إسلام قنديل" سائق التوك توك قضية أمن قومى:
إسلام قنديل" سائق التوك توك قضية أمن قومى

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٧ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: اليوم السابع


إسلام قنديل" سائق التوك توك قضية أمن قومى

إسلام قنديل" سائق التوك توك قضية أمن قومى

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008 - 18:13

إسلام ضحية نظام فاسد

كتبت ناهد نصر

لفظ أنفاسه الأخيرة الشاب السكندرى سائق التوك توك "إسلام قنديل"، متأثراً بحروقه الجسيمة التى أتت على اللحم والعظام. مات إسلام ضحية مركبة بثلاث عجلات هى كل مصدر رزقه فى الحياة. مات ثمناً للرضى بالغلب الذى أبى أن يرضى به؛ محروماً من لمسة أخيرة من يد أمه تمسد على جسده المتفحم، لأن الشرطة منعتها من زيارته. لكنه مات محظوظاً، فالأمن الذى افتقده إسلام طوال سنين عمره الخمسة والعشرين، كان هناك برجاله وسياراته وبنادقه يحيط سريره ومستشفاه الحكومى فى لحظاته الأخيرة، كما يحاصر حيه، وشارعه وبيته.

مات إسلام بينما كلماته الأخيرة "الضابط حرقنى بولاعة". الحياديون والموضوعيون وأنصار سلطة القانون يقولون إن علينا أن ننتظر تحقيقات النيابة فى مقتل إسلام. يقولون ينبغى ألا نظلم الولاعة، لعلها لم تكن هناك. يقولون لعل إسلام أحرق نفسه، ولعل الضابط مظلوم. ونحن معهم فى انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، وفى انتظار عدالة القانون.

لكن أهالى شارع 45 الذين يعرفون إسلام جيداً، لا يفقهون كثيراً فى إجراءات المباحث الجنائية، ولا يصدقون أن روح إسلام معلقة فى ولاعة. سائقو التوك توك زملاء إسلام قنديل يعرفون أن مصير الفتى المحترق كان يمكن أن يكون مصير أى واحد منهم، وأنهم وإن نجوا من الحرق، فإنهم معرضون لخوض صراعات يومية دفاعاً عن الثلاث عجلات التى أحرقت زميلهم. زملاء إسلام وأمه وأبيه وأخوته الثلاث، يبحثون عما هو أكثر من ولاعة. إنهم يبحثون عن روح القانون، ونحن معهم أيضاً. إننا ننتظر أن تبحث التحقيقات فى أداء النقيب أحمد إسماعيل مع الضحية، لا أن تبحث عن ولاعته.

والدة إسلام تقول إن ابنها قد انحنى يقبل قدم النقيب حتى يتركه فى حال سبيله، لكنه لم يستجب، وتقول إن الحكومة سحبت التوك توك الذى يعمل عليه إسلام قبل العيد، وأن مالك التوك توك الذى استرد مركبته ودفع الغرامات كان يرفض أن يمنحه مرة أخرى لإسلام لكنه أشفق عليه، وتقول إن ابنها كان مرعوباً من أن يتكرر ما حدث، لأن سحب التوك توك مرة أخرى كان يعنى القضاء نهائياً على مصدر رزقه.

وأن إسلام كان عائل الأم المسنة، والأب المريض، بعد أن انشغل عنهم أبناؤهم الثلاثة فى حياتهم وأولادهم. لكنها لا تنكر أن ابنها سكب على نفسه جركن البنزين. فأى يأس ذلك الذى دفع إسلام لتمنى الموت حرقاً. وأى قهر وتعنت هذا الذى وصل بلغة الحوار بين ضابط شرطة ومواطن إلى طريق مسدود لا يحله إلا البنزين.

سكان شارع 45 يعرفون الآن ما الذى يمكن أن يفعله جيركن بنزين وبالتجربة الحية المميتة، كما يعرف ذلك أيضاً المسئولون بداية من رجال الداخلية، والمحافظ فصاعداً. وعلى المسئولين أن يتعاملوا مع القضية بحكمة بالغة، وأن يتحروا العدالة قدر الإمكان دون حسابات أخرى غير العدالة.

فقضية إسلام لا ينبغى أن تمر مرور الكرام، لأنها قضية أمن قومى من الدرجة الأولى. فهى تعكس بوضوح إلى أين يمكن أن تصل الأمور حين تستبدل الشرطة لغة الحوار بالتصلب والقسوة واللامبالاة، وتعكس أيضاً أن القرارات التى تأتى من أعلى دون أن تدرك ظروف المواطنين وتراعيها، تضع جداراً جديداً فى العلاقة بين مؤسسات الدولة وبين ومواطنيها.

وأن رضى الفقراء وقدرتهم على التكيف مع ظروفهم المعيشية الصعبة، قد يتحول إلى يأس متهور إذا وجد هؤلاء ظهورهم إلى الحائط من شدة الضغط. فيا أيها المسئولين أرحموا أبناء مصر من اليأس، تكن رحمة لمصر كلها من اشتعال البنزين.

اجمالي القراءات 3400
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق