يعطيك العافية

الأربعاء ٢٦ - يوليو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
أرسلت لك أسئلة من قبل ورددت على بعضها . أنا كنت مدرس لغة عربية وبقيت على المعاش من خمس سنين ، وأنا معجب جدا بكتاباتك فى القاموس القرآنى ، وأعتقد انك أول باحث يكتب فى هذا ، ويتأكد فعلا ان القرآن الكريم مختلف عن السائد من الكلام فى العربية الفصحى . ومن تأثرى بالقاموس القرآنى أتفكر فى كلمات معينة نتكلمها ، وهل جاءت فى القرآن أم لا . وأبحث فى الموقع وأجدها فى مقالات القاموس القرآنى . ولكن فيه كلمة لم أجدها ، وبالتأكيد حضرتك لم تتعرض لها ، وهى كلمة صحة وعافية . كنت أمس على القهوة فقال لى صاحبى : صحة وعافية . وتفكرت فى الكلمة وهى على لسان الناس مثل يعطيك العافية ، وساعات لما يشكرك واحد تقول له : العفو . وافتكرت ان عندنا فى البلد يقولوا على المريض انه بعافية . الأمور اتلخبطت فى دماغى . وقلت أسألك عن الصحة والعافية هل هما فى القرآن ، وكيف نقول عن العافية انها الصحة ونقول عنها انها المرض ؟.
آحمد صبحي منصور :

أولا :

قولهم عن المريض إنه ( بعافية ) هذا من تأثير الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم ، وكان سائدا فى مصر فى العصر المملوكى ، كانوا يتشاءمون ( أو يتطيرون ) من الكلمات التى تدل على المصائب والنكبات ، فيتحاشون التلفّظ بها تشاؤما وخوفا ، وكان هناك مثل شعبى يقول إن البلاء موكل بالمنطق أو النطق ، فإذا نطقت بكلمة تقع عليك . لذا كانوا يتشاءمون من اشياء كثيرة ، ومنها كلمة المرض ، فإذا مرض أحدهم لا يقولون إنه مريض ، بل يستعملون عكس المرض ، وهو العافية التى تعنى الصحة والقوة . ومن المضحك أن تقول الأم الريفية المصرية عن طفلها المريض الذى يعانى من ( السخونة ) : ( جسد الكلبة دافى ) ، أى ليس جسد طفلها ، ولكنه جسد الكلبة ، هذا لتبعد عنه السخونة والمرض تشاؤما .

ثانيا : قرآنيا :

1 ـ لم يأت فى القرآن الكريم مصطلح ( صحة ) . ولكن جاء الفعل ( عفُوا ) بمعنى القوة والصحة .  وجاء هذا فى موضع وحيد فى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95) الاعراف ).

2 ـ جاء ( العفو ) بمعنى المال الذى يمكن التنازل عنه : 

2 / 1 : فى الصدقة . قال جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) البقرة )،

2 / 2 : تكرُّما وفضلا فى مهر المطلقة قبل الدخول بها ، قال جل وعلا : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) (237) البقرة ).

3 ـ من أسماء الله جل وعلا الحسنى أنه ( العفُوّ ) الذى يعفو . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) الشورى )

3 / 2 : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) الشورى)

3 / 3 : ( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) البقرة )

3 / 4 :  ويأتى العفو إسما لله جل وعلا ومرتبطا بالغفران فى قوله جل وعلا :

3 / 4 / 1 :  ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43) النساء).

3 / 4 / 2 : (  فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ).  

3 / 4 / 3 : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) الحج ).

3 / 4 / 4 : ( وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) المجادلة )

 3 / 5 : والأمر بالعفو جاء للمؤمنين بمعنى الصفح  ضمن الاتصاف بالأخلاق الاسلامية  السامية . قال جل وعلا :

3 / 5 / 1 : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) البقرة )

3 / 5 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)التغابن ).

3 / 5 / 3 : ( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) النور ) .

3 / 5 / 4 : ( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً (149) النساء )

3 / 6 : وقال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف ).

 4 ـ بالمناسبة : العفو يعنى فى عصرنا ( التسامح ) ، وليس التسامح من مصطلحات القرآن الكريم .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 3607
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5327
اجمالي القراءات : 65,951,601
تعليقات له : 5,522
تعليقات عليه : 14,921
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


تقديس رمضان : مرح با بکم یا هل القرآ ن ...

بين الغفران والتفاضل: قرات قبل قليل مقالك الاخي ر (في مقالا تك ...

الأخذ بالثأر : ما حكم القرآ ن في مسألة الأخد بالثأ ر و من...

البلد المدينة القرية: السؤا ل من الأست اذ عبده زيادة د احمد . في...

التعارف بالنت : تعارف الشبا ب عن طريق الانت رنيت او في...

معاناة أمّ مهاجرة : أود أن أستشي ر سيادت ك في أمر يشغلن ي وانا...

عن التوبة: لماذا لم يرد تفصيل في الشرع عن توبة السار ق ...

من أجل الدعوة: أرجوا من حضرتك م أن ترسلو ن لنا كتب للتعر يف ...

نعبد الله وحده: هل الهدف من الادي ان هو عباده الله ؟ فقال لي...

الأكمه والأعمى: ما هو الفرق بين ( أكمه ) و( أعمى ) فى القرآ ن ...

كتبى المنشورة : السلا م عليكم :أخي الدكت ور صبحي تحية طيبة...

مسألة ميراث: لدي سؤال بخصوص حكم المير اث في الحال ة ...

توضيح حول الفتاوى : سيدي الفاض ل نح ن نقدر أنشغا لك الشدي د ...

تارك الصلاة: ما هو حكم تارك الصلا ة فى الدني ا ؟ هل هو كافر ؟...

لا رمز فى القرآن : انا معجب جدا بما تطرحو نه من افكار علمية...

more