هل يكون "الناتو العربي" مجرد "حماقة" جديدة من "ترامب"؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٧ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


هل يكون "الناتو العربي" مجرد "حماقة" جديدة من "ترامب"؟

يقال إن إدارة "ترامب" تدفع باتجاه تأسيس تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط. وستجري مناقشات للخطة خلال قمة من المقرر عقدها في أكتوبر/تشرين الأول مع دول الخليج العربية السنية، بالإضافة إلى الأردن ومصر.

وقد أُطلق على التحالف اسم "الناتو العربي" بشكل غير رسمي، والذي سيشمل "تعاونا أعمق بين الدول بشأن الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية".

والغرض من كل هذا هو تحدي إيران، التي تعتبرها معظم الدول تهديدا للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ولكن بالنظر إلى تعامل الرئيس مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" القائم، والحالة التي عليها الأوضاع بين الأعضاء المفترضين للناتو الجديد في الخليج، فإن هذا الحديث يظهر عدم القدرة على التعلم من الماضي، والرغبة في الرهان المستمر على حصان ميت.

فأولا، لم يكن الرئيس مغرما بالتحالفات، وبالأخص حلف "الناتو"، ويرى أن الترتيبات المؤسسية هي مجرد معوقات لتحقيق ما يريد.

ويحب "ترامب" الاجتماعات الفردية والفخمة، وإن كانت فارغة، وقد كشف اجتماعه مع شركاء "الناتو" في بروكسل، في 10 يوليو/تموز، عن افتقاره إلى معرفة تعقيدات بناء التحالف.

وأدى سلوكه هناك إلى إضعاف المنظمة تماما، قبل لقائه بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، الذي قضى حياته المهنية في محاولة تمزيق الدفاعات الغربية.

وهكذا، فإن الحلفاء العرب الذين يعتقدون أنه يمكن الاعتماد عليه في المساعدة على إنشاء منظمة مماثلة لتلك التي كانت تعيش في المحيط الأطلنطي، من الأفضل أن يحرروا أنفسهم من هذه الأسطورة.

ثانيا، الدعوة إلى إقامة تحالف شبيه بـ"الناتو" في العالم العربي يتجاهل بشكل صارخ وجود الخلاف الحالي من قبل أعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر ضد قطر.

وفي مناخ الحصار والعزل القسري لقطر من قبل جيرانها المباشرين، من الصعب أن نرى كيف يمكن التعاون بشأن الدفاع المشترك، مثلما تقول المادة 5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تنص على أن الهجوم على أي عضو هو هجوم على الجميع.

فهل ستأتي السعودية إلى مساعدة قطر إذا تعرضت للهجوم بينما تعمل المملكة على حفر قناة تفصل بينها وبين قطر على الحدود المشتركة؟

وعلى نفس المنوال، لماذا تدافع الإمارات العربية المتحدة عن قطر إذا كانت قد رعت، في يونيو/حزيران 2017، اختراق وكالة الأنباء القطرية، ونشرت معلومات ضارة بالقضية المشتركة لمجلس التعاون الخليجي؟

وثالثا، تتجاهل الدعوة حقيقة أنه من غير المرجح أن تكون سلطنة عمان طرفا في معاهدة معادية لإيران، ليس لأنها توافق على الأنشطة الإيرانية، بل لأنها اتبعت استراتيجية للانفتاح على الجمهورية الإسلامية والتوسط بينها وبين الدول الأخرى، وعلى الأخص الولايات المتحدة.

وبالمثل، فإن الكويت، التي التزمت بدورها في الوساطة في شؤون مجلس التعاون الخليجي كدعامة لسياستها الخارجية لضمان المصالح المشتركة للمجلس، لن تتخلى في نفس الوقت عن التواؤم في الشؤون الإقليمية، أقلها بالنسبة لإيران.

ومع وجود ٣ دول خليجية، وهي قطر وعمان والكويت، إما غير مقبولة من قبل الآخرين، أو خارج التحالف السني المفترض، فقد يكون إنشاء تحالف موحد مهمة شبه مستحيلة.

وأخيرا، كيف يمكن تأسيس التحالف الشبيه بـ"الناتو" إذا لم يكن الرئيس "ترامب" موثوقا فيه بالبقاء على رأيه فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية.

فلقد قام الرئيس بتغيير جذري في موقفه المتشدد المعلن نحو إيران، على ما يبدو من دون التشاور مع مساعديه، ووزارة الخارجية والدفاع، أو مجلس الأمن القومي.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي "جيوسيبي كونتي"، في 30 يوليو/تموز، قال الرئيس إنه سيكون مستعدا للقاء القادة الإيرانيين في أي وقت، دون شروط مسبقة.

وكان قبل بضعة أيام فقط، قد نصح الرئيس الإيراني "حسن روحاني" بازدراء في تغريدة بأن يكون حذرا في التعامل مع الولايات المتحدة، مهددا بعواقب وخيمة.

كما كان الرئيس فخورا بانسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وقد وجه إدارته لتشديد العقوبات السابقة وفرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية، فضلا عن معاقبة الدول والشركات الأجنبية التي تتعامل معها.

وبالإعلان عن هذا، قد يكون الرئيس قد أفقد كل الحديث عن تأسيس تحالف أمني شبيه بالناتو في الشرق الأوسط المضمون والمنطق.

وتكره المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أي خطاب يتحدث عن التطبيع مع إيران أو المضي في اتجاه استيعابها.

وعلى الرغم من التزام الرئيس السابق "باراك أوباما" بأمن حلفاء أمريكا في مجلس التعاون الخليجي، ومبيعات الأسلحة المستمرة، فسرعان ما انقلبوا عليه عندما بدأت إدارته في التفاوض السلمي مع إيران بسبب برنامجها النووي.

وقد أدت هذه المفاوضات إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، التي كانت أفضل ضمان لسلامتهم وأمنه، لكنهم ما زالوا يعتبرونه قد تخلى عنهم.

والآن، حتى إذا ما غير "ترامب" رأيه مرة أخرى وأكد من جديد موقفه السابق بشأن إيران، فإنه ليس من الحكمة أن يضعوا ثقتهم الكاملة عليه مرة أخرى في هذا الشأن.

اجمالي القراءات 1367
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق