المعرف والنكره

علي الاسد Ýí 2010-03-03


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم..الحمد لله..اللهم صل على محمد وآل محمد وأكفنا بهم

السلام عليكم

من المتعارف لدى اهل اللغه ان هناك فرق بين اللفظ حين ياتي نكرة او معرف.. و&Eig; معرف.. وبداهة ايضا نعلم ان المعرف معرف قطعا , اذن هو معلوم بين المتكلم والمستمع على الاقل .. وهذا ما درج عليه الكلام العادي بين الناس , فلو كنت تخاطب صديقك وقلت له : لقد رأيت الوزير 

فقطعا ان هذا الوزير معروف لك ولصديقك ولا يعني اي وزير كان , بل وزير واحد تعرفه ويعرفه صديقك حق المعرفه . وسوف يختلف المعنى كليا فيما لو ذكرت نفس الجمله مع تنكير لفظ الوزير , حيث ستقول :لقد رأيت وزيرا

ففي هذه الحاله انت تعلم انك فقط رايت احد الوزراء ولعلك تلم بمعلومه اخرى عن صفته ولكن صديقك(المستمع)لا يعرف اي شيء عمن رايت سوى كونه وزير.

هذه القاعدة اللغويه والمنطقيه ,والتي يستعملها الناس في كلامهم اليومي بنسبة ما, وأن تجاوزوها احيانا خطأ ..اقول هذه القاعدة تم التغافل عنها والغائها كليا في التعامل مع النص القرآني . الا اللهم في بعض الحالات الخاصة , مثال لفظ الشيطان حيث ياخذونه من المسلمات انه يعني شخص محدد وليس اي شيطان كان .

هذا التغافل المتعمد عن قاعدة لغويه منطقيه ادى الى حدوث ابهام في فهم الكثير من المعاني القرآنيه , حتى اصبح الكتاب المهيمن المبين الذي فيه تبيان كل شيء محل الاختلاف الاكبر وليس مرجع حل النزاع.

وكمثال للفارق بين المعرف والنكرة نأخذ لفظ واحد وهو :

الدم :

في : سورة النحل-آيه 115

{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم } فان الميته والدم والخنزير في هذه الاية لاعلاقة له بالمتعارف من تحريم اكل لحوم الخنازير والدماء ولحوم ميته ,فلم تاتي اشارة الى كون التحريم هو تحريم الاكل..  والكلمات هنا معرفه وكل ما هو معرف فهو معرف, اذن هو موجود له كيانه الخاص المختلف عن بني جنسه فلفظ (الدم) في هذه الايه لفظ معرف لدم خاص وليس اسم جنس, ونستطيع ان نجده في ايه اخرى تعطينا بعض مواصفاته في سورة الأعراف-آيه 133

{فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين } اذن هنا الجراد و...والدم ايات مفصلات اذن الدم ايه مفصله وتم ارسالها من موقعها بتصرف المجموعه المقدسه وليس دم من حيوانات كما يتبادر الى الذهن.

فلو سال سائل عن المحرم للاكل من دماء الحيوانات نجده في ايه اخرى وهي:

في : سورة الأنعام-آيه 145

{قل لا أجد في مآ أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } وهنا نجد دم وميته وخنزير غير معرفه , ونجد ان التحريم خاص بالطعام (محرما على طاعم يطعمه) وليس تحريم مطلق(حرم عليكم).

بالطبع ان هناك من يقول بعدم التفريق بين المعرف والنكره , وان المعرف هو اسم جنس , اي ان الدم يعني كل الدماء والانسان يعني كل الناس والمدينه تعني كل المدن , والجواب ان هذا يتعارض مع المنطق واللغه ناهيك عن تعارضه مع القران الذي استخدم كلا الصيغتين للتفريق بين المعنيين.

اما من يتسائل عن سبب التغافل عن التفريق بين المعرف والنكرة من قبل غالبية الامه منذ بدايتها الى الآن رغم وضوح الفارق , ناهيك عن الحل لكثير من التناقض في القران عند الالتزام بقاعدة التفريق بينهما , كمثال : فان المحرم في الاسلام هو (الخمر) المعرف بال التعريف وليس له علاقه بلفظ (خمر) سوى الاشتراك في صفة من الصفات (كأن يكون كلاهما مستخرج من عصير النبات , ولكن الخمر يحتوى على مركب خاص للذرات ينتج الكحول ,وعدم وجود هذا المركب في كل خمر.. اي ان خمر تعطي معنى مقارب للعصير المتعارف بينما الخمر هو عصير يحتوي على الكحول ولذا ورد وجود خمر في الجنه : انهار من خمر).

اقول ان الاجابه على التساؤل اعلاه هي ان تطبيق هذه القاعدة المنطقيه البسيطه( كون المعرف معرف محدد متميز) تفتح الباب على فهم جديد قديم يهدم الكثير مما بنيت عليه المؤسسه الدينيه-السياسيه التي تصدت للوصايه على الدين وتمثيله بها وحدها.

 وسوف يبدأ التساؤل عن كل الالفاظ المفردة المعرفه في القرآن والبحث عن مصاديقها في تاريخ الامه او في لحظة نزول الآيات. فمثلا سوف يتساءل المسلمون عن هوية الجمل المذكور في الآيه:                                                                            

((إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين (( اعراف 40 ))

ولماذا لم تقل الآيه (حتى يلج جمل في سم الخياط) بدلا من (حتى يلج الجمل) ,فعن اي جمل محدد تتحدث الآيه؟.

وكذلك سوف يتم البحث عن هوية الظالم الذي يعض على يديه ((ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.. آيه27 الفرقان))

والمجرم الذي((يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه..المعارج 11 ))

 والكافر الذي((وكان الكافر على ربه ظهيرا..الفرقان 55 .. ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا ..النبأ 40 ))

والموؤدة التي قتلت(واذا الموؤده سئلت)

 والأشقى الذي يصلى النار الكبرى ,

 والفتح ,

 واليوم الذي أكمل فيه الدين(اليوم اكملت لكم دينكم) ,

 والنجم اذا هوى ..وهو نفس النجم الذي به يهتدون (وعلامات وبالنجم هم يهتدون..النحل 16),

والشهر الحرام قتال فيه(يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه..البقرة 217) فأي شهر من الأشهر الحرم هو وعن أي قتال يحدث في هذا الشهر المخصوص وكيف ولم؟ ومن هم الذين لايزالون يقاتلونكم ,

والداع((يوم يدع الداع الى شيء نكر .. القمر 6))

وغيرهم

والسلام عليكم .. علي الأسد

 

 

اجمالي القراءات 34427

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   محمد عطية     في   الجمعة ٠٥ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[46214]

ليس هكذا تُورد الابل يا استاذ على

من الجميل أستاذنا الكريم أن يطرح الإنسان فكرة ثم يطالب الجميع بدراستها و التباحث حولها أو يضع فكره لمقال ثم يقوم بعرض وجهة نظره بالأدلة و البراهين وكذلك يتم عرضها للنقاش ....

وأنت يا سيدي الكريم لم تفعل هذا و لا ذاك ... ولكن جال فى خاطرك فكرة رميتها ثم مضيت إلى حال سبيلك...(من إحدى وظائف النكرة و المعرفة )فالمعرفة يا سيدي للتحديد و النكرة للتعميم فى اللغة و مثال الوزير التى أوردته خير دليل على ذلك ..وليس بالضرورة أن المعرفة تحمل معنى يخالف ما تحمله النكرة من ذات الاسم ( فالجنة لا تختلف عن جنة )( و الميسر لا يختلف عن ميسر )( و الخمر لا تختلف عن خمر ) .... و الأخير بالذات فالخمر المقصود بها التى تُسكر و تُذهب بالعقل أما خمر فهى التى وعد الله المتقين و هى لذة و لا تصيب شاربها بسوء و ذلك لتوضيح الله لها (خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى) و لو لم يذكر ربى صفتها لاندرجت تحت الخمر الأولى . فالمعنى يُفهم من سياق الآية ... و النكرة و المعرفة ليست طلاسم و لا الغاز ...

مع وافر الاحترام


2   تعليق بواسطة   أيمن عباس     في   الجمعة ٠٥ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[46216]

يحتاج الأمر إلى الكثير من الدراسة.

مع اتفاقي مع بعض ما قيل في هذا المقال إلا أننى أرى أن الأمر يحتاج  لكثير من الدراسة حتى يكون الحكم صائباً ، فالتعميم أسلوب غير علمي إذا لم يكن مدعوماً بالأدلة والأمثلة الكثيرة لذلك نتمنى أن يتبع هذا المقال مقالات أخرى في نفس الموضوع .


3   تعليق بواسطة   علي الاسد     في   الجمعة ٠٥ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[46217]

المعرف للتحديد والنكره للتعميم ,وهذا ما اقوله انا

الاستاذ الفاضل محمد عطيه

انا قلت ان المعرف يعني فرد محدد من النوع الذي ينتمي اليه , اي انه لايختلف عنه في اصل


 النوع ولكن يختلف عن بقية انواعه قطعا بكونه معروف مميز لدى كل من المتكلم والمستمع.


والا لماذا اسميناه معرف (معرف لمن وكيف) ان لم يختلف في شيء عن النكرة. فما الفارق


الذي تراه بين المعرف والنكره؟ ولماذا نطبق قاعدة تميز المعرف عن بقية امثاله من نفس


النوع في بعض الحالات فقط؟ فمثلا لماذا لا نقول ان الشيطان المذكور في الآيات هو


أي شيطان كان؟ اليس بسبب كونه معرف؟ وكذلك قولنا الشمس, والقمر , الا نعني بها


شمس واحدة وقمر واحد هما المعروفان لنا متكلمين وسامعين؟

وانت قلت (( فالجنه لاتختلف عن جنه والميسر لا يختلف عن ميسر والخمر لاتختلف


عن خمر)) .انتهى.

يا اخي هذا هو اصل الاختلاف بيننا في فهم المعرف والنكره , فانا ارى ان هناك فارق


وهو كون المعرف معروف مميز عن بني جنسه بين المتكلم والمستمع..وهذا


ما يستخدمه القرآن..فلن تجده يطلق لفظ(النبي) الا للاشارة الى النبي فقط , اما لبقية


الانبياء فيطلق لفظ (نبي) او يذكرهم باسمائهم. وهذا هو نفس ما قلته انت من ان


المعرفه للتحديد والنكرة للتعميم , وهو ما طالبت انا بان نطبقه على كل الالفاظ


المعرفه في القرآن.

ارجو ان اكون قد اوضحت المقصد.وان لا اكون كسعد الذي يقول فيه الشاعر:

اوردها سعد وسعد مشتمل..ما هكذا تورد ياسعد الأبل

والسلام عليكم.. علي الأسد


4   تعليق بواسطة   علي الاسد     في   السبت ٠٦ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[46230]

الدراسه والبحث للوصول الى الحقيقه

الاخ الفاضل ايمن عباس الحق فيما تقول ولا طريق لمعرفة الحقيقه الا بالبحث


والدراسه وعدم اخذ الموروث من المسلمات


شكرا لمرورك


5   تعليق بواسطة   الميساني العماري     في   الخميس ٢٩ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[70423]

السارق و السارقة

 السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


اخي العزيز علي الاسد 


على ضوء ما تقدم و تفضلت به هل يمكن توضيح معنى السارق و السارقة ؟ ومن معرفة معنى القطع و معنى ايدي؟


ارجو التفضل بالاجابو لو بنحو الايجاز


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-12-28
مقالات منشورة : 12
اجمالي القراءات : 284,783
تعليقات له : 52
تعليقات عليه : 113
بلد الميلاد : العراق
بلد الاقامة : العراق