قاسم سليماني
صفقة بدأت حيثياتها بالظهور إلى العلن
بداية وقبل أن نتوجه إلى حيثيات الصفقة لابد لنا أن نستعرض الظروف الموضوعية التي سبقت مقتله.

أزمة اقتصادية خانقة في ايران أتبعها حراك شعبي يطالب بالتغيير الجذري وسببها كما نعرف
1- العقوبات الاقتصادية على ايران على خلفية انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي
2-تورط ايران في الحرب السورية التي تدور رحاها منذ ثمانية أعوام والتزامها بدعم النظام السوري ، عسكريا ولوجستيا
3- تورط ايران في الحرب في اليمن منذ عدة سنوات والتزامها بدعم الحوثيين ، عسكريا ولوجستيا
4- التزام ايران بدعم حزب الله من الناحية العسكرية واللوجستية
5- البرنامج النووي الإيراني واستنزافه للطاقة المالية
هذا من الجالنب الأيراني

لننتقل إلى دول منطقة الشرق الأوسط

العراق
أزمة اقتصادية خانقة عصفت بالعراق أدت أيضا إلى حراك شعبي ، متجرد عن الانتماء الطائفي تطالب بالتغيير الجذري وصولا إلى إسقاط النظام الحاكم بأكمله .

لبنان
أزمة اقتصادية خانقة وحراك شعبي يطالب برحيل النظام الحاكم برمته وتذمر من امتدداد اليد الطائفية المتمثلة بحزب الله وسيطرتها على الحكومة اللبنانية بالكامل ( سياسيا وعسكريا )

السعودية
أزمة اقتصادية خانقة قد تؤدي إلى حراك شعبي يذهب بالعائلة الحاكمة بأكملها ، نتيجة لتورط السعودية في الحرب اليمنية ودعمها للفصائل المتطرفة عموما

سوريا
دخول الأزمة السورية عامها التاسع وعدم ظهور حل في الأفق القريب ينهي الأزمة لصالح طرف دون الآخر

الصراع الداخلي على مستوى قيادات الجيش بين القيادات الموالية لإيران والقيادات الموالية لروسيا مع رجوح كفة القيادات الموالية لروسيا

الغياب الكامل ( على الصعيدين السياسي والعسكري ) لفصائل المعارضة وبقاء دورها لحماية المصالح التركية من خلال ايجاد منطقة آمنة ( آمنة للأتراك وليس للسوريين ) والقضاء الكامل على الفصائل الكردية والتي تهدد أمن تركيا
مع وضع أمن تركيا في الأولويات وعدم اكتراث تركيا بالأزمة السورية

أدرك الأتراك ولو بشكل متأخر أنه لا مكان لهم في سوريا (من الناحية الإقتصادية )فلا يمكن السيطرة بأي حال من الأحوال على البترول السوري في المنطقة الشرقية ( فقد اصبحت من نصيب أمريكا )

ولا على الغاز السوري في السواحل السورية ( فهو قطعا من نصيب روسيا )

بعبارة أدق : تم اقتسام الثروات الطبيعية السورية بين أمريكا وروسيا ، ولتبق الحرب الأهلية السورية مستعرة إلى الأبد ( المهم أن منطقتي الثروات النفطية آمنة وتحت سيطرة القوات الأمريكية شرقا ، والروسية غربا )
اتجهت تركيا للتنقيب على الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بعيدا عن المناطق التي تسيطر عليها روسيا واسرائيل
عقدت الحكومة التركية اتفاقية ترسيم حدود مع الجانب الليبي لضمان استثماراتها في البحر المتوسط
الحكومة التركية تدرك تماما أن تضارب المصالح بينها وبين مصر سينسحب لصالحها ، فهي تعلم علم اليقين بتبعية النظام المصري الكاملة لإسرائيل ، وأن اسرائيل كفيلة بلجم النظام المصري ( والمنهار اقتصاديا بالكامل ) وبالتالي فإن أي اتفاق بين تركيا واسرائيل ، كفيل بلجم النظام المصري واسكاته للأبد ، وبالتالي فإن مهمة النظام المصري إلجام الصوت المعارض في الداخل بأي طريقة كانت ومهما ارتفعت درجة الوحشية والقمع ، مع الاهتمام باستعراض العضلات بشكل آني للجم بعض أصوات الداخل الخانعة (أصولا ل) للنظام المصري والتي من الممكن أن تتحدث ولو بصوت خافت بما لا يرضي النظام الحاكم

لنعد مرة أخرى إلى مقتل قاسم سليماني
مالذي حدث بعد مقتله

تعالت الأصوات التي تطالب بالانتقام لمقتل سليماني فكان على الحكومة الإيرانية القيام بأي عمل عسكري مهما تضاءلت نتائجه ، ومهما قلت جدواه
وذلك لحفظ ماء الوجه ، فقامت الصواريخ الإيرانية بقصف مواقع أمريكية ، مع ابلاغ القوات الأمريكية والعراقية بوجهة الصواريخ وتحديد مسارها ومكان سقوطها( مع اخذ الاحتياطات اللازمة لإمكانية خطأ مسار الصواريخ الغبية )
سيتوقف بعدها النظام الإيراني عن العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية
سيتم لجم الفصائل الشيعية الموالية لإيران من تنفيذ عمليات ضد المواقع والمصالح الأمريكية
بالمقابل سيسعى الإيرانيون والأمريكيون لاحياء معاهدة الاتفاق النووي وببنود تحقق مصالح الطرفين
خروج ايران من الساحة السورية بالكامل لصالح المصالح الروسية في الغرب والأمريكية في الشرق
الإبقاء على الحرب الأهلية السورية في الداخل دون غلبة لأحد وضمان عدم تمدد مناطق نفوذ ( ما يسمى بالمعارضة السورية ) من خلال الضامن التركي ، مع ضمان حدود آمنة لتركيا والقضاء المبرم على الفصائل الكردية
الإبقاء على الحرب الأهلية في اليمن لضمان  استنزاف اقتصاد دول الخليج ( من جانب ) وايران ( من جانب آخر)

ماهي المكاسب التي تحققت من مقتل قاسم سليماني

اسكات الأصوات المعارضة والجام الحراك الشعبي في كل من
ايران
العراق
لبنان
وبذلك ضمنت ايران استمرار نفوذهاوسيطرتها على الداخل الايراني وسيطرتها على الشارع السياسي في العراق ولبنان ( مع الابقاء على مصالح امريكا الاقتصادية وضمان وجود القواعد العسكرية في كل من العراق وشرق سوريا لحماية مصالحها
وقف نزيف الاقتصاد الايراني من خلال ابرام اتفاق نووي جديد يعيد التوازن ( نوعا ما ) للاقتصاد الأيراني
ضمان نجاح ترامب في الدورة الانتخابية المقبلة لتسجيله رباعية في مرمى الخصم
وتلك الرياعية تجلت في
1- تصفية البغدادي ( داعش ) والقضاء المبرم على تنظيم داعش ( والذي تمدد في السابق بمباركة أمريكية)
2- تصفية قاسم سليماني ( الحرس الثوري الايراني )
3- ابرام اتفاق نووي جديد مع ايران مع ضمان توقف البرنامج النووي الأيراني وتحقيق مكاسب أكبر من سابقتها ضمن بنود الاتفاق الجديد
4- حقق ترامب مكاسب خيالية من خلال الإتفاقيات التي أبرمها مع دول الخليج مع التلويح بتلك العصا السحرية ( والتي تسمى بايران )
في النهاية اقول
انها صفقة عظيمة أبرمت بليل بين أيران والولايات المتحدة الأمريكية
وتبقى الولايات المتحدة (على العموم )ودنالد ترامب (على الخصوص) ، الرابح الأكبر في هذه الصفقة