نبيل هلال Ýí 2011-11-14
كان خروج المسلمين بالسيف على المستبد هو الفزاعة التي لم يمل الفقهاء من تحذير الناس من مغبتها , في حين أثبتت الأيام أن هذا الخروج كان هو الشيء الوحيد الذي كان يجب فعله .
وبقيت الشعوب في وضع المتفرج على اللعبة دون القدرة على تغيير قواعدها , وتم استئناسها حتى إنها تركض نحو عبوديتها ركضا , وإن أصابها وهَن هرولت , وإن تعبت واصلت سعيها صوب عبوديتها ولو زحفا . ومضى المواطن في دولة الخليفة كالمطية الذلول : مركوب ومحلوب . فالدور الوحيد الذي يقبله المستبد من الأمة هو أن تكون البقرة الحلوب في عطائها والحمار في طاعته والكلب في وفائه , على أن يكون هو الجزار الذي ينحر الجميع متى أراد ذلك .
ويحرِّم تراثُنا "الديني" الخروجَ على الحاكم ولو فسق وظلم ونهب مادام يقيم الصلاة !! ذلك ما قاله فقيه السلطان , وكأنما يكفي الأسد أن يضع على ظهره فروة خروف كي يصبح حَمَلا وديعا . والفقيه هنا يخوِّف الناس من مغبة هذا الخروج إذ قد يطالهم الضرر منه ولن يسلَموا من سيوف السلطان , فجبنوا واستكانوا , وقد تدرك الحادثاتُ الجبانَ ويسلم منها الشجاع البطل .
وأضعف الحيوان يدافع عن نفسه بالناب والمخلب إن عدا عليه عاد , إلا المسلم إذ علَّمه فقيه السلطان أن يمتثل ويخنع فذلك من حسن الإيمان , والطاعة غير المشروطة لأُولي الأمر إنما هي الطُّعم للعبودية .
وتغييرُ الحال غيرُ واقع إلا بأدوات ليست في أيدينا , وعن طريق قوم لم يولدوا بعد , وربما لن يولدوا في بلادنا أبدا . فلا تغيير أو حراك ما لم ينهض الناس أنفسهم بأعبائه , ولا محرر للأمة من خارجها , فلابد من مجاهدين بالسيوف والرماح ليحصلوا على الخبز لهم ولأبنائهم , ومع الخبز الحرية والعدالة . وإن اكتفى الناس بالأماني كانوا كمن أراد الغنى بلا مال أو الكثرة بلا عشيرة.
والله يقول :
{ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ }البقرة251 . فصراع الناس مع بعضهم البعض من سنن الله الفاعلة , وهو ضروري لمنع فساد الأرض ولتحقيق التوازن بين القوى الفاعلة في دنيا الناس على مدار التاريخ . فدرء الفساد يكون بالصراع والدفع, ولا يمتنع الفساد من تلقاء نفسه , وصدق الله إذ يقول ذلك , وكذب كل منافق كذاب . وهذه الآية تكشف عن الحقيقة الكنز وهي أن التغيير لا يحدث مصادفة أو لمجرد تمنيه , وأن السماء لا تستأثر بإحداثه , وإنما الناس هم وراء صنع التغيير بالمدافعة والصراع والتصدي والمواجهة . وكذب كل فقهاء السلاطين ممن قالوا بالمهادنة والتريث والاستجداء والاسترخاء تجاهلا وجهلا بسنة الله الفاعلة التي يعلنها في كتابه في آيات باقيات إلى يوم القيامة. فالآمال المجردة بلا وسيلة , تقطع أعناق الرجال , وهي كالسراب يغر من يراه , والخير كله فيما أُكرهت النفوس عليه . وهل يصح في قياس أن يُحصد زرع بغير بذر؟
ومن عجب أن المسلم المروَّض يمشي في حروبه إلى أعدائه رابط الجأش غير هياب للموت بينما هو أجبن الناس في مواجهة سلطانه المستبد وهو عدوه الحقيقي , ومثله في ذلك مثل الجاموس وهو أجزع خلق الله من وخز بعوضة , بينما يمشي إلى الأسد ثابت الجنان ! وفات الجميع أن ما للفرعون من الجرأة على الناس هو بمقدار ما مع الناس من التهيب منه , ومعه من الإقدام عليهم بمقدار ما معهم من النكوص عنه .
وصوَّرلنا الفقهاء أن كل ما علينا فعله لتغيير أحوالنا وإزاحة الفرعون ومنابذة جنوده , كل ما علينا فعله هو الانتظار في سكون واطمئنان حتى يموت ذلك المستبد , وفاتهم أن وراءه أبناء وأحفاد وأُسرة سيحلّون محله , وعليه , فعلينا الانتظار للأبد , وأمة الإسلام في حالة انتظار دائمة منذ أربعة عشر قرنا , والمضحك المبكي أنها لا تزال تنتظر تحقيق ما لم يتحقق منذ أكثر من ألف عام ويزيد ! فالمُنى رأسُ مال المفاليس , وليس بصياح الغراب يهطل المطر, إذ فات الجميع أن الأمر ليس في التخلص من طاغية , فسيخلفه طاغية آخر, وأن الأوْلى هو القضاء على الظروف التي تخلق الطاغية والطغيان . فهل نحن فاعلون ؟
ولما كانت المواجهة بين من حازوا كل شىء وبين من عدموا كل شىء , هي الطريق المؤدية إلى الثورة , استمات الفقيه السلطاني للحيلولة دون حدوثها بكل الوسائل , واستخدم الدين وسيلة لتبرير الأوضاع القائمة , لتبرير سلطة الحكام والمحافظ على الأوضاع الاقتصادية التي تقوم على الاستغلال والظلم , مروِّجا أن : سلطان غشوم أفضل من فتنة تدوم . لذا كان كل سلطان يعتلي العرش ويتشبث به إلى أن يموت ..... منعا للفتنة !
من كتاب خرافة اسمها الخلافة(في مكتبة موقع الحوار المتمدن) منشور قبل الثورة باكثر من عام
أشكرك أخي الفاضل لمروركم على مقالي ,وقد أسعدني كثيرا رأيكم فيه ,وإنني أوافقكم تماما على ما أبديتموه من تعليق ,وما دمتم بصدد دراسة مستفيضة لهذا الموضوع , يسعدني أن أقترح عليكم كتابين آخرين لي في موقع مكتبة الحوار المتمدن بعنوان :الاستبداد ودوره في انحطاط المسلمين ,وعنوان:اعتقال العقل المسلم ,والكتابان يعرضان لبعض أسباب ما آل إليه حال أمة الإسلام ,وبانتظار دراستكم في هذا الصدد ,وشكرا مرة أخرى
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - الأنوناكي- ج14
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - عربة حزقيال - ج13
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - سلالة الآلهة- ج12
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - هذا ما تقوله الأساطير - ج11
دعوة للتبرع
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : اعر انك لا تؤمن...
شرعة ومنهاجا: لِكُل ٍّ جَعَل ْنَا مِنْك ُمْ شِرْع َةً ...
صوم العيد وال6 البيض: هل حرام صوم العيد ين وصوم الستة البيض بعد عيد...
نصيبك من الدنيا: ما المقص ود من قوله تعالى (ولا تنس نصيبك من...
معنى الزنا: اريد ان اسأل حول كلمة الزان ية والزا ني حسب...
more
الأستاذ الفاضل / نبيل هلال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كل عام وحضرتك بخير
ما تفضلت به في هذا المقال هو واقعنا الأليم كمسلمين بكل أسف وأسى ، ويؤكد على حقيقتين على الأقل من وجهة نظرى أولهما أن الإنسان المسلم الحالي فقد صوابه وفقد قدرته الحقيقية في الدفاع عن نفسه ضد الحاكم الظالم وضد جبروت وظلم وقهر واستعباد السلطان له ولعائلته بالرغم أن نفس الشخص كما تفضلت يظهر في صورة أسد ضارٍ عند مواجهة عدو خارجي في حرب ، وكان عليه من باب أولى أن يدافع عن حقوقه الداخلية أولا ويقاوم الحاكم الظالم الذي سلبه كل حقوقه ، والثاني ظهور وظيفة الكهنة أو رجال الدين أو كهنة السلطان وهم يروجون للسلطان ويغشلون عقول الالناس ويصورون لهم ظلم السلطان وقهره وسلبه وبهبه لهم على أنه أرحم بكثير من الدخول في حروب خارجية أو فتن داخلية ، وجدير بالذكر هنا عبارة حضرتك (سلطان غشوم خير من فتنة تدوم) فهو ذنب مشترك بين اسسلام الناس لكهنة المعبد يؤدي بهم لاستسلام وقبول ورضوخ لدرجة الرضا بظلم المستبد
واسمح لي أن أقول وجهة نظر أراها ضمن الأسباب المنطقية لهذا التحول الغريب في شخصية المسلم
أثناء قيامي بنسخ كتاب عن الدولة المدنية للدكتور منصور فهمت منه بعض الصفات التي كان يتصف بها المسلمون في عهد خاتم النبيين ، ومن أهم هذه الصفات السلم أو المسالمة وكره الحرب مع أعداء الإسلام والخوف من الدخول في حروب خارجية مع أعداء الإسلام ، بحيث وصل بهم الحال أن حذرهم ربنا جل وعلا بأنهم لابد أن يخرجوا للحرب مع خاتم النبيين للدفاع عن وجودهم وعن حقوقهم منعا للفتنة في الدين ، ورغم أن الحرب هنا كانت مشروعة ضد عدو يحارب الإسلام والمسلمين ورسولهم وإذن الحرب جاء بأمر من الله إلا ان المسلمين كانوا يتثاقلون ويخافون من الخروج للحرب إثارا للسلم الذي تعلموه من جوهر الإسلام داخل الدولة المدني التي أسسها خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، وجدير بالذكر هنا ان هذه الدولة (دولة الرسول) لم يكن فيها كهنة معبد ولا كهنة السلطان ، لذلك كان سلوك المسلمين سلميا لدرجة التكاسل عن رد الاعتداء عليهم جعلت ربنا جل وعلا يتوعدهم إن لم يخرجوا للدفاع عن أنفسهم وعن حقوقهم ، وهنا كان المواطنون يتمتعون بحقوقهم داخل الدولة الاسلامية في حياة خاتم النبيين بلا ظلم وبلا استبداد ، وكل المطلوب منهم آنذاك الدفاع ومواجهة كل من يعتدي عليهم
لكن عندما بدأت عمليات تزييف الحق الإلهي وكتابة التراث والحديث والسير وظهور الكهنة وخدمة السلطان تحولت سلوكيات وأخلاقيات ودوافع وتوازع الإنسان المسلم وهذا نتيجة طبيعية جدا لعملية غسيل العقول التي حدثت خلال قرون طويلة ساهم فيها خدمة السلطان فى كل زمان ومكان ، مما ادى إلى تناقض مواقف المسلمين الآن مع مواقف المسلمين في دولة خاتم النبيين لدرجة انهم يقبلون ظلم الحاكم لهم دون أي اعتراض والسبب الفتاوى المزيفة من كهنة الدين بعدم الخروج على الحاكم ، وف المقابل يتحول هؤلاء المسالمون الخانعون للحاكم داخل الدولة إلى أسود ضارية على الأعداء خارج الوطن وكأنهم يريدون تفريغ الكبت الداخلي في وجوه أعداء الوطن فهي حالة من انفصام الشخصية التي تكونت خلال قرون طويلة جدا عن طريق نشر ثقافة تقديس الحاكم مهما كان فاسدا أو ظالما فالحاكم المسلم لابد له من أخطاء ويجب أن نسامحه ونغفر له ذلاته ، فهو تحول غريب جدا يدعو للتفكر وكذلك يعطينا مؤشار واضحا أن المنهج والمرجعية التي كان يؤمن بها المسلمون في عهد خاتم النبيين كانت تختلف تماما عن المنهج والمرجعية التي يؤمن بها ويتبعها معظم المسلمين في هذا العصر ، و؟أعتقد أنني سأعود لقراءة كتاب حضرتك على الحوار المتمدن وكذلك قراءة كتاب الدكتور منصور مرة أخرى لتحليل هذا الموقف وهذا التناقض لكتابة مقال تفصيلي عنه لأنه جدير بالتوضيح على الأقل من وجهة نظرى
أشكر حضرتك جدا لأن هذا المقال فتح لي باب جديد للبحث والتعلم وهذا هو هدفي في الحياة ...