السياسة الأموية والفلسفة الجبرية

آحمد صبحي منصور Ýí 2010-08-25


تسبب الأمويون في إحداث كوارث مؤلمة لا تزال تؤرق العالم الاسلامي ، وهى قتل الحسين وآله في كربلاء وقتل أبناء المهاجرين والأنصار واقتحام المدينة ثم انتهاك الكعبة وضربها بالمجانيق.. واحتاج الأمويون إلى تبرير هذه التصرفات أمام دعاية خصومهم فوجدوا التبرير في اعتناق فلسفة الجبرية ،فما هى فلسفة الجبرية ؟ وما هي جذورها لدى الأمويين ؟ وكيف استغلوها ؟ وما موقف خصومهم منها ؟ وما هى الآثار التي ترتبت على ذلك ؟

 

معنى فلسفة الجبرية :

* فلسفة الجببرية : معناها أن الإنسان مجبر على أعماله وأن كل أفعاله تصدر عنه بطريقة لا إرادية ، وأن مشيئة الله اقتضت أن يتصرف هكذا ، ولا يمكن له أن يتحرر من أسر هذه المشيئة ، فإذا شاء الله أن يكون كافراً فلابد أن يكون كافراً ، وإذا شاء له أن يعصي فلابد أن يعصي .. ولامجال للإنسان في الإختيار وحرية الارادة .

 

جذورها في قريش والأمم السابقة :

*  وحين كان الأمويون زعماء قريش في حرب الاسلام كان يحتجون بالجبرية ويقولون إن مشيئة الله اقتضت أن يشركوا بالله ، وحكى القرآن عنهم ذلك " وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيئ  نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيئ كذلك فعل الذين من قبلهم ، فهل على الرسل إلا البلاغ المبين : النحل 35 ."

 

رد القرآن على الجبرية :

* والواقع أن القرآن الكريم  أرسى حرية الإرادة وحرية الاعتقاد فقال عن القرآن يخاطب قريشاً وغيرها " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ..الأسراء 107 " أي بامكانهم أن يؤمنوا أو أن يكفروا ، وقال " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر : الكهف 29" أي للبشر مشيئة مستقلة وإرادة حرة ، والله دعاهم للإيمان في ظل من الحرية الإنسانية ومنع الاكراه في الدين لأن مشيئة الرحمن اقتضت ان يكون الناس أحرارا " ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين ؟ يونس 99 "

بل إن أعداء القرآن يحاولون حربه مااستطاعوا تأسيسا علي مايتمتعون به من حرية ، والله تعالي هو الذي شاء لهم أن يكونوا أحرارا وسيحاسبهم  علي أفعالهم يوم القيامة ، يقول تعالي " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ، أفمن يلقي في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ؟ اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير : فصلت  40" قال لهم" اعملوا ماشئتم " أي لهم حرية الأرادة في التصرف وليسوا مجبرين علي الطاعة أو المعصية إلا إذا ألزموا أنفسهم بأنفسهم .

*  غاية ماهنالك أن العبد يختار لنفسه بمحض ارادته طريق الإيمان أو طريق العصيان والله تعالي يزيد المؤمن ايمانا ويزيد الضا ل ضلالا  . يقول تعالى عن المؤمنين حقاً " ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً : مريم 76." ويقول عن أهل الكهف " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى.. الكهف 13." ويقول عن الضالين " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً : البقرة 10 . "

 

* إذن يبدأ الانسان بالاختيار الحر ثم يزيده الله إيماناً إذا كان مؤمناً ويزيده ضلالاً إذا كان ضالاً ، أو بمعنى آخر يزين له اختياره ، يقول تعالى عن تزيين الإيمان للمؤمنين " ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان : الحجرات7 ."  ويقول تعالى عن الصنف الآخر " إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون : النمل / 4 " .

 

الخلفاء الأمويون وفلسفة الجبرية:

* وأرسى الأمويون ملكهم العضوض بقوة السيف، وبعد مقتل الحسين وآله وانتهاك البيت الحرام وقتل أهل المدينة لم تعد هناك حدود يقفون عندها في سبيل احتفاظهم بالملك، ولكن احتاجوا فقط لتبرير أعمالهم ولجوئهم للسيف والعنف ، وكانت فلسفة الجبرية هى التبرير المناسب ولم تكن بالغريبة عليهم إذا عرفوها من قبل .

* لذا قامت دعايتهم على أساس أن الله شاء أن يقتل الحسين وآله في كربلاء وأن مشيئة الله أقتضت أن تنتهك حرمة البيت الحرام والمدينة المنورة وأن الاعتراض على ذلك اعتراض على مشيئة الرحمن وخروج على إرادته ، وأنه لا شيئ يخرج عن قدر الله ومشيئته ، وأنّ من أنكر ذلك فقد خرج عن الاسلام واستحق القتل . وكان الأوزاعي عالم الشام هو أكبر بوق للدعاية الأموية في هذا الشأن .

 

عمرو المقصوص أول داعية للإرادة الحرة :

* ومن الطبيعي أن يقاوم خصوم الأمويين تلك الأفكار بأن ينادوا بمذهب نقيض، هو الإرادة الحرة للانسان ومسئوليته عن فعله وإلا ما كان هناك حساب وعذاب وثواب وجنة ونار .

ولأن خصوم الأمويين كانوا يعملون في الخفاء وينشرون أفكارهم سراً فإن من الصعب رصد حركتهم بالكامل ، وإن كان المقدسي في كتابه " البدء والتاريخ " يتحدث عن رائد لمذهب الإرادة الحرة هو عمرو المقصوص الذي كان له أكبر الأثر في تاريخ الأمويين.

فذلك الرجل كان معلماً لمعاوية بن يزيد بن معاوية ، وترك أثراً واضحاً عليه وجعله يعيش في عقدة الذنب التي تضخمت حين قتل يزيد بن معاوية الحسين وآله وانتهك حرمة الكعبة والمدينة ، فلما تولى معاوية بن يزيد الخلافة بعد أبيه كان قد تشرب بمذهب الإرادة الحرة ورفض المذهب الأموي في الجبرية والتمسح بمشيئة الله ، واستشار الخليفة الجديد معلمه عمرو المقصوص ماذا يفعل، فقال معلمه: إما أن تعدل وإما أن تعتزل .

ولذلك خطب معاوية بن يزيد خطبة مشهورة يبدو فيها تحمله لمسئولية ما فعل أبوه يزيد وجده معاوية ثم اعتزل الخلافة ، ومات بعد أربعين يوما بعدها وقيل أنه مات مسموماً ، وقد وثب بنو أمية على المعلم عمرو المقصوص وقالوا له : أنت أفسدته ، ثم دفنوه حياً .!!

 

الحسن البصري ومذهب الإرادة الحرة :

* وتلك النهاية المفجعة لعمرو المقصوص أثرت على داعية آخر مشهور هو الحسن البصري الذي كان يؤمن بالإرادة الحرة فإذا ووجه بضغط من الأمويين لجأ للتقية والسكون خصوصا وقد أدرك جبروت الحجاج بالعراق ، وقد لمس الحسن البصري ما أدى إليه مذهب الجبرية الأموي من انحلال خلقي بالبصرة ، فالذين أدمنوا الفواحش فيها كانوا يتمسحون بالجبرية والزعم بأنها المشيئة الإلهية في استمرارهم في الفجور والدعوة إليه .

لذا كان الحسن البصري يعلن مسئولية الانسان عن أعماله ويحذر من نسبة الشر إلى الله تعالى ويعتبر ذلك من شر المحدثات ويؤكد أن الله لا يرضى من عباده الكفر ويستدل بقوله تعالى " إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولايرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم: الزمر7 ".

معبد الجهني وثورته على الأمويين :

* بينما تردد الحسن البصري في مقاومة المذهب الجبري الأموي فقد نهض معبد بن خالد الجهني لحرب ذلك المذهب علانيةً فأعلن مذهبه في الإرادة الحرة تحت شعار أصبح مشهوراً وهو قوله " لا قدر والأمر أنف " ولشرح هذا الشعار نقول إن الأمويين أشاعوا أن معاصيهم وأعمالهم تسير بقدر الله ومشيئته فأعلن معبد أنه لادخل للقدر في تلك المعاصي  " لا قدر " وان أمور الأمويين تجري بالعنف والإكراه رغم أنوف المسلمين "والأمر أنف" .

وانتقل معبد إلى البصرة وقابل شيخها الحسن البصري وقال له : يا أبا سعيد هؤلاء الملوك يسفكون دماء المؤمنين ويأخذون أموالهم ويقولون " إنما تجري أعمالنا على قدر الله" ورد الحسن البصري قائلاً : كذب أعداء الله ..

وتشجع معبد الجهني بما سمعه من الحسن البصري فاستمر في دعوته.  وأتته الفرصة حين سار ثار محمد بن الأشعث على الحجاج والأمويين فانضم إلى ابن الأشعث، وفشلت الثورة ، ودخل معبد سجن الحجاج الذي كان يتلذذ بتعذيب معبد والسخرية منه ، فقد جئ للحجاج بمعبد مقيداً فقال له : ( يا معبد كيف ترى قسم الله لك ) ؟ أي يذكره الحجاج بأن إرادة الله قسمت لمعبد أن يكون أسيراً للحجاج ، فقال له معبد (: يا حجاج خلِّ بيني وبين قسم الله فإن لم يكن لي قسم إلا هذا رضيت به ) ، أى أن إرادة الله لا دخل لها بسجنه وأن الحجاج لو تركه حراً فلن يضع نفسه بمحض اختياره في السجن . فقال له الحجاج (يا معبد أليس قيدك بقضاء الله ؟) فقال له : "يا حجاج ما رأيت أحداً قيدني غيرك ، فأطلق قيدي فإن أدخله قضاء الله رضيت به " ، وهكذا صمم معبد الجهني على رأيه أمام جبروت الحجاج ، فأمر بتعذيبه حتى مات بعد سنة 80 هـ .

 

 

مذهب القدرية وغيلان الدمشقي :

* وانتقل تأثير معبد إلى العالم الإسلامي تحت اسم القدرية تأثراً بقوله المشهور " لاقدر والأمر أنف " ، وكان أبرز القدرية في دمشق هو غيلان الدمشقى الذي تابع معبد الجهني  في ثورته على الأمويين ، وكانت له علاقات بالخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، وكانت لهما مناقشات في القضاء والقدر تعرضت لتحريف الرواة من خصوم القدرية إذ جعلوا عمر بن عبد العزيز ينقم على غيلان وجعلوا غيلان يرجع عن رأيه.

بينما يذكر أنصار مذهب الحرية الفردية أن عمربن عبد العزيز استجاب لدعوة غيلان الدمشقي في رد المظالم وما صادره الأمويون من أموال الناس ومتاعهم ، ويقولون أن عمر بن عبدالعزيز أوكل إلى غيلان أن يبيع تلك الأغراض لصالح بيت المال فوقف غيلان في سوق دمشق يبيع حوائج الأمويين قائلاً : تعالوا إلى متاع الخونة، تعالوا إلى متاع الظلمة، تعالوا إلى متاع ما خلف الرسول في أمته بغير سنته وسيرته " .

ويقولون أن هشام بن عبدالملك مر بغيلان وهو يقول ذلك فغضب ونذر إن تولى الخلافة ليقطعن يدي غيلان ورجليه ..

وتبدو تلك الرواية الأخيرة  هى الأقرب للصواب لأن غيلان الدمشقي ظل متمسكاً بآرائه للنهاية حتى قتله هشام بن عبدالملك في خلافته.

فقد هرب غيلان ورفيقه صالح إلى أرمينيا يدعوان للثورة على هشام فقبض عليها أعوان الأمويين وجئ بهما إلى هشام فقال لغيلان :    " زعمت أن ما في الدنيا ليس هو عطاء من الله لنا " ، فقال له غيلان : "أعوذ بجلال الله أن يأتمن خواناً أو أن يستخلف الخلفاء من خلقه فجاراً" وفي نهاية النقاش أمر هشام بحبسه واستمر غيلان في بث دعوته من السجن وكان من الفصحاء البلغاء، فرأى هشام أن يقتله بفتوى دينية فسلط عليه الأوزاعي الذي ناقشه ثم أفتى لهشام بقتله .

وأمر هشام بإخراج غيلان وصاحبه صالح وقطع أيديهما وأرجلهما .. ومات صالح ، وظل غيلان حياً فتوافد عليه الناس فاستمر يعظهم ويهاجم الأمويين فأمر هشام بقطع لسانه ، فأرسل إليه من يقطع لسانه فقيل له : أخرج لسانك ، فقال : لاأُعين على نفسي . فكسروا فكيه واستخرجوا لسانه ليقطعوه فمات . .

 

التشنيع على مذهب القدرية :

* وكان مكحول أكبر عالم بالشام في وقته ، وكان متأثراً بالقدرية التي واجهت حملة دعائية عاتية من الحكام الأمويين ثم العباسيين فيما بعد ، لأن الظلم استمر ، وكانت الجبرية من أسس تبريره بينما كانت القدرية هى الدعوة للتخلص منه . وكان أعوان السلطان أكثر ونفوذهم أشد ، لذا  توارثت الأجيال التالية الفكرة القائلة بأن القدرية تهمة تساوي الكفر والعصيان ، خصوصاً وأن تلاميذ القدرية في العصر العباسي دخلوا فيتفريعات كلامية ابتعدت بهم عن البساطة التي كان عليها معبد وغيلان والحسن البصري ، وابتعدت بهم أيضاً عما اتسم به أولئك الرواد من اقتران العمل بالقول ووقوف في وجه الظلم وأمربالمعروف ونهي عن المنكر.

* وفي العصر العباسي انتشرت أحاديث تطعن في القدرية وفي قائدهم غيلان الدمشقي ، ونسبوا  تلك الأحاديث للرسول عليه السلام ومنها " صنفان من أمتي ليس لهما في الاسلام نصيب ، المرجئة والقدرية"  وحديث " ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي، الزائد في كتاب الله عز وجل والمكذب بالقدر " وحديث " يكون في أمتي رجلان أحدهما وهب ، وهب الله له الحكمة ، والآخر غيلان ، وهو فتنة على هذه الأمة أشد من فتنة الشيطان " وذلك الحديث يشيد بوهب بن منبه منبع الاسرائليات في الأحاديث والتفسير ، ويطعن في غيلان ويذكر اسمه صراحة.

 ويذكر الإمام بن القيم الجوزية في كتابه " المنار المنيف في الصحيح والضعيف " أن من الأحاديث الموضوعة كل الأحاديث التي تتحدث عن تواريخ فى المستقبل وما يحدث فيها ، مثل " يكون في كذا " أو " إذا كانت سنة كذا .."

إلاّ أن الاتهام بالقدرية ظل جريمة عند محققي علم الحديث حتى في العصر المملوكي ، ويكفي أن الإمام الذهبي صاحب " ميزان الاعتدال" يقول في ترجمة معبد الجهني " تابعي صدوق في نفسه ولكنه سن سنّة سيئة فكان أول من تكلم في القدر، وقتله الحجاج صبراً لخروجه مع ابن الأشعث. " ويقول عن غيلان " هو المقتول في القدر ، ضال مسكين ، حدث عنه يعقوب بن عتبة ، وهو غيلان بن مسلم كان من بلغاء الكتاب " .

* ويقول عن مكحول " هو مفتي أهل دمشق وعالمهم  .. وهو صاحب تدليس وقد رمى بالقدر والله أعلم .. " . ولقد مات الإمام الذهبي في العصر المملوكي سنة 718هـ . واستمرت بعده السمعة السيئة تلاحق مذهب القدرية تأثراً بما أرسته السياسة الأموية في البداية .. 

اجمالي القراءات 31892

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (8)
1   تعليق بواسطة   آدم قدوره     في   الأربعاء ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50686]

الجبرية ولدت اصلا في غياب الاسلام




دكتور احمد منصور


لقد احسنت دكتورنا الفاضل في تعرية وفضح المنهج المتبع حاليا في كتابة تاريخ هؤلاء ، والذي يبدوا انه سيظل قادرا على اخفاء حجم الكوارث التي تسبب فيها الامويون عن اعين الناس اربعة عشر قرنا اخرى .


ولعل وسائل القمع السياسي سوف تظل قادرة على تهيئة المناخ المطلوب لنمو مواطن مسلوب الارادة مثل المواطن التي خاطبته نظرية الجبرية اموية الصنع ، فهذه النظرية ولدت اصلا في غياب الاسلام، وقد ولدت بالقوة رغم انف الفقهاء والمسلمين معا ، بعد ان نجح بني امية في استعادة نظام الاسر الحاكمة الذي كان سائدا في مكة قبل الاسلام ، واستبدلوا جيش الجهاد بجيش ماجور محترف ، يقوده قتلة محترفون ، من طراز الحجاج بن يوسف وزياد بن ابيه ، ووصل ولاء هذا الجيش لعطايا وذهب بني امية انه قصف الكعبة بالمنجنيق ، وهدم بيوت مكة على رؤوس سكانها ، وصلب فيها حفيد ابي بكر الصديق ، وقتل الحسين حفيد رسول الله نفسه في كربلاء.


امام هذا السيف القاطع كان على علماء المسلمين يختاروا بين طريقين ، احداهما ان يموت العلماء ، والاخرى ان يموت الاسلام ، ورغم ان كثير من العلماء العظام قد اختار سبيل القتل والجنة مثل المقصوص وابن الاشعث ومعبد الجهني وغيلان الدمشقي ، فان اغلبهم اختار العودة الى عياله اخر النهار ، وقد انجلت المعركة خلال وقت قصير نسبيا ، وعاد الخليفة يزيد بن معاوية الذي كان قد هدم الكعبة واحرق استارها ، فجاء لاداء فريضة الحج على راس وفد من الفقهاء.





2   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الخميس ٢٦ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50707]

ما أشبه اليوم بالبارحة

يبدو أن الطريقة في التخلص من العلماء والمفكرين تتشابه على مر العصور والأزمان، فقديما كما قرأنا في المقال كان التخلص من المخالفين في الفكر من أمثال غيلان بقتوى من الأوزاعي كما هو مذكور في القال"فقد هرب غيلان ورفيقه صالح إلى أرمينيا يدعوان للثورة على هشام فقبض عليها أعوان الأمويين وجئ بهما إلى هشام فقال لغيلان : " زعمت أن ما في الدنيا ليس هو عطاء من الله لنا " ، فقال له غيلان : "أعوذ بجلال الله أن يأتمن خواناً أو أن يستخلف الخلفاء من خلقه فجاراً" وفي نهاية النقاش أمر هشام بحبسه واستمر غيلان في بث دعوته من السجن وكان من الفصحاء البلغاء، فرأى هشام أن يقتله بفتوى دينية فسلط عليه الأوزاعي الذي ناقشه ثم أفتى لهشام بقتله ".انتهى الاقتباس


وهذه الطريقة متبعة حديثاً فمن يمثل الأمويين في هذا الزمان نراهم أمن الدولة حيث يقومون باعتقال من يخالفهم في الفكر والتوجه ومن يظهر جرائمهم ويفضح ما يريدون إخفائه من جرائم نكراء ضد الإنسانية ومن يعارض مصالحهم في السيطرة على مقدرات الشعب والاستيلاء على مقالد الحكم ويوقعون به أشد أنواع البطش والعذاب والتنكيل وأحيانا تكون النهاية الموت لهذا المخالف لكي يكون عبرة لغيره ولا يتجرأ أحد بعدها على هذه الفعلة لكي لا يكون مصيرة نفس المصير ،


وهم يلجأون ويتعاملون مع مشايخ خاضعين لهم يفتون بما يلقونه لهم من أوامر ونواهي . فما أشبه اليوم بالبارحة !!!

 


3   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الخميس ٢٦ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50709]

حبيب وحجاج .. وجه واحد لعملة واحدة فاسدة ..


تهنئة من القلب الى الدكتور صبحي منصور بمناسبة شهر رمضان وكل عام وأنتم بخير . والشكر والتقدير له على هذا البحث التاريخي العميق والمتخصص في تاريخ المسلمين وتاريخ الصراعات الفكرية والعقائدية التي شكلت السلوك الجماعي والفردي لكل مسلمي اليوم والأمس القريب والبعيد ...
هناك ثنائيات وثلاثيات في الفكر والرياضة وفي عالم الجريمة في الماضي والحاضر ، كرة السلة بها الرمية الثنائية والرمية الثلاثية ، ودائما في الفكر هناك الفكر والفكر المضاد له فالفكر التنويري يكون دائما مقرونا بفكر تدميري من خلال أبواق السلطان .. فكان الأوزاعي هو البوق المضاد لفكر غيلان في الارادة الحرة ..
ودائما أعوان السلطان الجائر المجرم من العلماء يكون لديهم الميديا والمال فيكون صوتهم أكثر وصولا الى العامة والدهماء
وفي مجال القمع والارهاب الذي تمارسه الدولة فمن ثنائيات هذا المجال الحجاج بن يوسف هذا الطاغية الذي اشتهر في تاريخ المسلمين المشين والمخزي بدمويته وسفكه لدماء الأبرياء والمفكرين وحتى أحفاد الرسول !!
فإن نظيره المصري في العصر الحاضر هو حبيب العادلي هذا السفاح المستتر في الخفاء والذي جعل من جهاز الأمن آلة قمع وفزع ورعب للمصريين لم يذوقوا الذل والهوان على ايدي الانجليز ولا الفرنسيين بمثل ما ذاق المصريون على يديه وهو ذراع الحاكم مبارك الذي يبطش به وينكل بالمصريين ..
إذن حبيب وحجاج وجهين لعملة واحدة بل هما وجه واحد لعملة وعملية الطغيان والفساد والاستبداد بالشعوب المقهورة والمذلولة على أيدي هؤلاء الذين خرجوا من جوف هذه الشعوب !!



 

4   تعليق بواسطة   وداد وطني     في   الجمعة ٠٣ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50913]

ضرب الكعبة بالمجانيق! ـــ والفرق بين التزيينيْن: الالهي والشيطاني ـــ ثم غياب شخصية جعد بن درهم

                                   ضرب الكعبة بالمجانيق!

                       والفرق بين التزيينيْن: الالهي والشيطاني؟

                   ثم غياب شخصية جعد بن درهم في ثنايا المقال؟!


بداية أشكر الدكتور صبحي منصور على هذا السرد التأريخي الرائع..


واسجل هذه النقاط:


1- بالنسبة لضرب الكعبة بالمجانيق! أقتبس هنا كلاماً لــ نادر قريط في معرض ردّه على فؤاد النمري وكامل النجار، عن ضرب الكعبة بالمنجنيق أيام يزيد:

{...هذه الروايات محض أسطورة لأن التجارب الحديثة أثبتت أن إستخدام المنجنيق في حصار المدن ودك الأسوار يحتاج إلى غابة قريبة لتأمين الخشب اللازم لإنشائه فهو كتلة تزن أكثر من 90 طنا ــ لقذف كرة لا تزيد عن 10كغ، لمسافة أقل من 200ياردة ــ وليس بمستطاع الجيوش القديمة نقل مثل هذه الكتلة العملاقة! ولا أظن أن أرضاً (لازرع ولا ضرع) سوف توفر إمكانية لوجود منجنيق كهذا}.

والمنطق يؤيد هذا الكلام إن دقّقنا وحققنا في الروايات!! ــ والله تعالى أعلم.


2- في ثنايا المقال استدللتم بقول الله جل وعلا: ((ان الذين لايؤمنون بالآخرة زيّنا لهم أعمالهم فهم يعمهون)) النمل (4) ـــ على أساس انّ الله تعالى يزين للكافرين الذين لايؤمنون بالآخرة أعمالهم! فما هو الفيصل والفارق بين ذينِك التزيينيْن: التزيين الالهي لأعمال الكافرين الذين لا يؤمنون بالآخرة وبين التزيين الشيطاني لاعمال الانسان الذي جاء في قول الله عز وجل: ((وزيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون))؟؟ الانعام (43)..

يعني كيف يزيّن الله تعالى عمل من لا يؤمن بالآخرة في حين أنّ هذا الفعل (تزيين سوء الاعمال) من صفات الشيطان؟! هل يوكل الله تعالى لذاته ما هو من عمل الشيطان؟؟ واستغفره سبحانه وتعالى ان كان في كلماتي نوع تطاول على جلال عظمته ـــ إنّه الكبير المتعال ذو الجلال والاكرام لا اله الاّ هو الملك العلاّم.. يتبع...


5   تعليق بواسطة   وداد وطني     في   الجمعة ٠٣ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50915]

غياب شخصية جعد بن درهم في ثنايا المقال؟!

 


              غياب شخصية جعد بن درهم في ثنايا المقال؟!


3- شخصية جعد بن درهم، الغائب في ثنايا المقال والذي كان ضحيّة أفكاره الحرّة ايضاً ما كان ينبغي تخطّيه في هذا السرد التأريخي، ولعل الدكتور نسيَه أو لم ينو تناوله في هذا المقال.. ((فعندما قام خالد بن عبدالله القسري بالتضحية وهو مؤدب آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد "الحمار"، في عيد الأضحى، بدلاً من خروف أو بعير أو ثور، مع أنّ التضحية بالحيوان انما شُرعت لفداء الانسان وليس العكس. لم يكن يفعل ذلك لانحراف الجعد الفكري! بالقول في التعطيل كما هي التهمة التي بررت قتله ظاهرا، ولكنه كان ينفذ سياسة عُليا ترى في الانحراف عن "الصراط المستقيم" أو الارثوذكسية الاموية (نسبة الى بني أمية) الذي حددته الدولة، تهديداً لاستقرار الدولة التي كانت تأخذ في بدايتها بمذهب الارجاء، ولكن أكثر المرجئة انقلبوا عليها لاحقا، وذلك عندما ساندوا ثورة عبدالرحمن بن الأشعث، وثورة يزيد بن المهلب. وقبل قتل الجعد بن درهم بتهمة التعطيل، كان خالد القسري قد قبض على (سعيد بن جبير) عندما كان واليا على مكة، وأرسله الحجاج بن يوسف في العراق، الذي قتله لإشتراكه في ثورة ابن الاشعث، رغم أنه، أي ابن جبير، لم يكن من أهل التعطيل أو الارجاء أو غيره، ولكنها السياسة التي لا تعرف صديقا دائما أو عدوا دائما. والغريب أنّ خالد القسري هذا قد قُتل أيام الخليفة الوليد بن يزيد، وفي مدينة الكوفة حيث قتل الجعد بن درهم ـــ اقتباس)).


انّ السياسة الاموية وفلسفتهم الجبرية هي الطامة الكبرى التي ابتليت بها الأمة الاسلامية في حينه وبالمقابل كان ثمة ظاهرة أو حركة فكرية تصدت لها بالمرصاد ((تلك الظاهرة الفكرية، قدّمت على المستوى الجماهيري ــ ان صحّت التسمية ــ مفاتيح فكرية للخلاص من الاستبداد الذي كان يحكم بها (الارثوذكسية الاموية ــ نسبة الى بني أمية) المسلمين، (بتعبير الكاتب القدير تركي الحمد) وأيقنوا انّ ذلك الاستبداد والظلم والجور ليس من عند الله وليس جبراً عليهم ــ كما أشاع ذلك خلفاء بني أمية وبني العباس لاحقاً ــ، لكن فقهاء ذلك العصر لأسباب مختلفة سايروا رجال الحكم في تعميم مبدأ الجبرية على العامة والإقرار ضمناً بخطورة مبدأ القدرية على مكانة السلطة ودور أولي الأمر ـــ اقتباس)).

وقد ألمح الدكتور الى ذلك واستوفى الكلام في هذه النقطة في كثير من كتاباته.. شكّر الله تعالى سعيَه وجهادَه الدؤوب في سبيل تجلية حقائق القرءان الغائبة..


وطني يحيَكم...


6   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٤ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83336]

ما هى فلسفة الجبرية ؟ وما هي جذورها لدى الأمويين ؟ وكيف استغلوها ؟ وما موقف القرآن ؟


تسبب الأمويون في إحداث كوارث مؤلمة لا تزال تؤرق العالم الاسلامي ، وهى قتل الحسين وآله في كربلاء وقتل أبناء المهاجرين والأنصار واقتحام المدينة ثم انتهاك الكعبة وضربها بالمجانيق.. واحتاج الأمويون إلى تبرير هذه التصرفات أمام دعاية خصومهم فوجدوا التبرير في اعتناق فلسفة الجبرية ،فما هى فلسفة الجبرية ؟ وما هي جذورها لدى الأمويين ؟ وكيف استغلوها ؟ وما موقف خصومهم منها ؟ وما هى الآثار التي ترتبت على ذلك ؟جذورها في قريش والأمم السابقة : وحين كان الأمويون زعماء قريش في حرب الاسلام كان يحتجون بالجبرية ويقولون إن مشيئة الله اقتضت أن يشركوا بالله ، وحكى القرآن عنهم ذلك " وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيئ  نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيئ كذلك فعل الذين من قبلهم ، فهل على الرسل إلا البلاغ المبين : النحل 35 ."رد القرآن على الجبرية : والواقع أن القرآن الكريم  أرسى حرية الإرادة وحرية الاعتقاد فقال عن القرآن يخاطب قريشاً وغيرها " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ..الأسراء 107 " أي بامكانهم أن يؤمنوا أو أن يكفروا ، وقال " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر : الكهف 29" أي للبشر مشيئة مستقلة وإرادة حرة ، والله دعاهم للإيمان في ظل من الحرية الإنسانية ومنع الاكراه في الدين لأن مشيئة الرحمن اقتضت ان يكون الناس أحرارا " ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين ؟ يونس 99  ، بل إن أعداء القرآن يحاولون حربه مااستطاعوا تأسيسا علي مايتمتعون به من حرية ، والله تعالي هو الذي شاء لهم أن يكونوا أحرارا وسيحاسبهم  علي أفعالهم يوم القيامة ، يقول تعالي " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ، أفمن يلقي في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ؟ اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير : فصلت  40" قال لهم" اعملوا ماشئتم " أي لهم حرية الأرادة في التصرف وليسوا مجبرين علي الطاعة أو المعصية إلا إذا ألزموا أنفسهم بأنفسهم .غاية ماهنالك أن العبد يختار لنفسه بمحض ارادته طريق الإيمان أو طريق العصيان والله تعالي يزيد المؤمن ايمانا ويزيد الضا ل ضلالا  . يقول تعالى عن المؤمنين حقاً " ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً : مريم 76." ويقول عن أهل الكهف " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى.. الكهف 13." ويقول عن الضالين " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً : البقرة 10 . "


7   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٤ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83337]

الخلفاء الأمويون وفلسفة الجبرية:


وأرسى الأمويون ملكهم العضوض بقوة السيف، وبعد مقتل الحسين وآله وانتهاك البيت الحرام وقتل أهل المدينة لم تعد هناك حدود يقفون عندها في سبيل احتفاظهم بالملك، ولكن احتاجوا فقط لتبرير أعمالهم ولجوئهم للسيف والعنف ، وكانت فلسفة الجبرية هى التبرير المناسب ولم تكن بالغريبة عليهم إذا عرفوها من قبل  لذا قامت دعايتهم على أساس أن الله شاء أن يقتل الحسين وآله في كربلاء وأن مشيئة الله أقتضت أن تنتهك حرمة البيت الحرام والمدينة المنورة وأن الاعتراض على ذلك اعتراض على مشيئة الرحمن وخروج على إرادته ، وأنه لا شيئ يخرج عن قدر الله ومشيئته ، وأنّ من أنكر ذلك فقد خرج عن الاسلام واستحق القتل . وكان الأوزاعي عالم الشام هو أكبر بوق للدعاية الأموية في هذا الشأن . عمرو المقصوص أول داعية للإرادة الحرة :ومن الطبيعي أن يقاوم خصوم الأمويين تلك الأفكار بأن ينادوا بمذهب نقيض، هو الإرادة الحرة للانسان ومسئوليته عن فعله وإلا ما كان هناك حساب وعذاب وثواب وجنة ونار .ولأن خصوم الأمويين كانوا يعملون في الخفاء وينشرون أفكارهم سراً فإن من الصعب رصد حركتهم بالكامل ، وإن كان المقدسي في كتابه " البدء والتاريخ " يتحدث عن رائد لمذهب الإرادة الحرة هو عمرو المقصوص الذي كان له أكبر الأثر في تاريخ الأمويين.ذلك الرجل كان معلماً لمعاوية بن يزيد بن معاوية ، وترك أثراً واضحاً عليه وجعله يعيش في عقدة الذنب التي تضخمت حين قتل يزيد بن معاوية الحسين وآله وانتهك حرمة الكعبة والمدينة ، فلما تولى معاوية بن يزيد الخلافة بعد أبيه كان قد تشرب بمذهب الإرادة الحرة ورفض المذهب الأموي في الجبرية والتمسح بمشيئة الله ، واستشار الخليفة الجديد معلمه عمرو المقصوص ماذا يفعل، فقال معلمه: إما أن تعدل وإما أن تعتزل .ولذلك خطب معاوية بن يزيد خطبة مشهورة يبدو فيها تحمله لمسئولية ما فعل أبوه يزيد وجده معاوية ثم اعتزل الخلافة ، ومات بعد أربعين يوما بعدها وقيل أنه مات مسموماً ، وقد وثب بنو أمية على المعلم عمرو المقصوص وقالوا له : أنت أفسدته ، ثم دفنوه حياً .!!



 


8   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٤ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83338]

الحسن البصري ومذهب الإرادة الحرة


* وتلك النهاية المفجعة لعمرو المقصوص أثرت على داعية آخر مشهور هو الحسن البصري الذي كان يؤمن بالإرادة الحرة فإذا ووجه بضغط من الأمويين لجأ للتقية والسكون خصوصا وقد أدرك جبروت الحجاج بالعراق ، وقد لمس الحسن البصري ما أدى إليه مذهب الجبرية الأموي من انحلال خلقي بالبصرة ، فالذين أدمنوا الفواحش فيها كانوا يتمسحون بالجبرية والزعم بأنها المشيئة الإلهية في استمرارهم في الفجور والدعوة إليه . لذا كان الحسن البصري يعلن مسئولية الانسان عن أعماله ويحذر من نسبة الشر إلى الله تعالى ويعتبر ذلك من شر المحدثات ويؤكد أن الله لا يرضى من عباده الكفر ويستدل بقوله تعالى " إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولايرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم: الزمر7 ".   معبد الجهني وثورته على الأمويين : بينما تردد الحسن البصري في مقاومة المذهب الجبري الأموي فقد نهض معبد بن خالد الجهني لحرب ذلك المذهب علانيةً فأعلن مذهبه في الإرادة الحرة تحت شعار أصبح مشهوراً وهو قوله " لا قدر والأمر أنف " ولشرح هذا الشعار نقول إن الأمويين أشاعوا أن معاصيهم وأعمالهم تسير بقدر الله ومشيئته فأعلن معبد أنه لادخل للقدر في تلك المعاصي  " لا قدر " وان أمور الأمويين تجري بالعنف والإكراه رغم أنوف المسلمين "والأمر أنف" .وانتقل معبد إلى البصرة وقابل شيخها الحسن البصري وقال له : يا أبا سعيد هؤلاء الملوك يسفكون دماء المؤمنين ويأخذون أموالهم ويقولون " إنما تجري أعمالنا على قدر الله" ورد الحسن البصري قائلاً : كذب أعداء الله ..وتشجع معبد الجهني بما سمعه من الحسن البصري فاستمر في دعوته.  وأتته الفرصة حين سار ثار محمد بن الأشعث على الحجاج والأمويين فانضم إلى ابن الأشعث، وفشلت الثورة ، ودخل معبد سجن الحجاج الذي كان يتلذذ بتعذيب معبد والسخرية منه ، فقد جئ للحجاج بمعبد مقيداً فقال له : ( يا معبد كيف ترى قسم الله لك ) ؟ أي يذكره الحجاج بأن إرادة الله قسمت لمعبد أن يكون أسيراً للحجاج ، فقال له معبد (: يا حجاج خلِّ بيني وبين قسم الله فإن لم يكن لي قسم إلا هذا رضيت به ) ، أى أن إرادة الله لا دخل لها بسجنه وأن الحجاج لو تركه حراً فلن يضع نفسه بمحض اختياره في السجن . فقال له الحجاج (يا معبد أليس قيدك بقضاء الله ؟) فقال له : "يا حجاج ما رأيت أحداً قيدني غيرك ، فأطلق قيدي فإن أدخله قضاء الله رضيت به " ، وهكذا صمم معبد الجهني على رأيه أمام جبروت الحجاج ، فأمر بتعذيبه حتى مات بعد سنة 80 هـ .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5127
اجمالي القراءات : 57,181,098
تعليقات له : 5,456
تعليقات عليه : 14,834
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي