( 6 )الوريث الأيوبى مات ضربا بالقباقيب
أولا :
1 ـ نحتاج الى لمحة سريعة عن قيام الدولة المملوكية لنفهم تطور العلاقة بين الأميرين الصديقين قطز وبيبرس وكلاهما تولى السلطة فى بداية الدولة المملوكية .
كان المماليك عماد القوة الأيوبية فى العهد الأيوبى ، وقد تنازع السلاطين الأيوبيون فى مصروولايات الشام ، واستعان بعضهم بالصليبيين ضد بعض ، واحتاج السلطان الصالح ايوب حاكم مصر الى الاستكثار من المماليك فاشترى منهم عشرات الألوف وبنى لهم مساكن فى جزيرة الروضة بالقاهرة تطل على (بحرالنيل ) فأصبح اسمهم المماليك البحرية ، وكان قائدهم فارس الدين أقطاى المشهور بغلظته وقوته ، وكان بيبرس هو الساعد الأيمن لأقطاى . بينما احتفظ السلطان الصالح أيوب بفرقة خاصة حربية وادارية داخل القلعة ـ مقر السلطة المركزية فى مصر ، وكان قائد المماليك السلطانية فى القلعة الأمير المملوكى عز الدين أيبك، وكان قطز هو الساعد الأيمن لأيبك .
وجاءت حملة لوبس التاسع تغزو مصر واستولت على دمياط ، وتوغلت الى الجنوب ، فزحف لملاقاتها السلطان الصالح أيوب بمماليكه السلطانية و البحرية وكان مريضا ، ومعه محظيته شجر الدر ، وعسكر بقواته فى مكان بنى فيه مدينة جديدة على النيل أصبح اسمها فيما بعد ( المنصورة ) .وأثناء احتدام المعركة مات السلطان الصالح أيوب ، فكتمت شجر الدر نبأ موته ، وأدارت المعركة من خلال زعيمى المماليك البحرية أقطاى و أيبك ، وانتصر المماليك على الحملة الصليبية ، وأسروا لويس التاسع ، وطلبوا منه فدية هائلة .
وجاء ليتولى الحكم توران شاة ابن السلطان الراحل الصالح أيوب ، وكان وريثا تافها أحمق ، فلم يعترف بفضل مماليك أبيه وزوجة أبيه الذين انتصروا و حفظوا له السلطنة . تنازع معهم فقتله المماليك ، وبسرعة عينوا زوجة أبيه شجر الدر سلطانة باسم ( ام خليل ) .
وقد احتج على توليها الحكم الخليفة العباسى وتندر قائلا : إن كانت مصر قد خلت من الرجال فهو على استعداد لأن يبعث رجلا ليتولى الحكم فى مصر. فكان لا بد أن تتزوج شجر الدر من أمير مملوكى لتحكم من وراء ستار و تتلافى اعتراض الخليفة العباسى الذى يمثل الرأى العام وقتها.
وتنافس على الزواج من شجرة الدر زعيما المماليك أقطاى و أيبك ، وتصورت شجر الدر أن نفوذها سيكون أقوى لو تزوجت أيبك وأصبح سلطانا ، فهو أسلس قيادا من أقطاى .
وتزوجت شجرة الدرمن أيبك فأصبح سلطانا فثار أقطاى فكان لا بد من إغتياله. واتفق الزوجان أيبك وشجر الدر على دعوة أيبك الى القلعة واغتياله فيها بعد الفصل بينه وبين قوة حراسته .
واستغل أيبك وشجر الدر الصداقة الحميمة بين قطز ـ الذى يعمل فى خدمتهما ، وبين بيبرس كبير أتباع أقطاى . وتمكن قطز من إقناع بيبرس بحسن النية فى دعوة أقطاى الى القلعة ، فاقتنع أقطاى وجاء بحرسه وأتباعه ومنهم بيبرس، وسرعان ما حيل بين أقطاى وبينهم ، وما لبث أن ألقيت الى أتباع أقطاى رأسه ، وقيل لهم إهربوا .,. فهربوا .. وكان من بينهم بيبرس الذى أقسم أن ينتقم من صديقه قطز الذى خدعه.
أى كان الامير قطز والامير بيبرس البندقدارى صديقين وشاءت الظروف أن ينتمى كل منهما الى حزبين متنافسين على السلطة فى بداية الدولة المملوكية ، كان بيبرس ضمن أتباع الامير فارس الدين اقطاى قائد المماليك البحرية، بينما كان قطز من أتباع أيبك قائد المماليك السلطانية ، ثم كان من أقرب الناس اليه حين أصبح أيبك سلطانا على مصر.
2 ـ وهرب الأمير بيبرس البندقدارى إلى الشام ضمن كبار المماليك البحرية ، وأثناء هروبه إستأمن على حريمــــه السلطان المغيث عمر بن العادل الأيوبى صاحب الكرك (الأردن)،
وانغمس بيبرس فى منازعات ملوك الشام من بنى أيوب فى تلك الفترة القلقة قبيل الزحف المغولى على الشام ، وانتهى الأمر بعودته الى مصر يطلب الأمان من صديقه القديم اللدود قطز الذى أصبح سلطانا على مصر ، إلا أن بيبرس لم ينس ثأره القديم ، ولذلك فإن بيبرس بعد أن شارك السلطان قطز فى هزيمة المغول فى عين جالوت دبر مؤامرة قتل بها صديقه اللدود قطز وتولى السلطنة مكانه وأصبح الظاهر بيبرس أشهر من حكم من المماليك .
3 ـ واستعاد السلطان بيبرس زوجته وحريمه من السلطان الأيوبى المغيث عمر بن العادل الأيوبى فى الكرك . وكانت مفاجأة قاسية على نفسه أن أخبرته زوجته أن الملك المغيث الأيوبى الذى استغاث به بيبرس واستأمنه على حريمه فى محنته قد اغتصب زوجته .
ودبر الظاهر بيبرس حيلة خدع بها الملك المغيث الأيوبى واستقدمه اليه واعتقله وأرسله الى القلعة بمصر، وفيها قامت زوجة الظاهر بيبرس وجواريها بضرب جلالة الملك المغيث بالقباقيب حتى مات ، وكان شابا فى الثلاثين من عمره ..
ثانيا :
1ـ نحكى هذه القصة التاريخية مدخلا لموضوعنا عن جريمة التوريث فى الحكم ، وما قد تنتجه من حكام يعتبرون (عاهات ) بشرية ، ومنهم ذلك هذا الملك المغيث الأيوبى ، الذى كان لديه أصناف من الجوارى والنساء ومع ذلك فإن دناءة نفسه جعلته يخون الأمانة ويغتصب زوجة صديقه الذى استأمنه عليها.
وهذا الملك المغيث يمثل نوعية من الملوك عرفها تاريخنا كان كل مؤهلهم فى الحكم هو النسب ، وبه وحده تحكموا فى البلاد والعباد ووجدوا من الفقهاء من يبارك ظلمهم ويضفى الشرعية على سلطانهم لأنه تم طبقا لمقوله الاختيار الشرعى من أهل الحل والعقد وبرضى الأمة ، وذلك كله عبث فى عبث ، ولاعلاقة له بالشورى الاسلامية ولكنه حكم السيف وفلسفة القوة ، وهى المصدر الأساس للشريعة السنية ، وتوريث الحكم هو أول بند كان يتم تطبيقه .. ولا يزال ، إنظر الى الحكم العائلى الملكى فى السعودية و المغرب والأردن ودول الخليج ، ثم الحكم العائلى الجمهورى فى سورية الان ، ومحاولات وراثة الحكم العائلى الجمهورى فى مصر و ليبيا و اليمن ، وكلها دول (سنية) .
2 ـ والعادة أن تقوم الدولة على يد قائد طموح ينشغل بإرساء دولته عن رعاية ابنه وتقويمه ، ثم يرث الابن السلطنة بدون تعب وقد تعود على الراحة وتمضية حياته بين الجوارى والنساء لا فى ميدان المعارك وساحات العلم فلا يتعلم الا الانانية والفجور وضعف الشخصية ، ومن هنا نفهم شخصية ذلك الملك الأيوبى فى الاردن صاحب اللقب الفخم " المغيث" واغتصابه لزوجة صديقه وهى فى حمايته .
هذا الخليفة أو السلطان الوريث يشب فلا يعرف التفوق والتفرد إلا فى التفاهة . ثم لا يلبث أن يرث حكما لم يتعب فى تأسيسه أو توطيده ، ويجد قطيعا من الشعراء والمغنيين والفقهاء والخصيان يسبح بحمده ، ويجد لديه أموال الدولة وحياة الناس ملك يديه ورهن إشارته ، وقبل كل ذلك وبعده يجد شريعة السنة تبيح له أن يقتل ثلث الرعية لاصلاح حال الثلثين.
وبرزت ظاهرة معروفة وهى ان يتصارع أولئك التافهون على الحكم ويقتتلون فيما بينهم إلى أن تزول دولتهم بعد أن يكونوا قد أسهموا بالقسط الأكبر فى انهيارها، وتلك هى الضريبة التى دفعتها كل الأسر الحاكمة مقابل حكمهم القائم عل القهر والاستبداد.
لقد بدأت الدولة الأيوبية بصلاح الدين الأيوبى وبمساعدة أخيه العادل ، وانشغل صلاح الدين بتوطيد ملكه وحروبه ضد الصليبيين عن تنشئة أولاده التنشئة الصحيحة . وأورثهم دولته فانتهى بهم الحال إلى أن تلاعب بهم أخوه العادل وسلب منهم الملك بحجة أنه هو الذى ساعد صلاح الدين فى اقامته.
ثم مات العادل وقد ترك ملكه يرثه أبناؤه وهم أكثر تفاهة من أبناء صلاح الدين فتنازعوا فيما بينهم وتحاربوا وتحالف بعضهم مع الصليبيين ضد بعض ، بل أن أكثرهم تفاهة وهو الملك الكامل تنازل بدون مقابل عن بيت المقدس للصليبيين بعد أن عانى المسلمون تحت قيادة صلاح الدين فى تحريره من الصليبيين..
حتى إذا جاء الخطر المغولى كان بعض الملوك الأيوبيين ينحاز اليهم ويعينهم على ابادة المسلمين .. وكان منهم ذلك المغيث صاحب الكرك (الاردن)، الذى ( استغاثت) به زوجة بيبرس فاغتصبها ، فبئس (المغيث ) .!!.
هذه النوعية من الحكام التافهين كان إمامهم فى التفاهة والمجون أول حاكم ورث الحكم فى تاريخ المسلمين ، وهو يزيد بن معاوية . وليس آخرهم ذلك الوريث الأيوبى السلطان المغيث صاحب الكرك (الاردن).
3 ـ وقد يكون الوريث حاكما قويا شديد البأس ، أى يشارك الوريث أباه أو أخاه فى اقامة الملك فيصير مثله فى قوة المراس مثلما كان عبدالملك بن مروان الذى أسس مع أبيه مروان بن الحكم حكم بنى مروان الأموى بعد أن كاد يضيع، ومثلما كان أبو جعفر المنصور مع أخيه السفاح فى إقامة وتوطيد الدولة العباسية ، ومثلما فعل السلطان فرج بن برقوق مع أبيه السلطان برقوق الذى أسس الدولة المملوكية البرجيه ، ومثلما فعل ابراهيم باشا مع محمد على مؤسس مصر الحديثة .
والطريف أن ابراهيم باشا كان ابنا لزوجة محمد على ، وحين تولى حكم مصر ابن محمد على المدلل وهو سعيد باشا أضاعها فى ارضاء ديلسبس . وتلك قصة نستحى من ذكرها ..
4 ـ ونعود الى ذكر الملوك التافهين من أبناء السلاطين الأقوياء وهم الأكثرية و القاعدة التى لها استثناءات .
نذكر منهم السلطان على بن ايبك ، وايبك هو أول سلطان مملوكى ، ولم يكن ابنه على يجيد الا اللعب بالديوك ، وقد خلعه قطز وتولى مكانه .
وقتل بيبرس قطز وتولى مكانه سلطانا ، وحين امتد به العمر حرص بيبرس على توريث أكبر أبنائه السعيد بركة السلطنة ، فجعله ولى العهد ،وأخذ العهود والمواثيق على كل الأمراء بالوفاء بالعهد ، بل قام بتزويج ابنه السعيد بركة من ابنة الأمير قلاوون الألفى أكبر قائد فى الدولة المملوكية ، وجعل قلاوون حاميا وحارسا للسلطان الجديد السعيد بركة بن بيبرس ، ولكن قام الأمير قلاوون بعزل صهره وابن صديقه بيبرس ، وتولى مكانه .
وحاول قلاوون أن يستبقى الحكم فى أبنائه فصاروا لعبة فى أيدى الأمراء المماليك، بنفس الطريقة .. وهكذا يدفع الأبناء ثمن اصرار آبائهم على توريثهم الحكم ..
ختاما :
1 ـ لم يكن سهلا نقض ما تبقى من الشورى الاسلامية ( وهى تعنى فى عصرنا الديمقراطية المباشرة ) . فقد تم تطبيقها حرفيا فى دولة النبى محمد عليه السلام فى المدينة ، ونشأ عليها أصحابه .
ومع التدخل القرشى و النفوذ الأموى والعصيان لله جل وعلا فيما عرف بالفتوحات الاسلامية ، إلا أنه بقى من ملامح الديمقراطية الاسلامية فى عصر الخلفاء الراشدين أن يكون الحكم بالشورى وليس بالتوارث .
2 ـ لذلك فان تحويل هذا الملمح الأخير من الشورى الاسلامية ( وهو اختيار الحاكم بالشورى ) لم يكن سهلا . عانى معاوية فى نهاية حكمه حتى يقنع كبار المسلمين باختيار ابنه وريثا للعهد من بعده. ومات وقد صنع بيعة مزورة لابنه على شاكلة هتافات و بيانات التأييد من المنافقين والمنتفعين من أتباع الحزب الوطنى فى مصر .
ولكن ذلك لم يضمن للوريث حكما هادئا ، ففى خلال السنوات الثلاث التى حكم فيها يزيد بن معاوية ارتكب ثلاث فواجع كى يؤسس بالحديد والنار الملك الوراثى فى تاريخ المسلمين .
نؤكد أن الحكم الوراثى الذى يعتبر بلاد المسلمين ضيعة يورثها الحاكم لابنائه ، والذى ابتدعه معاوية ـ حين عهد بالخلافة لابنه يزيد ـ لم يكن تطبيق سهلا ، إذ حدثت فى تاريخ المسلمين ثلاث فواجع لا تزال تؤرق الضمير المسلم حتى اليوم ، وهى قتل الحسين وآل البيت فى كربلاء وانتهاك حرمة المدينة وقتل الانصار ومحاصرة الكعبة وانتهاك الحرم.
3 ـ ومع تاسيس جريمة التوارث فى الحكم ، ومع تصنيع تشريع لها فى أديان المسلمين الأرضية من سنة و تشيع وتصوف فلا يزال تطبيقها مشكلة حتى الآن .
فبينما يتم تداول السلطة ـ ديمقراطيا ، بسلاسة وعذوبة وتكون مناسبة للاحتفالات الشعبية ،فإنه لا يزال توريث الملك واختيار ولى العهد معضلة لكل ملك أو سلطان حتى الآن ، بسبب التنافس بين الأبناء والزوجات ومراكز القوى العسكرية ومكائد القصور ، والان برز عامل جديد هو التدخل الخارجى .
4 ـ ودخل فى نادى التوريث أعضاء جدد . فالجمهوريات التى تناقض النظم الملكية القائمة على توارث الحكم ـ أصبحت الآن فى بلاد العرب تسعى الى توريث الحكم ( الجمهورى ) فى أبناء الرئيس ( الجمهورى ) . فنحن ننعم الآن باستبداد الأسرات الملكية الحاكمة فى منطقتنا العربية وباستبداد الرؤساء الجمهورييين ، ولهم سلطات تفوق الملوك أحيانا ، ثم هم الآن يورثون أبناءهم السلطان والحكم أو يسعون لذلك ، دون أن يفهموا أن الحكم العسكرى لا يعترف بالتوريث إلا إذا كان الوريث عسكريا وقادرا على مواجهة العسكر بنفس سلاحهم وتفكيرهم العسكرى .
أى إن الوريث المدنى المرفّه سيكون ضحية المستقبل ، فالقادة العسكريون الذين يقسمون بالولاء للحاكم العجوز الآن لن يفى أحدهم بقسمه بعد موت السلطان العجوز وتحررهم من نفوذه ، إذ امتلكوا بعده القوة العسكرية بعد أن مات الذى كان يصدر لهم الأوامر والذى كان بيده عزلهم أو ترقيتهم ، وهم الآن ـ بعد موته ـ أصحاب القوة و النفوذ بلا منازع ، فكيف يتخلّون عنها لوريث ناعم مدلل يجعلونه متحكما فيهم ؟
كذلك كان يفعل العسكر فى الدولة المملوكية ، يقسمون أغلظ الأيمان للسلطان بالطاعة لابنه حين يتولى الحكم ، وما أن يموت السلطان حتى تبدأ حلقات التآمر علي السلطان الجديد ، وينتهى به الأمر الى الذبح .
وغالبا يكون من يذبح الوريث هو من كان أكثر الناس إخلاصا لأبيه. والسبب ومقنع جدا ؛ فالقائد الذى تنكر للعهد يرى أن من حقه أن يكون هو الرئيس لأنه وفق الترتيب (العسكرى) هو الأولى بخلافة الرئيس (العسكرى) فى ذلك النظام (العسكرى) ، ولا يليق به كقائد (عسكرى) فى دولة نظامها (عسكرى) أن يكون تابعا لفتى (مدنى) عاش حياة مدنية منعمة مرفهة فى رعاية (بابا ) و ( ماما ) و(تانت ) و( جدّو عبده )...
آخر السطر :
نصيحة لكل وريث .. إقرأ التاريخ .. وانظر حولك ..فالعسكر هم العسكر !!
اجمالي القراءات
16824
توفى السلطان الصالح نجم الدين أيوب في ليلة النصف من شعبان سنة647 هجرية والقوات الصليبية تزحف جنوبًا على شاطئ النيل الشرقي لفرع دمياط للإجهاز على القوات المصرية الرابضه في المنصورة، وكانت إذاعة خبر موت السلطان في هذا الوقت الحرج كفيلة بأن تضعف معنويات الجند وتؤثر في سير المعركة.
فأخذت زوجته شجر الدر موقفًا رائعًا تعالت فيه على أحزانها وقدمت المصالح العليا للبلاد، مدركة خطورة الموقف العصيب، فأخفت خبر موته، وأمرت بحمل جثته سرًا في سفينة إلى قلعة الروضة بالقاهرة ، وأمرت الأطباء أن يدخلوا كل يوم إلى حجرة السلطان كعادتهم، وكانت تدخل الأدوية والطعام غرفته كما لو كان حيًا، وأستمرت الأوراق الرسمية تخرج كل يوم وعليها علامة السلطان.
وتولت شجر الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال، وعهدت للأميرفخر الدين بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى مصرإلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه.
وفي الفترة ما بين موت السلطان الصالح أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجر الدر بمهارة فائقة أن تمسك بزمام الأمور وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي كادت تعصف بها، ونجح الجيش المصري في رد العدوان الصليبي وإلحاق خسائر فادحة بالصليبيين ، وحفظت السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى النصرتنكر توران شاه لمن ساعدوه وبدأ يفكر في التخلص منهم غير أنهم كانوا أسبق منه في الحركة وأسرع منه في الإعداد فتخلصوا منه بالقتل على يد أقطاي
توليتها الحكم
أخذت البيعة للسلطانة الجديدة (شجرة الدر)ونقش اسمها على السكة بالعبارة الآتية "المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين".
جدير بالذكر أن شجر الدر لم تكن أول امرأة تحكم في العالم الإسلامي فقد سبق أن تولت( رضية الدين 9 سلطنة دلهي واستمر حكمها أربع سنوات (634 - 638 هـ) الموافق (1236 - 1240 م). وحكمت أروى بنت أحمد الصليحي من سلالة بنو صليح اليمن من تاريخ (492 - 532 هـ) الموافق (1098 - 1138 م).