بواسطة   سوسن طاهر     في   الإثنين ٢٦ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33443]

الأقوال والأفعال ..

من يعيش في الغرب يجد أنهم يجيدون الفعل أكثر من أجادتهم للقول ، ولهذ فليس من المستغرب أن نجد عندهم كل هذا الإهتمام بحقوق المواطنين ، أما في الدول العربية والإسلامية فالوضع مختلف تجد أن جهاز الشرطة المنوط به خدمة الشعب تراه تحول إلى جهاز تعذيب الشعب وسحله ، وحتى الإسلام لم يسلم من هذا، فنجد مثلاأن سماحة الإسلام وعدله تحولت على أيديهم إلى تطرف وقتل وتعصب وإرهاب .


5   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الإثنين ٢٦ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33489]

قصة تأكيداً لكلام الدكتور

حدثني أحد المسؤولين الكبار والذي أحيل على التقاعد .أن زوجة رئيس المخابرات في دولة عربية شمولية ,طلبت من زوجها إحضار طبيب الاطفال الفلاني المشهور بعلمه لمعاينة ابنتهما الصغيرة ,والتي كانت تعاني من بعض المشاكل الصحية. رئيس المخابرات أعطى تعليماته بإحضار الطبيب لضابط المرافقة.وبعد يومين استغربت الزوجة تصرف زوجها وعدم  مبالاته ,كونه نسي موضوع  طبيب الاطفال.وسالته يازوجي العزيز ألا تهمك صحة ابنتا؟ .استغرب رئيس المخابرات سؤال زوجته ,واستغرب عدم حضور الطبيب. فوراً اتصل بالضابط المسؤول عن ابلاغ الطبيب الحضور لمعاينة الصغيرة.وكان دهشته كبيرة عندما أعلمه الضابط: ياسيدي أحضرناه منذ يومين ...واليوم فقط اعترف ,بأنه من المعارضة .كاد رئيس المخابرات أن يُصعق.فوراً طلب أحضار الطبيب الى مكتبه. الطبيب المسكين دخل المكتب وأثار التعذيب على وجهه  وعلى جسده,وبالكاد كان قادراً على الوقوف على قدميه.دخل وهو يرتجف لأنه لايعرف ماذا سُيفعل به بعد  يومين من تعذيب جسدي ونفسي جعله يعترف بما كانوا مصرين على اتهامه به بأنه عميل ومعارض وما شابه ذلك.... اعتذر منه رئيس المخابرات بقوله: لاتوجد مشكلة حدث سوء تفاهم فقط ...تستطيع الانصراف.(أنا واثق أن الطبيب قال في نفسه.الحمد لله انتهت على هذا الحال. وابتسم في وجه رئيس المخابرات.شكره على كرمه.وخرج وهو يحمد الله على السلامة.)


 هذه صورة يادكتور أحمد بسيطة جداً لاحترام المواطن في عالمنا.كل مواطن متهم حتى ولو كان بريئاً.زبانية فرعون في الانظمة الشمولية ,هم أقسى على المواطن من فرعون نفسه.ولا أدري ما هو سر هذه القلوب الحاقدة على أبناء بلدها. السجون و التعذيب صار لهما في  ثقافتنا أدباً مخصصاً  اسمه أدب السجون.اشكرك على هذه المقالة .واحب أن أؤكد لك أن موت طاغية ,سيولد مئة طاغية .المهم أن ترفض الشعوب الطغاة.لكن مجتمع القطيع الذي ذكرته في مقالتك السابقة إذا لم يتغير وتتغير ثقافته...فلا أمل.


6   تعليق بواسطة   شريف هادي     في   الثلاثاء ٢٧ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33497]

الشرطة في خدم الشعب

كان هذا هو شعار الشرطة في الأيام الخوالي عندما كان الأمن الجنائي أسبق من الأمن السياسي ، ولكن تفتق زهن بعض المجرمين في حق الشعب على تغيير هذا الشعار ليصبح (الشرطة والشعب في خدمة سيادة القانون) وهذا الشعار يجسد وبحق معاناة الشعب المصري وكل الشعوب المقهورة بالأنظمة الديكتاتورية ، لأنه أفترض أن سيادة القانون لها شخصية إعتبارية مستقلة عن شخصية أفراد الشعب ،كما أفترض تميز الشرطة أمام هذه الشخصية عن بقية الشعب رغم أن الشرطة حتما من الشعب ، وهنا تبلورت ثلاثة شخصيات إعتبارية الأولى (سيادة القانون) وهي شخصية مخدومة قاهرة ، والثانية (الشرطة) وهي شخصية خادمة تنفيذية ، وثالثا (الشعب) وهي أيضا شخصية خادمة منفذ فيها (مقهورة) ، فأي إذلال وقد غاب عن هذا المجرم الذي جعل هذا الشعار (حق) وهو باطل يراد به باطل ، فالقانون يسنه الشعب بمعرفة ممثليه والقانون في خدمة الشعب فلو تم إقرار قانون ووجد بعد تنفيذه أنه لا يتفق ورغبات الشعب فإن الشعب يحكم على هذا القانون بالموت بمعرفة نوابه الذين يجب عليهم أن ينبروا لإلغاء هذا القانون وإحلال غيره محله ، فكيف يكون الشعب (خادما) للقانون الذي هو مصدره؟ إلا أن يكون ذلك توطئة للديكتاتورية وحكم الشرطة (الحكم البوليسي) ، فيكون للرمز شخصية إعتبارية قاهرة ويكون الشعب هو المقهور ، ويصبح جهاز الشرطة بشخصيات أفراده الطبيعية الممثل العام لشخصية سيادة القانون ، فيصبح هو القانون والجلاد معا ، وتصبح السلطة القضائية ديكورا مفرغا من محتواه بعد أن سبقها وتلاها (البوليس) الذي هو هو نفسه سيادة القانون وهو هو نفسه السلطة التنفيذية.

أخي الدكتور أحمد أشكركم على مقالة معبرة ، وقد كتب مثلها أستاذنا الدكتور يحي الجمل منذ أكثر من ثمان سنوات ، وقد راودت أفكارها الكثير من رجال القضاء المحترمين ولكن ماذا يجب علينا أن نفعل؟ هذا هو السؤال ، فهل لديك الإجابة.


7   تعليق بواسطة   علي صاقصلي     في   الثلاثاء ٢٧ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[33505]

نفس المقال مع تغيير مبارك بامريكا

جربوا تغيير اسم مبارك في المقالة بامريكا فستجدون مقالا جميلا ومعقولا من ناحية ان امريكا تستعبد العالم وتحاكم من تشاء ولا احد يحاكمها وكل العالم ينتظر نهايتها ولن يبكي عليها احد وتصدر القوانين التي تخدم مصلحتها هي واصدقائها ولا تنظر الى البلدان الفقيرة الى غير ذلك . جربوا تبديل مبارك او اي طاغي بامريكا والشعب المصري بدول العالم الثالث وشلة الريس بالبلدان الغربية .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4980
اجمالي القراءات : 53,338,251
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي