كشف حساب لفترة حكم أوباما.. كل ما قد تريد معرفته عن عهده

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


كشف حساب لفترة حكم أوباما.. كل ما قد تريد معرفته عن عهده

تابع الملايين خطاب وداع «أوباما» الذي انتهى منذ عدة ساعات، وتابع الملايين أيضًا قبل ذلك الجلسة التي جمعت بين «باراك أوباما» و«دونالد ترامب» الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة في البيت الأبيض، والتي تباحثا فيها سبل انتقال سلس للسلطة، ويقضي باراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، حيث تنتهي فترته الرئاسية الثانية رسميًا في العشرين من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

مقالات متعلقة :

وصل أوباما للبيت الأبيض بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية على المرشح الجمهوري «جون ماكين»؛ ليكون أول أمريكي من أصول إفريقية يصل لأعلى منصب في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت فترة رئاسة أوباما الأولى في الـ20 من يناير (كانون الثاني) لعام 2009، وذلك خلفًا لـ«جورج بوش الابن»، وامتدت فترة رئاسته ثماني سنوات بعدما فاز بفترة رئاسة ثانية في انتخابات الرئاسة لعام 2012، بتحقيق الفوز على المرشح الجمهوري «مِت رومني».

انتصر أوباما في السباقين الانتخابيين بفارق كبير عن منافسيه؛ حيث حصل على أكثر من ضعف عدد أصوات ماكين في المجمع الانتخابي في انتخابات 2008، وذلك بعدما حصد 365 صوت مقابل 173 فقط لماكين، وبفارق شاسع في التصويت العام يُقدَّر بعشرة ملايين صوت. وعاد أوباما في 2012 ليحقق فوزًا كاسحًا على رومني بفارق 126 صوت في المجمع الانتخابي، وأكثر من خمسة ملايين صوت في التصويت العام.

ورِث أوباما تركة ثقيلة من جورج بوش الابن، تتمثل في أزمة اقتصادية هي الأكبر منذ الثلاثينات، وحروب استنفدت المليارات من الدولارات. لذلك تركزت سياساته على الإصلاح الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وخفض نسب البطالة، وبسط الرعاية الصحية؛ لتشمل أعدادًا أكبر ممن لا يحظون بتأمينات صحية، وتحسين التعليم، والعمل على الاستقلال عن الشرق الأوسط في مجال الطاقة، مع الاهتمام بالبيئة وقضية الاحتباس الحراري.

نستعرض معًا في هذا التقرير أداء أوباما في بعض القضايا والملفات الهامة.

1. الولايات المتحدة من الداخل

نتناول في هذا القسم عدة ملفات هامة تمس السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية، مثل الاقتصاد والمهاجرين والرعاية الصحية والوظائف والطاقة.

الاقتصاد

ملف الاقتصاد الأمريكي من أهم الملفات التي تهم الشعب الأمريكي، وأحد أهم عوامل تقييم الرؤساء الأمريكيين عبر تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
أوباما كان سيئ الحظ في أنه ورث اقتصادًا متراجعًا، على إثر فترة كساد اقتصادي عميق في عهد سابقه جورج بوش الابن. الإنصاف يقتضي الاعتراف بأن الوضع الاقتصادي للأمريكيين بات أفضل كثيرًا مما كان عليه منذ ثماني سنوات، بالرغم من محاولات خصوم أوباما تصويره عكس ذلك.
بالرغم من ذلك، فإن معظم الأمريكيين يشعرون بأنه يجب أن يكونوا في وضع أفضل اقتصاديًا؛ ربما هنا هم يعقدون مقارنة بين تجربة أوباما وتجربة كلينتون الذي انتشل الاقتصاد الأمريكي من كبوته في عهد جورج بوش الأب، وحقق أعلى معدلات نمو للاقتصاد الأمريكي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

تسلَّم أوباما الاقتصاد الأمريكي في وقتٍ كان فيه معدل النمو الاقتصادي سلبيًا بنسبة 2.8، وقد وصل النمو في الاقتصاد الأمريكي حتى الربع الأول من عام 2016 إلى 15% أكبر من حجم الاقتصاد الأمريكي في 2008، بمعنى أن معدل النمو الاقتصادي ارتفع بنسبة 4.9% في سنوات أوباما بمتوسط نمو 2% سنويًا وفقًا لتقرير «سي إن إن»، وبالرغم من ذلك، فإن متوسط معدل نمو الاقتصاد الأمريكي ما زال أقل من المتوسط العام للاقتصاد الأمريكي.

الدين العام

ارتفعت نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج العام خلال فترة رئاسة أوباما؛ حيث ارتفع الدين العام الأمريكي إلى 13.6 تريليون دولار بزيادة قدرها 116% منذ وصوله للرئاسة. وكان يمثل حوالي 52% من الناتج القومي في بنهاية العام المالي 2009، ولكنه ارتفع إلى 74% بنهاية العام المالي 2015.

الوظائف

وصلت البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية لأعلى نسبها قبل وعند وصول أوباما للبيت الأبيض، حيث بلغت 7.8%؛ وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية الكبيرة حينها، وأخذت نسبة البطالة في الارتفاع فوصلت بعد عام تقريبًا من رئاسته إلى 10%، وهي النسبة الأعلى خلال الـ26 عامًا الأخيرة.

أثر سياسات أوباما الاقتصادية بدأ يظهر بعد ذلك، وبدأت نسبة البطالة تقل حتى وصلت إلى 4.7% في مايو (آيار) 2016 كما تشير أرقام وزارة العمل الأمريكية.

أحدث أرقام وزارة العمل تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي نجح في خلق 180 ألف فرصة عمل جديدة كل شهر، وأن معدل البطالة هبط إلى 4.6% بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عدد الوظائف التي خُلِقت في فترة أوباما وصلت لما يقرب من 14.4 مليون وظيفة، مقابل 1.7 مليون فقط في رئاسة جورج بوش الابن، ولكنها أقل كثيرًا من عدد فرص العمل التي تم توفيرها في عهد بيل كلينتون، والتي وصلت إلى 23 مليون فرصة عمل.

على الجانب الآخر لم ترتفع رواتب العاملين بشكل كبير؛ فبعد حساب عامل التضخم يتضح أن الرواتب كانت شبه ثابتة حتى وقت قريب عندما بدأت في الارتفاع، فكما تشير أرقام موقع (npr)، فإن الرواتب ارتفعت أقل من دولار واحد بحساب عامل التضخم في الثماني سنوات الماضية.

لم يرتفع متوسط دخل الأسرة في نهاية عهد أوباما عما كان عليه في 2009 بحساب معدل التضخم. حيث كان متوسط دخل الأسرة الأمريكية في 2009 حوالي 54.9 ألف دولار، وفي عام 2015 أصبح حوالي 53.65 ألف دولار.

الضرائب

كانت الضرائب إحدى نقاط الخلاف العديدة بين أوباما والكونجرس الذي سيطر عليه الجمهوريون. حيث رغب أوباما في مد فترة خفض ضرائب الدخل على من يقل دخلهم السنوي عن 250 ألف دولار، وزيادة ضرائب الدخل على الأثرياء الذين يزيد دخلهم عن 250 ألف دولار. بينما كان الجمهوريون يرفضون تمديد خفض الضرائب، إلا في حالة تمديد الخفض على الجميع، بما فيهم الأثرياء، كما هاجموا أوباما لإنفاقه المليارات على برامج الإعانة والرعاية الصحية على منخفضي الدخل.

أوباما نجح في فترة رئاسته الثانية أن يحقق انتصارًا بعدما استطاع الحصول على موافقة الكونجرس على تمديد فترة خفض ضرائب الدخل، لمن يقل دخلهم السنوي عن 400 ألف دولار، وزيادة ضرائب الدخل على الأثرياء إلى 39.6%.

الصناعة

يعد النمو في مجال الصناعة الأمريكية أحد النقاط الساطعة في سجل أوباما الاقتصادي؛ الصناعات الأمريكية لم تستعد فقط معدلاتها قبل الكساد الاقتصادي، ولكنها فاقتها أيضًا.

دعم أوباما العديد من الصناعات الأمريكية، مثل شركات صناعة السيارات؛ وأدى ذلك إلى زيادة كبيرة في عدد السيارات الأمريكية المباعة، كما أن النمو الهائل في مجال الطاقة، خاصًة في إنتاج النفط الصخري في داكوتا الشمالية والجنوبية وبنسلفانيا وتكساس، وفر العديد من فرص العمل سواء في مجالات الطاقة أو الصناعات المرتبطة بها.

الطاقة

في خطابه أمام المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في أغسطس (آب) 2008، بعد إعلان فوزه ببطاقة الترشح عن الحزب الديمقراطي وعد أوباما باستثمار 150 مليار دولار في مجال الطاقة المتجددة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والجيل الجديد من الوقود الحيوي، وزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة للطاقة في إنتاج الكهرباء.

خطاب أوباما عن الطاقة كان يرتكز على تعظيم حماية البيئة واستغلال مجال الطاقة لتوفير ملايين الوظائف الجديدة.

لاقت خطط أوباما تعنتًا كبيرًا غير مبرر في كثير من الأوقات، من قبل الحزب الجمهوري خاصة في خطته لدعم الشركات التي تعمل في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، وكان الجمهوريون يتخذون من نموذج شركة «Solyndra» ذريعة لرفض خطة أوباما. فشركة «Solyndra» التي تعمل في مجال الطاقة الشمسية أشهرت إفلاسها في 2011، بالرغم من تلقيها دعمًا كبيرًا من الحكومة الفيدرالية.

ولكن بالرغم من ذلك، فإن مجال الطاقة المتجددة شهد نموًا كبيرًا في عهد أوباما، فتم مضاعفة الكهرباء التي يتم توليدها من طاقة الرياح خمس مرات خلال الثماني سنوات، وقل الاعتماد على الفحم في توليد الكهرباء من حوالي 50% إلى 33%، بينما أصبحت مصادر الطاقة المتجددة تستخدم في توليد 13% من إجمالي الكهرباء في الولايات المتحدة، والنسبة ما زالت آخذة في الارتفاع كما تشير أرقام إدارة الطاقة الأمريكية.

إنتاج أمريكا من النفط في 2016 وصل لأعلى مستوى له في آخر 43 عامًا، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسعار الوقود بشكل كبير؛ حيث هبطت من 3.01 دولار للجالون الواحد في 2007، إلى 2.15 دولار للجالون في 2016.

الرعاية الصحية

ربما كانت سياسة أوباما في التأمين الصحي هي الأشهر عالميًا، بعدما التصقت باسمه وأصبحت تعرف باسم «أوباما كير». وبالرغم من الانتقادات الكثيرة التي وجهها الجمهوريون للقوانين الخاصة بالرعاية الصحية، فإن «أوباما كير» استطاعت تقليل عدد المواطنين غير المشمولين بتأمين صحي من 14.9% في عام 2008 إلى 9.1% في 2016، وذلك وفقًا لمؤسسة «جالوب»، وتعتبر هذه هي أفضل نسبة لها منذ خمسين عامًا.

وارتبط قانون «الرعاية الصحية بأسعار معقولة» باسم الرئيس الأمريكي، والذي أُقِر رسميا في 2010، ولكن بدأ العمل به في 2014، ويهدف القانون إلى بسط الرعاية الصحية لتشمل جميع المواطنين بدون اعتبار تاريخهم المَرَضي، وحاول الجمهوريون كثيرًا إلغاء القانون، حيث حاولوا ذلك 47 مرة بلا نجاح، وذلك في الفترة من 2010 وحتى 2014.

الهجرة

شهد عهد أوباما رقمًا قياسيًا في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وقد بلغ عدد المهاجرين غير الرسميين للولايات المتحدة 12.2 مليونًا في عام 2007، وهو أعلى عدد للمهاجرين الذين لا يحملون أوراقًا رسميًا وفقًا لمركز «بيو».

وخلال السنوات الست الأولى من رئاسة أوباما، تم ترحيل حوالي مليوني مهاجر غير رسمي من الولايات المتحدة، كما توضح أرقام إدارة الأمن الداخلي الأمريكية.

وبالرغم من أن عدد المهاجرين الذين تم ترحيلهم في عهد أوباما أعلى من أي رئيس آخر، إلا أنه حاول كثيرًا تقنين أوضاع عدد كبير من المهاجرين غير الرسميين، ولكنه قوبل برفض محاكم الولايات والمحاكم الفيدرالية لخطتين كان قد اقترحهما لتقنين أوضاع ما يقرب من  أربعة ملايين مهاجر غير شرعي.

2. استراتيجية أوباما العسكرية

يواجه أوباما نقدًا كبيرًا من قبل الجمهوريين بتهمة أنه خفض الإنفاق العسكري، كما قلص حجم الجيش الأمريكي، وبالرغم من صحة جزء من هذه الانتقادات، إلا أنها لا تظهر الحقيقة كاملة؛ حيث انخفض الإنفاق العسكري بالفعل في الأعوام الأخيرة من عهد أوباما، فبعدما كان يمثل 4.6% من إجمالي الناتج القومي في 2010، انخفض إلى 3.3% في 2015، ويعتبر أحد أسباب انخفاض الإنفاق العسكري هو قرار أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان واستغلال تلك الأموال في الإنفاق على برامج الإعانة الاجتماعية.

وبلغ الإنفاق العسكري الأمريكي أقصى معدلاته في 2009 بقيمة 691 مليار دولار، ولكنه انخفض ليصل في 2015 إلى 569 مليار دولار، وهنا يجب توضيح عدة حقائق؛ الإنفاق العسكري الحالي أعلى بنسبة 50% من الإنفاق العسكري قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، بالرغم من تقلص حجم القوات المسلحة الأمريكية.

النقطة الثانية هي أن الإنفاق العسكري الأمريكي، بالرغم من انخفاضه، فإنه يظل هائلًا بالمقارنة مع بقية دول العالم؛ فهو يقترب من مجموع إنفاق الـ14 دولة التالية للولايات المتحدة من حيث الإنفاق العسكري.

وبالرغم من الارتفاع الكبير والمتسارع في مخصصات الإنفاق العسكري في ميزانية الصين، التي تلي الولايات المتحدة في أكثر الدول إنفاقًا على التسليح، فإن الإنفاق الأمريكي يمثل أكثر من أربع أضعاف حجم مقابله في الصين، كما يمثل قرابة عشرة أضعاف حجم الإنفاق العسكري الروسي، وذلك وفقًا لتقرير أصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عن الإنفاق العسكري العالمي في  2016.

حجم القوات المسلحة الأمريكية تقلص بالفعل في عهد أوباما، فالجيش الأمريكي الذي كان يضم في 2012 حوالي 570 ألف جندي، انخفض إلى 490 ألفًا فقط في 2016. كما انخفض عدد السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية كذلك، ولكن أوباما وضع خططًا لبناء عدد كبير من السفن الحربية الحديثة خلال الأعوام القليلة المقبلة.

استراتيجية أوباما العسكرية كانت تهدف إلى تحديث تسليح الجيش الأمريكي مع تقليص حجمه، ولذلك فقد وضع خطة لضم 80- 100 قاذفة من طراز (B-21)، بتكلفة 550 مليون دولار للطائرة الواحدة، وذلك لأسطول القاذفات الأمريكي، كما أضافت وزارة الدفاع الأمريكية خلال السنوات الماضية لأسطول المقاتلات من طراز (F-35 ) طائرات بمعدل 30 طائرة سنويًا، سترتفع إلى 100 في 2017، وذلك بهدف ضم 2443 قطعة من أحدث المقاتلات لأسطول سلاح الجو الأمريكي بحجم إنفاق يصل إلى 400 مليار دولار.

على جانب آخر كانت إحدى الاتهامات التي وجهها الجمهوريون لأوباما أنه أضعف من قدرات أمريكا النووية، والحقيقة أن نسبة الخفض في عدد الأسلحة النووية في عهد أوباما، أقل من أي رئيس آخر، فبينما خفض جورج بوش عدد الأسلحة النووية الأمريكية بنسبة 50%، فإن الخفض في السنوات الست الأولى من عهد أوباما بلغ 10% فقط، كما أن أوباما وضع خططًا لتطوير القدرات النووية الأمريكية، تتكلف أكثر من تريليون دولار على مدى الثلاثين عامًا القادمة.

وبالرغم من وعود أوباما وقت ترشحه للرئاسة في 2008، بعدم خوض حروبًا خارجية، فإن الواقع يشير لغير ذلك؛ حيث شاركت القوات الأمريكية في عمليات عسكرية في عدد من البقاع حول العالم في عهد أوباما أكثر من سابقه جورج بوش الابن.

وهدفت سياسة أوباما العسكرية لتقليص وجود قواته البرية على أراضي النزاع، مع الاعتماد على القصف الجوي والهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار «الدرونز» drones.

لذلك فبالرغم من انخفاض الوجود الفعلي للقوات الأمريكية على الأرض، فإن أمريكا مشتركة في حروب ومسارح عمليات عسكرية أكثر في عهد أوباما عن قبل توليه الرئاسة، كما زاد الإنفاق العسكري المخصص للعمليات الحربية كذلك في عهد أوباما عن بوش الابن من 811 مليار دولار في عهد بوش إلى 866 مليار دولار في عهد أوباما، وإن كانت فترة رئاسة أوباما الثانية شهدت انخفاضًا في المخصصات العسكرية للعمليات الحربية.

سياسة أوباما العسكرية اعتمدت على سحب القوات الأمريكية من المعارك البرية، والاعتماد بشكل أكبر على القصف الجوي والهجمات باستخدام الدرونز. ووفقًا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية ففي حين أن الجيش الأمريكي شن في عهد بوش الابن 51 هجمة باستخدام الدرونز في باكستان على مواقع يشتبه في كونها تابعة لجماعات إرهابية، ارتفع عدد تلك الهجمات في عهد أوباما إلى 372 هجمة على مواقع مماثلة في باكستان، كما شن الجيش الأمريكي112 هجمة باستخدام الدرونز على اليمن في عهد أوباما، مقابل هجمة وحيدة في عهد بوش. ولكن عدد هجمات الدرونز بدأ في الانخفاض بدايًة من عام 2010.

سياسة أوباما العسكرية اعتمدت كذلك على زيادة عدد القوات الخاصة الأمريكية وانتشارها حول العالم؛ ففي عهده شهد حجم القوات الخاصة زيادة بنسبة 25% عن عهد بوش؛ فارتفع عددها من 55800 إلى 69700، كما توسعت في انتشارها؛ فأصبح لدى القوات الخاصة الأمريكية قواعد في 133 دولة، أو ما يمثل 70% من دول العالم.

وانخفضت الخسائر الإجمالية للجيش الأمريكي في عهد أوباما بسبب استراتيجيته العسكرية، التي اعتمدت على الهجمات الجوية و«الدرونز»، فبينما زادت خسائر الجيش الأمريكي من الوفيات في أفغانستان وفقًا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية من 635 في عهد بوش إلى 1751 في عهد أوباما، إلا أن عدد وفيات الجيش في العراق انخفض بشكل كبير، فبينما وصل العدد في عهد بوش 4229، فإنه انخفض إلى 274 في عهد أوباما.

السياسة الخارجية

الشرق الأوسط

1. العراق

في سبتمبر (أيلول) 2007 أعلن الرئيس الأمريكي (جورج بوش) عن خطة لسحب القوات الأمريكية تدريجيًا من العراق، حيث كان عدد القوات الأمريكية وقتها 168 ألف جندي، وبنهاية فترة رئاسة بوش في 2008، انخفض العدد إلى 146 ألفًا فقط.

وفي فبراير (شباط) 2009 أعلن أوباما أن القوات الأمريكية ستنسحب بالكامل من العراق على مرحلتين، امتدت المرحلة الأولى على مدار عشرة أشهر حتى نهاية أغسطس (آب) 2010، وانسحب فيها ما يقرب من مائة ألف جندي أمريكي ليبقى خمسون ألفًا آخرون لتدريب الجيش العراقي وقوات الأمن العراقية.

فشل الحديث بين الجانبين: الأمريكي والعراقي، حول شروط تمديد بقاء القوات الأمريكية أدى إلى تمسك أوباما بالانسحاب الكامل للقوات الأمريكية. الموكب الأخير للقوات الأمريكية غادر العراق في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2011، وعلى متنه 500 جندي أمريكي ليتبقى 157 فقط في العراق.

الانسحاب الأمريكي من العراق أدى إلى زيادة النفوذ الإيراني هناك، كما أدى إلى استبعاد كبير للسنة من الحكم، فضلًا عن اجتياح «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) لشمال العراق في يونيو (حزيران) 2014، وتقدمهم حتى الوصول إلى قرب العاصمة العراقية؛ مما استدعى عودة القوات الأمريكية للعراق للمساهمة في المعركة ضد التنظيم في العراق.

2. سوريا

كان رد الفعل الأمريكي شديد السلبية تجاه الحرب الأهلية في سوريا هو أكبر أخطاء السياسة الخارجية الأمريكية، من وجهة نظر البعض، في عهد أوباما.

فبعد استخدام قوات النظام السوري للأسلحة كيماوية في حربها ضد الثوار السوريين في 2012، أعلن أوباما أن نظام بشار الأسد تعدَّى خطًا أحمر، مشيرًا إلى أن على النظام العالمي ردعه. وبالرغم من أن الكونجرس منح أوباما الضوء الأخضر للتصدي لجرائم بشار، إلا أنه تراجع وقبِل باتفاق سوري – روسي، يقضي بنزع السلاح الكيماوي في سوريا.

ويعتبر فشل أوباما في الحد؛ مما يعتبر جرائم النظام السوري طوال خمس سنوات، والتي كانت نتيجتها نصف مليون قتيل سوري و12 مليون نازح، هو أبرز مآخذ المحللين على سياسة أوباما الخارجية.

أغلب المحللين يتفقون على أن أي رئيس أمريكي آخر، كان غالبًا سيأخذ موقفًا أكثر تشددًا من النظام السوري.

الفراغ الذي سببه الانسحاب الأمريكي من العراق بدون تدريب كافي للقوات العراقية، وعدم التصدي لجرائم نظام بشار الأسد فتح الباب على مصراعيه أمام بزوغ «تنظيم الدولة الإسلامية» كخليفة لتنظيم القاعدة، وانضمام العديد من الشباب لصفوفه، في رأي العديد من المحللين في الولايات المتحدة وخارجها.

3. إيران

بداية عهد أوباما شهدت توترًا شديدًا في العلاقات بين البلدين؛ حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات مضاعفة شديدة القسوة على طهران في 2010، لكن وصول (حسن روحاني) للرئاسة في 2013 فتح الباب أمام المفاوضات بين الجانبين بصورة لم تحدث منذ 1979.

المفاوضات بين الجانبين أوصلت الطرفين لتوقيع اتفاق في يوليو (تمّوز) 2015 عُرف باتفاق لوزان النووي. وبموجب هذا الاتفاق يتم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، مقابل عدم تطوير إيران لسلاح نووي وقبولها بالتفتيش على منشآتها النووية.

4. السعودية

شهدت العلاقات بين أمريكا والمملكة السعودية تأرجحًا في أوقات تصاعد فيها التوتر بين الطرفين، عقب التوقيع على اتفاق إيران النووي الذي رأت فيه السعودية تهديدًا لها. وبالرغم من ذلك فإن أمريكا أخذت صف التحالف الذي تقوده السعودية في حربها في اليمن ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.

العلاقات الأمريكية السعودية كانت متميزة في معظم العصور السابقة ولكنها شهدت تأزمًا كبيرًا في عهد أوباما، حتى إنه عندما سُئل: هل يعتبر السعودية دولة صديقة؟ أجاب: بأن الأمر معقد.

5. إسرائيل

العلاقات بين البلدين شهدت توترًا لم يحدث منذ نشأة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في الأربعينات؛ فبالرغم من استمرار التحالف التاريخي بين البلدين، إلا أن العلاقات بين أوباما و«بنيامين نتنياهو» تدهورت بشدة في فترة رئاسته.

في البداية، انتقدت إدارة اوباما متمثلة في وزيرة الخارجية «هيلاري كلينتون»، قرار الحكومة الإسرائيلية ببناء 1600 منزلًا في القدس الشرقية، لكن هذا التوتر لم يمنع أوباما من استخدام «حق الفيتو» في مجلس الأمن ضد طلب فلسطين بالحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2011، وكان أوباما قد استخدم حق الفيتو قبلها في فبراير (شباط) 2011 أيضًا في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يقول بعدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وبالرغم من معارضة إسرائيل الشديدة لاتفاق إيران النووي، لدرجة حديث نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي في محاولة منه لإقناعهم برفض القرار، وبالرغم من توتر علاقات الدولتين الظاهر في عهد أوباما، إلا أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل قفزت لدرجة غير مسبوقة ووصلت في عام 2012 لثلاثة مليار دولار سنويًا، قبل توقيع أوباما لاتفاق جديد تمنح إسرائيل بمقتضاه مساعدات عسكرية بمقدار 38 مليار دولار خلال العقد القادم، مقابل 30 مليارًا خلال العقد الذي ينتهي في 2018.

وكان أوباما قد وصف التحالف الأمريكي الإسرائيلي بالمُقدَس، كما صرح إيهود باراك بأن الدعم الذي قدمه أوباما لإسرائيل هو دعم تاريخي لم يشهد مثله في تاريخ إسرائيل.

6. ليبيا

بعد شهر تقريبًا من اندلاع الثورة في ليبيا، وبعد الجرائم الوحشية التي ارتكبتها قوات «معمر القذافي» بحق الشعب الليبي، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 1973 في 17 مارس (آذار) 2011، وذلك بعد خمس أيام فقط من مناشدة جامعة الدول العربية مجلس الأمن بالتدخل.

القرار اقتضى فرض منطقة حظر طيران في ليبيا، لمنع طائرات القذافي من استهداف المدنيين، وبعد القرار بيومين بدأت القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية في استهداف أهداف تابعة للقذافي عن طريق صواريخ «توماهوك».

آسيا

حاول أوباما خلال رئاسته نقل مركز اهتمام الولايات المتحدة الخارجي من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا. وكان التوقيع على اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» في فبراير (شباط) 2016 الخطوة الأكبر في سياسات أوباما تجاه شرق آسيا، وتنص الاتفاقية على إنشاء سوق حرة بين 12 دولة في شرق آسيا والمحيط الهادي يشكل ناتجها القومي 40% من مجموع الناتج القومي العالمي، كما تضم 800 مليون نسمة.

وتهدف الاتفاقية أيضًا إلى الحد من تنامي دور الصين في جنوب شرق آسيا.

وعززت أمريكا من تواجدها العسكري في المنطقة عبر اتفاقيات التحالف العسكري مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية.

كوبا

شهدت فترة ولاية أوباما بداية عودة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا بعد فترة قطيعة استمرت 60 عامًا تقريبًا؛ حيث أعلن أوباما في الأول من يوليو (تمّوز)

2015 إعادة فتح السفارة الأمريكية في هافانا، والتي كانت مغلقة منذ 54 عامًا، وبالمثل تعود الحياة للسفارة الكوبية في واشنطن. وفي مارس (آذار) 2016 زار أوباما، كوبا، كأول رئيس أمريكي يزور هافانا منذ  1928، ولاقى أوباما ترحيبًا كبيرًا من الجماهير الكوبية بعدما امتلأت شوارع العاصمة بالحشود الراغبة في رؤيته.

اجمالي القراءات 3212
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق