داعش 2».. هل وُلدت دولة جديدة لخلافة مزعومة؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٨ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصر العربيه


داعش 2».. هل وُلدت دولة جديدة لخلافة مزعومة؟

من مواطن الثروة والثورة يواصل التنظيم اللغز إطلاق أحجياته في كل اتجاه بلا ناظم سياسي مفهوم ولا ملامح محسومة لخصم أو صديق".. ظلّ تنظيم الدولة (داعش) في السنوات الأخيرة، أكثر ما يحيّر العالمين، شرقًا وغربًا، شمالًا أيضًا وجنوبًا.

ومع خسائره الهائلة في سوريا والعراق، اللتان أعلن منهما "دولة خلافته" المزعومة، انتقل اللغز إلى أين المفر؟، أين يتوجه عناصر التنظيم بعد فرارهم من مناطق سيطرتهم؟، كيف سيكون مستقبل المنطقة.

أجابت صحيفة "هآرتس" على السؤال، إذ قالت نصًا: "هزيمة داعش وسقوط الخلافة التي أقامها التنظيم في سوريا وشمال العراق تمهّد الطريق أمام عصر جديد، تسميه الاستخبارات الإسرائيلية النسخة الثانية من داعش أو داعش 2".

وضعت الصحيفة هذا الطرح بينما كانت تعلق على حادث الروضة الإرهابي، الذي استهدف مسجدًا بمدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، وأسقط 305 شهداء ونحو 130 جريحًا، بعضهم في حالاتهم حرجة.

تقول "هآرتس" إنّ انهيار مدينة الرقة السورية ومدينة الموصل العراقية أسفر عن تحول حاد في تكيتكات تنظيم داعش في سيناء، 

وأضافت أنّ النسخة الجديدة لم تعد تسيطر بوضوح على منطقة محددة، بل هي "خلافة افتراضية"، يجند فيها التنظيم المتطرفين الشباب عبر الإنترنت، وفي الدول الغربية أيضًا، من أجل تنفيذ هجمات، بينما يستفيد من صحراء سيناء الشاسعة، كما أشارت إلى ضم التنظيم بالفعل إلى صفوفه محاربين مخضرمين من معاركه في سوريا والعراق، وهي الظاهرة التي قد تزيد في الأشهر المقبلة.

لكنّ الحديث عن "انتشار كبير" لتنظيم الدولة في سيناء، أسوةً بما تمّ في سوريا والعراق، يرتبط إلى حد بعيد بالمواجهة المصرية للعناصر المتطرفة على أراضيها.

تخوض مصر مواجهةً على ثلاثة أصعدة، الأول من الشرق (ليبيا) وهناك تحقق نجاحات واضحة في ضبط وتصفية العديد من التكفيريين أثناء محاولات اختراق - كما تتحدث البيانات الرسمية، وكذا في "الوادي" وهي تشهد علميات أقل حدة بفعل الضبط الأمني إلى حد ما لكنّه لم يمنعها بشكل تام،  والصعيد الثالث هو سيناء.

الصعيدان الأول والثالث يجمعهما تمدد الحدود والصحراء بشكل يصعّب من المهام الأمنية، فضلًا عن وجود مدنيين في سيناء يجعل من الصعوبة بمكان الحد من الخسائر على نحوٍ يُقارن مثلًا بالوضع عند الحدود الشرقية.

تشير صحيفة "هآرتس" إلى اندهاش إسرائيل مما أسمته "فشل" المصريين، رغم ما تحصل عليه القاهرة من مساعدات كبيرة من تل أبيب، لا سيّما في الجانب الاستخباراتي واستخدام الطائرات بدون طيار ضد معاقل تنظيم "الدولة".

وقالت أيضًا إنّ الولايات المتحدة تشاطر إسرائيل هذه الدهشة والإحباط، إذ ألمحت واشنطن للمسؤولين المصريين في مناسبات عدة بعدم جاهزية قوات الأمن المصرية وأنّ التنبؤ بتحركاتها ممكن.

وتتعجب "هآرتس": "بعد قتال متواصل في السنوات الأخيرة مع فرع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المعروف باسم ولاية سيناء، من الصعب فهم كيف سمح المصريون لنحو أقل من 1000 مسلح بتنفيذ كل هذه الهجمات المميتة".

وترى الصحيفة: "عند القتال ضد مجموعات الإرهاب وحرب العصابات، تكون هناك حاجة إلى إجراءات أسرع، يجري الجمع فيها بين المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وقوات العمليات الخاصة، ولا يزال المصريون بعيدين للغاية عن استخدام تلك الوسيلة التي تشبه الطريقة التي تقاتل بها إسرائيل المجموعات الإرهابية".

ولأنّ هجوم الروضة كان فتاكًا ودمويًّا على نحو غير مألوف، فإنّ الحديث بات عن تعاون أكثر بين قوات الأمن والقبائل هناك لمكافحة الإرهاب بشكل أقوى، يمنع تكرار مثل هذه المآسي الإنسانية.

وتقول صحيفة "الحياة" إنّ قيادات قبائل شمال سيناء كثّفت اتصالاتها مع المسؤولين للوصول إلى رؤية مشتركة حول الدور الذي ستمارسه في الحرب على الإرهاب في أعقاب "مجزرة المسجد".

كما تحدثت مصادر أمنية أنّ الضحايا في الهجوم بغالبيتهم، ينتمون إلى قبيلة السواركة، وهي القبيلة ذاتها التي يتحدر منها مؤسس فرع "داعش" في سيناء توفيق فريج زيادة، الذي قُتل في وقت سابق، ثمّ خلفه في قيادة التنظيم شقيقه محمد فريج الذي قتل أيضًا في مواجهة مع الأمن، كما يتحدر من القبيلة ذاتها شادي المنيعي أحد أبرز قياديي التنظيم وكمال علام وآخرون.

الناطق الإعلامي باسم قبائل سيناء الشيخ عبدالمنعم الرفاعي قال إنّ اتصالات تتم بين القبائل والأجهزة الأمنية في الدولة، لكن لن يتم إعلان نتائجها، وأضاف: "ما يمكن التصريح به أنّ القبائل تساند القوات المسلحة في الحرب على الإرهاب، والآن في كل مدرعة واحد من بدو سيناء من كل القبائل لتقصي أثر التكفيريين القتلة في الصحارى والجبال". 

ولفت الرفاعي إلى أنّ الاتصالات بين القبائل مستمرة ولا تنقطع، وكذلك التنسيق مع الأجهزة الأمنية.

كما أكّد أحد قياديي قبائل سيناء أنّ الاتصالات التي تتم بين شيوخ القبائل تتسم بمقدار عالٍ من السرية، وستصدر عنها قرارات في غاية الأهمية، كما تم الاتفاق على عدم عقد اجتماعات علنية بين شيوخ القبائل خشية استهدافهم أو اختراق إجراءات تأمينهم، لافتًا إلى أنّ قبائل سيناء تعيش صدمة نتيجة الهجوم، أوصلتها إلى أقصى حد من الاحتقان الذي أصبح يتطلب تحركًا عاجلًا، ومساعدة من أجهزة الدولة لمنح القبائل فرصة للمساعدة.

الاعتداء الإرهابي العنيف أشارت كل الدلائل - حسب وكالات أنباء دولية - إلى أنّ الاعتداء نفذته عناصر من تنظيم "الدولة"، المعروفون بـ"ولاية سيناء"، مع أنّه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها بعد.

جماعة "جند الإسلام" التابعة للقاعدة تبرأت من الهجوم، بينما يرجع الخبراء تأخر "داعش" في إعلان مسؤوليته إلى تعمده الصمت لزيادة التأثير الدرامي، أو لما يلاقيه التنظيم من صعوبات في الاتصال مع تزايد الضغوط التي يواجهها جراء الضربات الأمنية المتكررة.

هذا الهجوم يحمل احتمالين، فهو إما مؤشر على تمدد أكبر ورسالة تصعيد من تنظيم "الدولة" أو دليل على فشل التنظيم في الفترة الأخيرة.

وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن الخبير الغربي أوديد بركويتز أنّ هذا الهجوم من نواحٍ كثيرة يكشف حالة اليأس التي يعانيها عناصر التنظيم بسبب الفشل المتكرر بشنّ هجوم كبير في منطقة رفح مؤخرًا، بالمقارنة مع سهولة مهاجمة هدف غير مؤمن في منطقة بئر العبد كمسجد الروضة، بعيدًا عن الخطوط الأمامية المحصنة.

ويضيف أنّ عناصر التنظيم تحتاج إلى دعم السكان المحليين للوجود (نفس الحال في كل مكان في العالم)، وهو ما تمكنت من تأمينه في سيناء، بسبب الكراهية المشتركة للحكومة، وقد تغيّر ذلك منذ مارس الماضي، عندما بدأ "التمرد" من قبل البدو المحليين على التنظيم.

ويعتبر "بركويتز" أنّه في ظل سقوط الضحايا من البدو من غير الصوفية المستهدفين في هجوم الروضة، فإنّ هذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية ضد تنظيم "الدولة".

العديد من التساؤلات فُرضت بشأن مستقبل التنظيم، ومآل عناصر التي فرَّت من القتل أو الاعتقال سواء في سوريا أو العراق.

تنظيم "الدولة" ربما يجد نفسه أمام عدة خيارات، وهي أن يحل نفسه وبخاصةً بعد خسارته مناطق سيطرته وعائداته ومصادر الدخل التي كان يعتمد عليها في إدارة دولته.

الخيار الثاني أن يطوِّر التنظيم عمليات "الذئاب المنفردة"، التي أطلقها قبل نحو عامين، بأن يعتمد على خلايا تنفِّذ سلسلة هجمات مشابهة لما مارسه تنظيم "القاعدة".

الخيار الثالث أن يذهب التنظيم إلى الولايات كما سرت أو سيناء أو طبرق أو باكستان أو خرسان بأفغانستان وغيرها.

الخيار الرابع،،أن ينضم عناصر التنظيم إلى "القاعدة"، فيما محاولة ربما لإعادة تنظيم أنفسهم من جديد، ولا يُستبعد العودة مرة أخرى وتحت مظلة مشابهة في المضمون، مختلفة في المحتوى.

وفيما يتعلق بالطرح الأخير، كانت صحيفة "واشنطن بوست" قد ذكرت أنَّ حمزة، نجل زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، يسير على خطى والده مع سعي "القاعدة" للعودة للبروز على الساحة مرة أخرى.

الصحيفة تحدثت - في يوليو الماضي - عن تسجيل صوتي لـ"حمزة "، دعا فيه إلى شن هجمات على من أسماهم "غير المؤمنين"، وأشارت إلى أنَّ التسجيل كان واحدًا من سلسلة من التصريحات الأخيرة للرجل الذى يعتبره الكثير من خبراء الإرهاب ولى عهد شبكة القاعدة العالمية.

وتقول "واشنطن بوست": " حمزة بن لادن ليس جديدًا على عالم الإرهابيين، فتتويجه كقائد إرهابى كان يجرى على الأقل منذ عام 2015، عندما قدم زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى رسالة بالفيديو باعتباره أسد من عرين شبكة بن لادن الإرهابية، لكن فى الأشهر الأخيرة تم الترويج له كنجم صاعد فى المواقع الموالية للقاعدة، مع بث تسجيلات صوتية له تدعو أتباعه إلى شن هجمات أو تعليق على أحداث حالية".

وبالنظر إلى بدء ظهوره، فإنَّ تنظيم "الدولة" كان ممثل "القاعدة" في العراق وعمل تحت حمايتها، ونفذ عمليات عنيفة كثيرة مثل الانتحار والاختطاف والإعدام، لكن دون تنسيق مع "القيادة"، الأمر الذي أدى إلى خلافات أدت لاحقًا لانفصال التنظيمَين.

 

وفي تلك الفترة، صدر عن تنظيم "الدولة": "القاعدة باتت تنحرف عن مسارها النزيه ولم تعد قاعدة الجهاد العالمي"، بينما قال تنظيم القاعدة إنه ليست هناك علاقة مشتركة مع "داعش" بها وطلبت بعدم التعاون أبدًا معه.

لكن ما يلفت الانتباه أيضًا هو الاختلاف بين التنظيمين، فتنظيم "القاعدة" لا يملك جيشًا نظاميًّا، لكن يعرف عن قادته وعناصره الاختباء والعمل شكل خلايا وفروع.

أمّا تنظيم "الدولة"، فكان يطمح منذ نشأته "الأولى" إلى إقامة كينونة سياسية مستقلة، التي هي دولة بحد ذاتها، وأن يفرض عليها نظام شريعة متشدد جدًا في كل مدينة يحتلونها.

كما أن تنظيم "القاعدة" يضع شروطًا لانضمام المقاتلين في صفوفه، ويخضعهم لاختبارات الخلفية الدينية والولاء بناءً على التطرف الفكري الممنهج كما تدريبات عسكرية قاسية، بينما يضم تنظيم "الدولة" إلى صفوفه كل من بايع زعيمه، سواء ممن أقلع حديثًا عن المخدرات أو لديه سوابق إجرامية أو من تعاطف مع التنظيم سريعاً ليكلف فورًا بتنفيذ عملية نوعية.

الخبير العسكري اللواء جمال مظلوم توقع أن تنضم بعد عناصر تنظيم "الدولة" إلى "القاعدة، باعتبار  أن الأهداف التي يعمل من أجلها التنظيمان واحدة.

وأضاف – في تصريحات لـ"مصر العربية" – أنَّ عناصر التنظيم كذلك قد يبحثون عن مناطق جديدة للانطلاق منها من أجل إعادة ترتيب أنفسهم من جديد.

ورأى مظلوم أنَّ انضمام عناصر تنظيم "الدولة" إلى تنظيم القاعدة سيقوي نفوذ "الأخير" في المناطق التي تتواجد فيها عناصره، لا سيما في العراق وسوريا، وهو ما يزيد من الخطورة الأمنية على دول المنطقة بأكملها.

الخبير العسكري ربط بين هذا السيناريو والأزمة مع قطر، إذ قال إنَّ "الأخيرة" تتعرض لضغوط بسبب سياساتها في المنطقة، معتبرًا أنَّ هذه الضغوط قد تؤدي إلى إجبار الدوحة على التوقف عن دعم الإرهاب، لا سيما أنّ لم تعد لديها حلفاء كثيرون بإمكانهم التغيير في ملامح رسم المشهد.

وشدد مظلوم على ضرورة تكثيف التعاون الدولي بصورة أكبر من أجل مكافحة الإرهاب، وتنشيط التعامل مع البؤر الإرهابية وتحجيم تحركاتهم.

الخبير العسكري تحدث كذلك عن ضرورة التعامل مع الدول التي تنتشر فيها هذه العناصر المتطرفة وتحصل على بعض أشكال الدعم منها، سواء الأسلحة أو التمويل أو حتى التكنولوجيا التي تتيح لهم معلومات عن المناطق التي يستهدفونها.

اجمالي القراءات 1396
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق