الجدال والخوض

الثلاثاء ٢٥ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
اجلس مع أهلى واقاربى واصحابى وهم يعرفون انى قرآنى ، وهم فى أى جلسة عائلية وأى مناسبة فرح أو عزاء يفتحون موضوع القرآنيين ويهاجمونى ويكفرونى ويتهمونى بانى عدو رسول الله وانى محروم من شفاعته ، ويتحول الموضوع الى خناقة ومشاجرة وخصومة تستمر مدة ، ولكن بسبب القرابة والصحبة وتكرر مناسبات العزاء والزفاف وغيره نتقابل ونتصالح ، ونتكلم فيعود الموضوع يتكلمون بالاحاديث وباللغو والخوض فى القرآن الكريم ويجادلونى فى آيات القرآن الكريم ولا حتى يعطونى فرصة للرد . ويصل جدالهم الى الكفر بالقرآن ليغيظونى . فكرت أن اقاطعهم تماما ولكن أخاف إن قاطعتهم يكون فيه عدم صلة الرحم . ماذا أفعل ؟
آحمد صبحي منصور :

1 ـ صلة الرحم ذات اتجاهين ، أنت تصل الرحم ، وأرحامك يجب أن يصلوا رحمك . صلة الأرحام مسئولية مشتركة، وليست على طرف دون الآخر . وليس لها صلة بالاختلافات الدينية ، فالأرحام يصل بعضهم بعضا حتى لو كان بعضهم مؤمنا والآخر كافرا.

2 ـ من صلة الرحم أن تقول لهم الحق القرآنى خوفا عليهم ووعظا لهم  ، والله جل وعلا أمر رسوله فقال : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214)   الشعراء ). قُلها مرة واحدة ، إن إستجابوا فهو خير لهم . إن رفضوا لا تعيدها ، وأعرض عن أذاهم إذا آذوك ، مستغفرا لهم . وتذكر أن الله جل وعلا قال للنبى محمد عليه السلام  عن أتباعه المؤمنين : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216)  الشعراء )، يعنى أن يتواضع معهم ، وإن عصوه يتبرأ من عصيانهم وليس منهم . وهؤلاء مجرد أتباع وليسوا من أهله وعشيرته وأرحامه ، وحق ذوى القربى تكرر فى القرآن الكريم إحسانا بهم وإحسانا لهم .

3 ـ  إذا جادلوك فإياك أن تسايرهم فى الجدال فى آيات الله لأن :

3 / 1 : ستكون مثلهم . قال جل وعلا : (  وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)  الانعام ).

3 / 2 : الجدال فى آيات الله كفر. قال جل وعلا :

3 / 2 / 1  : (  مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (4) غافر )

3 / 2 / 2 : ( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) غافر  )

3 / 2 / 3  : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) غافر  ) .

3 /2 / 4 : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) غافر ) 

3 / 2 / 5 : (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) الشورى )

4 ـ أذا دخلوا فى الخوض فى آيات الله فاترك مجلسهم حتى يخوضوا فى موضوع آخر ، وذلك حتى لا تكون مثلهم . قال جل وعلا :

4 / 1 : (  فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف  ) (  فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) المعارج  ).

4 / 2 : (  وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الانعام )

4 / 3 : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء )

5 ـ مع كل هذا حافظ على مودتك بهم ، وأوضح لهم انك تحترم حريتهم فى الدين ، وينبغى عليهم أن يحترموا حريتك فى الدين ، وأن للدين يوما هو يوم الدين حيث سيحكم الله جل وعلا بين الناس فيما هم فيه يختلفون ، طبقا لقوله جل وعلا : ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)  الزمر ) .

وقل لهم :

1 ـ إن الأفضل أن نعيش فى هذه الدنيا فى مودة تراحم وصلة رحم وسلام وأمن وأمان مع اختلافاتنا الى أن نموت ونلقى الله جل وعلا فيحكم بننا فيما نحن فيه مختلفون . وإقرأ لهم قول الله جل وعلا للبشر جميعا : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) الزمر).

2 ـ  ما أروع الاسلام .!!   



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1143
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   د. عبد الرزاق علي     في   الأربعاء ٢٦ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94280]

بارك الله فى عمرك استاذنا الفاضل على هذا الرد البليغ


بارك الله فى عمرك استاذنا الفاضل على هذا الرد البليغ والمستمد من نور القران الكريم لعلهم يعقلون ويكفوا عن الخوض فى آيات الله تعالى- 



وكما أوضح الدكتور أحمد صبحى الأفضل أن نعيش فى هذه الدنيا فى مودة تراحم وصلة رحم وسلام وأمن وأمان مع اختلافاتنا الى أن نموت ونلقى الله جل وعلا فيحكم بننا فيما نحن فيه مختلفون- وبالتالى فعلى السائل أن يتحلى بالصبر على أهله و أقاربه ويحتسب ذلك عند الله تطبيقا لقوله تعالى(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ٢٦ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94281]

جزاك الله جل وعلا خيرا أخى الشقيق د عبد الرزاق منصور ، واقول :


كنت مرة مع زوجتى نشارك فى مظاهرة للأقباط فى واشنطن . لفت نظرهم وجود زوجتى بغطاء رأسها ، وكلامى مؤيدا لحقوق الأقباط ، فإذا بواحد منهم يصرخ محتجا : إحنا سيبنا لكم البلد وجينا هنا وانتو ورانا. توقعت أن يرد عليهم أحدهم ولكن فوجئت بتصفيق حاد له. لم أغضب ، فأنا اعرف كم ترسب فى نفسيتهم من ظلم إمتد قرونا بعد الفتح العربى. ولقد كتبت فيه الكثير من عام 1977 . الذى أزعجنى أن بعضهم أصرّ على أن يدخل فى جدال معى حول القرآن والناسخ والمنسوخ ، لم يقتنع برفضى وأن هذا ليس وقته ولا مجاله. أخير ألقيت عليه محاضرة موجزة عن موضوع النسخ بين القرآن وتخاريف التراث . فسكت . الشيطان يدفع أعوانه للجدال فى آيات الله . وأرجو ان يغفر لى ربى أننى اضطررت لتوضيح الموضوع لهذا القبطى حتى لا يظن أنه إنتصر وفاز . الدرس المهم أن المسيحيين يأخذون من دين المحمديين ما يطعنون به فى الاسلام . وبعض المتعصبين من المسيحيين يروننا أشد خطرا من دعاة المحمديين ، وهذا بسبب كراهيتهم لاسم الاسلام ، وحرصهم على نسبة كل خطايا تطرف وارهاب المحمديين للاسلام . 

ونحن صامدون ، وبعون الرحمن جل وعلا منتصرون .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,369,696
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


موقعنا مدرسة علمية: سلام الله ومحبت ه عليك يا دكتور ، هذه ثالث...

البغضاء : ما معنى البُغ ض والبغ ضاء ؟...

النسخ والجهاد : أتوجه اليكم بكامل الإحت رام و طلب مساعد ة ...

موجزالاسلام القرآنى: أريد أن تذكر لنا الايا ت التى تلخص الاسل ام ...

علم أو طب النفس ؟: قرات في احدى الفتا وى ان علم النفس ما هو الا...

مستويات النفس: هل النفس اللوا مة هى النفس الأما رة بالسو ء ...

الصلاة من البلوغ: عمري 62 سنة وبدأت أصلي وعمري 33 سنة.م هو السن...

الرسالة والرسول: الس لام عليكم أستاذ أحمد اما بعد حتي لا...

التجويد : ما هو حكم القرا ءة بالتج ويد وتطبي ق أحكام...

البيان والبلاغ: ما هو الفرق بين كلمتى ( بيان ) و ( بلاغ ) فى القرآ ن ...

وصية النبى : يقول جل وعلا : ( كُتِب َ عَلَي ْكُمْ إِذَا...

القرآن نور الله : تقولو ن انكم انتم تدعون للاسل ام الحقي قى ....

الطلاق من تانى : بربي أجيبو ني من فضلكم , هل سماع الجير ان ...

حتى تعلموا ...: افكر كثيرا في كلمة " تقولو ن " الوار دة في قولة...

إغتصاب المحارم: الشيخ الفاض ل :السل م عليكم اطرح بين...

more