ثلاثة أسئلة

الأربعاء ١٣ - أغسطس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال الأول : هل تنطبق هذه الآيات الكريمة على عصرنا أم هي خاصة فقط بعصر النبى محمد عليه السلام ، وهل الخطاب بالذين آمنوا هنا محدد بعصر النزول في المدينة أم لكل عصر فيه الذين آمنوا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران ) السؤال الثانى : نقول عن الطفل العفريت الملىء بالحركة انه ( شقى ) . ولاحظت أن كلمة ( شقى ) جاءت في القرآن . فماذا تعنى ؟ هل هي نفس المعنى ؟ السؤال الثالث : برجاء توضيح الفوارق بين ( مقرنين مقترنين قرناء قرين ) من خلال تدبرك القرآنى ، وشكرا جزيلا .
آحمد صبحي منصور :

إجابة السؤال الأول :

ينطبق على عصرنا ، وكل عصر تتكرر فيه نفس الملامح . وعلى المستوى الشخصى فقد عانيت من هؤلاء الناس المنافقين المخادعين الذين خدعونى بالدين ، ثم تبيّن وتأكّد لى مدى حقدهم وبُغضهم ، زكفرهم ، فقطعت صلتى بهم نهائيا .

إجابة السؤال الثانى :

1 ـ هناك شقاء في الدنيا في تحصيل المعاش والسعى للرزق . وكان آدم وزوجه بدون هذا الشقاء ، وقد قال جل وعلا في هذا : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى(116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى(122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى(123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) (119)طه ).

المستفاد هنا أنه لم يكن هناك شقاء لهما في الجنة . فلما هبطا الى الأرض تعين عليهما معاناة الشقاء في السعي للرزق ، وهو بمعنى الضنك . والضنك تعبير رائع ، يدل على معاناة نفسية وجسدية . ثم يكون  الشقاء الأبدى في الآخرة لمن يُعرض عن دين الله جل وعلا ، أي سيعانى الضنك في الدنيا والخلود في الجحيم في الآخرة .

2 ـ في خطاب مباشر للنبى محمد عليه السلام قال له ربه جل وعلا : ( مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى(3)طه ). وهذا هو دستور الدعوة في الإسلام . مجرد التبليغ دون إلحاح ودون إكراه . ثم تنتقل المسئولية لمن تدعوه ، إذا توسمت فيه القابلية للإستجابة . وهذا ما قاله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى(10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى(11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى(13)الأعلى ). من يرفض الهداية سيكون هو الأشقى يوم القيامة .

3 ـ ويوم القيامة يأتي ( الأشقى ) مقابل ( الأتقى ). قال جل وعلا : ( فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى(14) لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى(15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى(21)الليل ).

إجابة السؤال الثالث :

قرين مقترن قرناء من منتهى القرب . ويتنوع هذا قرآنيا كالآتى :

1 ـ القرين الشيطانى لمن يختار الضلالة . قال جل وعلا :

1 / 1 : ( وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا(38) النساء )

1 / 2 :  ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ(25)فصلت )

1 / 3 : ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ(39)الزخرف )

1 / 4 : القرين الشيطانى في الآخرة يتشاجر مع قرينه من البشر . قال جل وعلا : ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ(29)ق )

2 ـ الصاحب من البشرالمقترن بصاحبه ملازما له مع إختلافهما في الدين . ويحاول الصاحب الضال غواية صاحبه المهتدى . ويوم القيامة سيكون المتقون في الجنة ، ويتذكر بعضهم صاحبه الذى كان قرينا له يحاول إضلاله ، فيطلب أن يراه وأن يوبّخه . نفهم هذا من قول ربنا جل وعلا : ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ(50) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ(51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(57)الصافات ).

3 ـ الإقتران بالأصفاد والسلاسل . وهذا حال الكافرين في الآخرة . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ(49)إبراهيم )

3 / 2 : ( بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا(12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا(13) الفرقان ).

3 / 3 : عن تسخير بعض الشياطين للنبى سليمان عليه السلام : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ(37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ(38)ص ).

4 ـ الصُّحبة ، وهذا مفهوم من قول ربنا جل وعلا عن فرعون موسى : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ(52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ(53)الزخرف )

5 ـ في الشّرك والكفر ، حيث إتّخاذ أنداد مع الله جل وعلا يجعلونهم قرناء له تعالى عن ذلك علوا كبيرا . وهذا ما لا يفعله المؤمنون المتقون .قال ربنا جل وعلا : ( وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ(12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ(13) الزخرف )

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 985
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5322
اجمالي القراءات : 65,643,120
تعليقات له : 5,520
تعليقات عليه : 14,917
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


خلق عيسى: يود أن يطرح موضوع اً يتمثل في قضية خلق سيدنا...

عن الفرس والروم: يقول ان العلم انيين فى ايران وغيره ا يرون...

معنى ( سورة ): يتكون القرآ ن الكري م من 114 سورة. فهل كان فى...

علمنا القليل بالكون: اولا انا أومن بأن القرآ ن صحيح 100% ومحكم ولا...

لا يقع الطلاق: ارجو منك ان تفيدن ي يا دكتور انا من...

صدقة الابن والمسكين: من الطبي عي أن ينفق شخص مؤمن مبلغا من ماله على...

سؤالان : السؤا ل الأول : ما معنى ( رجيم )؟ وهل يمكن بها...

سؤالان : السؤا ل الأول ما هو المال الحرا م ؟ وهل حرام...

هذه استطاعتنا : ارجوا اتاحة تحميل المحا ضرات والكت ب بصيفه...

الطور 21 ، المدثر 38: ما معنى (كُلّ امْرِ ئٍ بِمَا كَسَب َ ...

تبول فى الصلاة : بلغت الشيخ وخة ولم أعد أتحكم فى البول ، يخرج...

اربعة أسئلة : سؤالا ن مرتبط ان : الأو ل : قال الله جل وعلا : (...

خطر التشيع: تابعت مقالا تك وردود ك على الشيع ة فى كتابك...

نسبة الوصية : هل للوصي ة نسبة محددة وهل يجوز للوصي أن يوصي...

الآية والإعجاز : لاحظت انك تستعم ل كلمة ( الاعج از ) فهل هذا...

more