تأصيل معنى (كتب وكتاب ) فى القرآن الكريم( 5 ):كتب بمعنى كتاب الحتميات

آحمد صبحي منصور Ýí 2011-11-15


 

مقدمة 1ـ اللفظ القرآنى ( كتب ) ومشتقاته يلعب دورا أساسيا فى حياتنا . فالله جل وعلا (كتب ) علينا الفرائض من صلاة وصيام وزكاة وحج ،وكتب على (نفسه ) إلتزاما ، وأنزل لنا ( كتبا ) أو ( كتابا ) سماويا ، كما إنه جل وعلا ( كتب ) علينا الحتميات أو القضاء والقدر الذى لا مفرّ منه ، ثم إنه جل وعلا له ملائكة (تكتب ) اقوالنا وأعمالنا.ولا يخلو الأمر من قيام البشر ب( كتابة ) رسالة أو خطابا أو تحريف فى الكتاب السماوى . جاءت تفصيلات هذا كله فى القرآن الكريم. وفى هذا المبحث سبق نشر أربع حلقات .

المزيد مثل هذا المقال :

2 ـ ولأننا ندخل البحث القرآنى بلا فكرة سابقة ، ولأننا نترك أنفسنا لآيات القرآن تسير بنا الى آفاق ليس لنا بها علم من قبل فإن العادة أن يطول بنا البحث بتولد أفكار جديدة جاءت بها آيات القرآن الكريم . لذا فهى ظاهرة مألوفة لمن يتابع كتاباتنا أننا نبدأ مقالا بحثيا فيتحول الى عدة مقالات ، وقد يطول الى سلسلة تكتمل أو أترك استكمالها الى وقت آخر. حدث هذا فى موضوع ( كتب / كتاب فى السياق القرآنى ). كان فى الأصل مقالا واحدا يشرح المفاهيم الأربعة الأساس لكلمة (كتب ومشتقاتها )، ثم تحول الى أربع مقالات عكسته المقدمة المتكررة فى كل مقال ،أى كتاب بمعنى الفرض والالتزام ، وكتاب بمعنى الكتاب السماوى . ويبقى مقال عن كتاب بمعنى كتاب الاعمال ومقال عن كتاب بمعنى كتاب الحتميات المقدرة سلفا . ولكن حين توقفت مع معنى كتاب بالكتاب السماوى إتسع البحث ليكون مقالين الثالث عن تصديق القرآن بالكتب السماوية ، وجاءت الحلقة الرابعة عن كتاب القرآن و(أهل الكتاب )، وختمنا الحلقة بقولنا : ( ويبقى تساؤل آخر عن جهد أولئك المعاندين فى تحريف ما لديهم من الكتاب ليبرروا موقفهم . نناقش هذا فى الحلقة القادمة بعونه جل وعلا.).ودخلنا فى بحث الموضوع فتبين لنا أننا ندخل فرعا مستقلا يحتاج الى توضيحه بسلسلة مقالات تناقش قيام أديان المسلمين الأرضية على تحريفات (أهل الكتاب ) أو متابعة ( المحمديين ) لأسلافهم أهل الكتاب من خلال رؤية قرآنية. لذا نرجىء هذا الموضوع فى تفصيلات معنى كتاب بالكتاب السماوى لنتوقف معها فى وقت لاحق .

وهنا نكمل سلسلة (كتب / كتاب ) فى السياق القرآنى بحلقتيها الأخيرتين : كتاب بمعنى ( كتاب الأعمال ) وكتاب بمعنى ( كتاب الحتميات ).ويجمع بينهما أن هناك ( حتميات مكتوبة) عليك لا مفر منها ، ولست مسئولا عنها و لن يحاسبك عليها رب العزة يوم الحساب . فهذا هو الجزء الحتمى المكتوب عليك فى هذه الدنيا . ولكن هناك جزءا آخر لك فيه تمام الحرية ، تمارسه بالقول والفعل والفكر والاعتقاد . ومقابل حريتك فأنت مساءل عنه وأنت مسئول عنه يوم الحساب. ولكى يكون الحساب صادقا ومثبتا بالدليل فإن أعمالك وأقوالك وأحاسيسك يتم تسجيلها وحفظها فى ( كتاب أعمالك ) . إذن هنا ( كتاب أعمال ) ، مقابل (كتاب  الحتميات ) التى لا بد أن تحدث لك، ولست مساءلا عنها لأنها (قدر مكتوب ). ونبدأ بها:(كتب بمعنى كتاب الحتميات).

 أولا :  مدخلان لفهم الموضوع

1 ـ (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ). نبدأ بتقرير هذه الحقيقة القرآنية : يقول جل وعلا :(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) ( الاعراف 54 ). إن الخالق جل وعلا له وحده الخلق فهو وحده فاطرالسماوات والأرض وكل الموجودات،وله وحده (الأمر ) سواء الأمرحتميا بكلمة (كن ) للشىء فيكون ،أى فى موضوع الخلق ،أو (الأمر ) التشريعى الذى نزلت به الرسالات السماوية، وهو (أمر ) مختلف لإن الله جل وعلا لكى يختبر البشر أعطاهم الحرية فى طاعة أمره التشريعى ، لهم إختيارهم فى الطاعة أو فى المعصية فى هذه الحياة الدنيا ، ثم يفقدون هذه الحرية عند الاحتضار ، وتظل حريتهم مفقودة عند البعث والحشر والحساب ، ويفوز الفائزون يوم الحساب بحريتهم يتمتعون فى الجنة حيث شاءوا ، بينما يظل أهل النار مجبرين مقهورين فى عذاب الجحيم أبد الآبدين . إذن يتمتع الانسان بحريته فى الاختيار بين الحق والباطل ، بين الضلال والهدى ، بين الطاعة والمعصية بضعة عقود من الزمن فى حياته على هذا الكوكب. ثم يفقد حريته عند الاحتضار ، ويتحتم عليه أن يواجه مصيره بين نعيم أزلى متمتعا بحريته فى النعيم  أوعذاب أزلى يتمنى الفرار منه بالموت فلا يستطيع . وهنا نفهم عظم الاختبار الذى نجتازه فى هذه الدنيا ونحن عنه لاهون . نرجع الى موضوعنا لنعيد التأكيد على أن الله جل وعلا هو وحده صاحب الخلق والأمر ـ حتى مع وجود تلك الحرية فى الطاعة والمعصية ،وذلك لأسباب ثلاثة : لأن مساحة تلك الحرية ضئيلة زمنيا فى حياتنا فى الدنيا وفى الاخرة، وهى تعيش زمنا متحركا تقل بمرور الزمن وبالاقتراب من الموت ، ولأنها مجرد جزء من الصورة ، وهى حرية القول والفعل مقابل جزء أساس وهو الحتميات التى نعرض لها فى هذا المقال.

2 ـ  فى فقه المصطلحات القرآنية : مصطلح (كتب /كتاب ) تترادف وتتداخل مع مصطلحات أخرى مثل (الأمر ، القضاء ـ القدر ـ الميزان ). وميدان هذا التداخل فسيح يشمل الكون كما يتضمن الانسان بجسده ونفسه . هذا موضوع طويل نقتصر منه على لمحات بالقدر الذى يفيد هذا المقال . ويجمع بين كل تلك المصطلحات أن لها جانبين : حتمى فى الخلق ، وتشريع فيه حرية الطاعة وحرية المعصية ومسئولية الانسان على حريته واختياره . ونعطى أمثلة :1 ـ ( كتب ) تأتى بمعنى التشريع ، فقد كتب الله علينا الصيام ، ولكن هناك من يصوم وهناك من يفطر عصيانا. و(كتب ) تأتى بالحتمية ، وهو موضوع هذا المقال.

2 ـ (أمر ) يأتى بالحتمية فى الخلق كقوله جل وعلا : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( يس 82 )ويأتى فى التشريع : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ) ( الاعراف 29 )،فالله جل وعلا يأمر بالقسط ولكن السائد هو الظلم

3 ـ (قضى ) يأتى بالحتمية فى الخلق:(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )  ( البقرة  117 )، ويأتى فى التشريع :( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ) ( الاسراء 23 )،فالله جل وعلا قضى بالتشريع ألا نعبد إلا الله ولكن أكثر البشر مشركون.

4 ـ موضوع القدر والتقدير أكثر تعقيدا ، وحتى لا تأخذنا التفصيلات فيه بعيدا عن موضوعنا (كتب / كتاب بمعنى الحتميات ) فإننا نحاول الايجاز بإعطاء اللمحات السريعة الآتية عن موضوع (القدر والتقدير ):

4/ 1 :يأتى القدر بمعنى الحتمية فى الخلق فى الكون المرئى لنا :( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )( يس   38 : 40 )

4/ 2 : معقد جدا موضوع الحرية فى التشريع فيما يخصّ القدر والتقدير. وسنتوقف معه فى مقال مستقل، ولكن  نشير سريعا الى نوع من الهداية  الحتمية تأتى ملحقة ولاحقة بالخلق والتقدير ، يقول موسى عليه السلام عن ربه جل وعلا:( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) ( طه  50 ). الحديث هنا عن عموم خلقه جل وعلا. فالله جل وعلا أعطى كل مخلوق وسائل حياته وهداه اليها بالغريزة والفطرة . ويقول ربى جل وعلا : ( الَّذي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى )(الاعلى 1 :3 ).هنا الخلق والتسوية والتقديرمرحلة أولى، ثم تأتى الهداية لهذا المخلوق كى يعيش ويأكل ويحمى نفسه ويتكاثر وفق غريزة أودعها الخالق فيه. ينطبق هذا على الانسان من بدايته جنينا ،يقول جل وعلا: (مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ )( عبس 19 / 20 ). خلق الانسان من نطفة طبق تقدير الاهى ، بعده ييسر الله للجنين سبل الحياة ، ثم الخروج من مضيق المهبل الى حياة لا يعرفها فيبحث بفمه عن الثدى ويلتقمه ليشبع أول غريزة وهى الأكل . أفلام قناة ديسكفرى تكتشف لنا أسرار الغرائز لدى الحشرات والطيور والحيوانات فى الغابات وفى البحار بما يزيد المؤمن إيمانا بأن الله جل وعلا قد أودع (هداية ) طبيعية لدى تلك الأحياء من أصغر أميبا الى  الانسان . بالاضافة الى هذه الهداية الحتمية التى تتبع الخلق والتقديرفلكل انسان أن يختار بحريته ومشيئته ( هداية ) تشريعية ملتزما بالميزان التشريعى الذى أنزله الرحمن جل وعلا . هذه الهداية إختيار شخصى وهو يتحمل مسئوليته طبقا لقوله جل وعلا :( مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)(الاسراء15 ).

 ثانيا :العلم الالهى الشامل المكتوب سلفا مرتبط بقضاء الله جل وعلا وأمره وقدره    

1 ـ كل شىء تم إحصاؤه وتسجيله مكتوبا فى كتاب خاص به ، يشمل هذا الخلق والتقدير و(أم الكتاب ) فى التشريع والتشريعات الالهية ، وليس فقط الحتميات للانسان،إذ يقول جلّ وعلا :( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ) ( النبأ 29 ).

2 ـ كل ذلك يدخل فى (علم الله ) الذى يتضمن تسجيل كل شىء مثل الحتميات كالحمل والولادة ومن الأفعال التى يفعلها الانسان بحريته وما يطويه فى سريرته وحركته وما ينطق به جهرا أو همسا وتسجله ملائكة الحفظ التى تسجل أعمالنا: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)(الرعد 8 : 11 ). ويشمل هذا المكتوب ما هو أصغر من الذرة وما هو أكبر من المجرة  (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( سبأ 3 ) ، كما يشمل كل دابة تدبّ على الأرض ، يتكفل رب العزة برزقها ، ويعلم مستقرها ومستودعها وبدايتها ونهايتها ، وكل ذلك مسجل مكتوب:(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( هود 6 ).حتى ورق الشجر الأخضر النابت واليابس المتساقط لا تسقط ورقى إلا بعلمه ولا تنبت ورقة إلا وفق ما هو مسجل فى كتابه :(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( الأنعام 59 ). يستوى فى ذلك إن كنا نشهد هذا أو يغيب عنا ، فكل ما هو مشهود وكل ما غائب عنا يتم  تسجيله :( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( النمل 75 )، وحتى تاريخ الأمم السابقة : (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى )(طه51 : 52 ) ، وحتى بعد الموت فهناك كتاب للبعث : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ( الروم 56 ) . وفى النهاية فكل هذا شىء يسير على رب العزة جل وعلا :( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (الحج 70 )

ثالثا : الحتميات الأربع المكتوبة على الانسان فى هذه الحياة الدنيا :

1 ـ حتمية الخلق والولادة والنسب :

1/1 :لا أحد يختار أباه وأمه وعائلته ، بل يأتى ليجد نفسه منتسبا الى أسرة لا شأن له فى إختيارها . ولا أحد يختار ملامحه ولونه وطوله أو قصره، الذى يختار ذلك هو الخالق جل وعلا . من بين ملايين الاحتمالات فى ملامح الوجه والجسد يختار الله جل وعلا ملامح محددة لكل فرد منذ تكوين الجنين فى الرحم :(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء )( آل عمران 6 ).وبعد الولادة يتعين على الفرد أن يعيش عمرا محددا له سلفا . هذا العمر هو الفترة التى تقع بين الولادة والموت . موعد الولادة محدد ، وموعد الموت محدد. ويبدأ العدّ التنازلى للعمر من وقت الولادة ، فكل دقيقة تمر تنقص دقيقة من العمر المحدد ، وكلما مرت سنوات العمر تناقص بقدرها ما يتبقى من العمر ، وكل منا يركب قطار الحياة من محطة ولادته الى أن يصل الى محطة وفاته فيترك القطار، ويظل القطار سائرا يستقبل زبائن بالميلاد ويهبط منه زبائن بالموت . نحن نعيش زمنا متحركا ، إنه قطار متحرك لا سبيل الى إيقافه ، وسيظل بنا سائرا الى أجل مسمى هو قيام الساعة. هذه هى حتمية الحياة وحتمية الموت ، لا سبيل للهروب منها . وكل ذلك فى كتاب ومكتوب سلفا لكل منا من الحمل الى الوضع الى قضاء العمر ، يقول جل وعلا :( وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) ( فاطر 11 ). أنت الآن مثلا فى الأربعين وقد حدد الله جل وعلا أجلا لك بأن تموت فى السبعين وأربعة أشهر وخمسة أيام وساعتين ودقيقة واحدة . كل دقيقة تمضى من عمرك حيا تقترب مقابلها دقيقة من موعد موتك . وكل دقيقة يجرى تسجيلها فى كتاب أعمالك الذى يوثّق حياتك ويدونها ويسجلها ويحفظها على نحو ما سنتعرض له فى (كتاب الأعمال ).

 1/ 2 : هذه الحتمية يمكنك تجاوزها بعملك الصالح فى الدنيا . مثلا ، أنت هنا لا تختار لونك فى هذه الدنيا الفانية . ولكنك تختار لونك فى الآخرة طبقا لحريتك فى الطاعة أو المعصية . إن إخترت الطاعة فسيكون وجهك مضيئا بالنور ، وإن ألهتك الدنيا وعصيت وفسقت فسيكون وجهك مسودا مظلما : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ   ) ( آل عمران 106 ـ  ) (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  )  ( يونس 26 ـ ) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ  ) ( عبس 38 ـ ). أيضا أنت لا تختار عائلتك ، ولكنك بعملك الصالح يمكن أن تكون فى الجنة مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا

2 ـ حتمية الرزق :

كل فرد يتمنى أن يصبح مليونيرا ، ولكن ليس كل فرد يصبح مليونيرا. وكل مليونير يسعى لأن يكون بليونيرا ولكنه قد يفقد كل شىء ويفلس. الرزق ليس بيد الانسان ولكنه بيد رب العزة جل وعلا . ونذكر على عجل بعض ملامحه :

2/1 : إنه مرتبط بخلق السماوات والأرض وخلق الموارد فى الأرض . وهنا مدخل (التقدير والقدر ) فى البداية ، يقول جل وعلا:(وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا )( فصلت 10 ).

2/2 : وبعد تمام الخلق فرب العزة هو المسيطر على الكون وبيده مقاليد السماوات والأرض ، وهو الذى  يتحكم فى توزيع الرزق يبسطه لمن يشاء ويقدره وبقلله لمن يشاء : (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ   )( الشورى 12 )

2/ 3 : الدواب من أدنى الأحياء الى الانسان كلهم سواء فى احتياجهم للرزق من الرحمن ، وكلهم سواء فى الحصول على المقدار المكتوب لهم سلفا : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (هود 6 )،(وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )(العنكبوت 60  ). يستوى فى استحقاق الرزق الأب والابن :( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) (الانعام 151)( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم )(الاسراء 31 )، والمؤمن والكافر (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) ( البقرة 126 )

2/4: وشاء الله جل وعلا أن يتفاوت البشر فى الرزق إختبارا :(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) ( النحل 71 )وهذا التوزيع المتفاوت للرزق مرتبط بعلم الله جل وعلا بخلقه وبكونه الخبير البصير : (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا  ) ( الاسراء 30 ) .وأشد الابتلاء هو كثرة المال  ( لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ)(آل عمران 196 )( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )( الشورى 27 )

2/ 5 : المؤمن يستطيع الخروج من حتمية الرزق لو أراد الآخرة وعمل لها . فيكون فائزا . لأنه فى الدنيا ينال المكتوب له من الرزق ، ثم يفوز بالجنة بعمله الصالح وبإيمانه الخالص. أما من يجعل الدنيا هدفه الوحيد وتستغرقه بصراعاتها غافلا عن الآخرة فلن ينال من الرزق إلا ما هو مقدر له سلفا ثم يكون مصيره جهنم : (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً  ) ( الاسراء 18 ـ  )

2/ 6 : هناك قواعد الاهية فى توزيع الرزق ، منها يستفيد المؤمن :

2/6/1 :اليسر مع وبعد العسر : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) ( الشرح 5 : 6 )(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )( الطلاق 7 )

2/6/2 : التقوى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ   ) ( الطلاق 2 : 3 )

2/6/3 : الصدقة والانفاق فى سبيل الله جل وعلا (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)   ) ( سبأ 39 )( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  )( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(البقرة 261 ، 245)

3 : حتمية المصائب:

3/1 :لا بد لكل إنسان أن ينال نصيبه من المصائب ،أى ما يصيبه من أمراض وكوارث لا شأن له بتدبيرها ، قد تكون من فعل إنسان آخر ، أو مصادفة . كل هذه المصائب مكتوبة سلفا قبل وجودنا ، يقول جل وعلا :(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )

3/2 : والمؤمن يعلم هذا فيتخذ موقفا معتدلا ، لا يستسلم للحزن واليأس ، ولا يستغرقه الفرح ، طالما إن هذا قدر حتمى مكتوب لا مفرّ منه ، تقول الآية التالية : (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (الحديد 22 : 23 ).لذا يواجه المؤمنون احتمالات المحن بشجاعة ، يجاهدون فى سبيل الله جل وعلا موقنين أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله تعالى لهم ، وأنه لا مفر من مواجهة المكتوب ، وفى نفس الوقت فما ليس مكتوبا عليهم لن يصيبهم ولن يقترب منهم ، وهذا معنى الأمر الالهى لنا :(قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة 51 )

4 : حتمية الموت :

4/1 : الموت (تقدير) الاهى محتوم (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ ) (الواقعة  60 )، والموت (قضاء ) الاهى محتم ، فكل نفس لا بد أن تموت :(اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )(الزمر 42 ). والموت ( كتاب ) أو (أجل مكتوب ) ينتظر كل نفس الى أن يحين أجلها ،أى وقت موتها :(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً )( آل عمران 145 ).ولقد تكرر مرتين قوله جل وعلا:(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)(آل عمران 185)(الأنبياء 35). ولا تستطيع قوة بشرية أن تميت إنسانا قبل موعد موته ، ولا تستطيع أن تؤجل موعد موته إذا جاء ،بل إن رب العزة لا يؤجل نفسا إذا جاء أجلها (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المنافقون : 11)( إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( نوح 4 ).

ولأنه حتمى فلا سبيل الى الفرار منه لأننا سنلاقيه فى وجهنا (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ  ) ( الجمعة 8 )ولأنه من خلفنا (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) ( النساء 78 ) فلابد لكل منا أن يموت فى الموعد المحدد سلفا ،بل فى المكان المحدد لموته سلفا. وبعد هزيمة (أحد ) جادل بعض المنافقين متحسرا على الضحايا القتلى زاعما إنهم لو أطاعوا رأى اولئك المنافقين ما تعرضوا للقتل ، وجاء الرد من الله جل وعلا بأنهم كان لا بد لكل من أولئك القتلى أن يذهب الى مكان مقتله :( يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ) (آل عمران 154).ويمكن للمؤمن أن يتجاوز حتمية الموت بأن يموت قتلا فى سبيل الله جل وعلا. عندها سيفوز بحياة برزخية يتمتع فيها برزق الله جل وعلا:( البقرة 154 )( آل عمران 169 : 171)

ملاحظات أخيرة

1ـ يتكون الانسان  من نفس وجسد . تتمتع النفس بحرية الارادة وهى التى تسيّر  الجسد ولكن لا تسيطر عليه، فالجسد تسيطر عليه حتميات الخلق والحياة والمصائب (كالمرض ) وغيرها . أنت (أى نفسك ) لا تسيطر على عمل القلب والرئتين والكبد والأمعاء . هى تعمل بقوانين حتمية تخضع لله جل وعلا . ولكن النفس لو شاءت الهداية يمكن لها أن تخفف من بعض الحتميات أو تفلت من بعضها أو تعوضها فى الآخرة. تكلمنا عن الهداية الحتمية المرتبطة بالخلق والتقدير والمتمثلة فى الغريزة . ولكن هناك هداية بالصلاح وطاعة الشرع الالهى تجعل الجسد يعلو ويسمو فوق الغريزة . النفس الزكية المهتدية تتعلم كيف تنجو من إختبار التفاضل فى الرزق ، فإذا كانت فقيرة صبرت وحمدت الله جل وعلا ،وإن كانت غنية ميسورة تصدقت وأنفقت فى سبيل الله جل وعلا. تلك النفس الزكية تواجه المصائب بشجاعة وتتخذ من الحتميات طريقا للتربية القائمة على الشجاعة والحياة فى عزة وكرامة . فالمؤمن لا يخشى حاكما مستبدا أوبشرا ظالما طالما أن الرزق بيد الله جل وعلا وليس بيد الحكومة، وطالما أن موعد الموت ومكانه محدد سلفا ولا يستطيع بشر أن يقتلك قبل موعد موتك ولا يستطيع بشر أن يصيبك إلا بما هو مكتوب عليك سلفا ..هذا المؤمن لا يخشى الموت فى سبيل الله جل وعلا ،بل يتمناه لأن الموت قتلا فى سبيل الله جل وعلا يعنى الحياة البرزخية فى جنة المأوى . وهكذا فالايمان بالحتميات مفيد تربويا ، وبه يمكن أن تتزكى النفس.

2 ـ يبقى سؤال هام ليس وثيق الصلة بموضوع ( كتب / كتاب فى القرآن ). هو أصيل فى موضوع حتميات القضاء والقدر. والسؤال يتعلق بتداخل الارادة البشرية فى حدوث الحتميات . ففى القتل والمصائب نجد منها ما يقع جرائم بيد الانسان ، فهل حتمية موت القتيل تنفى مسئولية القاتل ؟ وفى الرزق تجده معتمدا اساسا على أسباب وعلاقات البشر ببعضهم ، وكذا فى الميلاد والانجاب من زواج شرعى أو غير شرعى. ثم (علم الله ) جل وعلا ،  هل ينفى مسئولية الجانى ؟ .هذا يحتاج مقالا منفصلا ..والله جل وعلا هو المستعان.

اجمالي القراءات 34872

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (24)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الأربعاء ١٦ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61964]

الفرصة متاحة أمام الجميع ..!!

 يضيع الأنسان حياته هباءاً جرياً وراء الرزق وهو محدد سلفاً من قبل المولى عز وجل ..


فلو آمن الإنسان أن الرزق بيد الله وحده وهو وأنه وحده هو الرازق .. لفعل ما عليه بدون أن يظلم ..


 


هذا المقال هو دعوة صريحة  لأن يركز الإنسان مجهوده فيما هو مفيد وهو طاعة الله عز وجل ..


ومن خلال طاعة الله أن يسعى لرزقه  ويفعل ما عليه ويترك نتائج عمله على الله سبحانه وتعالى ..


لكن الذي يحدث ان الإنسان يضيع حياته وآخرته جرياً وراء ما هو مقدر .. ويترك ما يقربه من الله سبحانه وتعالى ..


فسبحان الله العظيم .


2   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأربعاء ١٦ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61967]

المنهج القرآني في البحث والدخول في أعماق النص القرآني

السلام عليكم دكتور احمد


هذا البحث التأصيلي القرآني لإحدى مفردات القاموس القرآني يجعل القاريء يتأمل كثيرا ، لأنه رغم أن البحث يتناول جزء من أجزاء معاني واستخدامات (كتب وكتاب) في القرآن الكريم ، وهو في هذا الجزء لتوضيح معنى الحتميات ، فكان يفترض أن يتم ذكر الآيات القرآنية التي ذكر وتكرر فيها لفظ (كتب وكتاب) ومشتقاتهما في القرآن الكريم ، لكن سبحان الله العظيم دخل الموضوع وتشعب إلى مفردات أخرى وهي (قضى وأمر) او قضاء الله وأمر الله ، والقدر والتقدير في القرآن ، وتشعب الموضوع للدخول في تفصيلات لا حدود لها فتحت أبوابا جديدة لسلاسل جديدة من المقالات المتعلقة بنفس الأمر لكن لتوضيح مفاهيم أخرى ، ويستحيل بعد هذا التشعب والتفصيل والتداخل أن يكون الدكتور منصور قد وضع كل هذه الأفكار نصب عينيه قبل كتابة هذا المقال ، ولكنه حسب ما أرى بعد قراءة الآيات جميع الآيات التي تتشابك في نفس الموضوع ، يكتشف ان هناك آيات أخرى تتحدث في نفس الموضوع وتشترك فيه معنويا وليس لفظيا ، وهذه الآيات التي تشترك في موضوع كتب وكتاب معنويا هي بدورها تتشابك وتتشرتك في موضوع آخر معنويا يكمل مفاهيم جديدة في كتب وكتاب ، ويتضح هذا جليا في توضيح معنى كتب وكتاب فيما يخص الحتميات الأربعة (الخلق والولاده والنسب ـ حتمية المصائب ــ حتمية الرزق ــ حتمية الموت ) وكل حتمية من هذه الحتميات لها آيات قرآنية متعدده توضحها وتشرحها في القرآن ، ولو رجعنا قليلا للوراء سنتذكر أننا في الأساس كنا نقرأ بحثا قرآنيا تأصيليا عن معنى كتب وكتاب في القرآن الكريم ، وهنا تتجلى الحقيقة القرآنية الهامة التي يأمرنا ربنا جل وعلا فيها أن نتدبر القرآن الكريم ونعقل آياته ومفرداته ، وكذلك تبين معنى الآية القرآنية الأخيرة من سورة العنكبوت التي تشرح أن من يجاهد في سبيل فهم القرآن والوصول للحق فإن الله جل وعلا سيهديه ، وعلى النقيض تماما فإن القرآن العظيم الذي يهدي المؤمنين الباحثين عن الحق يكون على العكس تماما مع الكفار الباحثين عن الضلال والذين يريدون تكذيب القرآن واتهامه بالنقص والعجز


القرآن الكريم بحر بلا حدود بحر لا شاطيء له ومن يظن أنه سيبلغ هذا البحر ويعبر إلى الشاطيء المقابل فهو حالم ومغامر ، لأنه لو دخل هذا البحر باحثا عن الحقيقة فلن يخرج على الإطلاق ، ويبقى يبحث ويستخر حقائق إلى أن يموت ، وسيبقى القرآن فوق الزمان والمكان وفوق قدرة الإنسان ، لأننا كبشر لن نحيط بهذا الكتاب علما مهما وصلنا من علم ، ولكن رغم ذلك فنحن مأمرورن بأن نقدر هذا القرآن حق قدره


وفي النهاية كما قال الأستاذ عبد المجيد سالم  إن معظم الناس يلهثون خلف الامور التي قدرها ربنا جل وعلا في حالة من تغييب العقل ، ويتركون ما امرهم به ربنا جل وعلا ويعيشون في لهو ولعب وتصارع على الحياة وتكالب على شهواتها والنتيجة أن ما قدره ربنا جل وعلا ووضحه لنا بانه أمر وقضاء حتمي الحدوث سيحدث لا محالة ، وأن الأمر المخير فيه الإنسان مثل العبادة والتقوى والعمل الصالح لا يقوم به وهنا تكون الخسارة الكبرى في الآخرة


 


3   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأربعاء ١٦ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61968]

طلب مساعدة ونصيحة من الدكتور منصور

أستاذنا الفاضل / الدكتور احمد صبحي منصور


السلام عليكم


من خلال مساعدتي لحضرتك في تجميع الآيات القرآنية في مفردات القاموس القرآني لفت نظرى مفردة هامة جدا وهي (الظلم) وقمت ببحث وتجميع كل الآيات القرآنية التي تشترك لفظيا في هذا ولكن بكل صدق وصراحة وجدت صعوبة كبيرة في ترتيب الموضوع وكتابته بصورة منهجية كما تتفضل حضرتك ، وطلبي هو الآتي :


هل اكتب البحث حسب إمكاناتي وانتظر التعقيب من حضرتك ومن كتاب وقراء الموقع.؟


أو من الممكن ان تتضع لي تصور او ثلاثة أو أربعة نقاط أساسية أنطلق منها في استكمال هذا البحث الموسع عن الظلم .؟


أعلم جيدا مدى ضيق وقت حضرتك ولكن حب ما تنصحني سأسير


شكرا جزيلا وفي انتظار الرد ...


4   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61980]

الملاحظة الأولى - أخذ الميثاق

بسم الله الرحمن الرحيم،


 



الأستاذ العزيز أحمد، سدد الله خطاك،

أولا شكرا لك على هذا العمق الذي أوضحته لنا من هذه الكلمات البسيطة، اللتي بالفعل لا ننظر اليها في حياتنا الا بشكل سطحي.

وبما أنني لم أقرأ سابقا هذه المواضيع – لأنشغالي بالكثير غيرها- فتحتم على طباعة وقرائة الأجزاء السابقة ، وهكذا كان الأمر.

ويسرني دائما " طلبك ورغبتك في النقد لما تكتب " ، فأنا بطبيعتي لا أحب قرائة شيء بدون النظر له بعين النقد حتى أقتنع به، وبذلك أنت تفتح لي الباب الذي يروقني، وبما أنني قرأت المقالات السابقة وكان لي عليها ملاحظتان، أما الأخيرة فلي كثير مما أقوله فيها لأن موضوع القضاء والقدر والحتميات... هو من أحب المواضيع علي منذ كنت غضّا ...وسأبدأ بالسابقات:



 



 



أولا : ملاحظات عن الكتاب الثالث من ( كتب و كتاب ) – القرآن مصدق للكتب السماوية:



 



 



لقد قلت حضرتك فيه: " والواقع إن رب العزة أخذ على البشر عهدا عاما ـ قبل وجودهم فى العالم الحسى ـ أخذه على أنفسهم حين خلقها وقبل أن يخلق آدم " . وهو عهد الفطرة التى فطر الله جل وعلا الناس عليها بأنه لا اله إلا الله

واستشهدت بالآية 81 من سورة آل عمران، وهذا ليس من المنطق أن يكون، فإن عدنا للآية الكريمة وقرأناها جزءا جزءا بتروٍّ وعناية فسنجد أنها لا تحمل هذا المعنى بل غيره، ثم سأذكر بعد ذلك آيات أخرى تدعم فهمي لهذه المسألة، فالله عزّ وجلّ يقول:

الخطوة الأولى: " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ " أي أنه سبحانه جعل في بني أدم القدرة على حمل ذريتهم في ظهورهم، وهذا يدل على أن الذرية ليست في آدم وحده بل فيه وفي نسله "ذريته نفسه – أي أبنائه وأولاده أثناء حياته" ثم بنيهم وهكذا...

الخطوة الثانيه: " وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا " أي أن الله عزّ وجلّ " بعد " أن وضعهم في الظهور ومن ثم في الأرحام ... حتى كبروا وسمعوا الرسالات وأشهدهم " بعد إذ تبين لهم وسمعوا وعقلو بأجسادهم الأرضية عن الله " (عَلَى أَنفُسِهِمْ )، الرجاء ملاحظة الشهادة على من هنا؟ فالله يعلم أنه سيتوفى نفوسهم، وستفنى أجسادهم الأرضية، ويوم القيامة ستسأل نفوسهم على ما بلغها من الجسد، فالجسد في الآيات القرانية ليس الهدف بل النفس، ويوم القيامة ستشهد جلودهم عليهم بما قامت به، والدليل الأخير من الآية نفسها على أنه أشهدهم في حياتهم قوله عزّ وجلّ محذرا إياهم " أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ " وهنا يجب أن نتوقف ونتدبر كيف أن الله سبحانه يحذرهم أنه بعد هذه الشهادة أن يقولو يوم القيامة أنهم غفلوا عن هذا " أي عن هذا الأمر الذي علمتوه وسمعتوه ممثلا برسالاتي " أو أنهم تبعوا آبائهم وملتهم .


يتبع





5   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61981]

الملاحظة الأولى - أخذ الميثاق - تابع

إذن استاذي العزيز، هل من المنطقي أن يشهد الله عباده في مرحلة سابقة للخلق وهو سبحانه يعلم أن عباده لا ولن يتذكروا تلك المرحلة؟

أما الجواب بأنها الفطرة فغير دقيق، فالفطرة هي الأحساس اللاشعوري والبدائي والغريزي في الإنسان، وهي مهمة وتلعب دورا كبيرا في حياة الإنسان وقراراته ، ويتميز بها الحيوان بشكل أكبر لأنه لا يملك القدرة على التغلب عليها لأن الله حدد قدراته العقلية، أما البشر فيستطيعون وبكل يسر " الكفر " بها، أي سترها ، ومن المحتمل أن الله عزّ وجلّ وضع الفطرة في النفس أكثر منها في الجسد، وهنا يحدث صراعان، صراع بين فجور النفس وتقواها وصراع بين العقل والفطرة، اللتي نقول عنها العقل الباطني أو الإحساس السادس...

ففطرتي تعلم وتعي أن التدخين مضر لنفسي ولصحتي، لأنها تحب ذاتها، ولكن عقلي يكفر بما أملته علي فطرتي ويقول لي أن أجمل شيء هو أن أدخن سيجارة مع فنجان قهوة بعد الإفطار، ومع أنني إنسان عاقل أقوم بتوثيق "كفري بفطرتي في هذه المسألة الآن أمامكم جميعا" فأنا أثناء ذلك أمسك سيجارة في يدي الشما – أقسم لكم...وهناك من هو أذكى وأتقى مني فترك السيجارة لعلمه أنها تهلك رئتيه، وبالرغم من حبه لها، فلقد أطاع فطرته اللتي تنهاه عنها..(ملاحظه: هذا مجرد مثال وليس تحليل أو تحريم)

ببساطة، حينما وقف أبا جهل أمام الرسول " عرف " بفطرته أن الله حق، ولكن " عقله " أبى أن يرضخ للفكرة تماما كما أبى ابليس السجود لآدم، وتماما كما أبى أهل الكتاب من الذين كفروا أن يؤمنوا بالدين الجديد، فكلهم "علمو" الحق " في أعماق أعماقهم أو كما نقول العقل الباطني أي النفس والفطرة " .

وأخيرا هذه الآيات تدل على أن الأمر لا يمكن أن يتم إلا بهذه الطريقة في أخذ شهادتهم على أنفسهم:

" مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً " الإسراء - 15

فالله لا يعذب حتى يبعث رسولا ( حيث يتم أخذ الشهادة على النفس )

ولكم في سورة الصافات (من 50- 73) وصف كامل لما أقوله هنا يؤكد أن الإنسان مسؤول عما وصله (بعد وعيه)، أما من لم تصله رسالة فالله أجاب عنهم في الآية السابقه.


 


وشكرا لكم




6   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61982]

الملاحظة الثانية – التصديق بكلمة الله

في نفس الجزء الثالث ذكر حضرتكم التالي:

"

ووصف الله جل وعلا بعض الأنبياء بتصديق الكتب السماوية السابقة أو بكلمة الله ، فقال جل وعلا عن بشلرة الملائكة للنبى زكريا عن ابنه النبى يحيى عليهما السلام :( فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ )(آل عمران 39 )

"

وهنا لي فهم خاص للآية وقرائتها بالنسبة لي "كمعنى" تكون :أن الملائكة نادت زكريا ( الذي ليس له أولاد وامرأته عاقر ولا أمل له في ولد بدون تدخل القدرة الإلهية ) وهو قائم يصلي في محرابه بان الله يبشره بولد اسمه يحيى ليس بعاق ولا كافر بل مصدق للرسالات، وأن هذا الولد جاء " بقرار أو قدر " من الله كما عيسى عليهم السلام، ولننظر الى الآيات التالية ومدى ارتباطها ببعضها البعض :

وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ

الأنبياء – 89-90

" يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "

لاحظ "كذلك قال ربك" – كلمة الله

ومن المنطقي أن يكونا – أي عيسى ويحيى – كلمة الله – أي قدره وقراره - فهما جاءا معجزة وليسا من أب وأم في مقتبل عمرهما وما زالا قادران على الانجاب

أخيرا لقد قال عزّ وجل "بكلمة" ولم يقل مصدقا لما أو لشيء وهنا أنا أصمت فلست ضليعا باللغة ولكن "شعوري" أن معنى الآية يقول (أن الله يبشرك بيحيى بكلمة من الله مصدقا للرسالات) .

والله أعلم




7   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61986]

تحليل مطلوب لمنهج البحث القرآنى ..1

في حقيقة الأمر إننى أرى أن منهج البحث الذي يتبعه الدكتور منصور في إظهار وتجلية حقائق الإسلام هو أيسر وأبسط وأسهل منهج يمكن اتباعه في فهم حقائق الإسلام ، ولا أود القول بأنه أفضل منهج قرأته منذ أن تشكل وعيي ، حتى لا يفسر البعض أن هذه وصلة من وصلات التطبيل والمجاملة ، ولكن هي كلمة حق ولابد من قولها وليكن ما يكون ، فقد قلنا ما نؤمن به في عهد المخلوع وكانت النتيجة الاعقتال والتعذيب والظلم ، ولا يجب السكوت على بعض المطالب التي أراها تعطل مسيرة العمل الإصلاحي والمشروع الاصلاحي الذي بدأه الدكتور أحمد صبحي منصور ، شيء غريب جدا أن يصر البعض على البحث عن منهج وعن آلية جديدة يتم العمل بهما لمقاومة الركام الموجود ، وأجد هنا نموذجا من التعليقات للأستاذ احمد شعبان يقول فيه الآتي : اقتباس " ((وما أتساءل عنه أخي هو خطط المرحلة الآتية بعد خطط إزالة الركام ، الأساس الفكري الذي سيقابل هذه الأفكار السوداء .

لأننا نعلم بأن الفكر المنظم له آلياته .

والقرآن الكريم بناء منظومي يجب التعرف عليه .

حتى يتم وضعه أمام الباحثين مع الخطط البحثية للعمل بهما .

لأن أي عمل جماعي يجب أن توضع له خططه البحثية حتى تكون النتائج مكتملة .

بارك الله فيك أخي

والسلام )) انتهى الاقتباس


اعتقد أن مثل هذه التساؤلات ليس لها إلا معنى واحد فقط على الأقل من وجهة نظري الشخصية هي عملية تجاهل تامة لكل ما يكتبه الدكتور منصور ، وعدم متابعة لما يخطه قلمه ، لأن هذا الكلام لو تمت كتابته على موقع آخر غير موقع أهل القرآن الموقع الذي يحمل رسالة جديدة ومختلفة وتحمل صفحاته مئات المقالات والأبحاث والفتاوى والتحليلات التاريخية لتراث المسلمين ووضع تصورات حقيقية تعتمد على منهج علمي موضوعي راسخ في التخصص ، وبعد كل هذا يتم المطالبة بوضع خطط بحثية أمام الباحثين شيء عجيب ، وقبل ان أنسى كل إنسان حر فيما يعتقد وفيما يعتنق ، وفيما يؤمن ولكن عندما يكون إنتاج الدكتور احمد بهذه الغزارة وهذه الكثافة ، وبهذا التمكن من أدواته البحثية والعلمية ، فهو بالفعل قد أسس منهجا تعليميا جديدا متفردا واضحا سهلا بسيطا لكل من يريد فهم حقائق الإسلام ، وذلك من خلال منهجه في تدبر آيات القرآن الكريم وتجميعه للآيات التي تشترك في اللفظ والمعنى ، او تتداخل في نفس الموضوع ، حتى يتم كتابة أي موضوع بصورة متكاملة واضحة ليس فيها انتقاء أو تقصير بحثي أو منهجي او موضوعي ،


8   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61987]

تحليل مطلوب لمنهج البحث القرآنى ..2

والمتابع لمنهج الدكتور منصور في الكتابة التأصيلية في باب التأصيل القرآني يعلم ذلك جيدا ، ليس هذا فحسب ، فقد أنتج الدكتور منصور سلسلة من الأبحاث التاريخية التي تجعل القاريء يدخل جميع العصور التاريخية ويعرف معظم أحداثها السرية ومعظم الشخصيات المغمورة في التاريخ الإسلامي وغيره ، بوضعها في قالب درامي رائع يسهل على القاريء عملية القراءة والتعرف على حقب تاريخية ، ووضع خططا وبرامجا أعلن عن بعضها يطالب فيها تحويل التراث إلى دراما ، وهذه ستكون أكبر فائدة تساهم في إظهار حقائق التاريخ ونقد سلبياته وشخصياته المقدسة ، وإبراز المميزات والصفات الحميدة في كل عصر وإعطاء كل شخصية حقها حسب تأثيرها في العصر الذي عاشت فيه

وأخيرا:

على الرغم أن الرجل قام بتطبيق هذا المنهج الدقيق ــ المبني على أسس ثابته ــ في مئات البحوث القرآنية وفي الاحتكام للقرآن الكريم في مقولات التراثيين واختلافاتهم التي لا تنتهي ، ومن المعروف أيضا أن الأديان الأرضية بنيت في الأساس على الاختلاف والشقاق ويتضح هذا في قوله تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )الروم: 30 : 32

إذن الحل في الاحتكام للقرآن الكريم كما جاء في سورة الأنعام يقول تعالى(أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )الأنعام:115 ، إذن الإلحاح بمنهج خيالي لا يستطيع صاحبه تطبيقه فهو مضيعة للوقت ، وأعتذر عن هذا الكلام ن ولكن أقولها بكل صدق وأمانه أمام الله جل وعلا ، لو وجدت منهجا يتمكن صاحبه من أدواته وإمكاناته أفضل من منهج الدكتور منصور سأكون أول من يتتلمذ على يديه.




9   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61988]

الأخ رضا - الهدى لمن اهتدى

سلّم الله فاك، أنا قضيت من عمري أكثر من أربعين عاما وأظنني كنت فيها من الضالين، ومن خلال هذا المنهج الذي طرحه استاذنا العزيز أحمد، أصبحت الأمور بسيطة وغير معقد فهمها علي، فمنهجه سهل جدا، وعلى فكرة، الأستاذ أحمد لم يأت بالجديد، فمنهجه بينه الله سبحانه في القرآن نفسه حين قال عن القرآن أنه آيات بينات وفصله تفصيلا. ولكن الله هداه الى فهم هذا المنهج القرآني، وقام هو بما عليه أن يقوم من جهاد ليقنع الناس بأن هذا هو المنهج القرآني الأصيل العلمي والعقلي في تدبر وفهم القرآن.


" وكذلك انزلناه ايات بينات وان الله يهدي من يريد" الحج - 16


" بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وما يجحد باياتنا الا الظالمون  " العنكبوت -49


" وهو الذي انشاكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون " الأنعام - 98


" وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الايات لقوم يذكرون  " الأنعام - 126


" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون " الأعراف - 52


10   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61993]

حول حتمية الأجــــــــــــــــــل

باب التأصيل القرآني قفتح الطريق إلى كل مؤمن تقي في التدبر ويشجع على البحث في القرآن الكريم عن حقائق الاسلام التي بعد عنها المسلمون كثيرا بسبب  استبدالهم للقرآن بكتب بشرية ما أنزل الله بها من سلطان.. ولقد فهمت من  هذا البحث للدكتور صبحي منصور أن الأجل أي عمر الانسان من الحتميات الأربع الكبرى..


 يقول تعالى " والشمس تجري لمستقر لها.. ذلك تقدير العزيز العليم" ويقول تعالى " كل في فلك يسبحون.."


 بوما أن جران الشمس والأرض في أفلاكها .. لن يتوقف إلا بقيام الساعة..


 وبما أن عمر الاسنان أي انسان ما هو الا عبارة عن أيام وشهور وسنين..


 وبما أن حركة الأرض والشمس ينتج عنها أيام وشهور وسنين.. 


 إذن فالأجل محتم ميعاه.. منذ لحظة الميلاد..


هكذا  يعلمنا القرآن


شكرا للكدتور صبحي منصور ولكل السادة المشاركين في باب التأصيل.


11   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61994]

مصدقا بكلمة - تابع

أخي العزيز:


أو لم تر أن مريم عليها السلام حالها حال زكريا؟ فهي فتاة طاهرة غير متزوجة ولا أمل لها في الأولاد... وزكريا عليه السلام كذلك لا أمل له لأن امرأته عاقر، والإثنان عبدان صالحان وأملهما بالله فقط، وليست المسألة مسألة انتظار فكلنا بشر في النهاية يا أخي، ومريم لا بد أنها فكرت بالزواج وغيره ولكن الله قال " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا" ...فهي قانتة وهبت نفسها لله وقنعت فأثابها الله بأبن يسلي عنها، كما إبراهيم كما زكريا...أولئك عباد لله قانتون خاشعين مسلّمين مسلمين...


وأنت إذ ذكرت الآية كاملة فكان الأجدر أن تركز على الأواخر من الكلم.. فيكون معناها :


أن الله يبشرك بيحيى بكلمة من الله مصدقا للرسالات وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين


ولكن لله أسرار في البلاغة فالعبارة كما أنا أكتبها ركيكة (أي لو رتبنا كلمات الآية كما أقول أنا فستبدو ركيكة في اللغة ناهيك عن الإعجاز الرقمي!) ... والترتيب ليس دائما دليل على الأهمية " وهذا من أقوال استاذنا  "


والله أعلم


12   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61995]

الملاحظة الثالثه- القدر والتقدير

أستاذي العزيز،


إن القدر (بفتح القاف والدال) والتقدير لهما شيئان مختلفان تماما، والعلاقة الوحيدة بينهما في الخلق والأمر لا أكثر، فالقدر والتقدير كليهما حتميان بحكم أنهما من عند الله، فالقدر هو كل ما له علاقة بالحتميات اللتي لا يستطيع الأنسان تفاديها لأنها خارجة عن إرادته ؛ فالله قدرها عليه. والقدر مرتبط بما يحدث في ليلة القدر كما كتبتم في كتاباتكم الأخرى من حياة ورزق ومصائب وموت.

والقدر من الله والله قضاه، بحكم علمه المسبق ، ولكننا كبشر لا نعلم ما "قُـدِّرَ" لنا من الله، ولهذا يقول رب العزّة " لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ " (وهنا يمكن الاستشهاد بالجزء من الآية لأن المعنى المراد جزء من الكل) ، ولهذا أسلم إبراهيم وزكريا أمرهما لله فلم يعلما ما قَدَّرَ الله لهما، فالقدر يتدخل في ما يحدث لنا من أمور ليس لنا بها من سلطان، ومن كان سيصدق أن يرزقهما الله بالبنين عل كبر في العمر؟ فلولا فضل الله ورحمته لماتا أفرادا، ولكن الله قضى بعلم و قدر جزاءا.

ولهذا أيضا يقول الله سبحانه لنا أننا إن أكثرنا الإستغفار فسيرسل السماء علينا مدرارا، وهذا يعني تدخل الإرادة الإلهية " بإجبار " نزول المطر حتى لو كان نادرا ولو في عمق الصحراء، وكذلك إن يتق الإنسان الله فسيجعل له من مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، وهنا أيضا يظهر تدخل الإرادة الإلهية " بزيادة الرزق وايجاد مخرج من كرب لمؤمن زاد تقواه " والتقوى ليس بشيء ثابت، بل هو متغير مع الزمن...

أي أنني أقصد أنه بما أن التقوى متغير، ففي حياتنا وبالرغم من انعدام أو ضعف الموارد "فإن اتقينا الله بحق" فالله سيرزقنا وينعم علينا من حيث لا نتوقع، وهذا وعد من الله "إن اتقيناه" والله يعلم ذات الصدور وخائنة الأعين!

ما المقصود من هذين المثالين؟ أننا يجب أن نؤمن ونتيقن بأن الله " لا بدّ " سيتدخل ويقلب الأمور عند التزامنا التام بما أمر وتسليمنا التام له، وهذا بالضبط ما حصل مع الأنبياء المذكورين سابقا عليهم السلام.


ولا أريد الإطالة هنا فالموضوع بالفعل شائق وطويل، وعودة الى ما بدأت، أما التقدير- فلا تتعجبوا- إن قلت لكم أنه محصور في العلوم فقط، أي أنه محصور على الأمور اللتي يستخدم فيها العلوم من الحساب والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا...الخ الخ الخ !!!

ولو أرجعنا النظر الى الآيات اللتي استخدم فيها كلمة " تقدير " لوجدناها جميعها لها علاقة بحساب السنين والأفلاك اللتي تدور ولا تتقاطع، وان تقاطعت ف بتقدير حتى لا يتم اصطدام، والليل والنهار، وتطور الإنسان من مني يمنى حتى اكتماله، بل حتى خلق الكون نفسه وكل شيء فيه " مُقَدَرٌ " من الله، أي متقن الصنع، دقيق الحسبة، ليس فيه عيب يعيبه..

ولك أن تتخيل ما تشاء فستجد أن الله أتقن صنعه، من الذرة الى الجزيء الى الخلية فما فوقها، وما يحدث من حركة - لا سكون في الكون، ربما في البرزخ فقط والله أعلم - وفي الكون والمجرات كذلك...

أخيرا، اللقاء الوحيد بين القدر والتقدير يتم حين يستخدم الله سبحانه " التقدير " ل " يَّقدِر " (بسكون القاف) في " القَدَر "...!

مثال بسيط على ذلك : " أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " الزمر- 52

حيث يلتقي التقدير في الرزق مع القَدر فيه (بسكون القاف) حسبما يرى الله رب العالمين .

ولا أريد الإطالة عليكم، ولقد رأيت أن لا أذكر الآيات اللتي تتحدث عن هذين الأمرين وتفصلاهما اختصارا للتعليق، وإن رغبتم فسأذكرها لاحقا.


وجزاكم الله كل الخير




13   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61997]

رد - حول حتمية الأجــــــــــــــــــل

أخي العزيز ،


إن كلامك صحيح وغير صحيح!!!


كيف ذلك؟


الرجاء قرائة ما أكتب بدقة متناهية لأن الموضوع يشبه خيط العنكبوت..!


أجل إن الأجل محتم ميعاده " بحكم علم الله المسبق  " ... ولكن " بحكم علمنا نحن  " فهو مجهول....وهذا بيت القصيد...فنحن " لا نعلم متى وأين نموت "....وبحكم البشر والحياة الأرضية فالبشر  " يودون لو يعمرون الف سنة " .... وبما اننا  " لا نعرف ساعة موتنا " فيجب علينا الإلتزام بأوامر الله....حتى نلاقي الله بوجه سليم...حسنا...لن أناقش البشر الكفرة...ولن أناقش البشر من الدرجتان الثالثة والثانية عند الله، بل سأناقش مسألة الذين هم من الدرجة الأولى " النبيين والشهداء والصالحين "...!


هل يوما كان إبراهيم " يظن  " أنه سيعيش حتى يرى ابناه وأحفاده؟ ....لا ولم يحلم بذلك...!


ولهذا " كافأه الله بالبنين  "........وفقط؟؟؟؟؟ لا.... " وبإطالة عمره "....الرجاء التركيز على هذا، فالله سبحانه ، " يكرم " عباده المخلصين، فلا إبراهيم كان يظن هذا ويعلمه ولا الذين من حوله....بل أكثر من ذلك "واصلحنا له زوجه" لزكريا، ماذا نفهم من هذا؟ ........امرأة كبيرة في السن..عاقر...." أصلحها الله سبحانه "...لأجل عبده المخلص...


الأمر دقيق أخوتي...الموت محتم نعم...ولكن كم من شخص تخطى المائة وعشرون؟...كثيرون...كم من شخص مات وهو في ربيع العمر؟؟؟ أكثر...


إن خلاصة الذي سأقوله ببساطة، أن الموت حتمي حتى يبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام..... ولكن نحن نقول أن معدل العمر كذا وكذا في البلد كذا...والله يقول الحق...إن تؤمنوا به وتتقوه حق تقاته...حتى العمر سيصبح نسبيا ...فلربما يمد في أعماركم..فله "الأمر" أولا وآخرا.


ولمن يريد التعليق أجيب : نعم كتب الله متى سيموت إبراهيم عليه السلام...ولكن...قضى أن يطيل في عمره لأجل مسمى إكراما له ...


وشكرا

















14   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61998]

وكان أمر الله قدراً مقدوراً..


   لاشك أن هناك فرق في المعنى بين القدر بفتح الدال  والتقدير..  وقوله " مقدوراً  فمع أن كلمة التقدير تعني الحتمية الكونية للقوانين التي تحكم الكون والتي اودعها الله فيه ..  حتى أن الغيث أو المطر هو  بقوانين علمية لايعلم تحقيقها إلا الله تعالى.
ومع أن كلمة مقدورا مشتقة من قدر .. إلا انها من  خلال السياق الخاص والعام ..  للآية التالية فإنها في رأيي تعني الحتمية. والفرضية على النبي. {مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً }الأحزاب38
 أي أن امر الله فيما فرض للنبي ليس فيه حرج على النبي.. وهذا أمر مفروض عليه .. حتما لا مفر منه... وهو الزواج من زوجة الابن بالتبني لنه ليس ابنا حقيقا  ..


 

15   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61999]

رجاء خاص

أستاذي العزيز،


الرجاء عدم إغلاق باب النقاش حتى أطرح مفهومي لمسألة "حتمية المصائب" و "الإفلات من الحتميات "  ان شاء الله فلي فيهما نظرة.




وسدد الله خطاك وجزاك كل الخير


16   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62001]

حتمية المصائب – نظرة

ما هي المصائب؟

المصائب نوعان..

الأول من الله

والثاني من أنفسنا

وهذا هو "الأمر".. أي أن كل هذا لا يخرج عن أمر الله سبحانه وإرادته، فالأمر عند الله عزّ وجلّ وله، ولكن الله بحكمته ، وبما أعطانا من عقل وقدرة على الإختيار، قَدَرَ أن يكون لنا دور في " أمر الدنيا " حتى لا يكون لنا عليه حجة يوم التلاق.


فما هي المصائب؟

1: المصائب البشرية أو " اللتي نحن سببها ":

من أبسط الأمثلة على هذه المصائب ما حدث مع المسلمين في يوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم أو ما حدث معهم يوم أحد إذ طمعوا بالغنائم والحياة الدنيا...هذا من الماضي.. ومن الحاضر ليس أوضح مما يحدث الآن في بلادنا من قتل وتدمير للبشر والأطفال ...الخ فهذا أيضا من المصائب البشرية الكبيرة لهجرنا كتاب الله ،و من الأمثلة الصغيرة الشخصية أن يسوق الشخص سيارته بتهور وعدم احترام لقانون السير أو أن يسوق سيارته وهو شارب للخمر، أو أن يزني بمن هب ودب فيكتسب الآيدز أو أن يسوق حربا ضد شعب بأكمله فيبيد ما يبيد...! وهنا رد على سؤال أستاذي الحبيب بشأن تداخل الأرادة البشرية في حدوث " الحتميات"...فليس هنالك تداخل أبدا، وما هي بالحتميات... بل هي فعل البشر وبغيهم بعضهم ببعض...هي " أسباب " نحن قمنا بها والله يعلمها " بحكم علمه المسبق "

ومن الأمثلة عليها من القرآن الكريم قول الله سبحانه

"لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ "

ولا يجب الخلط بين "فبإذن الله" مع "من عند أنفسكم" فكل " الأمر " بإذن الله كان في كتابه المكنون.

2: المصائب الإلهية:

وهي اللتي يصيبنا الله بها عقابا أو موعظة :

وهي حين يعصي قوما ما أمر ربهم بإجحاف مثل قوم لوط ونوح وعاد....هذا عقابا

أما الموعظة فهي ما يحدث من كوارث وزلازل وبراكين ... وهذه صعب الحكم فيها لعدم قدرتنا على علم إيمان الناس وفجورهم في ذلك الوقت أو تقواهم، وليس لنا إلا الإعتبار منهم.

وكذلك قوله تعالى:

" وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ "

" إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ * قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ " التوبه – 50:52

هذا مختصر قدر الإمكان، وشكرا لكم




17   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62002]

اعتذار

استاذي العزيز،


أنا أعتذر عن إكمال التعليق وسأكتب مقالا خاصا " بإذن الله " عن الإفلات من الحتميات وسأعتبره بحثي الموكل به...


وأشكرك على تحمل تلميذك الذي لا يندب عن الدعاء لك، وسدد الله خطاك وجزاك كل الخير.


18   تعليق بواسطة   على مرعى     في   الجمعة ١٨ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62010]

أمر عارض

الاستاذ الكريم غالب

نعم يا اخى حال مريم لا يشبه حال زكريا عليهما السلام. ولكنك تنسى ان زكريا دعا ربه ان يرزقه الولد ومريم لم تفعل ولم تفكر فى ان الله يرزقها بولد دون زوج. فكيف تفعل ولم تتخذ زوجا بعد؟ فزكريا شيخ كبير وامرأته عاقر ولايمانه بقدرة ورحمة الله سأل ربه الولد وهو فى سؤاله كأنه يعلم(بضم الياء) الله ان امرأته عاقر وهذه المقولة "امرأتى عاقر" لرغبة زكريا فى ان يكون الولد من زوجه وليس من زوج جديدة

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً [مريم : 5]

وعندما جاءته البشارة لم يصدق ذلك(من هول المفاجئة والفرحة) معللا له بأنه شيخ كبير وامرأته عاقر.هذا على الرغم من انه السائل من قبل. فالوهب جاء استجابة دعاء

قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [آل عمران : 40]



فى حالة مريم الصديقة الأمر مختلف كليا. فمريم لم تسأل. مريم مستحيل ان تصدق انها تنجب بدون زوج.مريم بشر خلق ضعيفا. ولهذا كما قلت جاءت البشارة بالكلمة وليس بالولد مباشرة . عليك ان تقرأ ما كتبناه مرة أخرى لعله لم يكن واضحا فى المعنى المراد ايصاله

وتقول" الاستاذ يقول ان الترتيب ليس دليلا دائما على الأهمية" . اين كتب هذا حتى نقرأه ونفهمه؟

واعتذر ان خرجت بالمناقشة الى مسالة ذكرت عرضا فى المقال.

ونشكرك


 


19   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ١٨ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62012]

أحبتى ..أبهجنى حضوركم وأسعدتنى تعليقاتكم ..,أقول للاستاذ رضا

1 ـ أدعو الله جل وعلا بالشفاء ليدك ، وبالتوفيق لك.


2 ـ أقترح أن تكتب موضوعا عن مصطلح (الظلم ) فى القرآن ، وأكتب أنا نفس الموضوع ، ليس للتنافس بيننا ولكن لكى نتعلم من بعضنا ،إذ لا بد أن تاتى بأفكار لم تخطر لى على بال. ونتعلم من بعضنا . وذلك تأكيد فى دور موقعنا كمدرسة بحثية .


3 ـ أنا سعيد بتحليلك لمنهجنا من خلال قراءتك النقدية لهذا المقال ، وأقول مؤكدا ومكررا : إنه ليس من مهمتنا هداية الناس لأنها مسئولية شخصية على كل شخص، ولا نستطيع إرغام  أحد على إتباع منهجنا ولا نستطيع إرغام المسلمين على التوحد حول منهج واحد فى فهم القرآن ، فالله جل وعلا خلق الناس هكذا ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك . يكفى إعتقادنا أن منهجنا مستمد من القرآن رأسا ، ويكفى إننا استطعنا به إكتشاف مئات الحقائق القرآنية المجهولة التى لم تكن معروفة من قبل ، ويكفى إننا بهذا المنهج لا زلنا نكتشف ونتعلم المزيد من القرآن الكريم . كل ما نرجوه هو أن نكون يوم القيامة شهداء على قومنا ..جاهدنا لاصلاحهم بالقرآن فتعرضنا للاضطهاد وصمدنا ، ونرجو أن نظل على الحق ومتمسكين بالصبر الى أن نلبقى رب العزة جل وعلا. وحتى يتحقق لنا هذا الأمل لا بد أن نحافظ على الاستمرار فى طريقنا فلا نضيع وقتنا فى تحويل الفسيخ الى عسل نحل ..


20   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ١٨ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62013]

أحبتى ..استاذ غالب واستاذ مرعى واستاذ محمود مرسى

سعادتى لا توصف باسهاماتكم ، خصوصا ما تفضل به الاستاذ غالب غنيم . وهنا اسمحوا لى بتوضيح الآتى لعناية الأخ الحبيب غالب غنيم :


1 ـ شرف كبير أن تحظى مقالاتى بكل هذا الاهتمام منك لأنك بهذا تؤكد دور موقعنا كمدرسة . ليس مدرسة تعليمية تتبع وزارة التعليم ولكن مدرسة فكرية لها منهجها ولها هدفها وغايتها ومقصدها . المنتمون لهذه المدرسة ليسوا أساتذة وتلاميذ ولكن باحثين يتعلم بعضهم من بعض ، قد تكون لبعضهم أقدمية وخبرة بحثية ولكنه يحتاج الى شباب الباحثين ليناقشوه وليجددوا خلايا عقله وليجعلوه يعايش العصر.أى يتعلم بعضنا من بعض على قدر المساواة .


2 ـ موضوع ( كتابة الحتميات ) متداخل مع القضاء والقدر ، وبحثته من هذه الناحية بالبدء بفقه المصطلحات ثم بالتنويه الى بحث قادم منفصل عن تدخل الانسان فى تلك الحتميات ودور العلم الالهى فيها . موضوع القضاء والقدرو الجبر والاختيار هو الشاغل الأول للفلسفة من بدايتها فى اليونان الى انتقال مدارسها الى الاسكندرية والرها ونصيبين وانطاكية الى بغداد العصر العباسى والجدل بين المعتزلة و السنيين من أشاعرة وماترودية ، والجبرية..ولا يزال نفس الموضع يلحّ إلحاحا على عقلنا المعاصر. ولقد تعرضنا له (جزئيا ) فى حتميات (كتب وكتاب ) بالقدر الذى يسمح به موضوع البحث وهو عن ( مصطلح كتب / كتاب ) ، ولم نشأ التوغل حتى لا نخرج عن الموضوع. وأجّلنا موضوعات متعلقة ، ونعتقد إنه لا بد من موضوع متخصص فى القضاء والقدر يبحثه تاريخيا من الجدل القديم حوله ثم إعطاء وجهة نظر قرآنية.


3 ـ ما قلته هنا وفى كل ما أكتب ليس سوى وجهة نظر قرآنية أعرضها للنقاش والنقد. وأتمنى مخلصا لو قمت أخى العزيز غالب غنيم بكتابة وجهة نظرك فى مقال أو أكثر لنتحاور .. فكما قلت وكما لازلت أقول : نحن جيل الحوار .


21   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الجمعة ١٨ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62017]

الأستاذ أحمد والأخ علي مرعي العزيزين

أولا شكرا لك أستاذي العزيز، وأنا بدوري يهمني رأيك ورأي الآخرين فيما أكتب وأعلق حتى أعرف إن كان ما قلته صحيحا أم خطا وإلا سأبقى على جهالة من الأمر، فأنا لا يهمني رأيي الشخصي بقدر أن يكون صحيحا أي متوافقا مع فهمي للقرآن الكريم. ولتبسيط الأمور فأنا أفهم أن الصمت على ما أقول يعني أنكم تقولون لي أنه صحيح، فهدفي النهائي وغايتي من اشتراكي في هذا الموقع أن أخرج برأي سليم صحيح كما ذكرت ولأعبد الله بقلب سليم.


الأخ علي، بالنسبة للأمر العارض فأنا أسحبه وأعتذر عنه لأني لا أذكر أين قرأته، ففي هذه الأيام أقرا بدون توقف، فأنا أعتبر تلك الجملة لاغية "بالنسبة لأهمية الترتيب" ... وأنا ما زلت على قناعتي وفهمي القريب من فهمك ولكني أعتبر مريم "إمرأة وإنسانة لها مشاعر ورغبات مثلها مثل حواء وجنسهم" وهذا ما لا أستطيع ايصاله لحضرتك لأنك "تنزهها حتى عن مثل هذه المشاعر" والمرأة لا تسأل ولا تطلب عادة، خاصة أنها وهبت نفسها لله فكيف ستطلب؟ والله يعلم ما في الصدور


وشكرا


22   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   السبت ١٩ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62031]

شكرا مكررا للاستاذ غالب ،وأقول

عذرا وشكرا ..


من ضمن سيئاتى الكثيرة أننى لا أكتب للرد على كل شىء ،أو الدفاع عن وجهة نظر لى ،أو تصحيح رأى لبعض الأحبة . ليس فقط لضيق الوقت ولكن لأسباب أخرى أرجو أن تكون وجيهة . منها : قد يكون الرأى أو النقد أو السؤال قد سبقت الاجابة عليه فى مقالاتى وكتبى المنشورة فى الموقع ،أو ستأتى الاجابة عليها بالتفصيل فى مقال قادم ، وقد أرى فى وجهة نظرى الصواب ولا أقتنع بالرأى الآخر ـ وهذا حقى طبعا ـ ولكن لا أريد الدخول فى جدل لضيق الوقت ..السبب الأهم هو رغبتى فى أن يعتمد الباحث على نفسه ويجتهد باحثا عن الحقيقة مثلى ، وربما يصل الى الصواب الذى لم أصل اليه ..


ولهذا أنتظر بفارغ الصبر اجتهاداتك أخى غالب واجتهادات بقية الأحبة لأقرأها ، وكل وجهات نظرنا تثرى تنوعا فكريا فى هذه المدرسة القرآنية.


23   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ١٦ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88203]

فى فقه المصطلحات القرآنية : مصطلح (كتب /كتاب ) تترادف وتتداخل مع مصطلحات أخرى مثل


(الأمر ، القضاء ـ القدر ـ الميزان ). وميدان هذا التداخل فسيح يشمل الكون كما يتضمن الانسان بجسده ونفسه . هذا موضوع طويل نقتصر منه على لمحات بالقدر الذى يفيد هذا المقال . ويجمع بين كل تلك المصطلحات أن لها جانبين : حتمى فى الخلق ، وتشريع فيه حرية الطاعة وحرية المعصية ومسئولية الانسان على حريته واختياره . ونعطى أمثلة :1 ـ ( كتب ) تأتى بمعنى التشريع ، فقد كتب الله علينا الصيام ، ولكن هناك من يصوم وهناك من يفطر عصيانا. و(كتب ) تأتى بالحتمية ، وهو موضوع هذا المقال.2 ـ (أمر ) يأتى بالحتمية فى الخلق كقوله جل وعلا : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( يس 82 )ويأتى فى التشريع : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ) ( الاعراف 29 )،فالله جل وعلا يأمر بالقسط ولكن السائد هو الظلم3 ـ (قضى ) يأتى بالحتمية فى الخلق:(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )  ( البقرة  117 )، ويأتى فى التشريع :( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ) ( الاسراء 23 )،فالله جل وعلا قضى بالتشريع ألا نعبد إلا الله ولكن أكثر البشر مشركون.4 ـ موضوع القدر والتقدير أكثر تعقيدا ، وحتى لا تأخذنا التفصيلات فيه بعيدا عن موضوعنا (كتب / كتاب بمعنى الحتميات ) فإننا نحاول الايجاز بإعطاء اللمحات السريعة الآتية عن موضوع (القدر والتقدير ):4/ 1 :يأتى القدر بمعنى الحتمية فى الخلق فى الكون المرئى لنا :( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )( يس   38 : 40 )4/ 2 : معقد جدا موضوع الحرية فى التشريع فيما يخصّ القدر والتقدير. وسنتوقف معه فى مقال مستقل، ولكن  نشير سريعا الى نوع من الهداية  الحتمية تأتى ملحقة ولاحقة بالخلق والتقدير ، يقول موسى عليه السلام عن ربه جل وعلا:( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) ( طه  50 ). الحديث هنا عن عموم خلقه جل وعلا. فالله جل وعلا أعطى كل مخلوق وسائل حياته وهداه اليها بالغريزة والفطرة . ويقول ربى جل وعلا : ( الَّذي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى )(الاعلى 1 :3 ).هنا الخلق والتسوية والتقديرمرحلة أولى، ثم تأتى الهداية لهذا المخلوق كى يعيش ويأكل ويحمى نفسه ويتكاثر وفق غريزة أودعها الخالق فيه. ينطبق هذا على الانسان من بدايته جنينا ،يقول جل وعلا: (مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ )( عبس 19 / 20 ). خلق الانسان من نطفة طبق تقدير الاهى ، بعده ييسر الله للجنين سبل الحياة ، ثم الخروج من مضيق المهبل الى حياة لا يعرفها فيبحث بفمه عن الثدى ويلتقمه ليشبع أول غريزة وهى الأكل . أفلام قناة ديسكفرى تكتشف لنا أسرار الغرائز لدى الحشرات والطيور والحيوانات فى الغابات وفى البحار بما يزيد المؤمن إيمانا بأن الله جل وعلا قد أودع (هداية ) طبيعية لدى تلك الأحياء من أصغر أميبا الى  الانسان . بالاضافة الى هذه الهداية الحتمية التى تتبع الخلق والتقديرفلكل انسان أن يختار بحريته ومشيئته ( هداية ) تشريعية ملتزما بالميزان التشريعى الذى أنزله الرحمن جل وعلا . هذه الهداية إختيار شخصى وهو يتحمل مسئوليته طبقا لقوله جل وعلا :( مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)(الاسراء15



24   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ١٦ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88204]

الحتميات الأربع المكتوبة على الانسان فى هذه الحياة الدنيا : 1 ـ حتمية الخلق والولادة والنسب


1 ـ حتمية الخلق والولادة والنسب :1/1 :لا أحد يختار أباه وأمه وعائلته ، بل يأتى ليجد نفسه منتسبا الى أسرة لا شأن له فى إختيارها . ولا أحد يختار ملامحه ولونه وطوله أو قصره، الذى يختار ذلك هو الخالق جل وعلا . من بين ملايين الاحتمالات فى ملامح الوجه والجسد يختار الله جل وعلا ملامح محددة لكل فرد منذ تكوين الجنين فى الرحم :(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء )( آل عمران 6 ).وبعد الولادة يتعين على الفرد أن يعيش عمرا محددا له سلفا . هذا العمر هو الفترة التى تقع بين الولادة والموت . موعد الولادة محدد ، وموعد الموت محدد. ويبدأ العدّ التنازلى للعمر من وقت الولادة ، فكل دقيقة تمر تنقص دقيقة من العمر المحدد ، وكلما مرت سنوات العمر تناقص بقدرها ما يتبقى من العمر ، وكل منا يركب قطار الحياة من محطة ولادته الى أن يصل الى محطة وفاته فيترك القطار، ويظل القطار سائرا يستقبل زبائن بالميلاد ويهبط منه زبائن بالموت . نحن نعيش زمنا متحركا ، إنه قطار متحرك لا سبيل الى إيقافه ، وسيظل بنا سائرا الى أجل مسمى هو قيام الساعة. هذه هى حتمية الحياة وحتمية الموت ، لا سبيل للهروب منها . وكل ذلك فى كتاب ومكتوب سلفا لكل منا من الحمل الى الوضع الى قضاء العمر ، يقول جل وعلا :( وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) ( فاطر 11 ). أنت الآن مثلا فى الأربعين وقد حدد الله جل وعلا أجلا لك بأن تموت فى السبعين وأربعة أشهر وخمسة أيام وساعتين ودقيقة واحدة . كل دقيقة تمضى من عمرك حيا تقترب مقابلها دقيقة من موعد موتك . وكل دقيقة يجرى تسجيلها فى كتاب أعمالك الذى يوثّق حياتك ويدونها ويسجلها ويحفظها على نحو ما سنتعرض له فى (كتاب الأعمال ). 1/ 2 : هذه الحتمية يمكنك تجاوزها بعملك الصالح فى الدنيا . مثلا ، أنت هنا لا تختار لونك فى هذه الدنيا الفانية . ولكنك تختار لونك فى الآخرة طبقا لحريتك فى الطاعة أو المعصية . إن إخترت الطاعة فسيكون وجهك مضيئا بالنور ، وإن ألهتك الدنيا وعصيت وفسقت فسيكون وجهك مسودا مظلما : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ   ) ( آل عمران 106 ـ  



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4984
اجمالي القراءات : 53,458,284
تعليقات له : 5,328
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي