المفكر صبحي منصور في حوار لـ"الدستور": أدعو إلى «دولة علمانية مؤمنة»

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٨ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور


المفكر صبحي منصور في حوار لـ"الدستور": أدعو إلى «دولة علمانية مؤمنة»

المفكر صبحي منصور في حوار لـ"الدستور": أدعو إلى «دولة علمانية مؤمنة»

صبحي منصور
صبحي منصور
حنان عقيل

التفسير البشرى للقرآن إهانة للكتاب.. وكلام الله ليس «لوغاريتمات» تحتاج إلى توضيح وشرح إنسانى



الملحدون واللادينيون إخوة لنا فى «الإسلام السلوكى» والإرهابيون الذين يقتلون باسم الدين خصومنا

فكرنا سينتشر فى المستقبل بعد تحطيم الأصنام الفكرية والخرافات الدينية.. ونواجه حربًا من الوهابية

فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى، بدأ الباحث والمفكر أحمد صبحى منصور رحلته الفكرية ومشروعه البحثى الصادم، عقب إنهاء دراسته الجامعية بجامعة الأزهر، ليقدم أطروحته للماجستير عن التاريخ والحضارة الإسلامية، ثم رسالة الدكتوراه عن «أثر التصوف فى مصر فى العصر المملوكى» وفيها بيَّن التناقض بين الإسلام والتصوف، وبسببها بدأت معاركه مع شيوخ الأزهر؛ إذ أُجبِر على حذف أجزاء من الرسالة أثناء المناقشة.

بدأ منصور عمله بالتدريس فى جامعة الأزهر فى أواخر السبعينيات قبل فصله من الجامعة إثر صدامات مع مشايخه المنتمين لتيارات سلفية وإخوانية، وبتهمة إنكار السنة النبوية تعرض للسجن أواخر الثمانينيات لمدة شهرين، ليعمل فيما بعد فى مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية فى أوائل الثمانينيات إلى أن أغلقته السلطات.

على خلفية السجن والملاحقات ومصادرات كتبه المتكررة، اضطر منصور للهجرة إلى الولايات المتحدة بعد طلبه اللجوء السياسى، ليستقر هناك منذ العام 2001، وخلال تلك السنوات أسس «المركز العالمى للقرآن الكريم» وموقعه «أهل القرآن»، الذى يضم أبحاثه ومقالاته، فضلًا عن مقالات لآخرين منتمين إلى التيار ذاته.

«الدستور» حاورت على مدار حلقتين أحمد صبحى منصور حول أفكار رئيسية يقوم عليها فكر «التيار القرآنى»، خصوصًا تلك المتعلقة بالدولة والمجتمع، وسبل إصلاح الخطاب الدينى الراهن وآفاته التى أنتجت أفكارًا داعشية صارت تعشش فى عقول العرب، فضلًا عن راهن الثقافة العربية والحِمل الثقيل الذى صار المثقف ينوء بحمله فى ظل استبداد دينى وآخر سياسى.. وإلى الحوار:

يرى التيار القرآنى، الذى تتزعمه، أن الإسلام دين علمانى والدولة وفق الفهم القرآنى دولة إسلامية علمانية.. ألا ترى أن الإسلامية والعلمانية مصطلحان متناقضان فى الخطاب الفكرى الراهن؟ وما المقصود بتلك الدولة؟

- نحن فى جهادنا السل ينبع من معنى الإسلام وعقيدة الإيمان باليوم الآخر والمبدأ الإسلامى فى الحرية المطلقة فى الدين. فالإيمان باليوم الآخر يعنى مسئولية كل فرد عن اختياره الدينى يوم القيامة أمام الخالق، حيث سيحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون، ومن يتدخل فى هذه الحرية الدينية إنما يزاحم الله فى ألوهيته، وبالتالى فالاختلاف الدينى والمذهبى أمر مقرر، ولا سلطة فيه لبشر على بشر، ولكن يجب حفظ حقوق «العباد» أو حقوق الإنسان، أى أن نعيش إخوة مُسالمين نحترم اختياراتنا الدينية، ونؤجل الحكم إلى يوم الدين. هذا أيضًا نابع من الإسلام بمعنى السلام فى التعامل مع الأفراد وبين البشر. أما الإسلام بمعنى التسليم لرب العزة، إيمانًا به وحده لا شريك له فهذا مرجعه لله يوم الدين.

أُسُس العلمانية المؤمنة شرحناها فى مقال لنا وهى: الإنسان هو سيد هذا العالم الدنيوى، لا سيد للإنسان إلا الله، ولا وساطة بينه وبين الناس، وبالتالى فلا وجود للكهنوت أو أى مؤسسة دينية، فضلًا عن المساواة بين كل البشر، باعتبارهم أبناء آدم بغض النظر عن أى اختلافات بينهم، والتوازن بين الفرد والمجتمع، وعدم استغلال الدين فى السياسة والمطامع الدنيوية.

علمانية الدولة الإسلامية تأتى من كونها دولة ديمقراطية توازن بين الحرية والعدل، وترعى حقوق الإنسان، وتكفل حقوق المواطنة، ومن ثم يكون الآخر فيها ليس المختلف فى الجنس أو العقيدة أو المذهب أو اللغة أو الفقير، بل هو المجرم الإرهابى الخارج عن القانون إلى أن يتوب ويعطى حق المجتمع. وهى دولة لا تبغض ذلك الآخر المجرم المعتدى ولا تعاديه، وإنما تسعى لإصلاحه وتهذيبه.

■ وعلى أى قواعد تُبنى القوانين التى تتحدث عنها، هل تكون الشريعة الإسلامية هى القانون أم هى قوانين وضعية؟

- الشريعة الإسلامية العلمانية تعطى التشريع البشرى المجال الأكبر، خاصة أن تشريعات القرآن الكريم محدودة لا تتجاوز مائتى آية، بكل التفصيلات والتكرار فى أوامرها وقواعدها ومقاصدها. وبشكل عام هناك مقاصد تشريعية ترنو إليها قواعد القرآن وتفصيلاته، وهى القيم العليا مثمثلة فى العدل والسلام والحرية وكرامة الإنسان، والرحمة، والتخفيف والتيسير، ورفع الحرج، وتفصيلات أخرى تحتكم إلى العرف أو المعروف فى التطبيق بوضع تفصيلات قانونية ومذكرات تفسيرية للتطبيق. ومن ثم فكل قانون يراعى القيم العليا فهو قانون إسلامى فى أى زمان ومكان. أيضًا، إلزام الفرد وعقابه مجاله محدود فى الشريعة الإسلامية العلمانية، وفقًا لقيمة الحرية المطلقة فى الدين، ومن ثم لا تكون للدولة سلطة فى علاقة المواطن بربه فيما يخص العبادات والعقائد، وتقتصر سلطتها فى الإلزام على الجانب العقابى الذى يحفظ حقوق الفرد فى الحياة وفى السمعة والعرض والمال والكرامة، وحتى تلك الحدود والعقوبات تسقط بالتوبة التى تعنى الاعتراف بالذنب والتعهد بالكف عنه، ورد الحقوق لأصحابها. المواطن الفرد هو الأساس فى الشريعة الإسلامية القرآنية، وإن كانت تلك الفردية مرتبطة بالتفاعل الإيجابى بالمجتمع طبقًا لفريضة الأمر بالمعروف والنهى على المنكر، المفروضة على الجميع التى لا تعنى فى الوقت ذاته الإكراه.

■ إذا كان القرآنيون يتبنون العلمانية كتصور أساسى لفهم الدين والدولة.. فلم يتجاهل العلمانيون أصحاب التيار القرآنى؟

- اسألوهم هم عن السبب. نحن نعتبر العلمانيين والملحدين واللادينيين إخوة لنا فى الإسلام السلوكى الظاهرى، حيث إن الإسلام الظاهرى السلوكى فى التعامل بين البشر هو السلام، بغض النظر عن اختلاف العقائد، الذى سيحكم فيه الله يوم القيامة، وطالما هم مسالمون لا يقومون بإكراهنا فى الدين، فهم إخوة لنا فى الإسلام السلوكى بمعنى السلام.

خصومنا فى هذه الدنيا هم الإرهابيون الذين يستخدمون الدين فى قتل الآخرين وإكراههم فى الدين. هؤلاء ليسوا إخوة لنا فى الإسلام السلوكى بمعنى السلام.

■ تدعو إلى ما أطلقت عليه «تدبر» القرآن كوسيلة وحيدة لفهمه، نافيًا وجود التفاسير والشروحات، ألا ترى أن ذلك يفتح الباب واسعًا لمزيد من الفروقات والخلافات الناجمة عن تعدد الرؤى دون أساس واضح؟ ألا ترى ضرورة وضع ضوابط لذلك التدبر الذى تدعو إليه؟

- للتدبر القرآنى منهجه وقد فصلناه فى بحث لنا بعنوان «كيف نفهم القرآن»، وأسس هذا التدبر موجودة فى داخل القرآن نفسه، وهى باختصار: الدخول على القرآن الكريم بدون رأى مسبق يُراد إثباته أو نفيه، أى البحث فى القرآن بتجرد وموضوعية ابتغاء معرفة الحقيقة، ثم تحديد المصطلح القرآنى للموضوع المراد بحثه من داخل القرآن نفسه، ثم متابعة الموضوع من خلال السياق المحلى «أى الآية وما قبلها وما بعدها» ومن خلال السياق العام للموضوع فى القرآن كله، بعد تجميع كل الآيات الخاصة بالموضوع فى سياقها المحلى والعام وما يقترب منها يتم بحث الموضوع كله متكاملًا. نحن نستبعد القواميس فى فهم المصطلحات القرآنية، لأن القواميس ترصد حركة «اللغة» فى عصرها، لذا تختلف من عصر إلى عصر. وقد نزل القرآن الكريم قبل تلك القواميس، وله مصطلحاته العربية الخاصة والمختلفة عن مصطلحات الأديان الأرضية للمحمديين من سُنّة وتشيع وتصوف، وحتى مصطلحاتهم الدينية مختلفة. نطبق منهج التدبر هذا فى كتاباتنا، وبهذا المنهج الذى بدأته لأول مرة فى تاريخ المسلمين تم اكتشاف آلاف الحقائق القرآنية المخالفة لما ساد فى تراث المسلمين وأديانهم الأرضية، وبهذا المنهج فى تدبر القرآن منشور لى فى موقع أهل القرآن عدة آلاف من المقالات والفتاوى والأبحاث والكتب كلها تحوى جديدا لم يكن معروفًا من قبل. وأهل القرآن فى موقعنا يكتبون بنفس المنهج، وبلا اختلاف بيننا سوى فى مستوى الخبرة البحثية، ولدينا كوكبة من الشباب القرآنى يتأهلون لحمل مشاعل التنوير، وفى كل الأحوال فنحن نؤكد أننا لا نقول رأى الدين بل نقول وجهات نظر لا نفرضها على أحد وهى تقبل النقاش والنقد وليست معصومة من الخطأ، فليس لدينا احتكار الحقيقة كما يزعم الآخرون. وربما أكون الوحيد الذى تعرض فتاواه للنقاش، وتأتيه الفتاوى فى شتى فروع المعرفة.

■ قلت إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير وإنه صالح لكل زمان ومكان، ولكن كيف تنظر إلى الآيات المتعلقة بسياق تاريخى معين، كيف يمكن تطبيقها فى سياق مكانى وزمانى مختلف؟ وكيف يمكن الإقرار بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان دون الإقرار بانفتاح النص القرآنى على تأويلات متعددة؟

- قلنا وفق منهجنا فى تدبر القرآن إن تفسير القرآن هو بالقرآن، فأحسن تفسير للقرآن هو القرآن نفسه. ونحن نعتبر استعمال كلمة التفسير البشرى للقرآن هو إهانة للقرآن لأن الله لم ينزل كتابًا مبهمًا مليئًا باللوغاريتمات، بل أنزل كتابًا مبينًا وتبيانًا لكل ما يحتاج إلى تبيان، وجعله ميسّرا للذكر لكل من أراد الهداية. وفى الوقت نفسه فيه مستويات للتعمق العلمى مفتوحة لمن أراد أن يتعمق ويتدبر. ومن عجب أن من يقرأ فى التفاسير لا يفهم منها شيئا، ولو قرأ القرآن بدونها متعقلا ما يقرأ لوجد القرآن مبسّطا مفهوما ميسّرا للذكر. وقد أثبتنا هذا فى كتاب منشور على الموقع بعنوان «ملامح من الهجص فى تفسير القرطبى». فى موضوعات التشريع القرآنى قلنا إن هناك آيات تشريعية خاصة بزمانها ومكانها عن النبى محمد وزوجاته وعلاقاته بمن حوله كما فى سورة الأحزاب مثلًا، وآيات تشريعية يمكن تطبيقها إذا تكررت ظروفها مثل موضوعات القتال، وآيات يمكن تطبيقها فى كل زمان ومكان، كما أن القصص القرآنية منها ما هو عن الماضى «عن الأمم السابقة والأنبياء السابقين» وقصص قرآنى معاصر لوقت النزول الذى نستخلص منه تاريخ النبى محمد ومن حوله. ومن هنا أوضحنا أن منهجية القصص القرآنى تختلف عن منهجية علم التاريخ فى التأكيد على العبرة والعظة، خلافًا للمنهجية التاريخية، وبالتالى فالقصص القرآنى بما فيه من عظة وعبرة صالحة لكل زمان ومكان. وبالتالى أيضًا فإن ما يعرف بأسباب النزول تخلط بين التاريخ والقصص القرآنى ولا محل لها فى مجال العظة.

■ قدَّم العديد من مفكرى العصر الحديث العديد من التأويلات للقرآن الكريم التى تحتكم فى كثير منها للقواعد المنطقية ومراعاة ظروف العصر.. لم يتجاهل التيار القرآنى مثل هذه القراءات؟

لهم منهجهم ولنا منهجنا، ونحترم حقهم فى التفكير كما نحترم حق الآخرين فى حريتهم الدينية، ونحن نرحب بكل دعوة للاجتهاد الدينى مهما اختلفت عن منهجنا، ونرحب بأى حركة للإصلاح مهما اختلفت الخلفيات الفكرية، علمانية غربية أو لا دينية. نتمنى أن نجتمع جميعًا حول لواء السلام والعدل والحرية والإحسان أو التسامح الدينى.

■ تنطلق من رفض حجية السنة النبوية كمصدر ثانٍ للتشريع من منطلقات يتشارك بعضها مع دعاة تفنيد تلك الأحاديث وغربلتها من المدسوس والمنافى للقرآن والعقل.. لم لا تتبنى هذا التوجه، خاصة أنك تعترف بما سميته السنة العملية فى العبادات؟ وألا ترى أن اعترافك بوجود السنة العملية هو اعتراف بصحة جزئية للأحاديث فى التشريع؟

- حين كنت سُنيا معتدلًا أدعو لإصلاح السنّة كنت أدعو لعرض الأحاديث على القرآن، وخصوصا ما يعرف بصحيح البخارى. وبعد أن تعمقت فى تدبر القرآن آمنت أن تلك الأحاديث ليست جزءًا من دين الإسلام، وأنه لا إيمان إلا بحديث واحد هو حديث الله فى القرآن الكريم. السنة فى المصطلح القرآنى هى الشرع والمنهاج الإلهى فى التعامل مع المشركين، لذا تأتى فى القرآن الكريم منسوبة لله جل وعلا وليست للرسول، والنبى متبع لهذه السُنّة الإلهية وهو لنا أسوة حسنة فى التطبيق وليس سنّة حسنة. والعبادات تدخل ضمن سُنة الله، أى شرع الله جل وعلا، ونحن نطبقها بهذا المفهوم.

وهناك تحريفات أدخلها المحمديون فى العبادات عرضنا لها فى أبحاث منشورة لنا عن الصلاة والزكاة والحج والصيام، منها التشريعات المتعددة المتعلقة بالطهارة وتشريع صلوات لم يأت بها القرآن، وتقديس النبى فى الصلاة، فضلًا عن أساطير شفاعة النبى يوم الدين،، وغير ذلك من المسائل.

■ التشكيك فى المصادر التاريخية وراء الأحاديث ألا يستدعى بالضرورة البحث وراء سبل حفظ القرآن؟ لم كل هذا الشك والرفض لكل أسانيد الأحاديث فى مقابل ثقة مطلقة فى نقل القرآن وحفظه؟

- الإعجاز فى القرآن علميًا ورقميًا وتاريخيًا يؤكد استحالة أن يكون من تأليف رجل عربى اسمه محمد عاش فى الجزيرة العربية فى عصور الجهل والظلام. عندما كنت مدرسًا مساعدًا فى قسم التاريخ فى جامعة الأزهر وقدمت رسالتى للدكتوراه عن «أثر التصوف فى مصر فى العصر المملوكى» وأوضحت فيها التناقض بين الإسلام والتصوف من خلال تحليل كلام الصوفية وعرض مصادر التصوف على القرآن الكريم، تعرضت لاضطهاد جعلنى ألجأ إلى تحليل آيات القرآن الكريم بنفس المنهج العلمى البارد، منطلقًا من حقيقة مرعبة: أننى أكثر علمًا وخبرة علمية من «محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب» بحُكم التراكم المعرفى بينى وبينه.

وبهذا التراكم المعرفى حللت كتابات أعلام التصوف من أبى حامد الغزالى وغيره، وأوضحت تناقضها وتخلفها، وبالتالى لو كان القرآن من تأليف محمد بن عبدالله يمكننى إثبات ذلك. خلال فترة الاضطهاد، التى استمرت من عام 1977: 1980، قمت بمراجعة آيات القرآن وتحليلها باحثًا عن تناقض فيها، وخرجت فى النهاية ساجدًا لله بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، وخرجت بحصيلة علمية قرآنية مازلت أعيش عليها حتى الآن، بل وبعلوم قرآنية غير مسبوقة، منشور بعضها الآن فى سجل كتبى فى الموقع وبعضها لم يتم نشره بسبب ضيق الوقت وقلة الإمكانات، حيث أعمل وحيدا بلا مُساعد منذ أربعين عامًا.

===

تحقيقات

الإثنين 27/فبراير/2017 - 12:59 م

فى الحقلة الثانية لحواره مع "الدستور".. صبحي منصور: لو استعان السيسي بى لأتاه شيوخ الأزهر صاغرين

صورة تعبيريه
صورة تعبيريه
حنان عقيل

المثقف العربى لا يقرأ.. و«صعاليك الإنترنت» يتصورون أنفسهم كُتّابًا لمجرد قدرتهم على استخدام «الكيبورد».. ونحن نتقدم إلى الخلف
أدين بالولاء لأمريكا التى آوتنى وحمت أسرتى وأهلى.. والسعودية تمثل «محور الشر»
يجب التخلص من «دواعش الأزهر» وبإمكانى دحر الوهابية لو كان معى برنامج تليفزيونى
تجديد الخطاب الدينى مصطلح خاطئ والأفضل أن نقول «الإصلاح الدينى».. وقطار التنوير انطلق


«الدستور» تنشر الحلقة الثانية من حوار أحمد صبحى منصور حول أفكار رئيسية يقوم عليها فكر «التيار القرآنى»، خصوصًا تلك المتعلقة بالدولة والمجتمع، وسبل إصلاح الخطاب الدينى الراهن وآفاته التى أنتجت أفكارًا داعشية صارت تعشش فى عقول العرب، فضلًا عن راهن الثقافة العربية والحِمل الثقيل الذى صار المثقف ينوء بحمله فى ظل استبداد دينى وآخر سياسى.

وأكد صبحى أن تجديد الخطاب الدينى مصطلح سياسى خاطئ مثله مثل مصطلح التغيير. قد يكون التغيير إلى الأسوأ، وقد يكون تجديد الخطاب بإحلال التشيّع مكان الوهابية، أو إحلال التصوّف بديلًا عن هذا أو ذاك، مطالباً بضبط تلك المفاهيم، وإلى الحوار:

• فى ظل الإقصاء والتهميش والمحاكمات التى يخضع لها المثقفون العرب وقد خضعت لها قبل رحيلك من مصر، كيف يمكن الحديث عن دور ما يتعيّن عليهم القيام به؟ ما أدواتهم فى التغيير فى ظل محاصرتهم المتعمدة؟
- نحن أول من بدأ فى تحطيم الأصنام الفكرية من عام 1977، داخل قلعة الأزهر ثم خارجها. وعلى هامش جهادنا ومعاناتنا تشجع كثيرون فساروا خلفنا بعد أن مهدنا لهم الطريق. نحن صامدون ونطلب منهم الصمود. الإصلاح ليس سهلًا، ولكن بعد ما حققه صمودنا من تغيير نوعى فى العقلية والتفكير، فإنه من المستحيل الرجوع للوراء. انطلق قطار التنوير بنا وبغيرنا، وأصبحت الوهابية برغم سطوتها فى حالة دفاع عن وجودها.

• تعيش الثقافة العربية فى الوقت الراهن بين غلو دينى تغرزه الأصوليات الدينية الرافضة للآخر الفكرى بكل ما يحمله من أفكار، فى مقابل غلو لا دينى يطالب بنفى الأديان والتراث الفكرى للعرب.. ما السبيل لتجاوز تلك الحالة من التناكر، وهل ترى فى الإمكان الوصول إلى منطقة وسطى تجمع بين المتناقضين؟
- الحل هو أن نجتمع حول مبادئ الحرية الدينية والسياسية والعدل السياسى بالديمقراطية، والعدل فى التقاضى والعدل الاجتماعى، والتسامح وحقوق الإنسان. وكل منا يدافع عن هذه القيم بخلفيته الفكرية.

• ثمة أصوات تضجّ بها الساحة العربية فى الوقت الراهن مطالبة بتجديد الخطاب الديني.. برأيك، هل نحن بحاجة إلى تجديد، أم إعادة بناء للخطاب الدينى؟ وكيف يمكن التأسيس لخطاب دينى جديد يتلاءم مع متطلبات العصر؟
- تجديد الخطاب الدينى مصطلح سياسى خاطئ مثله مثل مصطلح التغيير. قد يكون التغيير إلى الأسوأ، وقد يكون تجديد الخطاب بإحلال التشيّع مكان الوهابية، أو إحلال التصوّف بديلًا عن هذا أو ذاك. لا بد من ضبط المفاهيم أولًا فنقول «الإصلاح الدينى»، وهو لا ينفصل عن الإصلاح السياسى، وهو مؤسس على إصلاح تشريعى دستورى وقانونى ينقى التشريع من كل ما يعوق حرية الفكر والدين. وقد كتبت عن إصلاح الأزهر فى كتب مثل «مبادئ الشريعة الإسلامية وكيفية تطبيقها» و«دين داعش الملعون» و«شاهد على عصر السيسى».

أقول إنه فى ظل الأزمة الراهنة للعرب، يقتضى إصلاح المسلمين إصلاح العرب، ومن ثم إصلاح المصريين، وهو ما يقضى بضرورة إصلاح الأزهر ومناهجه والتخلص من دواعشه المتحكمين فيه.

• فى الوقت الذى نجحت فيه الأصولية الدينية فى الوصول إلى القاعدة العريضة من الجماهير، ظلت الرؤى التنويرية محصورة فى تلك النخبة المثقفة، وهو ما فاقم عُزلة المثقفين.. ما هى برأيك العوامل التى قادت إلى ذلك؟ وكيف يمكن لتلك التيارات نيل الثقة لدى القاعدة الجماهيرية؟

- المستبد الشرقى والوهابية البترودولارية هما أساس البلاء، وهما معًا يتحكمان فى المساجد والتعليم ووسائل الإعلام فى الداخل مع ترسانة من القوانين العقابية، وبهذا يجرى استعباد المثقفين الذين يبيعون أنفسهم فى سوق النخاسة الفكرية التى هى أحطّ من الرقيق الأبيض والبغاء. العاهرة تبيع جسدها، وجسدها له فترة صلاحية، بعدها لا يكون صالحًا للاستهلاك الآدمى. أما المثقف الذى يبيع قلمه فهو يبيع أروع ما يملكه الإنسان وهو ضميره وعقله، وهذا العقل تمتد فترة صلاحيته، بل تزدهر بالتقدم فى العُمر.. يستخدم مهارته فى التدليس وفى جعل الباطل حقًا والحق باطلًا.

بإمكانى توعية الجماهير ودحر الوهابية لو كان معى برنامج تليفزيونى، ولا أقول قناة فضائية.. أنا ممنوع من الظهور فى وسائل الإعلام العربية طبقًا لسياسة التعتيم المفروضة والحازمة التى تجعل هناك من وشيوخ الأزهر يتحاشون النطق باسمى، ولو هدّدهم الرئيس بأنه سيستعين بى لألقمهم حجرًا ولأجلسهم تحت قدميه صاغرين. أغلبية الناس عطشى إلى معرفة الجديد فى الدين بعد أن ملُّوا وشبعوا من اجترار التراث نفسه من عصر الشيخ متولى الشعراوى وحتى الآن. ليس لهم جديد يقدمونه، بل هو اجترار القديم نفسه الذى يقال فى الأزهر وفى وسائل الإعلام ووسائل المواصلات، وحتى فى هجومهم علينا يكررون الاتهامات نفسها بلا إبداع أو تغيير.

• هل تعتقد أن الإسلام السياسى يشهد اليوم بداية نهايته، أم أن المستقبل سيشهد نهضة له من سقوطه المدوى الذى رافق تجربته الفاشلة خلال ثورات الربيع العربى؟
- بكل قوة يملكها جسدى الضعيف الواهن أرفض مصطلح «الإسلام السياسى» وأرفض تسمية أطيافه بالحركات الإسلامية، هذا يقع فى دائرة التدليس التى روّجتها الوهابية التى ترفع راية الإسلام وهى تتناقض معه فى العقيدة والتشريع. تسميتهم بالإسلاميين يعطيهم نصرًا مجانيًا مسبقًا؛ هم وهابيون وهم أعدى أعداء الإسلام، يكفى أن الله جلّ وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لإرهاب وقتل العالمين. بهذا المصطلح المزيف نجحت الوهابية واستشرت تنشر المذابح، ولا تزال تجد لها الأنصار.

فشلت ثورات الربيع العربى فى ظل تفتت البديل المدنى وهشاشته، وهذا البديل المدنى لا يزال يعترف بنسبة الوهابية إلى الإسلام، ولا يناقش مثقفوه الوهابيين فى مدى أحقيتهم بهذا الشرف. وحتى الآن يطلقون على الإخوان المسلمين ولا يقولون الإخوان الوهابيين، وقد أثبتنا أن عبدالعزيز آل سعود هو الذى أنشأ الإخوان فى مصر، ثم كان الاختلاف لاحقًا بين السعودية والإخوان.

التحول الديمقراطى لم يكن صعبًا فى شرق أوروبا بعد سقوط الاتحاد السوفيتى لأنه لا وجود للوهابية هناك. التحول الديمقراطى صعب ومتعثر فى ولايات الاتحاد السوفيتى السابق فى أواسط آسيا بسبب أن تلك المناطق تعشش فيها أطياف السُنّة، ومنها جاء أئمة الحديث المشهورون المقدسون، من البخارى إلى ابن حنبل ومسلم والترمذى... إلخ، وقد انتعشت الوهابية فيها الآن، وهى تزوّد داعش بمقاتليها.

الموقف أصعب فى الشرق الأوسط التابعة فكرياً للسعودية، والسعودية فى نظرى هى محور الشّر فى العالم كله، لذا يظل النضال فى سبيل الديمقراطية صعبًا، ولكن الصمود يضمن النصر. ولا بد أن نتآزر فى هذا الصمود، مهما كانت خطورة الكلمة فهى لا تساوى نقطة دم من إنسان برىء.. فكيف بضحايا الوهابية من 1745 وحتى الآن.

أقول إن عدد ضحايا الوهابية يزيد على 10 ملايين من باكستان الشرقية «بنجلاديش الآن» إلى أفغانستان والشرق الأوسط وشمال إفريقيا والغرب.. وحتى لو تم محو داعش والقاعدة فستنتج الوهابية ما هو أضل سبيلاً. لا بد من الحرب الفكرية من داخل الإسلام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الغرب والشرق.

• فى ظل انتشار التنظيمات الموصوفة بأنها إرهابية فى الآونة الأخيرة، تصاعدت على الساحة الغربية موجة جديدة من «الإسلاموفوبيا».. ما قراءتك لتلك الظاهرة؟ وما السبب وراء انتشار تلك التنظيمات الإرهابية؟
- السعودية الوهابية ربطت وهابيتها بالإسلام ووافقها العالم حتى من ضحايا الوهابية، وأصبح سهلًا. بل مُستحبًا الهجوم على الإسلام، بينما أصبحت الوهابية كلمة مقدسة.

الأصل هو تلك الفتوحات العربية فى عهد الخلفاء الراشدين المُسمّاة زوراً بالفتوحات الإسلامية، وهى أكبر ردّة عن الإسلام، كما أوضحنا فى كتب مثل «المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين» و«المسكوت عنه من تاريخ عمر بن الخطاب فى الفكر السُّنّى». استمرت هذه الفتوحات تتعدى على أوروبا وعلى الشرق فى الدولة الأموية وأسست الأندلس على حساب إسبانيا، وأسسّت صراعاً مستمراً فى العصر العباسى مع الدولة البيزنطية، وردّت عليه أوروبا بالحروب الصليبية، ثم ظهرت الدولة العثمانية بفتوحاتها التى وصلت إلى أسوار فيينا.

على هامش هذا التاريخ الدموى، تأسست عقيدة تقسيم العالم إلى معسكرين «دار السلام ودار الحرب». وقد نشرنا مقالات من كتاب لم يكتمل عن مسلسل الدم فى عصر الخلفاء. هذا التاريخ الدموى الذى بدأه الخلفاء «الراشدون» تحت راية الإسلام -زورًا وبهتانًا- واستمر فيه الخلفاء القرشيون ثم العثمانيون، جعل الغرب يحمل ميراثاً ثقافياً عدائياً ضد الإسلام، ثم جاءت الوهابية تحمل شعار الإسلام بمثل ما فعل صحابة الفتوحات، وروّجت لعقيدة تقسيم العالم إلى معسكرى: دار السلام ودار الحرب. وتمكنت السعودية بنفوذها من نشر الوهابية فى الجاليات المسلمة فى الغرب.

وبعد 11 سبتمبر 2001، وما تلاه، انتعشت ثقافة الخوف من الإسلام وعززها التاريخ القديم ودور داعش فى تجنيد المسلمين داخل الغرب واتخاذهم طابوراً خامساً، هذه «الإسلاموفوبيا» جاءت رد فعل لإرهاب الوهابية داخل الغرب.
• وهل تعتقد أن هناك تأييدات إقليمية ودولية لها لتحقيق مصالح خاصة بشكل ما؟
- أعتقد أن الغرب مسؤول أيضًا لتحالفه مع السعودية طمعًا فى بترولها، ثم لأنه انغمس فى الحروب التى أشعلتها الوهابية فى الشرق الأوسط، مما أشعل المذابح القائمة الآن. صحيح أن الغرب لم يخترع الصراع السنى الشيعى، فهو موجود ومترسخ من عصر الخلفاء، ولكن الغرب ظن أن فى مصلحته التدخل العسكرى طمعًا فى البترول وبيع السلاح للمتحاربين، ولم يدرك الغرب أن هذا لعب بالنار، وأن دين الوهابية سينقل المعركة إلى داخل الغرب، وإذا كانت فصائل الوهابية عاجزة عن مواجهة الجيوش الغربية فبإمكانها القتل العشوائى للمدنيين داخل الغرب، كما تفعل فى الشرق الأوسط.

مسئولية الغرب أيضًا أنه يواجه الإرهابيين وفكرهم بالسلاح ولم يفكّر بمواجهتهم بالحرب الفكرية السلمية من داخل الإسلام. ونحن خبراء فى هذه الحرب ونعيش فى أمريكا ويعلو صوتنا لكى يستعين بنا الغرب دون فائدة. إن لدينا مشروعات لوقف خطر الإرهاب بالدراما وبإصلاح المساجد والمدارس الإسلامية فى الغرب وفى مواجهة ثقافة الإرهاب الوهابية عبر الإنترنت، وتعبنا من عرض هذا على من يهمه الأمر فى أمريكا بلا جدوى. النفوذ السعودى يبذل كل ما فى وسعه للتعتيم علينا كما كان يفعل معنا فى مصر. الفارق الوحيد أن أمريكا لم تقم بالتضييق علينا وسجننا. سمحت لنا بحرية الصراخ فى الفضاء الطّلق.

• ما الذى أفادتك به إقامتك المديدة فى الغرب، هل تغير شىء فى نظرتك عما كانت عليه من قبل؟
- جئت لأمريكا فى أكتوبر 2001، قبيل القبض علىّ، أطلب اللجوء السياسى، جئت أحمل ميراثاً من الاضطهاد جعلنى أدين بالولاء لأمريكا التى آوتنى وألحقت بى أسرتى وبعض أهلى وأنقذتهم من موجات السجن المتلاحقة. استفدت من الحرية الأمريكية فى نشر مؤلفاتى وتأسيس المركز العالمى للقرآن الكريم وموقع «أهل القرآن» الذى نشرت فيه معظم إنتاجى الفكرى. وعملت فى مؤسسات علمية كتبت لهم أبحاثًا بالإنجليزية، فى الوقفية الأمريكية للديمقراطية كتبت بحثًا عن «الإسلام الديمقراطى والاستبداد العربى»، وفى هارفارد قدمت بحثاً عن إصلاح المدارس الإسلامية فى أمريكا، وفى مركز الحرية الدينية قدمت بحثاً عن التناقض فى الحرية الدينية بين الإسلام والوهابية، وأخيرًا فى مركز «وودرو ويلسون» قدمت لهم بحثًا عن قواعد الحرب الفكرية ضد الوهابية، هذه المراكز لها دور فى صناعة القرار الأمريكى، وبالتالى وصل صوتى إلى من يهمه الأمر، ولكن دون فائدة لأن النفوذ السعودى فى أمريكا هائل.

استفدت من الثقافة الأمريكية الكثير، ووقف إلى جانبى كثيرون، خاصة من اليهود الأمريكيين النبلاء ومنظماتهم التى ترعى المضطهدين بغض النظر عن الدين والعِرق، تغيرت نظرتى كثيرًا بالثقافة الأمريكية وتأكدت أن «ثقافة العبيد» التى عايشتها فى مصر ظل لها بعض التأثير فى عقلى، إلى أن قضى عليها الانفتاح على الثقافة الأمريكية.

• ما تقييمك لحال الثقافة العربية اليوم، وهل تظن أنها تمكنت من المواجهة وإعادة تأسيس نفسها كثقافة حية ومبادرة فى ظل التحولات الكبرى التى فرضتها العولمة؟
- للإنترنت فضل فى التوعية الثقافية بلا شك، ولكن المثقف العربى لا يقرأ، وربما يكتب أكثر مما يقرأ.
هناك ما أُسمّيهم «صعاليك الإنترنت»، يتصور أحدهم أنه طالما يعرف الكتابة على الكمبيوتر أنه أصبح كاتباً، وربما تتضخّم ذاته، ويهاجم ما لا يعرفه لمجرد أنه لا يعرفه. السطحية هى سيدة الموقف، انتهى عصر الكتاب وبدأ عصر الإنترنت بالكُتّاب السطحيين ومقدمى البرامج الجهلاء وشيوخ الجهل، والمشكلة أن هؤلاء يعدّون أنفسهم مثقفين.

لكى تكون مثقفًا لا بد أن تتكون لك بالقراءة حصيلة علمية متنوعة، ثم يكون لك رأى فى كل ما تقرأ. هذا بغض النظر عن كون المثقف خاضعًا للمستبد أو قائمًا بالإصلاح. نحن هنا نتحدث عن ماهية الثقافة والمثقف، وليس عن توظيفه لثقافته مع أو ضد الاستبداد. فى حالة السطحية السائدة لا أتعشم خيرًا فى وجود طبقة مثقفة حقيقية قارئة ناقدة. فارق هائل بين مثقفى النصف الثانى من القرن العشرين ومثقفى عصرنا اليوم، هو نفس الفارق بين الطبقة الوسطى التى كانت تحضر حفلات أم كلثوم بمظهر حضارى راق رائع، وبين همجية الغناء وهمجية المستمعين فى عصرنا. من المؤسف أن الحالة الثقافية العربية تتقدم بإصرار إلى الخلف، وهذا لا ينفصل عن تخلف الدين الوهابى وسيطرته على الإعلام والحياة الدينية، والحياة الثقافية لابد أن تتأثر بهذا.

اجمالي القراءات 3746
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق