إهلاك المظلومين

الخميس ١٨ - أغسطس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
هل يمكن أن يكون المظلوم ظالما ؟ . هذا ما أفهمه من قوله سبحانه وتعالى ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59) الكهف ) معنى إهلاك القرية الظالمة كلها بما فيها من مظلومين . أريد التوضيح من القرآن .
آحمد صبحي منصور :

أولا : عن قوانين الإهلاك :

1 ـ ينشأ الظلم ويتأسس بفعل أكابر المجرمين المترفين ورفضهم دعوة الاصلاح  من المنذرين ، فهناك أكابر المجرمين والمنذرون . قال جل وعلا : ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ (208)  الشعراء ). وجاء تفصيل هذا فى قوله جل وعلا : (  وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16) الاسراء ), أى أمرناهم بالعدل ففسقوا فحلّ عليهم الهلاك والتدمير .

2 ـ وهذا قانون عام سرى ويسرى وسيسرى على البشر بسبب أن أكثرية البشر ظالمون . قال جل وعلا عن إهلاك السابقين بسبب ظلمهم :

2 / 1 : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17)   الاسراء )

2 / 1 : ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59) الكهف ).

3 ـ يسرى هذا الهلاك والاهلاك أو التعذيب الشديد بعد نزول القرآن الكريم والى قيام الساعة ، قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (58) الاسراء )

3 / 2 : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) القصص ) . الجزء الأول من الآية عن نزول القرآن فى مكة أم القرى ومركز العالم : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) الجزء الثانى هو تحريض لنا على مقاومة الظلم خشية الاهلاك ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ).

ثانيا : عن المنذرين الدّاعين للاصلاح :

1 ـ الذى يُنذر ويقاوم الظلم يتخلص منه الظالمون بالقتل والسجن والاختفاء القسرى . وعليه ـ إذا فقد الأمل ـ أن يهاجر داعيا ربه أن يعينه على الهجرة من تلك القرية الظالم أهلها  : (  الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) النساء  ) . لاحظ هنا وصف القرية كلها بالظالم أهلها . فالظلم هو القاعدة والمنذرون إستثناء .

2 ـ ومن يرفض الهجرة من المظلومين مع قدرته عليها يكون ظالما ومن أصحاب النار . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100) النساء  ).

3 ـ إن الله جل وعلا خلق الكرة الأرضية واسعة لا نهاية لها . البشر فيها كالنمل فوق سطح بطيخة . مهما ساروا فلن يصلوا الى نهاية البطيخة . الأرض واسعة لمن يهاجر ، ولكن العمر قصير، ويتقاصر بالاقتراب من الموت كل دقيقية . فلماذا تضيّعُ عمرك القصير فى قرية ظالم أهلها ؟ تمعّن قوله جل وعلا : ( يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) العنكبوت  )

ثالثا : نوعا الظالمين : الأكابر والأصاغر

1 ـ إن الظالمين نوعان : نوع يقترف الظلم ، ونوع يرضى به ويصبر عليه ولا يقاومه ، فينتشر الظلم ويسود ويتظالم الناس العاديون فيما بينهم ، الضعيف يظلم الأضعف منه  . وهذا ما يحدث فى كوكب المحمديين الآن ، و قد خصصنا عشرات الحلقات فى قناتنا ( أهل القرآن ) عن المحمديين بين إهلاك قائم وإهلاك قادم .

2 ـ وانظر حولك وأبشر ..فقد بدأت النهاية ..



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2650
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5206
اجمالي القراءات : 60,124,994
تعليقات له : 5,494
تعليقات عليه : 14,893
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


إلّا ..جمال مبارك: عزيزى دكتور أحمد أسجل إعترا ضى الشدي د ...

الاحتراف الدينى: منشور على الانت رنت ان انجلت رة أعطت عمرو...

التحية باالانحناء: بعض الناس عند الملا قاة ( لقاءا لآخر ) يقبل...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول هناك خطبة شهيرة للشيخ كشك...

الشّك ثم اليقين: عزيزي الدكت ور أحمد منصور تحية طيبة وبعد ، في...

شق الجيوب.!!: جنازة العمد ة فى البلد كانت جنازة فظيعة . حضر...

الحيض من تانى وتالت: السلا م عليكم و رحمة الله و بركات ه شيخنا...

سؤالان : السؤا ل الأول : هل قنوت صلاة الصبح فرض ؟ أم...

التقية : اثناء قراءت ي في المقا لة المنش ورة في...

علم الله جل وعلا: اذا كان الله يعرف ماذا سافعل و لماذا و هو يعرف...

العلماء الاسلاميون: أريد أن أقول ماتبي ن لي في القرآ ن بخصوص...

بين التبرع والتركة: هل يصح للانس ان أن يتناز ل عن تركته وهو حىّ...

حبيبى مسيحى !!: تقابل نا بمحض الصدف ة ، وتعرف نا وتقار بنا ...

التسول والسائلون : بعض المتس ولين يجمعو ن الألا ف ، واحيا نا ...

تستاهل الحمد : يقول المصر يون لمن يحمد الله : ( تستاه ل الحمد...

more