بيزنس العائلات يمنع إلغاء نظام الكفيل فى الخليج

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٠ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: اليوم السابع


22 ألف جنيه ثمن العبودية فى الكويت و 15 ألفا فى قطر
بيزنس العائلات يمنع إلغاء نظام الكفيل فى الخليج
الخميس، 14 مايو 2009 - 21:50



كتب عبدالحفيظ سعد وعمرو جاد


جاء إعلان دولة البحرين الأخير بإلغاء نظام الكفيل بمثابة بارقة أمل لأكثر من 2.5 مليون مصرى من العاملين فى الخليج، فربما يحرك هذا القرار مياها راكدة فى دول الخليج الأخرى التى تتبع نظاما لجلب العمالة لديها لا يوجد له وصف سوى أنه النسخة المعدلة لنظام العبودية، بعد أن تحول سوق العمل إلى مافيا تسيطر عليها شركات فى كل دول الخليج بداية من السعودية والكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين، وبعد أن أخذت اسم «الاتجار فى البشر» وهو مفهوم وضعته الخارجية الأمريكية عام 2007 عندما وصفت أى نشاط فى سوق العمل يقوم على احتجاز العمال فى بلد من أجل إجبارهم على العمل عن طريق مصادرة وثائق سفرهم، وجوازات سفرهم، أو بطاقات هويتهم وتذاكر الطيران، بأنه ما هو إلا صورة من صور الاتجار فى البشر.

الغريب أن عملية التجارة فى البشر فى الخليج تتم بتنظيم حكومى وقوانين تنظم العمل به رغم أنه يخالف الدين والقانون، وهو ما توصلت إليه دراسة أجريت عن نظام الكفيل فى السعودية قام بها بندر حجار، رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وأكد فيها أن نظام الكفيل يخالف نصوص الشريعة التى تتمسك دول الخليج بتطبيقها، كما أنه مخالف للمواثيق الدولية ويسبب إزعاجا وانتقاد دائم لها.

والعمل بنظام الكفيل بدأ منذ الستينيات من القرن الماضى عندما بدأت حاجة دول الخليج للعمالة الخارجية بعد اكتشاف البترول لديها، ويكشف د. أحمد البرعى، رئيس قسم التشريعات الاجتماعية بحقوق القاهرة عن هذا النظام قائلاً: إنه نظام لا يوجد له مثيل فى باقى دول العالم وتم نقله عن الحياة القبلية، وكان أى غريب يدخل القبيلة لابد من وجود شخص يكفله فيها، ولكن نظام الكفيل الآن أضيفت له قواعد جديدة، مثل عدم السماح للعامل بالسفر والتنقل بدون موافقة الكفيل الذى له الحق فى الاحتفاظ بجواز سفر العامل، الذى لا يستطيع العمل فى مكان آخر أو يغير كفالته إلا بموافقة صاحب العمل، وأشار د. أحمد البرعى إلى أن ما فعلته البحرين ليس إلغاء نظام الكفيل بالكامل، بل كل ما حدث أنها سمحت للعامل فقط بتغيير صاحب العمل أو ينتقل لكفيل آخر.. ولكن الخطوة جيدة خاصة أن دول الخليج لن تلغى هذا النظام بشكل كامل، وهناك اتجاه فى بعض دول الخليج خاصة السعودية لإنشاء وزارة تتولى استقدام عمال وموظفين أجانب حسب طبيعة سوق العمل حتى توقف استغلال بعض الأفراد للاتجار واستغلال نظام الكفيل.

غير أن إنشاء وزارة لاستقدام العمالة ربما يصطدم بمصالح بعض الأفراد والعائلات فى دول الخليج، خاصة أن نظام الكفيل أدى إلى وجود أصحاب مصالح خاصة من استمرار ذلك النظام بعد أن أصبح سوقا كبيرة وتجارة تدر أرباحاً طائلة.ففى دول الخليج هناك أسعار محددة لاستخراج الكفالة أو الإقامة للعامل الأجنبى، ومتوسط ثمن الإقامة فى الكويت للعامل المصرى تصل إلى 22 ألف جنيه، بينما فى السعودية تصل إلى 15 ألف جنيه ومتوسط نفس الرقم فى قطر وكذلك فى الإمارات، بينما تقل الأسعار إلى عشرة آلاف جنيه فى البحرين.. ونجد أن بعض الكفلاء يحصلون على نسبة معينة من أجر العامل تصل إلى 10 % من هذا الأجر.

والأرقام الأخيرة لأسعار الحصول على إقامة أو ثمن للكفيل تكشف أن النظام تحول لشكل جديد من العبودية، وهى العبودية المشتراة وهى عملية لا تتم بشكل سرى، بل هناك المئات من شركات إلحاق العمالة فى الخارج تتولى عملية التوظيف وهى منتشرة فى مصر.

والاتهام موجه أيضاً للدول التى تأتى منها غالبية العمالة بعدم ممارسة ضغوط لحماية مواطنيها، رغم أن أموال هذه العمالة من أهم مصادر الدخل لبلدانهم سواء كان الحال فى مصر أو دول أخرى مثل الهند أو الفلبين وباكستان.. ولذلك لا تجد تحركاً دبلوماسياً أو قانونياً للضغط على دول الخليج لحماية العمال.. اللهم إلا مساعى تقوم بها عدد من المنظمات الحقوقية.

ورغم أن قضية الكفيل تعد مشكلة عمالية فإننا لا نجد تحركاً من المؤسسات العمالية فى مصر فى اتجاه حماية حقوق العمال، خاصة أن العمالة الخارجية تعتمد عليها اقتصاديات العديد من القرى والمدن فى صعيد مصر والدلتا.. نجد أن اتحاد عمال مصر لا يقدم سوى ورقة واحدة يلعب بها فى هذا الأمر ويسميها «الضغط» كما يقول عبدالمنعم الغزالى، نائب رئيس الاتحاد والذى أكد أن قوانين تلك الدول تقف عائقاً أمام أى محاولة لاتخاذ إجراء قانونى أو قضائى لإلغاء نظام الكفيل.

وعلى الرغم من اعترافه بأن هذا النظام هو بمثابة «تجارة رقيق» فإن اتحاد العمال المصرى اكتفى بالتنديد بنظام الكفيل، ولم يستغل الاتحاد كونه غير حكومى ليقفز فوق مخاوف حدوث الأزمات السياسية بين مصر وتلك الدول التى تطبق هذا النظام، وتحجج بعدم وجود تنظيمات نقابية فى هذه الدول، ومن ثم لا يجد حلاً سوى الاستنكار، وهو الأمر الذى نفاه الغزالى موضحاً أنه كانت هناك عقبة قانونية أخرى تقف فى وجه المطالبة بإلغاء نظام الكفيل، وهى أنه فى السابق حتى وفى وجود تنظيمات نقابية بهذه البلدان فإن قانونها يمنع تسجيل العمال من غير حاملى جنسيتها.

ولكن يبدو أن التناقضات لا تنتهى فى حديث الاتحاد عن العمال، فعبدالمنعم الغزالى قال إنه منذ صدور الإعلان العالمى للعمال عام 1999 أنهى هذه المشكلة، فسألناه إذا ما كانت 10 سنوات من الضغط لا تكفى لإنهاء نظام الكفيل؟ أكد الغزالى أن بعضاً من الدول قد أبدت مرونة فى تناول المشكلة والبعض الآخر رفض الطرح من أساسه، مضيفاً أن هناك بارقة أمل بأن السعودية بدأت فى تأسيس نظام نقابى تمهيداً لإيجاد حلول لمشكلة الكفيل.

والكلام هنا عن الأمل فى إنهاء نظام الكفيل دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك سيدخل فى قائمة المؤجلات من أحلام المصريين، فالإحراج الذى تسبب فيه قرار البحرين قد لا يصمد أمام العناد القبلى الذى يحكم عقل الكفيل.

لمعلوماتك...
◄200 ألف ومليون عدد المصريين العاملين بالسعودية، وتأتى الكويت فى المرتبة الثانية بـ 250 ألفا، والبحرين 50 ألفا.

اجمالي القراءات 4127
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق