آحمد صبحي منصور Ýí 2011-10-03
مقدمة
اللفظ القرآنى ( كتب ) ومشتقاته يلعب دورا أساسيا فى حياتنا . فالله جل وعلا (كتب ) علينا الفرائض من صلاة وصيام وزكاة وحج ،وكتب على (نفسه ) إلتزاما ، وأنزل لنا ( كتبا ) أو ( كتابا ) سماويا ، كما إنه جل وعلا ( كتب ) علينا الحتميات أو القضاء والقدر الذى لا مفرّ منه ، ثم إنه جل وعلا له ملائكة (تكتب ) اقوالنا وأعمالنا. ولا يخلو الأمر من قيام البشر ب ( كتابة ) رسالة أو خطابا أو تحريف فى الكتاب السماوى . جاءت تفصيلات هذا كله فى القرآن الكريم. وفى هذا المبحث نتوقف مع معنى (كتب وكتاب ) فى النسق القرآنى. وهنا نبحث ( كتب و كتاب ) بمعنى الكتاب السماوى .
أم الكتاب : وله معنيان :
1 : أم الكتاب أصل الكتب السماوية
(أمّ الكتاب ) هو الأصل وفيه اسس الدين الالهى من إخلاص الدين لله جل وعلا وحده ، من العبادة والعقيدة أو الدعوة. وهو بالمعنى ،أى بالضمير أو اللغة العالمية التى يشترك فيها البشر جميعا مهما اختلفت ألسنتهم . ولان كل رسالة تأتى بلسان معين ، وتخاطب أقواما وتعكس بعض ظروفهم الزمانية والمكانية فإن هذه التغييرات الوقتية فإن الكتاب السماوى لأولئك القوم يأتى نسخة من (أم الكتاب ) ولكن مع تعديل يستدعى محوا وإثباتا من الأصل أو (أم الكتاب ) لتأتى منه الرسالة السماوية مختصة بأولئك القوم ومتجاوبة مع ظروفهم ولسانهم. يقول جل وعلا : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.) ( الرعد 39 ).
ومن (أم الكتاب ) جاء القرآن الكريم أو الرسالة الخاتمة للبشر جميعا من وقتها الى قيام الساعة. ولأنها الخاتمة وتخاطب البشر جميعا وتستمر من بدايتها الى نهاية العالم فإن موقع الرسالة الخاتمة يأتى مميزا فهى النسخة المعدّلة من (أم الكتاب ) لبنى آدم بل والجن أيضا. يقول جل وعلا عن القرآن الكريم : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَالَعَلِيٌّ حَكِيمٌ .) ( الزخرف 4 )
2 :أم الكتاب بمعنى الآيات المحكمات فى القرآن الكريم فى مقابل الآيات المتشابهة :
يقول جل وعلا :( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِوَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) ( آل عمران 7 ). الآية المحكمة تعبر عن المعنى بوضوح وبساطة وباسلوب علمى تقريرى ،أما الايات المتشابهة فتعطى تفصيلات للأية المحكمة وقد تستعمل أسلوب المجاز . والمنهج البحثى فى القرآن الكريم يعتمد على تجميع كل الآيات الخاصة بالموضوع المراد بحثه فى السياق العام والخاص ، ثم تحديد الآيات المحكمة ، والآيات المتشابهة ، وفهم الآيات المتشابهة من خلال الآيات المحكمة الحاكمة فى الموضوع.
( كتاب ) اسم جنس مفرد لكل الكتب السماوية ، وتأتى معه مترادفاته:
1 : حين تقول:(إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَوَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ )( الأعراف 196 ) فالمقصود هنا كل الكتب السماوية و ليس القرآن الكريم وحده.
2 : وقد يأتى السياق بلفظ الكتاب وشروح له كالحكمة و البينات والميزان ، وكلها مترادفات شارحة للكتاب السماوى كقوله جل وعلا : (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ) ( آل عمران 81) هنا الكتاب مدلول عام لكل الكتب السماوية ، وتأتى الحكمة مرادفة وشارحة لمعنى الكتاب..
3 : ويوصف الكتاب السماوى عموما بأنه الميزان : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَلِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ .)(الحديد 25 .) الميزان هنا شرح لكل كتاب سماوى.
4 : وبنفس المعنى يوصف الكتاب الالهى بالمنير وبالزبر والبينات كقوله جل وعلا :(فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِالْمُنِيرِ.)( آل عمران 184 .) (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ) ( فاطر 25 ) فالكتاب المنير مراد به كل الكتب السماوية ، وتأتى شروح له توضح معنى الكتاب السماوى:(بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ). ولكن هناك وصفا ضمنيا للقرآن الكريم فى الآيتين بأنه أيضا كتاب منير . وهذا يجعلنا نتوقف فى لمحة سريعة على إنطباق تلك الصفات على أشهر الكتب السماوية : القرآن والانجيل والتوراة
إنطباق وصف الكتاب السماوى على القرآن والتوراة والانجيل
1 : إذ يلاحظ وصف القرآن الكريم بتلك الصفات نفسها ، فالقرآن الكريم هو الحكمة أوهو موصوف بأنه الحكمة ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)(آل عمران 164 ) فالكتاب هنا هو الحكمة ، والحكمة وصف للقرآن أو الكتاب لأن العطف بالواو هنا يفيد التبيين والتوضيح والتوصيف ، ومن هنا أمر الله جل وعلا أزواج النبى بقراءة القرآن فى بيوتهن واصفا القرآن بالحكمة فقال جل وعلا :(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) ( الأحزاب 34 )وقال جل وعلا للمؤمنين ( وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ) ( البقرة 231 )، ولو كانت الحكمة شيئا مستقلا عن الكتاب لقال جل وعلا ( يعظكم بهما ) ، ولكن لأنهما شىء واحد قال جل وعلا (وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ). ووصفت التوراة والانجيل بالحكمة : يقول جل وعلا لعيسى عليه السلام :(وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) ( المائدة 110 )وقيل عن عيسى ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) ( آل عمران 48 )،بل تم إختصار ذلك كله فى كلمة الحكمة التى تدل على التوراة والانجيل معا ، يقول جل وعلا عن عيسى عليه السلام : ( وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بالحكمة ) ( الزخرف 63 ).
2 ـ والقرآن الكريم موصوف بأنه (ميزان ) : (اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ )( الشورى 17 )
3ـ وموصوف القرآن بأنه نور (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) ( النساء 174 ) (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( الاعراف 157 ) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا) ( الشورى 52 ) (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ) ( التغابن 8 )
وقال جل وعلا عن التوراة (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ) (المائدة 44 ) ( قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ) ( الانعام 91 ) وقال عن عيسى والانجيل (وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ) ( المائدة 46 ).
4 ـ والبينات وصف للكتب السماوية كلها ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ )(الحديد 25 .)، ويقول جل وعلا : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) ( البقرة 213 ). والبينات وصف للقرآن الكريم :(وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ ) ( البقرة 99 ). وقد أنذر الله جل وعلا وحذّر من يكتم تلك الايات البينات ، وهو تهديد فظيع لكل من يعرف حقيقة قرآنية ولا يعلنها على الناس ـ يقول جل وعلا :(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )( البقرة 159 : 160 ). وتكرر كثيرا وصف القرآن بأنه كتاب مبين . ونفس الحال مع التوراة فهى بينات : (وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ) ( البقر ة 92) والانجيل فهو أيضا بينات (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (البقرة 87)
الايمان بكل الكتب السماوية أو بالكتاب السماوى أجمالا :
يقول جل وعلا عما ينبغى أن يكون عليه الايمان القلبى الحقّ : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ .) (البقرة 285 ). فالايمان الحق من عناصره الايمان بكتب الله جميعها إيمانا عاما ،أى إن الله جل وعلا أنزلها على رسله ممن ذكرهم القرآن أو لم يذكرهم. وعلى هذا كانت السيدة مريم رضى الله جل وعلا عنها تؤمن بكلمات ربها وكتبه: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ)( التحريم 12 .)، وهنا وصف للكتب السماوية بأنها كلمات الله جل وعلا . فالايمان بكل الكتب السماوية، أو بالتعبير القرآنى :( وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ.) ( آل عمران 119) أو بالتعبير القرآنى البليغ :(وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ .) ( الشورى 15 ).
أخيرا : لماذا جاء التعبير عن الكتب السماوية بلفظ المفرد أى ( كتاب ):
1 ـ لأنها من مصدر واحد هو (أم الكتاب ) ولأنها مع اختلاف اللسان والأقوام والمكان والزمان وبعض التفصيلات التشريعية فكلها تقرر أساسات الاسلام من الايمان يالله وحده لا إله غيره ولا إله معه ، وأن يكون الدين من دعاء وعبادة وعقيدة وشريعة لله جل وعلا وحده . وهذا هو الاسلام دين الله الحق الذى نزلت به كل الشرائع يصدق بعضها بعضا . ومن الطبيعى أن يخترع البشر أديانا أرضية ينسبونها للنبى كما فعل المنتسبون للمسيح فى المسيحية والمنتسبون لمحمد من المحمديين فى أديانهم الأرضية من سنة وتشيع وتصوف وغيرها. وكل ذلك لا علاقة له بالاسلام الحق الذى قال عنه رب العزة (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (آل عمران 19 ، 84 : 85 ).
2 ـ وقد ترددت فى القرآن الكريم معالم الاسلام الحق فى الكتب السماوية فى مظاهر شتى : كالقصص الأنبياء فكل نبى يدعو قومه بنفس الكلام مع اختلاف الزمان ، وهذا ما نلاحظه فى سور الأعراف وهو والشعراء على سبيل المثال . وفى سورة الأنبياء يقرر جل وعلا وحدة الرسالات السماوية أو الكتب السماوية أو الكتاب السماوي فيما يخص العقيدة أو الدعاء أو الدعوة والعبادة : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ) ( الأنبياء 25)، بل تتكرر نفس الآيات فقد قيل لكل رسول نفس التحذير من الوقوع فى الشرك والكفر : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ ) ( الزمر 65 ـ ). بل يتشابه كفار كل عهد فى نفس الثقافة وردود الأفعال تجاه الرسول ـ يردون عليه بنفس الكلام ويتصرفون بنفس العداء ، أى كما يقال للرسل جميعا وحى واحد مع اختلاف اللسان والزمان والمكان فان الكفار يواجهون أولئك الرسل بنفس الكلام ونفس التصرفات مع اختلاف الزمان والمكان واللسان ـ يقول جل وعلا : (مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ )( فصلت 43 )
3 ـ بل ينقل القرآن الكريم سورة كاملة مما نزل على ابراهيم وموسى ، وهى سورة (الأعلى ). وينقل حوالى نصف سورة النجم مما نزل أيضا على ابراهيم وموسى ؛ يقول جل وعلا عن بعض المعاندين :(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) ثم يذكر آيات مما نزل عليهما : ( أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ؟ ) وبعدها يؤكد رب العزة أن ما سبق هو نذير من الرسالات السماوية السابقة وليس فقط نقلا عن كتابى ابراهيم وموسى : (هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى ) ثم بعدها يخاطبنا نحن البشر آخر الزمان فيقول مذكّرا بقرب الساعة التى نحن عنها لاهون معرضون : ( أَزِفَتِ الآزِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) ( النجم 36 ـ ).
4 ـ من الطبيعى أننا لن نجد هذه الآيات ضمن التوراة أو العهد القديم فى عصرنا ، وهذا يفرض علينا التعرض لما حدث فى التوراة والانجيل وموقف القرآن الكريم من ذلك ، وموقف أهل (الكتاب ) من ( الكتاب ) الأخير أو القرآن ، وخصوصية القرآن .. كل ذلك ضمن بحث الكتاب السماوى . ثم بعد الانتهاء من الكتاب السماوى نتعرض للكتب المزيفة لأصحاب الأديان الأرضية ، وبعدها نتوقف مع ( كتاب الأعمال ) و( كتاب الحتميات ) . والله جل وعلا هو المستعان .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5098 |
اجمالي القراءات | : | 56,364,480 |
تعليقات له | : | 5,431 |
تعليقات عليه | : | 14,792 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية
دعوة للتبرع
يحرم الجدال معهم: من يوم ما اعلنت لاصدق ائي اني قرأني لا اؤمن...
هجرة الزوجة: : اذا تعرضت المرا ة المسل مة المتز وجة الى...
خطر الوهابية : خطر الوها بية Wahhabisme danger Saudi Zionist coalition wants to...
المشككون فى الصلاة : البعض من القرأ نيين شككون ي في الصلو ات ...
موالاة المسالمين : ما معني قوله تعالي ( انما وليكم الله و رسوله...
more
كلما قرأ الإنسان في القرآن بتدبر وتمعن وتركيز بهدف الهُدى والبحث عن الحقيقة فإنه يكتشف الكنوز والدرر والمعجزات القرآنية التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك عظمة هذا القرآن الكريم وإعجازه وتفرده وإحكامه ومدى الدقة والإعجاز اللفظي واللغوى الذي كُتِبَ به هذا القرآن العظيم
والبحث الذي بين أيدينا يبين لنا بعض مفردات هذا الإعجاز القرآني في (كتب ، وكتاب) فنجد لها في القرآن العظيم معاني كثيرة متعددة ، لكن في الاستعمال الانساني لا نجد لكل مفرده إلا معنى واحد فقط وأعتقد أن الفعل كتب ليس له في تعاملات البشر خارج القرآن سوى هذا المعنى كتب أي خطّ ، وكذلك كتاب في تعاملات البشر خارج القرآن الكريم ليس لها معنى أو استخدام إلا الكتاب أو كل ما هو مكتوب ، وقديما كانوا يقولون على الرسالة كتاب ، لكن في الاعجاز الإلهي القرآني نجد للمفردة الواحدة مشتقات ومعاني كثيرة جدا واستخدامات أكثر وهنا تتجلى حكمة ربنا سبحانه وتعالى في أوامره لنا نحن البشر في كيفية التعامل مع القرآن الكريم ، بألا نفرض عليه وجهة نظرنا وفهمنا الخاص حين نريد البحث فيه أو حين نقرأ آياياته بحثا عن الحقيقة لأن للقرآن خصوصياته ومفرداته واستخداماته لهذه المفردات ، وهنا تتجلى حكمة إليهة أخرى في أمر الله جل وعلا لنا حين نقرأ القرآن أو نسمع آياته تتلى علينا بأن نتدبر آيات القرآن عند القراءة وأن ننصت ونركز حين نسمعها تتلى علينا ، والسبب واضح ومعلوم
وكذلك من خللا هذه البحث يجب ان نتصول لحقيقة هامة جدا وهي حقيقة علمية وموضوعية وعقيدية في نفس الوقت أنه إذا أراد الإنسان فعلا الهداية فهو مطالب بالبحث وبذل الجهد والتفتيش هنا وهناك ، ولا يمكن للإنسان أن يفهم أو يصل لأي شيء لو اقتص أجزاء من الآيات واستدل ها أو دعّمَ بها وجهة نظر يريد فرضها على القرآن وعلى الناس ، بل يجب على الباحث الحقيقي حين يريد التوصل لمعنى كلمة واحدة من مفردات القرآن أن يبحث عن الآيات التي ذُكرت فيها هذه الكلمة ويجمعها ويقرأها أكثر من مرة حتى يصل للمعنى الحقيقي حسب ما جاء في القرآن وحسب ما يتحدث القرآن عن نفسه وعن مفرداته
وها ما تعلمناه من الدكتور منصور ، ولا أخفيكم سرا أقوم هذه الأيام بالبحث في القرآن الكريم كاملا لجمع الآيات التى ذكرت فيها بعض المفردات ، ومجرد تجميع الآيات لكل مفردة واحدة تتفتح أمامي حقائق قرآنية جديدة لم أكن اعلم عنها شيئا ... فهي دعوة للبحث في كتاب الله والرجوع والعودة إليه
والله جل وعلا هو المستعان ..