الإثنين ٠٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
عشنا زمنا في الريف المصري حيث كان يقال لفلان من الناس أنه " مرابع " ، كان وقتها مصطلحا سائدا يعني ذلك الفلاح الذي لا يملك إلا قوته وعافيته ، ويتفق مع مالك الأرض في أن يزرع أرضه ويستخدم الماشية في الري والحرث في خدمة الأرض ، وتلك الماشية يملكها مالك الأرض . وجرى العرف على أن للفلاح المزارع المرابع ربع المحصول ولمالك الماشية الربع نظير خدمتها وله أيضا نصف المحصول باعتباره مالك الأرض ، أي يحصل المالك على ثلاثة أرباع ولا يحصل الفلاح المزارع إلا على الربع مهما التصق بالأرض خدمة ورعاية ، ومن هنا حصل على لقب " مرابع " ، وحصل بالإضافة إلى هذا اللقب إلى معان أخرى تدور حول الخدمة وضعة الشأن والذل ، لأنه لا يملك إلا عافيته وهي إن كانت معه اليوم فستتركه اليوم أيضا بالمرض ، أو غدا بالشيخوخة والعجز ، وفي كل الأحوال فليس له مهرب إلا أن يلتصق بقشرة الأرض يخدمها ثم يتدثر بها حيا ومريضا وميتا ..!
كان العقد بين المالك والمرابع يتم " مقاولة " أي بمجرد القول دون كتابة وأشهاد ، ففي ذلك العقد كان الإقطاع هو النغمة السائدة ،وقد ألقى بظلاله الكثيفة الخانقة على شكل العلاقة بين المالك والذين يعملون معه أو عنده ، لا فرق ، فهو السيد لأنه مالك وهم أجراء وهو الذي يقدر قيمة الربع للمرابع كيف يشاء .
ثم جاءت رياح التغيير السياسي والتكنولوجي والاقتصادي فاختلفت الأوضاع والأحوال ، واختلفت معه لغة التفاوض والعقود ، فالفلاح الأجير أصبح في الأغلب مالكا والإقطاعي الذي كان يملك الأرض ومن عليها انتقل إلى صفحات التاريخ ، والفلاح " المرابع " الذي كان يحمد الله على نعمة الستر إذ وجد من يستره ويكفله ويجعله يعيش بين حظائر المواشي لم يعد موجودا إذ تعلم بعض أبناء الفلاحين المعدمين الأجراء وأصبحوا أطباء ومهندسين ومثقفين .
اختفى مصطلح المرابع ، وتحول إلى تراث وعشنا ازدهار هذا المصطلح ورأينا اندثاره في عصرنا ، عصر المقاولات في كل شئ في شركات الإسكان والفن وبقية المجالات .
والمقاولة في الأصل مفاوضة قولية بين طرفين متعاقدين وإن كانت تطلق اليوم على شركات البناء فإنها في الأصل تشمل كل مفاوضة في الاشتراك بين شخصين أو أكثر ويتم فيها التقاول والتفاوض .
والمصطلحات عموما كالكائنات الحية تنمو وتنتشر وتزدهر وتندثر، وتلك ابرز مشكلة تواجه باحثي الفقه والاقتصاد ، إذ أن الفقهاء نحتوا لهم مصطلحات من واقع عصرهم وعصرنا له مصطلحاته الاقتصادية التي تتفق مع ظروفه الاجتماعية والسياسية ، ومطلوب من باحثي فقه المعاملات الإسلامية أن لا يتوقفوا كثيرا عند المصطلحات بل يهتموا أساسا بالجوهر وهل يتفق ذلك المضمون والجوهر مع أشكال التعامل الاقتصادي في عصرنا أم لا ثم إننا في النهاية لسنا ملزمين بمصطلحات السابقين من الخيار والمساقاة وشركة العنان وشركة الأبدان وشركة الوجوه والجعالة والسلم والإقالة ....الخ ، ليس فقط لأن تلك مصطلحات السابقين وليست مصطلحاتنا ولكن أيضا لأن السابقين لم يلتزموا تماما بتلك المصطلحات فالمساقاة التي لها مدلول المزارعة في شرق البلاد الإسلامية لم تكن بنفس المفهوم عند أهل الغرب والأندلس والفقيه ابن الحاج المغربي في القرن الثامن الهجري كتب في الفروق بين مصطلحات الغراسة والفلاحة والمساقاة متأثرا ببيئته المغربية مخالفا بذلك ما سارت عليه مصطلحات الفقهاء في مصر وقتها ، ولم ينكر عليه أحد وما ينبغي ذلك .
ولقد عاد الإقطاع الذى ألغته ثورة يولية ، عاد أكثر شراسة مصطحبا معه الفساد و رأسمالية طفيلية غير منتجة ، وقوانين متناقضة معقدة تمنع كل شىء وتبيح كل شىء ، وتتغير فيها كل شىء ، دليلا على حافة الانهيار الذى وصلت له مصر فى عهد مبارك .
والاصلاح يبدأ بالاصلاح التشريعى فى الدستور و القانون ، ومن تفصيلاته الاصلاح الاقتصادى الذى يوائم بين الحرية والعدل ، وهو ما يبدو فى المنهج القرآنى .
وهذا موضوع شرحه يطول ، ولكن الى أن يحدث هذا فالمسألة عرض وطلب ، وأنت مرغم على التعامل مع الواقع والرضى به طالما تحتاج الى الوظيفة .
وعسى الله جل وعلا أن يجعل لك ولمصر بعد عسر يسرا.
المطلوب منك ومن أمثالك المتعلمين ان ينضموا للحركات الأحتجاجية التي تنادي بالإصلاح فهذا أضعف الإيمان ..
اضعف الإيمان ان يطالب المظلوم بحقه من الظالم ..
وهناك مشكلة أخرى هو في التثقيف في معرفة الحقوق والواجبات ..
لو عرف كلا منا حقوقه وواجباته وطالب بها لأنتهت المشكلة ولسوف ينتهيالفساد سريعا ..
المشكلة أن هناك وظائف أخرى تدخل فيها المحسوبيات والوسايط ويكون الراتب الذي يتقضاه الموظف فيه شبهة .
ويتعرض البعض منا إلى هذا القلق والريبة والشك في نسبة الحلال والحرام في الدخل وخاصة في هذا الزمن الذي تغيرت فيه الزمم والأخلاق ولم يعد هناك بحث وتدقيق وتحري للكسب الحلال من الحرام
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5239 |
اجمالي القراءات | : | 62,391,213 |
تعليقات له | : | 5,497 |
تعليقات عليه | : | 14,895 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
سؤالان : السؤا ل الأول هل هناك فرق بين ( عائل ) و ( عيلة ) (...
سبحان مجيب الدعاء: هل سينقذ نى الله ؟؟؟؟؟ عزيزي الدكت ور منصور...
لا صلاة للإستخارة: قال الله تعال "أدعو� �ى أستجي ب لكم" أنا فى...
الدعاء للميت : تقول ان الدعا ء للميت لا ينفعه . ما رأيك فى قول...
تعليق مهذب.!: الأست اذ الكبي ر د. أحمد صبحي منصور . الأخو ة ...
ثلاثة أسئلة: سؤالا ن من الاست اذ ( ابو أسامة ) السؤ ال ...
العورة: نريد تفصيل اً عن موضوع العور ة ...
الكلام والتفكير: لى مشكلة مع اخويا الكبي ر ، هو طيب القلب ،...
السلفى شاهدا: هل الرجل السلف ي يكون شاهدا عدلا ...
الميراث اجتماعيا: هل هناك قراءة اجتما عية لتشري ع المير اث فى...
أسلمة الأمم المتحدة: دكتور احمد صبحي منصور اتخيل واسمح لي ...
تبديل الزوجات: باختص ار نريد الجوا ب على سؤال يتكرر من...
موعدنا يوم الحساب.!: ايها الدجا ل تسمي موقعك اهل القرء ان وتطعن...
القرآن وبنو اسرائيل: لماذا تكرر ذكر اسم النبى موسى أكثر من اسم...
الوحى التوجيهى : دخلت في مجادل ة مع سني وكان يتحجج في أية...
more( القصّاصون منبع الدين السُنّى ): الكتاب كاملا
خاتمة كتاب ( القصّاصون منبع الدين السُنّى )
ف 6 : عرض لكتاب إين الجوزى ( أخبار الحمقى والمغفلين )
دعوة للتبرع