نيجيريا والفلبين وبيرو: أبرز الدول التي نجحت في استعادة أموال أنظمتها المهربة في الخارج

اضيف الخبر في يوم الخميس ١١ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


نيجيريا والفلبين وبيرو: أبرز الدول التي نجحت في استعادة أموال أنظمتها المهربة في الخارج

تظل عملية استعادة أموال أنظمة الحكم الديكتاتورية التي نجحت في تهريبها للخارج عملية شديدة التعقيد، لأسباب قانونية ودبلوماسية، بجانب صلات هذه الأنظمة بعلاقات وثيقة مع الدول التي نجحت في تهريب  هذه الأموال لها.

مقالات متعلقة :

فشلت محاولات العديد من أنظمة الحكم في استعادة أموال حُكامها للخارج، فيما نجحت بعض التجارب في استعادة أموال أنظمتها السابقة بعد محاولات استمرت العديد من السنوات .

خلال السطور التالية، تحاول “ساسة بوست” التعرف على أبرز التجارب الدولية التي نجحت في استعادة أموال أنظمة حكم سابقة لها، كانت مُتهمة بالحصول على هذه الأموال بطرق غير شرعية، وتهريبها للخارج .

نيجيريا

 

يمثل النموذج النيجيري لاستعادة الأموال واحدا  من أنجح النماذج في مجال استعادة الأموال المهربة، فبعد وفاة الديكتاتور النيجيري السابق ساني أباتشا، قامت الحكومات المتعاقبة بعمل تحقيقات موسعة، وحملات واسعة لاستعادة أموال أباتشا ومعاونيه المخبأة بالخارج في شبكة معقدة من الحسابات البنكية والشركات الواجهة في المملكة المتحدة وسويسرا ولوكسمبورج و ليخنشتاين وجيرسي وجزر الباهاما.

بدأت عملية استرداد الأموال عن طريق تحقيق شرطي خاص في عام 1998، وفي سبتمبر 1999 استعانت الحكومة النيجيرية بخدمات مكتب محاماة سويسري يدعى مونفريني وشركاه في تعقب واسترداد الأموال النيجيرية في الخارج، وبحلول ديسمبر عام 1999  قبلت السلطات السويسرية أول طلب للمساعدة القانونية المتبادلة Mutual Legal Assistance (MLA) request مما أتاح إصدار قرار عام بالتجميد إلا أن الحكومة السويسرية قد اشترطت الحصول على حكم نهائي بالمصادرة من المحاكم النيجيرية، وهو ما كان أمراً صعبا على المستويين القانوني والسياسي في تلك الفترة في نيجيريا، وذلك إلى حين استطاع مكتب مونفريني الحصول على حكم تاريخي بعدم الحاجة إلى حكم المصادرة النهائي لوجود ما يكفي من أدلة تثبت فساد أباتشا وأعوانه.

استغرقت عملية استعادة الأموال المُهربة للخارج حوالي سبع سنوات، وذلك لكثرة الطعون المقدمة من عائلة أباتشا وأعوانه وعائلته ضد قرارات التجميد حتي استردت في عام 2005 و 2006 ما يفوق نصف المليار دولار.

ولاتزال بعض التحقيقات جارية بشأن أموال هذا النظام بعد مرور حوالي 15 عاما على وفاة أباتشا.

الفلبين

 

بعد انتخاب فرديناند ماركوس رئيسا لدولة الفلبين في عام 1965، سعى بطرق  غير مشروعة  في تجميع ومراكمة ثروته، والتي تضخمت بشكل غير مسبوق بعد انتخابه للمرة الثانية لمدة أربع سنوات، والتي أعلن خلالها الأحكام العرفية فى البلاد منذ عام 1972 قبل إتمام ولايته الثانية.

استمرت الأحكام العرفية حتى فبراير 1986، حتى تمت الإطاحة بماركوس من خلال ثورة سلميةشعبية، وقد كانت وقتها ثروته تقدر بنحو 5- 10 مليار دولار.

شملت  مصادر تحقيق هذه الثروة غير المشروعة  الاستيلاء على الشركات الكبرى، وإنشاء الاحتكارات المملوكة للدولة في القطاعات الحيوية للاقتصاد، ومنح قروض حكومية للأفراد الذين يعملون لصالح ماركوس ورفاقه، بجانب الاستيلاء المباشر على الخزينة العامة والمؤسسات المالية الحكومية، ومنح رشاوى وعمولات من الشركات العاملة في الفلبين، والاستيلاء على المساعدات الدولية للفلبين.

وسعى النظام لإخفاء هذه الثروة غير  المشروعة من خلال الاستثمار فى القطاع العقارى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك إيداعها في مختلف البنوك المحلية والخارجية تحت أسماء مستعارة في حسابات مبرمجة.

وامتدت جهود استرداد الأموال في الفلبين لفترة امتدت ل 18 عاما قبل نجاحها في استعادة أغلب هذه الأموال .

وبدأت أولى محاولات استعادة هذه الأموال في 28 فبراير 1986؛ وذلك بإطلاق اللجنة الرئاسية للحكم الجيد “PCGG” والتي أصبحت مسؤولة عن إعادة الأصول المنهوبة، والتي أسفرت عن تجميد السلطات السويسرية أصول ماركوس لديها.     في 25 مارس 1986 .

وفي  7 إبريل؛ قدمت “PCGG” طلباً للمساعدة المتبادلة مع وحدة الشرطة الفيدرالية السويسرية فى إطار المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية على الصعيد الدولي، والتي انتهت إلى إصدار قرار من المحكمة العليا السويسرية بنقل الوثائق المصرفية السويسرية لودائع ماركوس فى جنيف، زيورخ، وفريبورج، إلى الحكومة الفلبينية.

وفي 17 ديسمبر 1991؛ رفعت “PCGG” دعوى مدنية رقم 141 لاسترداد أموال ماركوس، والتي تلتها خطوة تمثلت في قيامها بإيداع عريضة لدى النائب العام فى زيورخ للمطالبة بمساعدة قانونية متبادلة من أجل إعادة الأصول المنهوبة قبل إصدار الحكم النهائي في  الفلبين.

وقد أظهرت العريضة أن أصول ماركوس ففي سويسرا كانت ناتجة عن الاختلاس والاحتيال ونهب الخزينة العامة.

وأسفرت هذه الخطوات عن  منح السلطات قاضى التحقيق بيتر كوسندى طلباً للحصول على الأوراق المالية والحسابات ذات الصلة بماركوس لتحويلها إلى حساب الضمان مع البنك الوطني الفلبيني ولكن رفضت محكمة الاستئناف العليا فى زيورخ الطلب المقدم من الحكومة الفلبينية.

وفى 10 ديسمبر 1997؛ أيدت المحكمة العليا الاتحادية السويسرية طلب كوسندى. وفى إبريل 1998 تم نقل الودائع من سويسرا إلى حساب الضمان في البنك الوطني الفلبينىي، وهو ماجعل المحكمة العليا الفلبينية تصدر قراراً بمصادرة ما يتعلق بودائع ماركوس فى سويسرا.

ونجحت هذه الخطوات بتحويل 624 مليون دولار إلى مكتب وزارة المالية الفلبينية كجزء من ودائع ماركوس فى الخارج وذلك في عام 2004 .

بيرو

 

شهدت فترة  فترة حكم الرئيس البيروفى ألبرتو فوجيمورى “1990-2000” ورئيس جهاز مخابراته فلاديميرو مونتسينوس، عملية رشوة ممنهجة للقضاة، السياسيين، والقائمين على وسائل الإعلام.

ظهرت تداعيات عمليات الفساد المالي في عهد “فوجيموري” بعد عملية التحريات الواسعة التي انتهت إلى  استقالة فوجميورى وكشف شبكة كبيرة من الفساد، والتى سيطرت على البلاد من خلال تقويض أنظمة الحكم المؤسسية .

وأظهرت هذه التحريات  نهب 2 مليار دولار من البلاد، مما دفع الحكومة المؤقتة بزعامة الرئيس فالنتين بانياغوا بوضع نظام جديد لمكافحة الفساد، والذى تضمن مجموعة من الآليات مثل إنشاء المحاكم والنيابات، فضلاً عن سلسلة جديدة من الابتكارات فى النظام القضائى، مثل استحداث آليات وإجراءات جنائية خاصة.

أحد الوسائل التي لجأ إليها “مونتسنيوس” في عمليات السرقة تأسيس شركات وهمية فى ولايات قضائية ذات ملاذ ضريبي  آمن، وذلك من الأموال التي توفرت له من رشاوى عقود الشراء .

وشملت عملية استعادة هذه الأموال المهربة أكثر من خطوة من جانب الحكومة الجديدة، ففي نوفمبر 2000، جمدت السلطات السويسرية 48 مليون دولار مرتبطة بمونتسينوس ورفاقه.

بجانب ذلك قام فوجيمورى بتعيين  مدع عام للتحقيق فى قضية مونتسينوس، ثم شرع فى مغادرة البلاد وطلب اللجوء إلى اليابان.

خلال الفترة الممتدة  بين ديسمبر 2000 ويناير 2001؛ قامت الحكومة البيروفية بمجموعة من الإصلاحات القضائية والتشريعية، والتي كانت الأساس لعملية التحقيق وتفكيك شبكة الفساد السائدة، وإعادة جزء من الأصول المنهوبة.

ونجحت هذه الجهود الدبلوماسية والقانونية في  تجميد جزر كايمان ما يقرب من 33 مليون دولار، وتم إعادتها إلى بيرو فى أغسطس 2001، بجانب القبض على مونتسينوس فى كاراكاس وتسليمه إلى بيرو، وتسليم السلطات السويسرية  77.5 مليون دولار للحكومة البيروفية وذلك فى أغسطس 2002 بعد ما يقرب من عامين من التحقيق والتقاضى .

ونجحت بيرو كذلك في استعادة 20 مليون دولار من أموال تم مصادرتها لمونتسينوس وأحد مساعديه من الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2004؛ وذلك بعد التوقيع على اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبيرو .

معاناة ليبيا

 

لا تزال دول الربيع العربي تعاني في مساعيها لاستعادة الأموال المهربة لأنظمتها السابقة. كانت ليبيا من أبرز الدول التي قطعت شوطا في مساعيها لاستعادة الأموال المهربة لنظام القذافي حين نجحت في إقناع الحكومة البريطانية  في تجميد ملياري جنيه  إسترليني من أموال 26 شخصية ليبية منتمية لنظام القذافي وذلك في مارس 2011، والتي تضمنت أموال هيئة الاستثمار الليبية، والتي كانت أغلب هذه الأموال  مودعة ببنك HSBC البريطاني، فيما بلغت ثروة هيئة الاستثمار أكثر من 60 مليار دولار حول العالم.

وشملت عملية التجميد اغلاق الشبكة المالية للقذافي وذلك بحرمان القذافي من الحصول على الأموال، والتأكد من عدم حصوله على الأوراق النقدية، والوصول إلى الحسابات المصرفية، والتأكد من ومحاسبته على ما يجري في ليبيا من اضطهاد لشعبه.

وقد سهل من مهمة المملكة المتحدة في تجميد الأموال الليبية قرار الاتحاد الأوروبي رقم 204 لسنة 2011 والذي سمح بتجميد أصول الدولة الليبية ذاتها بالإضافة إلى أصول عائلة القذافي وأبرز الأفراد المنتمين للنظام .

كما نجحت ليبيا في تجميد أصول أخرى للقذافي وعائلته في الولايات المتحدة تبلغ قيمتها 34 مليار دولار وفق التقديرات، إضافة إلى قضايا أخرى في كل من مالطة وبلجيكا وعدد آخر من الدول.

ورغم ذلك، تشير التقارير أن الحكومة لا تزال عاجزة عن استعادة أي من هذه الأموال والأصول المرتبطة بنظام القذافي حول العالم، باستثناء فيلا قيمتها 10 ملايين جنيه إسترليني فقط في لندن  استطاعت الحكومة الليبية استردادها من خلال المحاكم، لأن القاضي اكتشف أن الأموال التي تم شراؤها بها تعود إلى خزينة الحكومة الليبية. ويعوق الانقسام السياسي في ليبيا جهود استعادة هذه الأموال بشكل كبير.

اجمالي القراءات 2349
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق