استيراد التخلف
منذ فجر التاريخ قادت مصر ركب النهضة في المنطقة سياسياً وثقافياً واقتصادياً واستمرت في ريادتها للمنطقة إلى منتصف القرن العشرين فخلال العصر الليبرالي قادت مصر التحضر والتمدن فانتشرت الثقافة المصرية وبزغ نجوم عظماء وسياسيين فعرف الجميع سعد زغلول والنحاس باشا وبطرس غالي وواصف ويصا، وطلعت حرب.. إلخ
فرضت اللهجة المصرية نفسها على دول المنطقة وبرزت نجوم عظماء في الفن مثل أم كلثوم كوكب الشرق، ومحمد عبد الوهاب، ويوسف وهبي، ستيفان روستم...
هؤلاء الكوكبة كانوا رموزاً للثقافة المصرية واكتظت حفلات كوكب الشرق بالآلاف وبرز رموز في الفن مثل الريحاني ويوسف وهبي وإسماعيل ياسين وليلى مراد... وصَّدرت مصر للمنطقة التقدم والرقي والفن الرفيع ونافست مدينة القاهرة مدن عالمية للفوز بلقب أجمل مدينة وكان للجنيه المصري قوة شرائية تساوي خمس دولارات أمريكية.
مع الغزو الداخلي في يوليو عام 1952 إنحدرت مصر في كل مناحي الحياة فضاعت موارد مصر في حب الزعامة، وفي صراعات دنكوشوتية أفقدت مصر قوتها وكانت تلك الثورة الاخوانية بداية إنحدار مصر ففي عهد عبد الناصر تم محو إسم مصر والتصق بها لقب العروبة لتتخلف عن ركب الحضارة أكثر فتحولت لجمهورية مصر العربية وفي عهد السادات دولة العلم والإيمان، والرئيس المؤمن "كِفر من الإخوان وجماعات الجهاد" وفي عهد الرئيس مبارك فتحت مصر إخوانياً ووهابياً وإيرانياً.
إخوانياً: أصدروا وثيقة فتح مصر ووثيقة التمكين .
وهابياً: تم انتشار اثير الإعلام الديني الوهابي المخِّرب لعقول المصريين.
إيرانياً: تم تصدير الثورة الخومينية للمصريين فأصبحت تسير في شوارع مصر كأنك في طهران أو الرياض واكتسح الاسدال الايرانى شسوارع المحروسة .
ووسط تلال القنوات الفضائية الدينية والإعلام الديني الملتحف بثقافة القرون الوسطى تخلفت مصر وعاش الشعب المصرى إزدواجية وانفصام في الشخصية وانتشرت مظاهر الدين الشكلية وغاب التدين فانتشرت الرشوة والمحسوبية وانعدام العدل وانتشر الحجاب، النقاب وغابت الأخلاق والفضائل وتفشى الزواج العرفي المسيار والفريند.. انتشر التعصب القبلي والديني وانتشر الحشيش والمريوانا بين الشباب المصري وانتشرت الأحاديث عن الفضيلة وغابت على أرض الواقع فقتل الأبناء آبائهم بدليل 2 مليون طفل لقيط يجوبون شوارع المحروسة.
ومن الغريب والعجيب سن حناجر شيوخ الارهاب للغرب الكافر الزنديق، بينما شبابهم يموتون على شواطئهم، التماسا للحرية والعدل والجمال والانسانية من الغريب أيضاً أن خطب الجوامع تصب اللعنات على الغرب الكافر وتلتمس منه جرعة دواء.
ومن الأغرب أن دولة مثل السعودية تسعى لتنظيف ثوبها لتواكب العصر بافتتاح جامعة الملك عبد الله لتقليص دور الجماعات الدينية المتخلفة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".بينما نحن نفعل العكس
تستورد مصر التخلف والتطرف بالقبض على المفطرين وبالدفاع المستميت عن ثقافة متخلفة وتدين ظاهرى فمعركة النقاب خير دليل على التخلف والتأخر بمصر والمزايدات الدينية بين معسكر الإخوان والنظام خير دليل.
بينما كانت مصر تقود المنطقة للتقدم فأصبحنا نقود المنطقة للتخلف والتعصب كما نتقدمها في إصرارنا على اتباع مظاهر دينية وليس تدين فعلي، بينما كنا نصدر الجمال والإنسانية والفن الرفيع أصبحنا نستورد القبح والتخلف والتمسك بهوية يتنكر لها اصحابها.
ومن عجب العجاب محاولة الآخرين التخلص من نفاياتهم الغير حضارية والغير إنسانية ونحن أول من يستوردها ويحتفظ بها لنتخلف أكثر وأكثر.
بذلك سعت مصر إلى أن تكون أكبر مستورد للتخلف والتطرف والتاخر وأهم مضصدرللإرهاب العالمي مع السعودية فالظواهري، والزمر،عمر عبد الرحمن،ومحمد عطا،وشكرى مصطفى..الخ وجماعة الإخوان والجهاد وهم إنتاج مصري مائة يصدر منهم من قاد ويقود الإرهاب العالمى.
ترى متى يفيق المصريين ليعودوا لرشدهم ويعلنون تمسكهم بجوهر الدين ويعودون لموقفهم الأساسي ألا وهو تصدير الحب والخير والجمال لا تصدير إرهاب وفتن وتعصب ونستورد تقدم وحضارة ومدنية لا تخلف وتأخر وهي محاولة جادة لتنظيف المجتمع عوضاً عن القبول بنفايات الآخرين.
" اولئك الذين لا يتذكرون ماضيهم مكتوب عليهم ان يعيدوة " من اقوال جورج سانتاتنا كاتب وفيلسوف امريكى
اجمالي القراءات
10514