نمو الخليج... اقتصاد يتوسع وجيوب المواطنين تضيق

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٠ - ديسمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


نمو الخليج... اقتصاد يتوسع وجيوب المواطنين تضيق

بينما يرفع البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصادات مجلس التعاون الخليجي في 2025، ليقدر متوسط التوسع بنحو 3.2% إلى 3.5% مدفوعاً بتخفيف قيود إنتاج النفط واستمرار الزخم في القطاعات غير النفطية مثل الخدمات والصناعة والسياحة، تبدو الصورة على مستوى المواطنين أكثر تعقيداً، وهو جوهر الإجابة عن السؤال: من المستفيد الحقيقي من هذا النمو، وكيف يمكن منعه من التحول إلى موجة غلاء جديدة تضغط على الأسر متوسطة ومحدودة الدخل؟
تحاجج تقديرات صندوق النقد الدولي بأن الفئات الأكثر استفادة من نمو 2025 ستكون الشرائح المرتبطة مباشرة بالاستثمار العام والخاص في البنية التحتية، والقطاعات الخدمية عالية الإنتاجية، أي موظفي الحكومة في القطاعات المرتبطة بالمشروعات الكبرى، والعاملين المهرة في القطاع الخاص، إلى جانب أصحاب رؤوس الأموال المستفيدين من طفرة الإنفاق والاستثمار، بحسب تحديث اقتصادي إقليمي أخير للصندوق.
وفي المقابل، تظل استفادة الطبقات الدنيا والعمالة ذات الأجور المنخفضة مشروطة بقدرة الحكومات على تحويل عوائد النمو إلى فرص عمل أفضل، وسياسات أجور وحماية اجتماعية أكثر شمولاً، بدلاً من بقاء المكاسب مركزة في شرائح محدودة في أعلى هرم الدخل، بحسب التقدير ذاته.
لكن مع تقلبات أسعار النفط، لا يمثل النمو بحد ذاته ضمانة لتحسن مستوى المعيشة، إذ يظهر تقرير البنك الدولي حول ديناميكيات التضخم في دول الخليج أن التضخم في هذه الاقتصادات يتأثر بدرجة كبيرة بالتضخم المستورد من الشركاء التجاريين، وأن صدمات أسعار الغذاء والطاقة عالمياً تمر إلى الأسواق المحلية رغم استقرار سعر الصرف المربوط بالدولار، حسب مراقبين.ومع أنّ معدلات التضخم في الخليج تميل لأنّ تكون أقل من نظرائها في الاقتصادات الصاعدة، فإنّ أثر أيّ موجة تضخمية يكون أشد على الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل، نظرا لارتفاع نصيب الإنفاق على السكن والنقل والغذاء من ميزانياتها، بحسب تقدير نشره صندوق النقد الدولي حول ديناميكيات التضخم في مجلس التعاون الخليجي.
وفي هذا السياق، يؤكد تقدير نشرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن مفتاح حماية القدرة الشرائية لا يكمن فقط في كبح التضخم الكلي، بل في استهداف تكاليف المعيشة للفئات الأضعف عبر دعم أو تثبيت أسعار سلال محددة من السلع الأساسية، وتوسيع برامج التحويلات النقدية الموجهة، وربط سياسات الأجور بتطور إنتاجية العمل وتكاليف المعيشة.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن تقدير البنك الدولي لنسبة النمو في دول الخليج يحمل فرصاً حقيقية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، شريطة أن تُدار عوائده بطريقة استراتيجية تراعي التحديات الراهنة، ولا سيما في ظل تراجع أسعار النفط مؤخراً.
ولتحقيق أقصى استفادة من هذا النمو، تتجه الحكومات الخليجية، وفق ما يوضح درويش، نحو محورين رئيسيين: الأول يتمثل في تعزيز الأنشطة الاقتصادية غير النفطية من خلال سياسات ثابتة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، فيما يركز المحور الثاني على ترشيد الإنفاق، بخاصة في دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.ويضيف درويش أن هذا الدعم يتخذ أشكالاً متنوعة، تشمل الحوافز المصرفية، والتشريعات الحكومية التمكينية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لتمكين هذه المؤسسات من النمو والازدهار، لافتاً إلى أن فعالية هذه السياسات تعتمد على مدى قدرتها على توسيع قاعدة الاستفادة من النمو، بدلاً من اقتصارها على المؤسسات الكبرى أو القطاعات المرتبطة بالبورصة.
ويشدد الخبير الاقتصادي على أن التوزيع العادل لعوائد النمو يمكن أن يعزز القدرة الشرائية لهذه الفئات، بخاصة عبر توجيه الفائض الحكومي والإنفاق الاستثماري نحو الشرائح الصغيرة والمتوسطة، ومشاريع البنية التحتية، ودعم الإسكان الموجّه للدخل المتوسط، لافتاً إلى أنّ ارتفاع الإنتاجية في هذه المؤسسات، ينعكس إيجاباً على الرواتب ومستويات المعيشة، ما يخلق حلقة اقتصادية إيجابية.
ويحذر درويش من مخاطر ضخ سيولة مفرطة في الاقتصاد دون ضوابط، إذ قد يؤدي ذلك إلى تحفيز الاستهلاك دون إنتاج متناسب، بخاصة في ظل التقلبات التي تشهدها قيمة الدولار وقدرته الشرائية خلال عام 2025، والتي قد تنعكس سلباً على العملات الخليجية.
ويخلص درويش إلى أنّ الحكومات الخليجية باتت أكثر حرصاً على تدقيق أولويات الإنفاق، مع تركيز متزايد على الاستثمارات ذات العائد الاقتصادي الواضح، وتقليل الاعتماد التدريجي على الإيرادات النفطية، في إطار رؤى تنموية طموحة تمتد إلى العقد المقبل.
اجمالي القراءات 26
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق