سلطات محافظة بابل تقرر رسميا معاقبة ذوي المتهمين بالإرهاب

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٨ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


سلطات محافظة بابل تقرر رسميا معاقبة ذوي المتهمين بالإرهاب

سلطات محافظة بابل تقرر رسميا معاقبة ذوي المتهمين بالإرهاب

 
  • قرار محافظة بابل العراقية بمعاقبة عوائل المشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية، بقدر ما ينطوي عليه من دوافع وخلفيات طائفية خطيرة، يعكس في ذات الوقت تراجع سلطة الدولة العراقية وقدرتها على فرض قوانينها في مقابل صعود دوائر نفوذ وقرار موازية.
العرب  [نُشر في 29/07/2016، العدد: 10349، ص(3)]
 
في دولة اللاقانون يؤخذ الناس بالشبهة ويعاقبون على جرائم اقترفها غيرهم
 
الحلة (العراق) - أثار قرار إداري اتخذته السلطات المحلية بمحافظة بابل العراقية بهدم منازل وطرد عوائل المشتبه في ضلوعهم بأعمال إرهابية موجة من السخط الممزوج بالهلع داخل شرائح واسعة من العراقيين، كون القرار يكرّس مبدأ العقاب الجماعي في استلهام واضح لتجربة إسرائيلية متبعة في مواجهة الفلسطينيين وإخماد انتفاضاتهم وتمرّداتهم على سلطات الاحتلال.

وبحسب منتقدين للقرار، فإن خطورته تكمن في ما ينطوي عليه من خلفيات طائفية كون تنظيم داعش يعتبر عنوان الإرهاب في العراق حاليا، وهو محسوب بشكل اعتباطي على الطائفة السنية رغم أنها الأكثر تضرّرا منه، فيما إدارة محافظة بابل تحت سيطرة أحزاب شيعية، ما يرشّح القرار ليصبح وسيلة وغطاء للتطهير الطائفي عبر هدم مساكن العوائل السنية وطردها، بالاستناد إلى شبهة صلتها بالإرهاب دون الحاجة إلى إثباتات قانونية وتحقيقات مهنية تقوم بها جهات مؤهلة لذلك ومخوّلة قانونا.

كما تكمن الخطورة أيضا في الارتقاء بالقرار الإداري ليصبح مؤهلا لمعالجة مسائل حساسة من قبيل مكافحة الإرهاب ومعاقبة الضالعين فيه.

ويكرّس القرار من جهة أخرى التراجع الرهيب في سلطات الدولة العراقية وقدرتها على إجراء قوانينها مقابل صعود دوائر قرار ونفوذ موازية ما تفتأ تتكاثر في العراق يوما بعد يوم.

ويعكس أيضا فشل منظومة مكافحة الإرهاب في العراق بشقيها القانوني والأمني، الأمر الذي يقود إلى اعتماد أساليب متطرفة من قبيل هدم المنازل وطرد العوائل لمجرّد الاشتباه في وجود صلة بالإرهاب.

ولأول مرة في تاريخ العراق اعتمدت إدارة محافظة عراقية جميع مسؤوليها الكبار من الشيعة، قانونا إسرائيليا يقضي بهدم منزل كل من يشتبه بتورطه في أعمال إرهابية وترحيل عائلته إلى مناطق خارج المحافظة.

دوائر قرار موازية ما تفتأ تتكاثر في العراق في مقابل التراجع الرهيب لسلطات الدولة وهيبتها وقدرتها على فرض قوانينها

وتطبق الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هذا الإجراء منذ حرب العام 1967 ضد سكان الضفة الغربية وأجزاء من هضبة الجولان السورية المحتلة وشبه جزيرة سيناء المصرية، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بهدم بيوت المتهمين الفلسطينيين أو المشتبه بقيامهم بأعمال مناهضة للاحتلال وتجريف مزارعهم وطرد عوائلهم من المنطقة.

وقال محافظ بابل صادق السلطاني، وهو قيادي في حزب الدعوة الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، “إن مجلس المحافظة اتخذ قرارا بهدم منزل كل من يشتبه بتورطه في أعمال إرهابية، وترحيل عائلته من المحافظة”، مضيفا أن هذا القرار سيطبق بأثر رجعي، معترفا في الوقت نفسه بأن محافظته لا تملك إحصائية لعدد المتورطين في أعمال إرهابية، لكنه قال “إن الأجهزة الأمنية لديها معلومات حول بعض العائلات التي ثبت تسترها على إرهابيين”.

وقال المحامي سامي الجنابي في اتصال مع وكالة العباسية نيوز من الحلة مركز محافظة بابل إنّ “من المحزن أن يتم تطبيق قانون إسرائيلي قائم على العنصرية في العراق”، مضيفا أن الأسى يزداد أكثر عندما يطبق في محافظة بابل ذات العمق التاريخي والحضارة القديمة التي علّمت البشرية القراءة والكتابة وحقوق الحاكم والمحكوم وأنجزت أعظم التشريعات الإنسانية قبل الآلاف من السنين.

وأوضح الجنابي “أن قانون محافظة بابل الجديد يخرج على ما ورد في القرآن من قوله تعالى: لا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يتوافق مع رسالة الإسلام السمحاء التي تفرّق بين المجرم وبين عائلته أو أقاربه، كما أن مفهوم التستر عالجه قانون أصول المحاكمات الجزائية المعمول به في العراق، ويحكم بسجن المتستر على الجريمة حسب طبيعتها وخطورتها، وليس في القانون هدم بيت العائلة أو طردها إلى منطقة أخرى”. ومن جهته ندد القاضي المتقاعد عبدالسميع المعموري بقرار السلطات المحلية ببابل، وقال إنه يشكل مخالفة قانونية واضحة، حيث لم ينص قانون العقوبات العراقي على اتخاذ السلطات الحكومية مثل هذا الإجراء ضد المجرمين مهما كانت جرائمهم، خاصة وأن القانون والشرع يشيران إلى أن العقوبة تكون على الشخص المتورط بمخالفة أو جريمة ويحرم التنكيل بأسرته أو عشيرته. وأدان ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي قرار مجلس محافظة بابل الذي يسيطر عليه قياديون في حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي والمجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم، ومنظمة بدر بقيادة هادي العامري، وأكدوا أن له أبعادا سياسية وطائفية ويستهدف أهل السنة أساسا، وهددوا باللجوء إلى القضاء للطعن بهذا القرار المخالف للدستور والقوانين السارية في العراق.

وقال الناشط الحقوقي عماد عبدالله إن القرار طائفي بامتياز، وعلى منظمات المجتمع المدني وهيئات حقوق الإنسان التصدي له بحزم، داعيا حكومة العبادي إلى إعلان رأيها في مثل هذه القرارات الجائرة.

وكانت الميليشيات الشيعية في محافظة بابل قد أقدمت على هدم وتفجير وحرق الكثير من دور المواطنين وتجريف مزارعهم في مدن جرف الصخر والإسكندرية وجبلة والحصوة ذات الأغلبية السنية، بعد أن وجهت إلى السكان تهما جاهزة باحتضان الإرهاب ودعمه، كما منعت النازحين منهم من العودة إلى ديارهم بعد طرد مسلحي داعش منها.

وقد أثارت هذه السياسة اعتراضات المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي وصفت ما جرى في مناطق شمال محافظة بابل بأنه تطهير طائفي.


اجمالي القراءات 1355
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق