السّر فى القرآن

الإثنين ١٣ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
مامعنى ( السّر ) الذى فى القرآن الكريم فى قوله جل وعلا : ( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ )(6) الفرقان ).؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

تعرضنا لهذا فى مقال قديم تم نشره فى مصر فى جريدة روز اليوسف ، يثبت أن النبى محمدا هو الذى كتب القرآن بيده ، وكان أصحابه يقرأونه ويملونه عليه ليكتب منه نُسخا ، وكان الكافرون يمرُّون عليهم فيتهمونه بالإفك وأنه أعانه على هذا الإفك قوم آخرون ، وأنه يكتب أساطير الأولين ، وأنها تُملى عليه فيكتبها . أقوالهم زعم باطل ، ولكنهم يعترفون بما رأوه ، وهو أنه كان يكتب القرآن ويقرؤه عليه أصحابه يملونه عليه صباح مساء . وجاء الرد بأن الذى أنزل القرآن الكريم هو الذى يعلم السّر فى السماوات والأرض . إقرأ قوله جل وعلا : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (6) الفرقان).

ثانيا :

معنى ( السّر ) هنا :

1 ـ القرآن الكريم فيه أسرار من الغيبيات لم تكن معروفة من قبل .

 منها تفصيلات عن الماضى كما فى القصص القرآنى ، مثلا قال جل وعلا فى نهاية قصة نوح : (  تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)  هود )، ومنها غيبيات فى الحاضر وقت نزول القرآن الكريم فى مكة والمدينة ، إذ أخبر الله جل وعلا بأحوال المنافقين الظاهرين وتآمرهم ، وقال عن المنافقين كاتمى نفاقهم الذين مردوا على النفاق أى أدمنوه وكتموه : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)   التوبة )، وهنا إخبار عن أسرار حاضرة لم يكن يعلمها النبى محمد عليه السلام ، ومات وهو لا يعلمها ، وفيه أيضا إخبار عن سرّ مستقبلى بالنسبة لأولئك الذين مردوا على النفاق ، هو تعذيبهم مرتين فى الدنيا بعد موت النبى محمد عليه السلام ، ثم ينتظرهم عذاب عظيم خالد فى الجحيم ، أى لن يتوبوا بل سيموتون بكفرهم ونفاقهم .

هذا من أواخر ما نزل من القرآن الكريم فى سورة التوبة ، وهو يذكرنا بآيات نزلت من قبل فى مكة تخبر بأن قريشا قوم النبى ـ فى معظمهم ـ كذّبوا بالقرآن وهو الحق ، وأن مصيرهم أن يتحاربوا شيعا وأن يذيق بعضهم بأس بعض عقوبة على تكذيبهم الحق . قال جل وعلا : (  قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الأنعام ). بعدها قال جل وعلا : ( لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)  الأنعام ).

أولئك الذين مردوا على النفاق هم جواسيس قريش الذين هاجروا مع النبى طبقا لمكر قريش الذى قال عنه رب العزة جل وعلا : (  وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال ) (  وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ابراهيم ).

هؤلاء الجواسيس أدمنوا النفاق فى مكة ، وهاجروا به مع النبى الى المدينة ، وصاروا أقرب الناس للنبى محمد ، ثم قفزوا على السلطة بعدها ، وارتكبوا جريمة الفتوحات ، ثم وقعوا فى الحروب الأهلية . وتفصيل هذا فى كتابنا ( المسكوت عنه فى تاريخ الخلفاء الراشدين ) ، وهو منشور هنا .

أسرار كثيرة مستقبلية غيبية أنبأ بها رب العزة جل وعلا فى كتابه الكريم ، وحدثت وقت وبعد نزول القرآن الكريم ، ومنها أسرار علامات الساعة وقيامها وما سيحدث فى اليوم الآخر .

2 ـ هناك ( سرُّ ) مرتبط بكتابة القرآن وترتيب آياته وسوره . كتابة القرآن الكريم ــ بيد النبى محمد عليه السلام ـ هى كتابة مختلفة عن الكتابة العربية العادية . وبعض الكلمات مكتوبة بطرق متنوعة ، وهناك ما يسميه رب العزة جل وعلا ب ( آيات ) ، وهى الحروف المقطعة فى أوائل بعض السور ، مثل : ( الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) الحجر ) ( طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الشعراء ) . وقد إتضح أن هناك آية ( معجزة ) رقمية عددية ، بدأ بعض الباحثين فى إكتشاف بداياتها ، منهم الاستاذ عبد الله جلغوم ، أكرمه الله جل وعلا . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2616
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5328
اجمالي القراءات : 65,991,757
تعليقات له : 5,523
تعليقات عليه : 14,923
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الايمان و العبادة: أريد من حضرتك معرفة الفرق بين الإيم ان ...

العم والعمات : ( يا ايها النبي انا احللن ا لك ازواج ك ...

خير مما يجمعون: هذه قصتى . أنا كنت طالب فى الجام عة اسقط سنة...

إقرأ لنا لتوفر وقتنا: بعد , فضيلة الشيخ الدكت ور أحمد صبحي إن تسمح...

تحريم الخمر: هل صحيح أن تحريم الخمر في القرآ ن مر بثلاث...

أبى يضربنى : ارجوك يا استاذ احمد عايزك فى مشكلة انا عندى 17...

الزكاة والعفو : السلا م عليكم سؤالى كيف الزكا ة على المال...

هجوم علينا: استاذ أحمد, ذه سلسلة مقالا ت هجوم علي...

عادل وعدل: سؤال من د فهمى عادل : هل فى القرآ ن الكري م ...

البطر والترف : السؤ ال قال صاحبى انه لم يعد يشترى اللحم من...

نسخة القرآن الأصلية : ما قولك في عدم وجود النسخ ه الاصل يه للقرا ن ...

أربعة أسئلة: السؤ ال الأول : برجا ء أن تكتب لنا عن تحدى...

الزكاة فورية: شاهدة خطبة نسبة الزكا ة لفضيل تكم وتعلم ت ...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : مرح ا دكتور صبحي منصور ، ...

سؤالان : السؤ ال الأول : كتب أحد الأقب اط ناقما أنى...

more