تنظيم الدولة» و«طالبان»: من سينتصر في معركة أرض الجبال؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


تنظيم الدولة» و«طالبان»: من سينتصر في معركة أرض الجبال؟

بينما تعلن وسائل الإعلام عن انتهاء تواجد «تنظيم الدولة» في مناطق عدة، يظهر احتدام نوعي للصراع بين هذا التنظيم وأطراف آخرى على الأرض الأفغانية. حتى سجلت الأيام الماضية سقوط عشرات الضحايا من المدنيين بسبب الصراع المسلح بين الجماعتين المتخاصمتين حركة «طالبان» وفرع «تنظيم الدولة» المسمى «ولاية خراسان»، فيما يتداخل في هذا الصراع عسكريًا وسياسيًا كل من واشنطن وموسكو وطهران.

تفاقم الصراع المسلح بين «طالبان» و«تنظيم الدولة»

على مشارف الجبل الأبيض في المناطق الجبلية بإقليم ننجرهار الأفغانستاني، تفاقم قبل أيام الصراع المسلح بين كلٍّ من حركة «طالبان» وفرع «تنظيم الدولة» المسمى بـ«ولاية خراسان». «ولاية خراسان» هي من بادر بالهجوم بغية السيطرة على المنطقة الاستراتيجية القريبة من الجبل الأبيض، وقد استخدم المقاتلون من الطرفين أسلحة ثقيلة وخفيفة بعد تزويدهم بتعزيزات من المناطق المجاورة، تسبب هذا الصراع في مقتل العشرات، جلهم من المدنيين الذين تم تهجير عائلاتهم من منطقة سبري وتنكي ووزير، نزوحًا نحو منطقة بهسود وجمتله ومدينة جلال آباد، عاصمة إقليم ننجرهار.

مسلحو تنظيم الدولة في أفغانستان (المصدر : روسيا اليوم)

وفي وقت تؤكد قبائل المنطقة أن الحكومة تركت المدنيين ليكونوا ضحية للحرب بين الطرفين، نفى الناطق باسم الحكومة المحلية بإقليم ننجرهار، عطاء الله خوجياني ذلك، وقال: إنّ «حاكم الإقليم أمر بنقل التعزيزات العسكرية ومساعدة النازحين، وقد تحركت عشرات الحافلات باتجاه المنطقة لنقل المحاصرين إلى مناطق آمنة».

لم تكن الأحداث إلا الحلقة الأحدث في سلسلة الصراع بين الجماعتين المسلحتين، فعلى سبيل المثال تمكنت «ولاية خراسان» في منتصف يونيو (حزيران) 2017، وبعد قتال استمر أيامًا مع طالبان من نزع معقل في «تورا بورا»، تلك المنطقة الجبلية  التي اشتهرت باعتبارها معقلًا تحصن به الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة  «أسامة بن لادن» في أواخر عام 2001.

عناصر مسلحة خارج مدينة قندهار الأفغانية (المصدر: الشرق الأوسط)

هذه الحادثة تظهر تفاقم مطامع «تنظيم الدولة» في العمل على مدّ نفوذه إلى مناطق جديدة في أفغانستان، وتجنيد مقاتلين جدد وتوسيع نطاق عملياته، فأفغانستان تلك الوجهة المضطربة مفضّلة لدي التنظيم، حيث يتمكّن بسهولة من التغلغل وسط صراع دامي بين حركة طالبان، وبين الحكومة الأفغانية والمتحالفين معها، وتكثِّف الآن «ولاية خراسان» التي هي أحدث أفرع «تنظيم الدولة» خارج العراق وسوريا، الصراع لتوسيع النفوذ في شرق أفغانستان ومناطق من باكستان على الحدود بين البلدين.

كما تتواجد في ما يعرف بـ «المفارز الأمنية» التي يعتمد عليها التنظيم في المدن التي لا يتمتع فيها بنفوذ واسع، وتمتد الولاية في أربع مقاطعات بأفغانستان، وهي (كوت وأشين وده بالا، وتشابرهار)، ولا تخلو مناطق داخل كابل وجلال آباد من وجود خلايا لتنظيم، ويواصل «ولاية خراسان» العمل على عدة جبهات، فقد وقف التنظيم وراء الهجوم على ضريح صوفي في باكستان قتل فيه 90 شخصًا، وقتل التنظيم ستة من العاملين في مجال الإغاثة في شمال البلاد بعيدًا عن معقلهم في شرق أفغانستان.

لماذا لا يمكن تحالف طالبان مع تنظيم الدولة؟

تمتلك حركة طالبان التي ظهرت في 1994 قوة قتالية هائلة في أفغانستان، ولذلك كان وما يزال يُعتقد أنه لا سلام يمكن أن يتحقق في هذا البلد دون تفاوض واتفاق بين حكومة كابل وطالبان. فعليًا، وبالرغم من فشل محاولات التفاهم السابقة، جدد الرئيس الأفغاني «أشرف غني» في أغسطس (آب) الماضي الدعوة لقادة طالبان إلى الانضمام لـ«محادثات السلام» ومن ثم المشاركة في العملية السياسية، ومع ذلك لم تتردد السلطات الأفغانية باتهام حركة «طالبان» و«ولاية خراسان» بالتحالف في قتل أكثر من 50 مدنيًا في العملية التي وقعت شمال أفغانستان، وتحديدًا في قرية ميرزا أولونغ، إلا أن طالبان التي تعتبر قوة معادية لتنظيم الدولة نفت بشدة هذا الاتهام، وقالت: إن «هذه المزاعم تهدف إلى تشويه سمعتها».

يمكنا إرجاع سبب الاتهام الحكومي الأفغاني إلى قضية تغير الولاء بين المقاتلين في أفغانستان؛ إذ يضم فرع «تنظيم الدولة» مجموعة من الأعضاء السابقين في طالبان، يقول حاكم إقليم ساريبول في شمال أفغانستان، محمد زاهر وحدت: «أحيانًا يهرب قادة طالبان إلى (داعش) وأحيانًا يحدث العكس، الوضع في غاية الغموض، وحتى داخل التنظيم نفسه يحدث خلاف على إعلان المسؤولية؛ فقد قالت وكالة (أعماق) الإخبارية المرتبطة بالتنظيم في الشرق الأوسط: إن التنظيم مسؤول عن تفجير الضريح، لكن أبا عمر الخراساني، أحد قيادات الفرع الأفغاني والمتحدث باسمه، نفى ذلك».

وقد حرصت «طالبان» منذ بداية ظهور «تنظيم الدولة» على إظهار عدائها للتنظيم، وحذرته بداية من أي محاولة للتمدد، فكتب مساعد زعيم حركة طالبان «محمد منصور» رسالة قال فيها: «يجب خوض الجهاد ضد الأمريكيين وحلفائهم تحت راية واحدة، سنتصدر ضد القوات الغربية وحلفائها في أفغانستان».

عناصر من طالبان خارج مدينة قندهار الأفغانية (المصدر: الشرق الأوسط)

لكن هل سيتمكن التنظيم من التمدد على حساب وجود حركة «طالبان» في أفغانستان، يجيب الكاتب والخبير في الحركات الإسلامية صلاح الجورشي بالقول: «سيكون من الصعب حدوث ذلك، فطالبان هم أبناء البلد وهم الأقدم على الأرض، وعاجلًا أم آجلًا سيطردون داعش وأيًا من التنظيمات الغريبة عن الأرض الأفغانية»، مضيفًا لـ«عربي 21»: «فطالبان استطاعت أن تصمد أمام خصومها الأفغان والولايات المتحدة الأمريكية خلال سنوات عديدة من حرب الاستنزاف».

كما أن فرع «تنظيم الدولة» في أفغانستان لا يقدم أي تنازلات للسكان المحليين، ويتعامل بوحشية قصوى، ويتجاهل قضايا عدة تهم المجتمع الأفغاني، وهو ما دفع زعيم قبلي مشهور،يدعى أمان خيري، للقول: «المنطقة بنفسها ستقف في وجه هجوم داعش».

واشنطن تبقي لمواجهة طالبان وإيران من جهة و«داعش» من جهة أخرى

أزاح صعود فرع «تنظيم الدولة» في أفغانستان التخوف الأمريكي من حركة «طالبان» إلى درجة ثانية، فقد زاد التنظيم من حجم التحدي لدي القوات الأمريكية التي تتواجد في أفغانستان منذ 15 عامًا. فبينما الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» يدرس حجم القوات الأمريكية التي سيبقيها في أفغانستان بعد قرار البقاء، وجد أن عليه توجيه ضربات للفرع في أفغانستان، حيث قامت القوات الأمريكية بإلقاء أكبر القذائف التقليدية حجًما وأكثرها تكلفة على مواقع للتنظيم في أبريل (نيسان) الماضي، حسب مجلة نيوزويك الأمريكية.

بينما تؤكد صحيفة «إسرائيل اليوم» الإسرائيلية أنّ «الاستراتيجية الجديدة التي عرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تشمل نشر قوات أمريكية إضافية، لإقناع «طالبان» التي تسيطر على 40 % من أفغانستان المقسمة، بأنه لا يستطيع الانتصار في ميدان القتال، بقي أن نرى ما إذا كانت الاستراتيجية الجديدة ستشكل تحديًا، ليس فقط للسيطرة الجغرافية لطالبان، بل أيضًا لوجود داعش المتزايد في أفغانستان»، وقالت الصحيفة التي وصفت أفغانستان بأنها أرض خصبة لتمركز محتمل لنشطاء التنظيم الهاربين أنه «يمكن أن تتحول أفغانستان مرة أخرى إلى ملجأ آمن للتنظيم الذي لم يرتدع، بالرغم من تكبده خسائر كبيرة على يد طالبان، لكنه في السنة الأخيرة نفذ عددًا من العمليات الدموية ضد النظام في أفغانستان وضد مليشيات شيعية أيضًا».

القوات الأمريكية في أفغانستان

كما تواجه الولايات المتحدة تحدى آخر يتمثل في دعم «العدو اللدود» إيران لحركة طالبان، فقد زودت طهران عناصر طالبان بالأسلحة والمال والتدريب، الأمر الذي يعني مزيدًا من النفوذ الإيراني في أفغانستان، وتقوّيضًا لجهود الولايات والحكومة الأفغانية وقواتها الأمنية، إذ يعتقد أن إيران ليس من مصلحتها إنهاء الحرب الجارية في أفغانستان، أو حتى إنجاح الحوار بين الحكومة وطالبان، وهي تريد توريط أكثر لواشنطن في المستنقع الأفغاني، في مقابل ذلك تريد «طالبان» تمويلًا لإنقاذ مواردها المالية القليلة، لتظهر إيران كخير من يمول أنشطتها العسكرية للوقوف في وجه تنظيم الدولة والحكومة الأفغانية والولايات المتحدة.

وحسب تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الذي أكد أيضًا أن إيران «تقوم بمناورة جريئة لتشكيل أفغانستان جديدة لصالحها، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لإنهاء أطول حرب في تاريخها هناك، والتي كلفتها نصف تريليون دولار، وحياة أكثر من 150 ألف شخص من جميع الأطراف».

يقول الصحافي الأفغاني المختص بتغطية الحوادث الأمنية في غرب البلاد «غلام سخي وحدت»: «إن طهران سعت عبر وكلائها الأفغان على مدى السنوات الماضية لشراء ذمم قادة طالبان المحليين في هذه المناطق. وهي على اتصال مع هؤلاء، كما أن هناك تبادلًا للمعلومات بين الطرفين من أجل التصدي لظاهرة (داعش) والتنسيق في الشؤون الأمنية». وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يحدث ذلك بينما تزعم طهران أنها تدعم الحكومة الأفغانية الرسمية والشرعية في كابل، وأنها لن تجري حوارات مع جماعات خارجة على الحكومة مثل طالبان وغيرها».

النفوذ الروسي يدعم «طالبان» ويزعج واشنطن أيضًا

إنّ وجود مسلحي داعش في الولايات الشمالية من هذا البلد (أفغانستان) يهدد أمن المناطق الجنوبية لروسيا وأمن حلفاء موسكو في آسيا الوسطى. *جزء مما قاله المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا.

فبالرغم من أن المسؤولين الروس نفوا صحة تقارير أمريكية تتحدث عن إمداد موسكو لطالبان بالسلاح، إلا أن شواهد عدة تظهر حرص روسي على العمل مع الحركة، منها التخوف الروسي من تمدد فرع «تنظيم الدولة» في أفغانستان المستعد للضرب الداخل الروسي، وحرص روسيا وحلفاؤها على الظهور في ساحة ضعفت فيها الولايات المتحدة، كما أن روسيا التي تجاور أفغانستان معنية بتوسيع دائرة تحالفاتهم الإقليمية لمحاربة تنظيم الدولة، ويذكر موقع «دايلي بيست» الأمريكي، أن: «حركة طالبان تجري حاليًا اتصالات مع الدول المجاورة لها من دول «كومنولث الدول المستقلة»، أي دول آسيا الوسطى السوفياتية سابقًا، وحتى مع روسيا التي أخرجتها من أفغانستان عام 1989»، وحسب الموقع : «هذه الاتصالات لها علاقة بالجهود الروسية لمجابهة انتشار جماعات تتعهد بالولاء للتنظيم المتطرف».

ويرى الكاتب والأكاديمي الروسي «أرتيوم كالينوفسكي» أن «قرار موسكو التعاون مع طالبان هو شكل من أشكال ضمان لمآل الأمور في المستقبل، حيث يعتقد مسؤولون روس أنّ طالبان ستشارك، عاجلاً أم آجلاً، في الائتلاف الحاكم في أفغانستان أو حتّى أنها ستسيطر على كابول. وإذا كان الأمر على هذا المنوال، فمن الأفضل أن تربط موسكو علاقة جيدة بهذه الحركة منذ اليوم»، ويوضح في مقاله بـ«موسكو تايمز» الروسي: «عوامل مثل النفوذ الروسي في صفوف طالبان، وحضّ الحركة على المشاركة في محادثات السلام والانضمام إلى الحكومة بشروط مقبولة، تساهم في تخفيف سفك الدماء في أفغانستان، لكن تصريحات المسؤولين الأمريكيين الأخيرة توحي بأن النتيجة هذه مستبعدة، لذا فمن العسير توقع أن يؤدي دعم موسكو طالبان إلى شيء، غير صب الزيت على النار في هذه الحرب المستمرة».

اجمالي القراءات 3994
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   محمد يحيى محمد امين     في   الإثنين ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87312]

لن يحل السلام في هذه المنطقة الا بإستعمارها دوليا


في كل منطقة في هذا المكان جيش و تنظيم خاص يحصل على الدعم في تشكيل عصابة و مافيا لنشر الرعب بين المدنيين و السيطرة على موارد تلك المنطقة فتجد مثلا في أسرة واحدة يعمل فيه الأب مع الحكومة المركزية التي تمثل أمريكاوتجد الإبن يعمل مع طالبان والإبن الآخر يعمل لدى تنظيم مختلف وهكذا و كلهم يجتمعون في بيت واحد آخر اليوم . فنجد في العلن كل التنظيمات تقاتل فيما بينها و لكن في الخفاء تجدهم يمتلكون شركات و تجارات تدار فيما بينهم و ليس من مصلحة أي تنظيم سواء كانت التنظيمات القبلية مثل طالبان التي تمثل الأغلبية أو التنظيمات الأخرى أن ينتشر السلام في المنطقة لان هذا الأمن و السلام والقانون لا تدير عليهم الأموال بل يبدأ الناس في محاسبتهم عل جرائمهم التي يرتكبونها من سرقات .



لكي تجلب الأمن لهذه المنطقه يجب عليك التخلص من زعماء القبائل و أمراء الحروب و هذا مكلف جدا لأن معظمهم يمتلكون جيشا يخصهم ولكن للأسف لا يمكن أن يعم السلام في المنطقة الا بهزيمتهم جميعا من دون اشراك اي واحد منهم بل يجب محاسبة كل هؤلاء الخونه عن ما اقترفوه من جرائم بحق هؤلاء الناس .



وهذا شيء ليس بالمستحيل اذا كان المجتمع الدولي يريد ذلك و لكن كل يبحث عن مصلحته الشخصية .



فأغلب القيادات تدرك و تعرف جيدا قواعد اللعبة فأفغانستان بالنسبة لهم مكان عمل ولكن جميعهم يمتلكون جنسيا مختلفة و لديهم تجارات و عقارات بالملايين خارج أفغانستان وعائلاتهم تسكن في أمن وأمان و تدرس في أرقى المدارس والجامعات .



انها بيئة متكاملة لإنتاج كل شيء سيء ونشرها في كل أرجاء العالم فلذلك أمن العالم من أمن هذه المنطقة 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more