غالب غنيم Ýí 2015-05-05
في البحث عن الإسلام – مفردات – تحرير العبيد - ملك اليمين في القرءان الكريم – الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36
- مفردة أسير تدل على من تم شدّ وثاقه اثناء الحرب اي أسره ويعامل معاملة الأيتام والمساكين أي بحسن وخير ويتم إطعامه لوجه الله تعالى وبعد أن يتم تبليغه الرسالة يتم الافراج عنه أو إبداله بأسرى آخرين ولا علاقة لهذه المفردة بملك اليمين من قريب ولا من بعيد في القرءان الكريم.
- مفردة جارية على أنها امرأة، من اللغة لغوا في القرءان، تحريفا للكلم، والأصل أنها كل ما يجري في البحر كما في لسان القرءان.
- مفردة أمَة لا علاقة لها بالعبودية أبدا.
- الأمَة هي لسانا في القرءان، تدل على المرأة الأنثى التي يقابلها العبد الذكر،الذان يعبدان الله، أي من عباد الله.
- مفردة فتى وفتاة تدل على مرحلة من العمر يشتدّ فيها عود الجسد ويقوى الفكر والمنطق والعقل أي بداية الرُّشد عند الفتى أو الفتاة.
- مفردة فتى وفتاة لا علاقة لها بالعبودية أبدا، فقد يكون من أكرمت مثواه ليكون بمثابة ابنك هو فتاك.
______________
تحرير الإسلام البشرية من مفهوم العبودية لغير الله – وتحرير العبيد:
هذا هو البحث قبل الأخير، في هذه السلسلة، وكنت قد بينت في جزء سابق أعلاه،الفرق بين العبد والعبد المملوك، وهو مصطلح بيّن صريح أطلقه الله تعالى على العبد الذي لا يقدر شيئا فهو مملوك لشخص آخر.
وكثيرا ما تعرضت سابقا لأسألة عن مفهوم الرق والإستعباد، وعن سؤال بأن الله تعالى تعرّض له في القرءان الكريم أم لا!
فلكثرة ما نقرأ في التأريخ المؤرَّخ سابقا، نظن وكأنّ مسألة الرق والرقيق جزء من الإسلام – حاشا لله تعالى! ثمّ بسبب ربط كثيرين، تراثيّا، مسألة ملك اليمين بالعبيد والرقيق، وهو أمر مثير للشكوك والريبة، في مفهوم الإسلام الذي جاء "رحمة للعالمين" ! وجب علينا التوضيح.
من كل ما سبق من دراسات، لم نجد في القرءان الكريم أي دلالة على استرقاق واستعباد البشر، وأكثر صورة كانت هي في الأسرى، وتبين لنا بكل وضوح، أن الأسرى حالة مؤقتة، مرتبطة بانتهاء الحرب. ولكن هناك آيات كثيرة، جائت لتحارب الإسترقاق كليا بكل أشكاله، بشكل جميل ومشجع للمسلمين على أن يتخلصوا من تلك البقايا للجاهلية الأولى، بتحرير كل من كان مستعبد من قبل ظهور الإسلام! وهذا سنجده الآن بكل بيان ووضوح حين نسيح في آيات الله تعالى.
أولا، الله تعالى فرّق بكل بيان، بين العبد والعبد المملوك، ولم يسميه عبدا لكي لا يتم استخدام مفردة عبيد للبشر مع البشر، فاستفرد لنفسه تعالى بهذه المفردة على أن عباده هم عبيده بعد يوم الحساب فقط، وهذا من فضل الله تعالى ومن حكمته، كي لا يدّعي، من يدّعي، من بعد ذلك أن له عبيدا !
وبعد أن اغلق الله تعالى باب المفردات، وأحكمها، بدأ يحثُّ في القرءان الكريم بشتى السبل على تحريرهم، واستمرّ تعالى في سُنّته التي لا تبديل لها بعدم نعتهم عبيدا، مستخدما مفردات مختلفة للتعبير عن "حالتهم" الإجتماعية البشرية!
فالأسرى يتمّ فدائهم، بل والأفضل هو، المنّ عليهم بتسريحهم بعد تبليغهم الرسالة بعد انتهاء الحرب، وتم اتهام فرعون بلسان موسى، رفضا لفكرة عبوديّة البشر للبشر، ففرعون طاغية علا واستكبر في البلاد، وجعل من أحرار بني اسرائيل عبيدا له، فجاء موسى ليحارب هذه الفكرة والعمل الظالم، حين قال لفرعون ( وَتِلْكَ نِعْمَةٌۭ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِىٓ إِسْرَ ٰٓءِيلَ) الشعراء – 22 ، في دلالة واضحة على عدم قبول البشر لعبودية بعضهم البعض ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًۭا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةًۭ مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ) القصص – 4 ، حيث علامات الطغيان والظلم بادية في فرعون وملأه، يفرّق الناس شِيَعا، ويستعبد الضعفاء منهم، يمتكلهم، يذبح ابنائهم ويستحيي نسائهم !!
أليس هذا كله مفهوم السبي والرقيق والجواري التراثيّ ؟!
ونأتي للآية التي يظن كثيرون، بسببها، أن الله تعالى أكّد على مفهوم عبودية البشر للبشر، وهي في قوله تعالى ( يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِى ٱلْقَتْلَى ۖ ٱلْحُرُّ بِٱلْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلْأُنثَىٰ بِٱلْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِىَ لَهُۥ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌۭ فَٱتِّبَاعٌۢ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَـٰنٍۢ ۗ ذَ ٰلِكَ تَخْفِيفٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌۭ ۗ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَ ٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ * وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌۭ يَـٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة – 178:179
ولكن قبل أن تعرض لها، أورِدُ آية أخرى، نتدبرها معها في قوله تعالى ( ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَـٰتُ قِصَاصٌۭ ۚ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُوا۟ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ) البقرة – 194
أولا وآخرا، كل قضية القِصاصِ تعتمد على التقوى في الأساس، وهي سبب للحياة وليس الموت ! وأكرر، كما كررت مرارا، بأن التراث، والفهم التراثيّ البئيس، قتل فينا فهم وتشرّب روح القرءان ومفرداته بكل أسف !
فكيف يكون لنا في القِصاصِ حياة، وما علاقة التقوى به، إن كان القِصاص هو قتل المثل مباشرة؟ التقوى لها علاقة مباشرة بالقِصاصِ في القتلى، لأن القِصاص في القتلى، يتطلّب التحرّي والبحث عن حقيقة الأمر، حتى لا يقع الظلم والاعتداء !
وبصدّ الظلم والاعتداء، بصدق واخلاص التحرّي، كم روحا مظلومة ننقذ من الموت !؟
فبعد أن نتحرى بتقوى، القاتل والمقتول، نطبق العدالة البشرية، التي ترك الله تعالى بابها مفتوحا للبشر، من أدنى مستوى حتى أعلاه! فلم يقل أن يتم قتل القاتل مباشرة و،لا غير ذلك من الأحكام، بل أعطى أوسع مجالات الحكم، بدءا من العفو، حتى تنفيذ حكم قتل القاتل، وبكامل التقوى والعدل وعدم الاعتداء، فإن تحرينا ووجدنا القاتل حرا، فلا نقتل بديلا عنه، وفي تلك الأزمان، كما في أزمان ليست ببعيدة عنا في أوروبا وأمريكا، ما زال البشر يستعبدون بعضهم البعض، بل وحتى يومنا هذا، وهنا وبكل دقة، يجب أن نفقه قوله تعالى، بأنه لا يسمح حتى بظلم من استعبدوهم ظلما آخر، بقتله ظلما بديلا عن آخر..
في شرعة الإصر والأغلال، قال تعالى ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلْأَنفَ بِٱلْأَنفِ وَٱلْأُذُنَ بِٱلْأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌۭ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٌۭ لَّهُۥ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ) المائدة – 45
ففيها كان التصدّق بالمِثل كفارة لمن يتصدّق، ولا يؤجَر عليه، بينما في شرعة التخفيف، كان هو احسان منه، وهذا مما لاحظة الحاج حمد بن قاسم، فكيف الجروح تميّزت بكونها قِصاص ولماذا ؟
كما القتل كما الجروح، هي حالات تحتاج للتحرّي عنها وقص أثرها، لكي نستطيع أن نأتي بمثلها تماما، فليس من السهل أن نجرح شخصا ما، تماما كما جرحني ! وهذا من بديهيّ الأمور، لكنه يفصّل بعضه البعض، كذلك القتل، غالبا ما يتم محاكمة مظلوم بسبب انعدام التقوى في القِصاص والتحري، وينجو فاعل الفعل بفعلته !
ومنه، نرى هنا ثلاث حالات مختلفة منعزلة عن بعضها البعض، الحرّ القاتل بالحرّ المقتول، والعبد القاتل بالعبد المقتول، والأنثى القاتلة بالأنثى المقتولة، لا يتم استبدال احد ما بديلا عن أحد بسبب كون القاتل لا قيمة له أو ذي قيمة عالية في المجتمع !
ويجب أن نلاحظ أن كليهما معرّف ولا نكرة فيهما، فالأول معرف بأل التعريف كما الجزء الآخر!
فأن نقتل رجلا بديلا عن امرأة قاتلة لا يجوز ولا يصحّ، وكذلك ان نقتل عبدا بديلا عن حرّ قاتل لا يصحّ حتى لو قتل الحرّ عبدا ! فأي تبديل بقتل أحد ما غير القاتل، يكون اعتداءا وتخطي لحدود الله وتقواه !
فهي من الأمثلة ليس إلا، على أن تنفيذ الحكم يجب أن يطابق الحالة بذاتها بدون أدنى تبديل !
ولو كانت تعدادا، فلن يكون لنا حكما في الحر بالعبد، أو الأنثى بالذكر مثلا ! فكيف إن قتلت أنثى ذكرا أو العكس ؟ وهذا بديهيّ أن هذه ليس تعدادا، بل تحديدا دقيقا لدقة التحرّي وعدم تجاوز الحدود، واتقاء الله في البحث عن القاتل !
فلو كان تعدادا لسألنا، وما حكم الحر يقتل عبدا والعكس، أو الانثى تقتل ذكرا والعكس، والأنثى قد تقتل ذكرا عبدا أو حرا ! وهكذا دواليك ! فهي ليست تعداد حالات، بل ضرب أمثال لتحري الدقّة في القِصاص !
وهي، أي هذه الآية، لا تؤكد العبودية لا من قريب ولا من بعيد، فنحن رأينا أعلاه، كيف استنكر موسى العبودية، واستعباد البشر من قبل فرعون، ولكن حفظا للحقوق وعدم الظلم، مع علم الله تعالى بأن البشر لن ينتهوا عن انتهاك حقوق بعضهم البعض، كما حدث قبل عدة مئات سنين في أمريكا وأوروبا، وكما يحدث في السرّ في بعض دول الخليج، من استعباد للبشر حتى يومنا هذا !
ففكرة الإستعباد بحدّ ذاتها، مرفوضة بقرار الله تعالى في قول موسى لفرعون!
وأجمل ما في القِصاصِ هو كم من مظلوم ننقذه ونحييه !
أما قضية الحكم فتركها الله تعالى مفتوحة في شرعة التخفيف، من العفو حتى تنفيذ الحكم بالمِثل، بدون اعتداء ولا اسراف في القتل، كما يحدث في حالات الثأر الأعرابية، ومنه، ترك باب القانون المدنيّ مفتوحا بينهما، ليختار بين درجة العفو ودرجة تنفيذ القتل البديل بالمِثل.
وكما فصلت أعلاه وفي بحث مفردة العبد والعبد المملوك، حين تأتي مفردة عبد لوحدها، فهي لا تعني العبودية الكاملة، بل العبد الحر في اتخاذ قراراته، لكنه يخضع جزئيا لسلطة أحد ما! وكم من عبيد في مجتمعاتنا العربية اليوم ؟!
ولأختصر الأمر، فجلّ ما أردت التركيز عليه هو تلك الآيات، وسنجد في القرءان كثير من الآيات التي تحضّ على تحرير من رقابهم خاضعة لمن حولهم، لكي يخرجوا من تلك السلطة، التي غالبا ما هي اقتصاديّة بحتة.
لكن لن نجد جملة واحدة تدعم فكرة استعباد البشر لبعضهم البعض ! لكن القرءان لم ينكر وجود ذلك بين البشر أنفسهم، وعلم الله بأن هذا لن ينقطع بينهم، فذكر ما ذكر حتى نتحرى الصدق والأمانة والتقوى في حياتنا، فلا نكون مثل فرعون في الطغيان والعلوّ !
______________
خلاصة البحث:
- القرءان الكريم يرفض فكرة استعباد البشر لبعضهم البعض ويعتبرها ظلما وعدونا وبغيا وعلوا في الأرض.
إنتهى.
والله المستعان
ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه –فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.
مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – مقدمة في فهم واقعنا بين التاريخ والتأريخ – البحث – 1
في البحث عن الإسلام – مفهوم الأرحام بين التراث والقرءان – ما هي صلة الرّحِم – الجزء الرابع
دعوة للتبرع
القسم بغير الله: هل القسم بغير الله حرام وإذا كان الأمر كذلك...
هل هناك جنة و نار ..: هل هناك جنة و نار الآن ؟ وهل يوجد الآن...
الأمر بالمعروف: ماذا يعني مفهوم الأمر بالمع روف والنه ي عن...
وقت صلاة الجمعة: لماذا لا يصلي المسل مون صلاة الجمع ة الا وقت...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : ما معنى ( وَإِذ ْ قَتَل ْتُمْ ...
more