حقائق الواقع تفند الفكرة الشائعة عن رفاهية القطريين

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٤ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


حقائق الواقع تفند الفكرة الشائعة عن رفاهية القطريين

حقائق الواقع تفند الفكرة الشائعة عن رفاهية القطريين
  • رغم ما يعرف عن ثراء قطر الفاحش، إلا أن تفاقم مشاكل استخدام بطاقات ائتمان بلا قيود والاقتراض الهائل من البنوك وصعوبات في سداد القروض، تكشف ثغرات في الفكرة الشائعة عن رفاهية القطريين.
العرب توم فين [نُشر في 05/03/2016، العدد: 10205، ص(11)]
 
ماذا عن الديون؟
 
الدوحة - كشفت دراسة قطرية أن الرواتب الحكومية السخية والخدمات المجانية التي تمولها ثروات البلاد الضخمة من الغاز الطبيعي، لا تترجم دائما إلى أرصدة مصرفية قوية للقطريين العاديين، في بلد يبلغ عدد مواطنيه نحو 300 ألف شخص فقط.

وأكدت أن بعض القطريين يتعرضون لضغوط اجتماعية كبيرة للعيش في مستوى يتجاوز مواردهم بكثير، إذ ينفقون ببذخ على كل شيء من أحدث الهواتف الذكية وصيحات الموضة وحتى حفلات الزفاف، لكن المشكلات بدأت تتفاقم بعد أن أجبر تراجع عوائد صادرات الطاقة الحومة على الحد من الإنفاق السخي.

وتشير دراسة أجرتها جامعة قطر إلى أن الكثيرين يقترضون مبالغ ضخمة من البنوك المحلية لتمويل أنماط من الحياة لا يسعهم تحمل تكلفتها.

وقال لوران لامبرت من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية التابع للجامعة إن “ما يقال عن أن القطريين قلة قليلة محظوظة وسعيدة، ما هو إلا ضرب من الخيال… الكثيرون لا يملكون من الدخل ما يكفي لتغطية نمط الحياة وهناك نسبة صغيرة فقيرة جدا بالمعايير المحلية تكافح لتغطية نفقاتها”.

ولا يبدو حتى الآن أن القروض الشخصية المنتشرة في قطر تهدد النظام المالي عموما، كما أنها شائعة في أرجاء منطقة الخليج حيث تنتشر مظاهر البذخ، في ظل الإجراءات التنظيمية الفضفاضة للبنوك.

ويظهر تقرير لاستراتيجية التنمية الوطنية في قطر صدر عام 2014 أن 75 بالمئة من الأسر عليها ديون، وأن أغلبها مدينة بأكثر من 69 ألف دولار، لكن نسبة قليلة منها تعجز عن سداد مدفوعات القروض وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن.

وسلطت إجراءات الحكومة الأخيرة، مثل تسريح موظفين عموميين وزيادة أسعار البنزين، الضوء مجددا على المديونية والمشكلات التي قد تمثلها بالنسبة إلى التلاحم الاجتماعي، وتزايدت ضغوط المواطنين على أقاربهم والحكومة من أجل المساعدة.

لوران لامبرت: ما يقال عن أن القطريين قلة محظوظة وسعيدة، ضرب من الخيال… الكثيرون لا يملكون من الدخل ما يكفي لتغطية نفقاتهم

ورغم أن عدد سكان قطر يصل إلى 2.4 مليون نسمة فإن معظمهم مغتربون لا يمكنهم الحصول على القروض الميسرة، في بلد يعمل فيه النظام المصرفي التقليدي إلى جانب المؤسسات المالية الإسلامية ولكنه منفصل عنها.

وشبه معلقون قطريون الإفراط في الاستدانة بأنه “لعنة اجتماعية” و”حمى تنتشر من بيت إلى بيت” ومشكلة باتت تثير قلقا وطنيا.

وتبث برامج إذاعية مقابلات مع موظفين عموميين يكتنفهم الحزن ويشكون من الانزلاق في مستنقع الديون بعد اقتراضهم من البنوك دون أن يدركوا حجم تكاليف السداد.

ويكمن جزء من المشكلة في أن الطفرة الاقتصادية خلال فترة ارتفاع أسعار الطاقة، رفعت مستويات المعيشة والتوقعات بسرعة كبيرة.

وقال محمد المري وهو شرطي مرور سابق “لا يمكنك أن ترتدي ساعة رخيصة وتركب سيارة مستعملة أو تستخدم هاتفا قديما. ينبغي أن تمتلك أحدث الموديلات حتى لا تبدو فقيرا… الناس يتظاهرون بأنهم يمتلكون المال للحفاظ على المكانة الاجتماعية”.

ودفعت ثقافة البذخ والإنفاق على المظاهر جيلا بأكمله إلى العيش بلا مبالاة والاعتقاد أن باستطاعته التمتع برغد العيش والاعتماد وقت الأزمات على الأقارب والحكومة.

في إطار استراتيجية توزيع بعض الثروات، التي اكتشفت حديثا جرى تقديم قروض للمواطنين في ستينات وسبعينات القرن الماضي، ثم في مطلع القرن الحالي لمساعدتهم على شراء أسهم في شركات الطاقة الحكومية.

وفي وقت لاحق امتدت القروض المتحررة من القيود التي تقدمها البنوك المحلية، إلى الأسر التي تريد على سبيل المثال بناء منزل لقضاء العطلات أو شراء سيارة جديدة. وجرى تقديم القروض دون أي ضمانات تقريبا وفي معظم الأوقات كانت القروض تتجاوز رواتبهم السنوية عدة مرات.

وقال عالم الاجتماع القطري محمد الكبيسي “كان الأمر متاحا للجميع، كان بمقدور أي أحد اقتراض المبلغ الذي يريده ببساطة”.

جامعة قطر: الكثيرون يقترضون مبالغ ضخمة لتمويل أنماط حياة لا يسعهم تحمل تكلفتها

وسعت السلطات لرفع الوعي بشأن المشكلة وأطلقت حملة بعنوان “الدين شين” في عام 2013 شهدت جمع تبرعات للمساهمة في سداد ديون المسجونين وغيرهم من المهددين بمواجهة اتهامات جنائية.

وبعد تنامي القلق من انتشار القروض وتزايد عدد القطريين الذين يعجزون عن سدادها، فرض البنك المركزي في 2011 سقفا يبلغ 550 ألف دولار على القروض الاستهلاكية التي لا تضمنها سوى رواتب المقترضين على ألا تتجاوز فترة السداد 6 سنوات.

ومع اندلاع احتجاجات الربيع العربي رفعت الحكومة رواتب موظفي الدولة بنسبة 60 بالمئة ورواتب العسكريين بنسبة 120 بالمئة.

وينقسم القطريون بشأن كيفية معالجة مشكلة الديون. وينتقد بعضهم عادات الإنفاق الباذخ، ويؤيدون فرض حدود قصوى على الإنفاق على حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات الاجتماعية ومعاقبة من يخالفها.

ويطالب آخرون الحكومة بتنظم أفضل لعمل البنوك التي تعد القروض الشخصية من أنشطتها المربحة، وطرح المزيد من الأسهم لتشجيع المواطنين على التمتع بالفوائد بعيدة المدى مثل إصدارات الأسهم المجانية وتوزيعات الأرباح.

ويرى بعض القطريين أن إعفاء المواطنين من ديونهم يرسي سابقة خطيرة. ويقول مصطفى الخميسي صاحب شركة المحاسبة "إذا أسقطت الدين عن شخص فإنك تعفيه من مسؤوليته الشخصية عن سداد الدين... هذا أمر خطير لأنك إذا بدأت بتقويض مسؤولية الفرد تجاه المجتمع فإنك تبدأ في تقويض المجتمع نفسه."

اجمالي القراءات 2052
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق