كلهم عباسية ..!!

أحمد صبحى منصور   في الثلاثاء ٢٠ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


 

رقم 34

كلهم عباسية 

  1 ـ  كان سلمويه بن بنان نصرانيا متمسكا بدينه، وقد عمل طبيبا للخليفة العباسي المعتصم ، وارتفع شأنه عنده حتي أن الورقة التي تحمل توقيع سلمويه كان الأمراء والقواد لا يستطيعون مخالفتها، وقد أمر الخليفة المعتصم بتولية إبراهيم ابن بنان شقيق سلمويه الإشراف علي خزائن الأموال للخلافة العباسية .

    وكان الخليفة المعتصم يقول عن طبيبه سلمويه : هذا عندي أكبر من قاضي القضاة لأن هذا يحكم في مالي وهذا يحكم في نفسي ونفسي أشرف من مالي.

    وحين مرض سلمويه ذهب إليه المعتصم يزوره وبكي عنده وطلب مشورته. ولما مات سلمويه امتنع المعتصم من أكل الطعام يوم موته وأمر أهل القصر بحضور جنازته وأن يصلوا عليه بالشمع والبخور وأن يرتدوا جميعا زى النصارى بالكامل فنفذوا أوامره ، وأشرف بنفسه عليهم وهو يشاهد جنازة سلمويه . ومات المعتصم بعد موت صديقه سلمويه بعشرين شهرا . وكان موت المعتصم سنة 227 هـ.

2 ـ مع تسامح المعتصم مع اليهود و النصارى فقد كان متعصبا ضد الفقهاء الذين لم يوافقوه على رأى أخيه الكبر الخليفة المأمون فى القول بخلق القرآن , وقد مات المأمون وقد أوصى المعتصم ولى العهد بمتابعة فرض هذا الرأى على كل الفقهاء، و المعتصم كان جاهلا لا يحسن القراءة و الكتابة و مع ذلك اشتد فى الضغط على الفقهاء حتى تراجعوا عن آرائهم و قالوا بمقولة المعتزلة فى خلق القرآن. تمسك منهم برأيه ثلاثة احمد بن حنبل و محمد بن نوح ، وآخر, أما المؤرخ المشهور محمد بن سعد فقد اضطر للتراجع عن رأيه خوف الاعتقال و التعذيب. وعذبوا ابن حنبل ورفيقيه ، و ظل تحت العذاب مدة.

3 ـ وبعد المعتصم تولى الواثق ، و كان خليفة مستهترا خفيف الوزن ، ومع ذلك استمر فى اضطهاد من لا يقول بخلق القرآن ، والواثق هو الذى قتل بيده زعيم الفقهاء ( الحنابلة ) الداعى للأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ، و اسمه أحمد بن نصر الخزاعى. وبعد قتله أمر بصلب جسده على أبواب بغداد.

4 ـ ومات الخليفة هارون الواثق بسبب وصفة طبية فاشلة لمعالجة الضعف الجنسى ، وتولى بعده أخوه المتوكل العباسى ، وكان أكثر الخلفاء العباسيين اسرافا فى الجنس و فى التعصب. قال عنه المسعودى فى ( مروج الذهب ) ( إنه كان له أربعة آلاف سرية ( أى عشيقة محظية مملوكة ) وطئهن كلهن ) هذا مع اشتهاره بتفضيل إثنتين من جواريه أولهما ( قبيحة ) اجمل نساء عصرها ـ وهى أم ابنه المعتز ـ و محبوبة المغنية.

المتوكل هو الذى نصر الحنابلة على المعتزلة وهو الذى نشر مذهب أهل السنة، ومن أجلهم أرغم النصارى و اليهود على لبس زى معين للتحقير ، و اضطهد الشيعة و الصوفية و المعتزلة وسلط الحنابلة على الجميع . وهو الذى تعصب للأتراك ضد الفرس والعرب ، بل تعصب لابنه الأصغر المعتز ضد ابنه الأكبر ( المنتصر ) ولى العهد بسبب حظوة  جاريته (قبيحة) أم المعتز عنده ، فحاول نزع ولاية العهد من ابنه الأكبر ( المنتصر ) ليولى ابنه المعتز بن قبيحة, فتآمر ابنه المنتصر عليه و قتله ليلة الأربعاء  الرابع من شوال عام 247 ، بمساعدة بعض القادة الأتراك ، وقتلوا معه وزيره الفتح بن خاقان ـ وكانا يشربان الخمر معا. وبعد أن كانت قبيحة هى المتحكمة فى كل شىء سجنوها و اغتصبوها، وهربت الى مكة تستجيربالكعبة ..!! .. وفى هذا العصرالفاسد المنحل ترعرع الدين السنى وعاش أئمة أهل السنة من البخارى و مسلم وابن حنبل وابن راهويه ..ووو,

وكلهم عباسية.

وموعدنا مع تفصيل ذلك كله فى باب جديد سينشر بعون الله تعالى فى الموقع تحت عنوان ( دراما التاريخ )وهو أبحاث تاريخية ـ نشرت بعضها ـ وكنت قد أعددتها فى التسعينيات ، واقمت عليها مشروع ( تحويل التراث الى دراما ) الذى رفضه تليفزيون صفوت الشريف فى مصر وقتها..

 

 

اجمالي القراءات 11372
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الثلاثاء ٢٠ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2876]

بيئة غير صالحة , الثمار أيضا ستكون فاسدة

ان هذه البيئة المليئة بالظلم والاضطهاد والنهم الجنسى عند الخلفاء فى العصر العباسى ماذا ستفرز..؟؟ إلا آفاقين ومنافقين يريدون موالاة السلطان ورجاله ليحظوا بالنعيم والجاه , اما من يخالف ويـُصر على رأيه فيكون مصيره الظلم والاعتقال كما حدث لابن حنبل ورفيقه محمد بن نوح , أما من خاف التعذيب فساير التيار ووافق الخليفة ..
و لم نسمع ان البخارى اعتقل أو تعرض للتعذيب مثل بن حنبل وابن نوح , ولكنه كان بيمشى حاله وكل موقف يؤلف له رواية تفصيل مع اختراع سند من عدة اشخاص قد ماتوا ..
وعلى سبيل المثال نتخيل معا ان رجلا يعمل فى تجارة المخدرات ويشربها أمام أولاده كيف سينشأ هؤلاء الاولاد المساكين ..
وهناك احصائيات اجريت على المدخنين وأثبتت ان معظم أبناء المدخنين يدخنون الساجر اقتداءا بهم , مع تدخل العامل النفسى فى الموضوع ..
ومن الطبيعى ان الانسان الذى يعيش فى أى بيئة يؤثر ويتاثر بالبيئة التى يعيش فيها , فليس من الممكن ان يعيش الشيخ البخارى وسط هذه الهيسة والظلم والاستبداد والفوضى والاضطهاد ويكون بسلامته حامى الحمى ورافع راية السنة وأكثر الناس خوفا على الاسلام ..
هذه النادرة أشبهها بنظام التعليم القائم فى مصر انه نظاما هشا معظم مدرسيه غير مؤهلين علميا أو نفسيا أو تربويا لمهنة التدريس وبالتالى سيكون نتاج عملهم أجيال خاوية العقول فاسدة الخلق وهذا هو قريب جدا لواقع الحال فى مصر المجتمع الذى تراجع كثيرا للخلف بأجياله الحاليه ..

2   تعليق بواسطة   ايمان خلف     في   الأربعاء ٢١ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2884]

خلافة الفوسيفساء الهشة

أستاذى الجليل الدكتور . منصور
ما أروع دراسة التاريخ وما أقساها ، فتاريخ المسلمين يعج بالنوادر والقصص التى تستحق فعلا تسليط الضوء عليها ، ولابد وحتما وسيادتكم محق فى طلبك أن يحول التراث الى دراماحتى يتعرف المواطن البسيط ما ألت إليه أمور دينه والشخصيات الذين تحكموا فيها ومؤسسى الخلافات الإسلامية التى رسمت معالم إسلامنا اليوم

3   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الأربعاء ٢١ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2917]

وعن هارون الرشيد , والف ليلة وليلة

ولهارون الرشيد حكاية مع طبيبه المسيحي والذي كان يدعى ( اسحاق بن حنان , ان لم تخني الذاكرة ).
تمرض الخليفة واشرف على علاجه طبيب مسيحي , وعندما حضر الطبيب لزيارة الخليفة اخر مرة, وجده باحسن حال وقد زال عنه المرض . غادر الطبيب قصر الخليفة متوجها لبيته , وعندما وصل البيت , وجد اربع من الجواري في بيته , وعندما استفسر زوجته عنهن , قالت هذه ((مكرمة وهدية))الخليفة لك .
في الحال اخذ الطبيب النساء وارجعهم للخليفة الذي استغرب جدا لردة فعل الطبيب . فقال الخليفة للطبيب انهن لك . فقال له الطبيب , انا متزوج وديني يمنعني ان اتزوج ثانية , فماذا اعمل بهؤلاء النسوة .
ومنذ ذلك اليوم ,اصبح ذلك الطبيب , الوحيد الذي يعالج نساء وجواري الخليفة.
اسمع عن جماعات تريد ارجاع عصر الخلافةوالعاصمة المقترحة هي كوالامبور . , يعني خليفة القرن الواحد والعشرين يطبق دستور الخليفة هارون الرشيد واللاكيف يسمى خليفة ,ويا اهلا بعصر الجواري وعصر الف ليلة وليلة.
لا بارك الله بكل ظالم

4   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ٢١ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2918]

سر تعنته مع الفقهاء

مما ورد في هذه النادرة وقد نمت لدينا المهارة في الاستنتاج والتحليل , وما توقعناه نحن قراء النوادر من أن الخليفة المعتصم كان لا يجيد الكتابة ولا القراءة وهذا جعله يشعر بالغيرة والنقص من داخله تجاه العلماء والفقهاء وهذا في اعتقادي من أقوى الاسباب التي جعلته يتعنت معهم وينكل بالكثير منهم ومما ساعد على ذلك تنفيذه لوصية أخيه المأمون في مطاردة واضطهاد العلماء القائلين بخلق القرآن.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
باب دراسات تاريخية
بقدمها و يعلق عليها :د. أحمد صبحى منصور

( المنتظم فى تاريخ الأمم والملوك ) من أهم ما كتب المؤرخ الفقيه المحدث الحنبلى أبو الفرج عبد الرحمن ( ابن الجوزى ) المتوفى سنة 597 . وقد كتبه على مثال تاريخ الطبرى فى التأريخ لكل عام وباستعمال العنعنات بطريقة أهل الحديث ،أى روى فلان عن فلان. إلا إن ابن الجوزى كان يبدأ بأحداث العام ثم يختم الاحداث بالترجمة او التاريخ لمن مات فى نفس العام.
وننقل من تاريخ المنتظم بعض النوادر ونضع لكل منها عنوانا وتعليقا:
more