السياسة الاجتماعية وحماية أمن الوطن العربي:
السياسة الاجتماعية وحماية أمن الوطن العربي

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠٧ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الأهرام


السياسة الاجتماعية وحماية أمن الوطن العربي

السياسة الاجتماعية وحماية أمن الوطن العربي

 بقلم: ‏مرفت تلاوي الأمين التنفيذي لـاسكوا

قد يلاحظ أن معظم الانتقادات التي توجه الي بلدان المنطقة العربية وشعوبها تقع غالبيتها في إطار الجوانب الاجتماعية‏,‏ والسؤال يطرح نفسه‏:‏ لماذا؟ وما هي أسباب ذلك؟ هل لأن دول المنطقة تعطي اهتماما أكبر للجوانب الاقتصادية علي حساب الجوانب الاجتماعية خاصة انها ركزت جهودها علي بناء الحجر أكثر منه علي بناء الانسان؟ بالرغم من أن تاريخ الحضارة الإسلامية هو الشاهد الأكبر علي الاهتمام بالانسان والثقافة والفنون‏,‏ وان الإسلام وضع أسس السياسة الاجتماعية والعدالة الاجتماعية‏,‏ وبالرغم من ان المفكرين العرب‏,‏ وعلي رأسهم ابن خلدون‏,‏ هم أول من نادي بالعقد الاجتماعي‏,‏ وأن معظم البلدان العربية عمل علي تقديم الخدمات الاجتماعية كتأمين التعليم والخدمات الصحية وتوفير المسكن ـ وكلها تعتبر ضمن واجبات الدولة في كل الأحوال ـ فمازالت غالبية هذه البلدان تعاني عدم احترام قيمة الفرد كإنسان‏,‏ إلا انها لم توفر العدالة الاجتماعية وأسس التسامح ومبادئ حقوق الانسان بسبب عدم تحديد الحقوق والواجبات لكل طرف في غياب عقد اجتماعي يوضح العلاقة بين الدولة والمواطن‏,‏ كما تعاني بلدان المنطقة ضعف التنسيق بين الهيئات والوزارات المعنية بالقضايا الاجتماعية وضعف التعاون بين القطاعين الرسمي والأهلي وشرائح المجتمع المدني‏,‏ كل هذا أدي إلي مشاكل اجتماعية خطيرة كالبطالة والهجرة وعدم التسامح والتطرف وهي مشاكل سيطرت في غالب الأحيان علي الفئات المهمشة لغير الصالح العام‏.‏ ولابد من الإشارة هنا إلي أن معظم بلدان المنطقة لايميز بين الخدمات الاجتماعية والسياسية الاجتماعية المتكاملة‏.‏ إن وجود سياسة اجتماعية مدعومة بتشريعات قانونية واضحة تحمي الدولة من مخاطر جمة أهمها غياب الأمن والسلم الأهلي‏,‏ لذلك تسعي لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا اسكوا جاهدة إلي مساعدة بلدان المنطقة علي وضع سياسة اجتماعية متكاملة‏,‏ ركيزتها العدالة الاجتماعية والتسامح الديني والمساواة بين الأفراد‏,‏ وتقبل الاخر والحوار بدل العنف‏.‏ ومن أجل دعم مشروع السياسة الاجتماعية المتكاملة الذي أطلقته اسكوا في العام‏2001,‏ وبنائه علي أسس ملموسة‏,‏ وضعت دراسات معمقة لأسباب نجاح خمسة بلدان وتجاربها هي‏:‏ كوريا الجنوبية وماليزيا وتونس والنرويج وكندا‏,‏ كما قامت اسكوا ايضا بدراسة مقارنة لكل دولة عربية مع البلدان الخمسة كي يتسني للمشاركين من ساسيين ومفكرين في المؤتمرات الوطنية المعنية التي تنظمها‏,‏ التركيز علي النموذج الذي يتناسب مع خصوصية بلدانهم‏,‏ وقد توصلت اسكوا‏,‏ من خلال الدراسات التي قامت بها‏,‏ الي تحديد مبادئ أساسية يجب اعتمادها من أجل وضع سياسة اجتماعية متكاملة هي‏:‏ وجود رؤية والتزام سياسي‏,‏ واعتبار التنمية الاجتماعية ركنا أساسيا في تحديد السياسة العامة للدولة‏,‏ وتحديد المبادئ والقيم الاساسية التي تبني عليها السياسة الاجتماعية‏,‏ وتأمين التشريعات اللازمة‏,‏ ووضع سياسة اجتماعية تسد الثغرات الناتجة عن سياسات السوق والعولمة‏,‏ وتأمين المصادر المالية واستمرارها وتحديد الأولويات‏,‏ وتوفير الكوادر البشرية المدربة التي تؤمن كفاءة الإدارة العامة‏,‏ والتنسيق والتعاون بين الوزارات والهيئات المعنية‏,‏ واشراف مجلس الوزراء علي السياسة الاجتماعية وتنفيذها إن أهمية وضع سياسة اجتماعية متكاملة وتنفيذها علي صعيد الدولة‏,‏ تكمن في انها تبني السلام الوطني بكل أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وتساعد علي مواجهة أخطار تغلغل التطرف في ثنايا المجتمع وتفويض الدولة لصالح وأهداف فئات معينة كما تساعد علي مواجهة التحديات الخارجية الناتجة عن الاثار التي تحدثها العولمة‏,‏ فالسياسة الاجتماعية تبقي أيضا الاداة الأقوي في تثبيت السياسة الاقتصادية الصالحة للدولة وانجاحها‏,‏ وهذا ما لم ندركه بعد في المنطقة العربية‏.‏ إن البلدان العربية مطالبة أكثر من أي وقت مضي بالعودة الي القواعد الاجتماعية التي وضعها تاريخها الزاهر المستلهم من الشرائع السماوية والمبنية علي حقوق الانسان والعدالة والتسامح وتقبل الاخر والحوار‏.‏ وهذا يحتم مراجعة وافية للقوانين والتشريعات من أجل وضع سياسة اجتماعية تحمل في بعدها الاستراتيجي مبدأ حماية أمن الوطن العربي عن طريق إزالة الأسباب التي أدت الي التراجع الخطير الذي تعانيه شعوب المنطقة‏.‏ وفي هذا الإطار‏,‏ تعقد اسكوا ووزارة التضامن الاجتماعي المصرية المؤتمر الوطني للسياسة الاجتماعية المتكاملة في جمهورية مصر العربية‏,‏ اليوم وغدا‏,‏ ويأتي هذا المؤتمر بعد المؤتمر الوطني للسياسة الاجتماعية في مملكة البحرين الذي عقد في شهر ابريل من العام الماضي وضمن سلسلة من المؤتمرات التي تعتبر أساسا لمشروع اسكوا الهادف الي مساعدة البلدان العربية في وضع سياسة اجتماعية متكاملة‏,‏ وسوف يوفر مؤتمر القاهرة فرصة للمشاركين فيه لبلورة تصور عام حول السياسة الاجتماعية المتكاملة التي تتوافق مع الواقع المصري وتنسجم مع امكانيات وتطلعات المجتمع المصري بحيث يمكن تحديد الأولويات والتوجهات العامة لترسيم ادوار محددة لمختلف الشركاء والفرقاء في الشأن العام بما فيه المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالتنمية‏,‏ ويعول المؤتمر أهمية كبري علي الدعم الذي يجب ان توليه المؤسسات الإعلامية لقضية التنمية الاجتماعية إذ انه من الضروري اشراك الإعلام ليس في إبراز السياسات الاجتماعية فحسب بل في صياغة هذه السياسات وتطبيقها وفقا لاستراتيجيات إعلامية محددة‏

اجمالي القراءات 9688
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق