هويدا طه تكتب: أثق في السيسي ولكن..

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢١ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور الأصلى


بعد أكثر قليلاً من شهرين منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه.. في أحلك لحظة تمر بها مصر تاريخياً، هناك مؤشرات مطمئنة، وإن كان إطمئناناً تلحقه عبارة (ولكن)!، قبل الاستطراد في حكاية (ولكن) تلك.. لنبدأ أولا بما يطمئن:-

 

أولا: مصر تفتح نافذتها على العالم:-

 

كان مبارك قد حرم مصر من التعامل مع العالم إلا مع سيدته الأثيرة أمريكا وحلفائها، ثلاثون عاماً ما كان لمصر تأثيرٌ دولي ولا مشاركة فيما يجري في العالم لصالح شعبها ومستقبله، إنما في أقل من شهرين.. هناك انفتاح مصري على دولٍ أهُملت سنيناً رغم أهميتها مثل الجزائر.. وهناك الانفتاح الضروري على روسيا، بعد انكفاءٍ جعل مصر تتنفس هواءً عطناً.. ها هي إذن وفي أقل من شهرين.. تفتح الشباك!

 

ثانياً: تحارب العجز:-

 

كان ضيق ذات اليد هو الحجة الدائمة لأنظمة الحكم المتعاقبة على مصر، أفقر المصريون عمداً حتى باتوا يعرفون المجاعات والنوم في العراء، في وقتٍ كان قوت يومهم يتحول إلى ثروةٍ حرام في يد نخبة الحكم ومن حوله، إنما في أقل من شهرين بدأ مشروع عملاق سيمكنه زيادة دخل مصر.. لتنتهي تلك الشكوى المخجلة من العجز.. بمشروع قناة السويس سيكون لدينا سيولة نتصدى بها لوحش الفقر والمرض والجهل والتخلف.. مصر إذن وفي أقل من شهرين.. تعلن الحرب على.. قلة الحيلة!

 

ثالثاً: تحفظ لحمها:-

 

كانت الصكوك وأشباهها من وثائق السرقة يتم إعدادها على عجل.. لسرقة قناة حفرها المصريون بدمائهم، كان نظام الإخوان الغدارين يستعد لبيعها لأغراب يتلهفون عليها طمعاً وحسداً للمصريين، ثم وحين أعلن السيسي عن مشروع القناة الجديدة العملاق تواتر حديث عن التمويل بواسطة أسهم، وهو ما أثار القلق من: الخصخصة، القناة بالنسبة لنا ليست مجرد شركة ربحية بل هي تاريخ وكرامة وأمن وسياسة وكل شيء.. لكن أعلن أن تمويل المشروع سيكون بواسطة شهادات استثمار وليس أسهم، ستظل القناة إذن ملكاً لمصر الدولة والشعب.. لا خصخصة.. لا جريمة بحق مصر وقناتها.. في أقل من شهرين حسمت مصر في عهد السيسي الأمر.. مهما كانت الظروف.. مصر تحافظ على لحمها!

 

رابعاً: تسابق الزمن:-

 

قال السيسي إنه يسابق الزمن.. أصدقه! تسمع كل يوم قراراً جديداً والأهم أنه.. يُنفذ! إعلان بدء العلاج لمرضى فيروس سي في أكتوبر وتحديد عدة مراكز للعلاج، حقٌ جاء متأخراً لمصريين يدفعون من صحتهم ثمن إجرام مبارك ورجاله في حقهم، كذلك الاستعداد لإنتاج سيارة مصر الوطنية، وبدء معركة عش الدبابير: معركة الحد الأقصى للأجور، أيضاً بدء شق طرق جديدة ولأول مرة تلزم الحكومة المصرية نفسها بموعد الانتهاء من مشروعٍ ما، بدء إصلاح المستشفيات المتهالكة، اجتماع السيسي مع وزير التعليم لمناقشة تطوير التعليم، ولأول مرة نسمع عن عام 2030! لم نكن نتحدث حتى عن عامٍ واحد قادم، كانت حياتنا مزدحمة بتوسل البقاء على قيد الحياة! مصر إذن وفي أقل من شهرين تشق طريقاً نحو المستقبل.. 2030 ومابعدها!

 

خامساً: تتعامل بهدوء الواثق:-

 

في زمن مبارك اطمأن الكبار.. فرجلهم في مصر يخمد وهج هذا البلد بما يفي بالمطلوب منه! واطمأن الصغار إلى أن المصري الذي يمكنه إعادتهم إلى حجمهم ذاهب في غيبة كبرى! وزاد اطمئنانهم حين جاء المرسي في غفلة مصرية تاريخية، فهو سوف يقضي على النفس الباقي في هذا الجسد المصري النائم، لذا كانوا يهينون مصر دون تحسب لرد فعلٍ رادع، أذكر طأطأة مصر لرأسها حين غضب الإتحاد الأوروبي ذات يوم من عدم تحكم مصر في المهاجرين غير الشرعيين عبر سواحلها! الآن الكبار: أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو أي متضرر من أي إفاقة مصرية ربما يضمر لمصر شراً في الخفاء (وهو ما يقلقني في القادم من الأيام) لكنه يتحفظ في العلن، أما الصغار مثل خالد مشعل المتاجر بدم شعبه لأجل وهم الإمارة الإسلامية أو ذلك الإرد غان الذي يتشنج كلما تذكر السيسي.. ماذا كان رد فعل مصر على تشنجهما؟ أو على غضب أمريكا المكتوم؟.. لم ترتعش! إنما ردت على الكبار بفتح نافذتها على العالم بهدوء وثقة، وأهملت الصغار حتى يأتونها صاغرين! في شهرين إذن بدا أن رد فعل الرأس المطأطئ قد ولى وحلت محله... الحركة الواثقة!

 

سادساً: دولة وشعب في معسكر واحد:-

 

الديكتاتورية المصرية الغاشمة الجهول! هذا هو توصيف بلدنا في كتاب عن شخصية مصر لعالم الجغرافيا المبدع جمال حمدان، على مدار تاريخ تلك الديكتاتورية الغاشمة الجهول كانت الدولة تستبد بالشعب والشعب يقاومها، لكن حين تتعرض الدولة لخطر يهدد بقاءها يحتشد الشعب لحمايتها! ثم حين يستقر لها الحال تعود لتستبد بالمصريين ويعودون هم لمقاومتها! ظاهرة مصرية خالصة! وصول الجماعة الإرهابية لحكم مصر في لحظة غفلة مصرية تاريخية جعل المصريين يستشعرون الكارثة.. فاحتشدوا لحماية الدولة بل لحماية الوطن من هذا العدو الغادر! الآن وقبل أن يعود المصريون لعادتهم القديمة في مقاومة استبداد الدولة راح هؤلاء المجرمون يفجرون محطات الكهرباء والأسواق والطرق والكباري.. ليكرههم الشعب أكثر ويصطف إلى جانب دولته أكثر وأكثر ويؤجل مقاومة استبدادها إلى حين يضمن لها البقاء! فرغم أن أزمة الكهرباء صارت بسبب هؤلاء الغدارين أشد مما كانت في عهد مرسيهم.. إلا أنه في شهرين استطاع السيسي جذب المصريين إلى معسكر الدولة أمام خطر يهددهم ويهدد الدولة ويهدد بقاء الوطن ذاته..

 

سابعاً: تصمد في وجه أعداء من الجهات الست:- 

 

نعم أعداء لمصر في جهاتٍ ست! إرهاب في الشرق، والغرب، وخنجر سوداني في الجنوب، وتجاهل لحق المياه في جنوب الجنوب، وقوى استعمار في الشمال، وخونة في أحشائها! الجيش والشرطة يعيشون لحظة صعبة في مواجهة كل هذا الإرهاب من كل جهة، رغم ارتكاب الأخطاء (فلنؤجل الحديث عن الأخطاء إلى قسم "ولكن"!) والخونة في الداخل ليسوا المعارضين السياسيين للسيسي! فليكن ذلك واضحاً إنما الخونة هم كل من يساعد أعداء الخارج لحرمان المصريين من أمل الأمن والتنمية بل والبقاء! لكن وبعد شهرين بدا أن مصر مع السيسي صامدة.. أصدقه حين يقول: والله والله.. أقول كمان؟!.. والله والله.. لن أسمح لأحد أن يهد هذا البلد.. نقول كمان؟!

 

** ولكن..

 

نعم ولكن!.. مؤشرات تفيد بأنه أصبح لدينا أمل، ولكن.. هذه الدولة التي نصطف في معسكرها الآن لحمايتها- ونؤجل مقاومتنا لاستبدادها التاريخي- تتصرف حتى وهي تحقق إنجازاً ما.. بغباءٍ شديد!

 

أولاً: غياب المعلومات

 

دولتنا لا تكترث بحقنا في المعلومات! وهذا ليس لصالح تحالف الدولة والشعب! (مجرد تنبيه!) مثلاً: العلاقة مع السعودية، وأخبار تتناثر عن نشر قوات مصرية على حدودها لحمايتها من داعش، نسمع ذلك من هنا وهناك لكن لا نجد أحداً في هذه الدولة ينفي أو يثبت، نسمع أن قواتٍ مصرية سوف تقوم بعملٍ عسكري في ليبيا لكن دولتنا لا تكترث أصلا بحقنا في المعلومات، كل يومٍ نسمع بياناً مختصراً عن عمليات عسكرية ضد إرهابيين في سيناء لكن.. من هم هؤلاء وما هي ظروف ذلك الإرهاب في سيناء وإلى أي مدى الأمر صعب أو مستحيل أو اقترب من الحسم أو مازال الوقت أمامه طويلاً.. لا نعرف شيئاً، لأن حكومتنا لا تكترث بحقنا في المعلومات، أبلغونا وسوف نساندكم! لكن بعد ثورةٍ عظمى بمرحلتيها لن نساند أحداً عمياني!

 

ثانياً: فلول مبارك

 

هذه أم المعارك! معركة الشعب المصري مع فلول لا يريدون الاستسلام! رجال أعمال يخرجون من السجون إلى مصانع سرقوها في عهد مبارك البائد (هل هو بائد فعلاً؟!) والآن بنشر صورهم في تلك المصانع يقولون لنا: موتوا بغيظكم أنتم وثورتكم! ثم رجال حزب وطني منحل يرتبون للانتخابات البرلمانية، بل رجال الإخوان الغدارين يجهزون تحالفاتٍ أيضا لدخول البرلمان ثانية! أموال طائلة هربت من مصر لا نسمع من نظام السيسي شيئا عن محاولة استعادتها لتغنينا عن سؤال الصندوق الدولي اللئيم، باختصار: موقف السيسي من الفلول.. فلول مبارك أو فلول إخوان.. هو موقف غامض.. لا أقول مريب!

 

ثالثاً: الرؤية المتكاملة

 

نعم نصدق أنك تعمل ليل نهار أعانك الله! وأنك تسعى لإنجاز مشروعات اقتصادية عملاقة، وأتحمس كمواطنة لدعمك، (ولكن..) أخرج علينا برؤية (متكاملة) بهدف بعيد.. لا تكفي تلك العبارة الغائمة (مصر حتبقى قد الدنيا).. قد الدنيا إزاي يعني؟! نريد خطة كاملة واضحة الأهداف والوسائل، لا تعجبني طريقة القطارة وانتظروا مفاجأة ونظام مسابقات العيد ذاك! ما هي رؤيتكم (الكاملة) لمصر خلال العشرين سنة القادمة... على الأقل؟!

 

رابعاً: صبر المصريين

 

للصبر حدود! الكهرباء ليست للإنارة فقط فالاقتصاد بأكمله يقوم عليها، إبحث ياريس عن صاحب خيال واسع يمكنه إيجاد حل سريع مبتكر.. لديّ شكوك أن يصبر المصريون واقتصادهم على أزمة الكهرباء إلى حين افتتاح القناة الجديدة وتلقي عائدها! لا أعرف كيف يمكنك حل تلك الأزمة إنما حلها! جد لها حلا! هذا توجس مشروع: هل حقاً سيستمر هذا الشلل الكهربائي ثلاث سنوات؟! أخشى ياريس ألا تكون هناك وقتها!

 

خامساً: كوارث لا تساعد.. الإعلام نموذجاً!

 

لماذا لا ترحب بالمعارضة السياسية ياريس؟! لماذا يبدو نظامك وكأنه يريد لوناً واحدا في السياسة والإعلام والنشاط الحزبي ووو.. لماذا تعمل ليل نهار بحق لأجل مصر ثم.. تترك نظامك يستعمل إعلاماً رديئاً قد يهدم كل ما تبني دون أن تدري! هذا الإعلام الفاشل اللزج السمج بدأت نتائجه العكسية تتبلور في الشارع! ليست لصالحك! الشعب المصري لديه فراسة تكونت على مدى بضع آلاف من السنين! وبتلك الفراسة بدأ يرى كم أنه محاصر بإعلام ردئ وإعلاميين يشبهون الدب الذي قتل صاحبه!

 

سادساً: الشرطة.. كلاكيت عاشر مرة!

 

قابلت ضابط شرطة واعياً لديه رؤية متكاملة لحل مشكلة العلاقة بين الشعب والشرطة، هذا الضابط السابق فصله حبيب العادلي لأنه رفض تنفيذ أوامر بالتزوير في واحدة من انتخابات مبارك! جزء من رؤية د. محمد محفوظ لإصلاح الشرطة أن تتعدد كليات الشرطة في الجمهورية وتصبح الشرطة في كل محافظة تابعة للمحافظ ويعاد النظر في مسألة أمناء الشرطة والأمن المركزي وغير ذلك من إصلاحات هيكلية.. السؤال الهائم في سماء مصر الآن: لماذا لا يتبنى السيسي قراراً شجاعاً وتاريخياً بعمل إصلاحاتٍ جذرية في جهاز الشرطة.. لتجد الخصومة المزمنة بين الشعب والشرطة طريقها إلى الحل؟.. كيف ستصبح مصر (قد الدنيا) بشرطة تستعين بالبلطجية؟!

 

سابعاً: رجال الأعمال

 

هو سؤالٌ واحد يحيرني كما يحير غيري من المصريين.. ما سر التردد في الحسم مع هؤلاء الذين امتصوا دماء مصر ومصرييها؟ ماذا قدموا لمصر حين دللتهم سابقاً حتى تدللهم ثانية الآن؟ ما سر هؤلاء الناس؟!

 

** ولكن..

 

مثل كثير من المصريين أشعر بصدق السيسي لكنني أتوقع منه حسماً أكبر.. وأسرع! الطبقة الوسطى يمكنها التحمل لبضع سنوات.. لكن هناك غالبية ساحقة من المصريين ظلمتهم أنظمة سابقة لا يمكنهم التحمل.. ليس لديهم أصلاً ما يستندون إليه للتحمل.. من يسكن في عشة أو يأكل وجبة واحدة يوميا أو يعجز عن إيجاد عمل.. أو يأكل المرض كبده.. كيف يمكنه التحمل؟! هؤلاء إن لم يخلق لهم حل سريع.. سيكونون وقوداً لفوضى لا يُعرف مداها ومنتهاها.. مثل كثير من المصريين غيري.. أثق في السيسي ولكن.. فقط ننبهه..

اجمالي القراءات 1775
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق