رقم ( 3 )
الفصل التمهيدى : عن ضعف البشر

ضعف البشر الجسدى في لمحة عامة  

كتاب ( ضعف البشر ) 

 أولا:  قال جل وعلا : :( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) النساء):

مقالات متعلقة :

1 ـ خالق البشر هو الأعلم بهم ، قال جل وعلا : (  أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) الملك )، وقد أخبرنا إنه خلق الانسان ضعيفا، فالضعف هو الأصل في الانسان.  

2 ـ قال جل وعلا : (  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) الروم ). ونلاحظ الآتى :

2 / 1 : بداية الانسان هي الضعف ، ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ  ) من الولادة والطفولة الى أن يتحول الضعف الى قوة ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ) . كلمة ( قوة ) جاءت بلا ألف التعريف ، أي جاءت ( نكرة ) أي قوة نسبية  ، ثم تضمحل القوة ويعود الانسان في شيخوخته الى الضعف ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ) . 

2 / 2 : هذه القوة النسبية الواقعة بين فترتى ضعف تحمل داخلها ضعفا ، ففيها يتعرض الانسان الى المرض ، وتهزمه مخلوقات غاية في الضآلة والضعف : ميكروب أو بكتيريا أو حشرة أو فطر . وبدون المرض فقوته محدودة يجب ألا يغتر بها ، وتعبير ( الفرح والمرح ) في القرآن يعنى الغرور ، قال جل وعلا :( وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) الاسراء  ) 

2 / 3 : نتعرف هنا عن الفرق بين ( خلق ) و ( جعل ). فالخلق هو البداية ثم يعقبه ( الجعل ) كقوله جل وعلا : (  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) الانعام ) وهنا فالله جل وعلا وعلا خلقنا من ضعف ، وهو الأصل ، ثم تأتى مرحلة قوة نسبية ( جعلها ) الله جل وعلا ( قوة ) نسبية ثم تأتى مرحلة ( جعلها ) الله جل وعلا عودة للضعف . 

2 / 3 : الاستعمال هنا في حروف العطف ليس بالواو وليس بالفاء . الواو في العطف تفيد التبيين والمصاحبة ، كقولك ( جاء محمد وأبوه وأخوه ) . و ( الفاء ) في العطف تفيد الترتيب السريع ، كقولك ( جاء محمد فأخوه فأبوه ) . أما ( ثم ) فتفيد الترتيب مع التراخى ومرور زمن ، كقولك ( جاء محمد ثم أبوه ، ثم أخوه ) . هنا جاء استعمال ( ثم ) : ( خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ). 

2 / 4 : إرتباط ضعف الشيخوخة بالمشيب ، مفترقا عن ضعف الطفولة : (  ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً  )

2 / 5 : هي  إرادته جل وعلا ومشيئته في خلقنا ، وهى مشيئة مرتبطة بعلمه جل وعلا وقدرته : ( وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) . 

3 ـ وهناك المشترك بين ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة:

3 / 1 : فالطفل يولد لا يعلم شيئا والانسان الطاعن قد يفقد ذاكرته ويصيبه الزهايمر .

3 / 1 / 1: عن الطفولة قال جل وعلا : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) النحل ) 

3 /1 /  2 : وعن الشيخوخة وأرذل العمر قال جل وعلا : 

3 / 1 / 2 / 1 : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) النحل )

3 / 1 / 2 / 2 :  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) (5) الحج ) . كان لديه علم وذاكرة ، أصبح لا يعلم من بعد علم شيئا . 

3 / 2 : ليست للطفل قدرة جنسية . ومن يصل الى أرذل العمر يفقد قدرته الجنسية ، ولا يستطيع الإنجاب . جاء هذا في قصص :

3 / 2 /  1 : إبراهيم عليه السلام وزوجه : ( قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) الحجر ) ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود )

3 / 2 / 2 : زكريا عليه السلام : ( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) آل عمران) ( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً (8) مريم ) 

4 : وهناك المختلف بين الطفولة وأرذل العمر مع اشتراكهما في الضعف : 

4 / 1 : فالطفل في ضعفه غاية في الجمال ، جسده بضُّ ليّن . ينطبق هذا على عظامه فليست متيبسة كمن يبلغ أرذل العمر . 

4 / 2 : أما في الشيخوخة ، ففيها : 

4 / 2 / 1 : الشيب مع الضعف ، قال جل وعلا : (  ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً (54) الروم ). 

4 / 2 / 2 : والشيب يشتعل من أسفل زاحفا الى أعلى ، قال زكريا يشكو ألم المفاصل ووهن العظام وهشاشتها : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4) مريم )

4 / 3 : يفقد الانسان نضارته وجماله في وجهه وجسده . يمتلىء وجهه بالتجاعيد ، ويمتلىء جسده بالترهلات والأخاديد ، وتصبح في الجسد الواهن سوء توزيع  . قال جل وعلا : ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68) يس ). قارن بين صور حسناوات الفن في شبابهن وفى شيخوختهن .  

ثانيا : الضعف الجسدى في ضرب الأمثال وعظا 

1 ـ  رجل جعل هدفه زخرف الدنيا ، كافح حتى صار له مال . إشترى أرضا بورا ، أصلحها ، وبعد عناء صارت مزرعة  بنهر يشقها ، وزرع فيها أصنافا من نخيل وأعناب . ثم تذكر أنه لم يتزوج وقد أشرف على الستين . تزوج وأنجب مجموعة من الأطفال . ثم احترقت مزرعته وأصبحت أكواما من التراب والدخان . نظر حوله فوجد خرابا ، نظر الى نفسه فوجد ضعف الشيخوخة ، نظر لأطفاله فوجد ضعف الطفولة . مع هذا الضعف هل يستطيع أن يعيد الخُضرة الى مزرعته . هذا مستحيل فقد وصل الى مرحلة الصفر. هذا هو مثل للإنسان الذى يفنى حياته يريد الدنيا وزينتها غير عابىء بالعمل للآخرة وجنتها . مهما جمع وأوعى فسيموت ويواجه الصفر ، فالموت صفر ، ولو ترك بلايين الأموال فهى مضروبة في صفر ، ونتيجتها صفر . ما أروع هذا المثل الذى ضربه لنا رب العزة جل وعلا ، قال يخاطبنا مباشرة متسائلا : ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) البقرة ). فهل نتفكّر ؟ أم على قلوب أقفالها ؟

2 ـ هناك أغلبية ساحقة من البشر تعبد وتقدس آلاف القبور وآلاف الموتى . هذه الآلهة المزعومة ( مثل المسيح ومحمد والحسين ..الخ ) يعجزون وهم موتى وحتى في حياتهم عن خلق ذبابة ، بل هم أضعف من ذبابة ، لأن الذبابة تصيبهم بالأمراض ، ويحاول البشر في أوج تقدمهم العلمى هزيمة الذباب ، دون جدوى . بل لو سلبهم هذا الذباب الضعيف قطعة من السكر فلن يستطيعوا استرجاعها ، لأن الذباب يبادر بهضم قطعة السكر قبل أن تدخل أحشاءه ، أي بمجرد أن يستحوذ عليها لا تكون سكرا ، بل تتحلل وتتحول الى عناصر السكر ، وبسرعة لا يستطيع معها الانسان استنقاذها منه ، فكيف بالآلهة المزعومة التي هي اشد ضعفا من الذباب . ما أروع قوله جل وعلا :  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج ) 

أخيرا 

في موضوع الخلق هناك أسئلة وجهها رب العزة جل وعلا للحيوانات البشرية المخلوقة التي تعبد وتقدس بشرا مخلوقا مثل المسيح ومحمد والحسين وبوذا ..الخ ..وأمرنا ربنا جل وعلا أن نوجهها للحيوانات البشرية المخلوقة التي تعبد وتقدس بشرا مخلوقا مثل المسيح ومحمد والحسين وبوذا ..الخ. قال جل وعلا  :

  1 : ( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) الرعد  ). الله جل وعلا وحده هو رب السماوات والأرض وهو خالق السماوات والأرض ، فهل خلق ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) بعض البشر فأصبحنا لا نميز بين من خلقهم الله جل وعلا ومن خلقهم ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..). لقد وصف رب العزة المجرات والثقوب السوداء والبيضاء بأنها ما بين السماوات والأرض. وتقديرات عدد هذه المجرات ــ حتى الآن ــ ببلايين البلايين . فهل خلق بعضها ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..). وهل أصبح العلماء في حيرة لا يستطيعون تمييز ما خلقه الله جل وعلا وما خلقه ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..). ؟  

2  : ( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر ). هل زعم ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) ؟ 

3 : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) الطور ) هل هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) مخلوقة من خالق غير الله جل وعلا ؟ أم هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) خلقت نفسها وغيرها ؟

4   : هذه السماوات وبجاذبيتها وما فيها من عجائب ، وهذه الأرض وما فيها من جبال جعلها الله جل وعلا رواسى لها ، وهذه المياه التي بها ينبت النبات ..,هل خلقتها هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..)؟

5 ـ (  نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) الواقعة ) . هل هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) خلقت المنىّ الذى كان يخرج منها ؟ 

6 ـ هل هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) كانت موجودة حين خلق الله جل وعلا السماوات والأرض ؟ بل هل كانت موجودة حين خلقها الله جل وعلا من لا شىء : ( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (51) الكهف   )

7 :  هل هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) تزعم ملكية مثقال ذرة في السماوات والأرض ؟ إسألوهم لو كانوا ينطقون : (  قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)  سبأ )

8 ـ ثم هذا السؤال : أرونى : 

8 / 1 : أرونى ماذا خلقت هذه المخلوقات : ( المسيح أومحمد أوالحسين أو بوذا ..الخ ..) : قال  جل وعلا :

8 / 1 / 1 : ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)   لقمان ). 

8 / 1 / 2 : (   قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (40) فاطر  ) 

8 / 1 / 3 : (  قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)  الاحقاف ) 

8 / 2 : بل هذه الآلهة المزعومة التي تقدسونها أطراف الليل وآناء النهار وتحجون الى قبورها وأوثانها .. أرونى هذه الآلهة لآراها رأى العين . (  قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)  سبأ ) 

8 / 3 : في أحلام اليقظة فقط ، وحرصا على حياتك ، تخيل نفسك أمام قبر مقدس لهذه المخلوقات وانت تقول لمن يطوف بها متوسلا : أرونى هذا الذى تعبدون ؟ 

قال جل وعلا : (  أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44)  الفرقان ). 

ودائما : صدق الله العظيم .!!



  لُطف الله جل وعلا بضعف البشر  

مقدمة 

1 ـ  خلق الله جل وعلا الانسان ضعيفا ، قال جل وعلا : ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) النساء )، ولأنه جل وعلا هو الأعلم بما خلق فقد كان بالإنسان لطيفا خبيرا . قال جل وعلا : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) الملك ).هنا يرتبط لُطفه جل وعلا بعلمه وخبرته بخلقه . نتدبر هنا قرآنيا لطف الله جل وعلا بالبشر وقت ضعفهم .

أولا : الانسان الضعيف مذبذب فليس من المؤمنين الذين يعملون الصالحات . 

1 ـ  قال جل وعلا : (  إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) المعارج  ) 

1 / 1 ـ هم فقط المؤمنون الذين يداومون على الصلاة ويقدمون زكاة أموالهم مؤمنين بيوم الدين الذى يملكه ويتحكم فيه رب العالمين وحده ، ويخشون عذاب النار ، ويحافظون على عفّتهم ويحفظون أماناتهم وعهودهم ويقومون بالشهادة صادقين . بذلك يجمعون بين أداء الصلوات الخمس يوميا والحفاظ عليها . ومصيرهم الجنة . 

1 / 2  ـ هم مؤمنون بقضاء الله جل وعلا وقدره المحتوم ، فإذا أصابتهم مصيبة من الخير أو من الشّر صبروا وشكروا ، وهم يعلمون أن حتميات القضاء مقدرة سلفا ، لذا لا يحزنون ولا يفرحون بل هم لربهم جل وعلا يشكرون . قال جل وعلا :( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد  ) 

1 / 3 ـ غيرهم الذين لا يخشون الله جل وعلا موصوفون بالهلع عند أي كارثة والجزع عند أي مصيبة والبخل والمنع إذا أختبرهم الله جل وعلا بالنعمة . 

2 ـ هؤلاء يتذبذب إيمانهم بربهم جل وعلا حسبما يحدث لهم : 

2 / 1 : إن إختبرهم الله جل وعلا بالنعمة فرحوا وإن إختبرهم بالنقمة كفروا . قال جل وعلا عن هذا الصنف من الناس : (  وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)   ) الحج )

2 / 2 : إن إختبرهم الله جل وعلا بالنعمة إعتبروها كرامة من الله جل وعلا لهم ، وإن إختبرهم بالنقمة إعتبروها إهانة من الله جل وعلا لهم . قال جل وعلا : ( فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلا هُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) الفجر ).  

2 / 3 : إن إختبرهم الله جل وعلا بالنعمة أعرضوا إستكبارا ، وإن إختبرهم بالنقمة اصابهم اليأس . قال جل وعلا :

2 / 3 / 1 : ( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوساً (83) الاسراء )

2 / 3 / 2 : ( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) فصلت ).

2 / 3 / 3 : يظل يدعو ربه يطلب الخير لنفسه ، فإذا إختبره الله جل وعلا بنقمة وقع في اليأس والقنوط ، فإذا إختبره الله جل وعلا بعدها بنعمة ورحمة كفر باليوم الآخر لأن قلبه معلّق بالدنيا فقط . وكفره باليوم الآخر بانكار كامل لليوم الآخر ، أو بصناعة يوم آخر يدخل فيه الجنة مهما أجرم . قال جل وعلا : ( لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى  ) (50) فصلت ). 

3 : بعض الناس يعلن إيمانه ، فإذا تعرض للاضطهاد بسبب إيمانه إستكثر هذا الاضطهاد كما لو كان عذابا من الله جل وعلا فارتد على عقبه . وإن جاء نصر من الله جل وعلا إعتبر نفسه سببا فاعلا في النصر . إنه الصنف المنافق الانتهازى . قال جل وعلا : (  وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) العنكبوت  )

ثانيا : على الانسان في ضعفه أن يستغيث بربه جل وعلا داعيا متضرعا 

 بمجرد أن تدعو ربك متضرعا فهو يستجيب لك بغض النظر عن مدى ايمانك ، يكفى أن تكون في حالة ضعف تجعلك تتضرع في الدعاء . قال جل وعلا : 

1 : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة ) . هنا نلاحظ :

1 / 1 : هو جل وعلا يحيب الداعى إذا دعاه ، مهما كان إيمان هذا الداعى . فلم يقل جل وعلا ( الداعى المؤمن المتقى ).

1 / 2 : لم يقل ( وإذا سالك عبادى عنى فقل لهم إنى قريب ) . ليس هنا ( قل ) ، لأنه لا واسطة بين الناس ورب الناس حتى الرسول ، فقوله جل وعلا : ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) هو خطاب مباشر من رب العزة جل وعلا اللطيف بعباده عند ضعفهم . 

2 : ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر ). . وهنا نلاحظ :

2 / 1 : إن الدعاء فريضة مستقلة . والأمر بها جاء قولا مباشرا من الله جل وعلا للبشر جميعا أن ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) وأن الذى يستكبر عن أداء هذه العبادة فمصيره جهنم : ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ). 

 2 / 2 : ولأن الدعاء عبادة فلا بد أن يكون بخشوع . والخشوع هنا يعنى أن تتضرّع لربك جل وعلا وأنت تدعوه ، إن لم تتضرع في دعائك فأنت تقع في أكبر جريمة ، وهى الاعتداء على جلال الله جل وعلا . قال جل وعلا : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف ). 

2 / 3 : نكرر ونؤكد : أنه لا بد في خطاب رب العزة جل وعلا في الصلاة والدعاء من الخشوع والخضوع والتضرع . أولئك الذين يحوّلون الدعاء الى أغان ورقص إنّما يستهزئون برب العزة ذي الجلال والاكرام . والشائع في الأديان الأرضية أنهم يتخذون الدين لهوا ولعبا . والغناء الدينى في الدعاء وفى قراءة القرآن دليل التدين عندهم ، سواء في المساجد أو عند القبور المقدسة . وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا : ( الأنعام 70 ) ( الكهف    102 : 106 ) ( الأعراف: 30 ، 51  )( الزخرف 36 : 37 )

ثالثا : لُطف الله جل وعلا بعباده عند الضعف 

1ـ مهما بلغ غرور الانسان وطغيانه فهو عند ضعفه يدعو الله جل وعلا يستغيث به تضرعا . قال جل وعلا : (  قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (63) قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)  ) الانعام ). أي يدعو عند الضعف والشّدّة تضرعا وتأوّها وخُفية ، ثم إذا استجاب له رب العزة جل وعلا عاد الى كفره وشكره وعناده . هو كافر قبل الشدة وحين كان مغرورا بقوته ، ثم حلّ به الضعف فدعا ربه تضرعا . فلما أنجاه ربه جل وعلا اللطيف الخبير عاد الى كان عليه من كفر وعناد . ينطبق هذا على كل من يتفاخر بإلحاده منكرا ربه جل وعلا . تخيل لو لم يستطع التبول ، أو لم يستطع البلع ووقفت شوكة في حلقه ؟ هل ستفاخر وقتها بإلحاده ؟

2 ـ اصعب أوقات ضعف الانسان : 

2 / 1 : عندما يقع الانسان في الاضطرار ، فيدعو ربه مضطرا . ويستجيب له الرحمن جل وعلا فيكشف عنه السوء ، وهو اللطيف الخبير القائل يعظ الناس : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (62) النمل ) . ليس غيره جل وعلا يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ، مهما كان قبلها جحود الانسان وكفره ، ومع علمه جل وعلا أنه سيعود بعدها الى كفره وعناده وجحوده .! . 

2 / 2 : وتتنوع أوقات الاضطرار ، منها 

2 / 2 / 1 : عند المرض . قال جل وعلا : 

2 / 2 / 1 / 1 : (  وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) يونس )

 2 / 2 / 1 / 2 : ( وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) الزمر ) 

2 / 2 / 1 / 3 : ( فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (49) قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) الزمر ) 

2 / 2 / 2 : عند خطر الغرق . قال جل وعلا :

2 / 2 / 2 / 1 : (  هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) يونس ) 

2 / 2 / 2 / 2 : ( وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً (67) أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) الاسراء ).

2 / 3 : مهما بلغ كفر الانسان ــ  فحسب علمنا ــ لا يصل الى كفر فرعون الذى زعم إنه ربهم الأعلى وتساءل بأنه لا يعلم لقومه إلاها غيره ، وفى أواخر حياته حشد جيشه ليطارد إثنين من الأنبياء يقودون قوما ضعافا أرادوا الفرار من ظلمه . عندما أشرف على الغرق قال : ( لا اله إلا الله ) . قال جل وعلا : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) يونس ).

أخيرا : من لُطف الله جل وعلا بضعف عباده أنه يعفو عن كثير من ذنوبهم في الدنيا فلا يعاقبهم بها 

1 ـ الموت حتمى ، وكذلك الابتلاء بالخير والشّر . قال جل وعلا : (  كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء ).

2 ـ وتأتى العقوبات بسبب ما يقع فيه البشر من أخطاء وخطايا ، أو بالتعبير القرآنى : ( بما قدمت أيديهم ) . قال جل وعلا عن :

2 / 1 :  العرب في عهد النبى محمد عليه السلام : ( وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (47) القصص  2 / 2 : المنافقين في المدينة : ( فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) النساء )

2 / 3 : عن البشر جميعا : ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) الروم )

3 ـ الاستثناء الوحيد هو لُطف الله جل وعلا إذ يعفو عن كثير . قال جل وعلا : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)  الشورى )  . 

ضعف البشر في رؤية قرآنية
هذا الكتاب خلاصة لتجربة حياة ، استخلصت منها كيف يهزم الضعيف عوامل الاستضعاف والإحباط واليأس ، وأن يواجه ظروفه الاجتماعية التي جعلته ضعيفا بعزيمة قوية ، ثم لا يكتفى بذلك بل يواجه ضعف المجتمع والناس ويواجه أكابر المجرمين من المستبدين وشيوخ الأزهر ورجال الدين .
more