اختلف «المجلس والإخوان».. فاستيقظ الشعب

عثمان محمد علي   في الجمعة ٢٥ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً


اختلف «المجلس والإخوان».. فاستيقظ الشعب

  بقلم   محمد البرغوثى    ٢٥/ ١١/ ٢٠١١

لا أعتقد أبداً أن المصادفة هى التى وضعت «خطاب المؤامرة» على ألسنة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقيادات جماعة الإخوان المسلمين لتفسير ما يحدث فى ميدان التحرير وغيره من ميادين كل محافظات مصر.

ولا أعتقد أيضاً أن «المصلحة الوطنية» هى التى وضعت المجلس العسكرى والإخوان فى خندق معاداة الموجة الثانية من الثورة، باعتبارها مؤامرة تستهدف تعطيل الانتقال السلمى الديمقراطى عبر الانتخابات، كما لا أظن إطلاقاً أن المجلس والإخوان - وقد توحدا فى الرأى والرؤية - سينعمان طويلاً بهذا التحالف الغريب ضد الشعب.

والحاصل أننا أمام «سلطتين»، كل منهما لديها قناعة نهائية بأنها صاحبة فضل كبير فى إنجاز الثورة والإطاحة بالرئيس السابق وبعض كبار رجاله، فالمجلس العسكرى لا يتوانى لحظة واحدة ولا يترك فرصة إلا ويذكّرنا بأنه «لم يطلق رصاصة واحدة على الثوار»، وبأنه اختار الوقوف فى خندق الإرادة الشعبية وقرر حماية الثورة، وأنقذ الشعب من المصير المهلك الذى تتعرض له الشعوب الشقيقة فى ليبيا واليمن وسوريا.. وقد عثر «المجلس العسكرى» على مئات الكتّاب والمذيعين والمحللين الذين أطنبوا فى تعداد مآثر المجلس ودوره فى نجاح الثورة.

أما الإخوان - الذين أصدروا بياناً رسمياً يوم ٢٤ يناير الماضى أكدوا فيه أنهم لن يشاركوا فى مظاهرات ٢٥ يناير، ثم سارعوا بعد ذلك إلى ركوب الميادين تمهيداً لاختطاف الثورة - فقد أهلكونا بطوفان من الحكايات والأساطير التى ألقت فى روع كثيرين بأنهم كانوا القوة الحاسمة فى نجاح الثورة.

واعتبروا هذا الأمر بدهية، استندوا عليها فى كل تصرفاتهم، واستمدوا منها «سلطة» تضارع سلطة المجلس العسكرى.

نحن إذن أمام سلطتين: واحدة عسكرية والثانية دينية، كل منهما تستمد شرعيتها من دورها فى الثورة، وكل منهما تراقب تصرفات السلطة الأخرى، وكل منهما تدير معركة خفية مع الأخرى، وكل منهما لديها الاستعداد ذاته للتفاوض والتنازل عن مطلب هنا فى مقابل الحصول على مكسب هناك، وقد لاحظ المراقبون فى أحيان كثيرة أن منطق «الصفقة» كان وارداً بين السلطتين، وأن نية «الغدر» كانت ومازالت حاضرة فى أذهان الفريقين.

على هذه الأرضية، جاءت وثيقة المبادئ الدستورية التى طرحها الدكتور على السلمى قبيل انتخابات مجلس الشعب، وفى ظنى أن الإخوان كانوا على استعداد للتغاضى مؤقتاً عن المواد الخاصة بالجيش والمجلس العسكرى فى الوثيقة، إذا لم تتدخل فى تحديد معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، والغالب أن الإخوان رفضوا الوثيقة جملةً وتفصيلاً، لأنها أعطت المجلس العسكرى وضعاً يجعله فوق كل السلطات، ولم تمنح القوة الغالبة فى الانتخابات وضعاً مماثلاً يعطيها الحق فى تشكيل لجنة وضع الدستور على هواها.. وبما أن الإخوان كانوا على يقين بحصد الأغلبية البرلمانية، فقد اعتبروا الوثيقة نوعاً من الغدر المبكر، دفعهم إلى استعراض قوتهم فى مليونية ١٨ فبراير التى انتهت بتراجع المجلس عن «إلزامية» الوثيقة واعتبارها مجرد مبادئ استرشادية.

ولأن السلطتين لا تلعبان وحدهما فى الساحة، فقد انتهى الصراع بينهما بدخول الطرف الأصيل إلى ساحة الملعب، وانتزع منهما الشرعية الوهمية التى تاجرتا بها طويلاً، وقلب الطاولة بما عليها من مصالح وأطماع ومؤامرات، وعاد الشعب إلى ميادينه قابضاً على جمرة الثورة، وإذا بالأقنعة تسقط وتظهر الوجوه على حقيقتها: المجلس يعادى الثورة ويقمعها بوحشية غير مسبوقة، والإخوان يدعون الشعب إلى عدم النزول للميادين، ثم يسارعون إلى إرسال بعض قياداتهم لحجز مكان فيها، فيتعرضون فوراً للسب والضرب والطرد من الميدان.

إلى أين المسير إذن؟ المجلس يدعو إلى الانتخابات، والإخوان يواصلون الدعاية الانتخابية لاختطاف الأغلبية فى البرلمان، والدماء تسيل، والأرواح تزهق فى الميادين.. فمن سينتصر؟ انتهازيو السياسة وتجار الدين وطالبو كراسى البرلمان، أم أن دماء الشهداء الأبرار ستغسل هذا الوطن وتكنس كل هذا العفن من طريق الثورة؟!

اجمالي القراءات 9007
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ٢٧ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62367]

إلى أين المسير

التحية لكاتب المقال ونحن  نتفق معه نتساءل معه  :  "إلى أين المسير إذن؟ المجلس يدعو إلى الانتخابات، والإخوان يواصلون الدعاية الانتخابية لاختطاف الأغلبية فى البرلمان، والدماء تسيل، والأرواح تزهق فى الميادين.. فمن سينتصر؟ انتهازيو السياسة وتجار الدين وطالبو كراسى البرلمان، أم أن دماء الشهداء الأبرار ستغسل هذا الوطن وتكنس كل هذا العفن من طريق الثورة؟! "


2   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   الأحد ٠١ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[63525]

ولا حياة لمن تنادي!

 من يستجيب لنداء كل مكلوب في شعب مصر هل المجلس العسكري برصاصه و غازاته ام الثوار بدمائهم و شهدائهم ام الجماعة التي تسعي لكرسي البرلمان رغم كل شئ ام السلف الذين يسعون لانهيار كل معاني الحضارة و الرقي من يستطيع ان ينقذك يا مصر من ! حقا  لقد حفظكي الله سبحانه و تعالي في كثير من الحروب و الازمات و لكن اعتقد ان هذه المرة هي التامة الكبري حسبي الله و نعم الوكيل!


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق