التاريخ الناطق بمتحف الهولوكوست

مجدي خليل Ýí 2012-09-06


 

التاريخ الناطق بمتحف الهولوكوست

مجدى خليل

رتبت لى مؤسسة ميميرى زيارة خاصة لمتحف الهولوكوست بواشنطن. كانت هذه هى الزيارة الأولى بالنسبة لى حيث أننى اهرب من رؤية أعمال البشر الوحشية ضد بعضهم البعض، ويكفينى قراءة التاريخ، ولكن صديقى ايجال كرمون مؤسس ورئيس ميميرى أقنعنى بأهمية الزيارة حيث أن الأقباط فى مصر يتعرضون لوضع مشابه لما حدث لليهود فى اوروبا من نشر ثقافة الكراهية ضدهم على نطاق واسع.

كان المرافقون لى فى الزيارة يشرحون لى اقسام المتحف ولوحاته المختلفة ، ولكننى كنت اهرب منهم بخيالى لأستمع إلى شرح أكثر عمقا واتساعا من التاريخ ذاته، ومن الضحايا الذين قدمهم لى التاريخ. قلت للتاريخ أشرح لى ما الذى يجعل النازى ورفاقه يبيدون حوالى ستة ملايين يهودى فى ابشع إبادة شهدها تاريخ العالم الحديث؟، أجابنى كلمة واحدة يا صديقى هى الكراهية،الم تقرأ رأى المحكمة الدستورية العليا فى كندا بأن الهولوكوست لم يبدأ باستخدام غرف الغاز بل بدأ بالكلمات.إن الكراهية إذا حبلت ولدت عنفا والعنف إذا حبل ولد جريمة، وعلى قدر الكراهية تكون بشاعة الجريمة.

كنت استمع احيانا إلى بعض شهادات الناجين من الهولوكوست عبر شاشات موزعة على ادوار المتحف، ولكن التاريخ فأجئنى وقال لى تعالى استمع إلى اصوات الضحايا أنفسهم، فهؤلاء هم الذين سيقولون لك عن تفاصيل لم يراها أحد غيرهم،أستمعت إلى دانيال وديفيد ويعقوب وايليا وموسى وكوهين واشعياء وراشيل ودبورة ومريم وحنة وديانا، حكى لى كل واحد منهم كيف واجه ساعات الموت القاسية الرهيبة، منهم من مات فى أعمال السخرة، ومنهم من مات من الزحام فى القطارات التى كانت تنقلهم  مكدسين لأماكن الموت، ومنهم من مات فى معسكرات الاعتقال، ومنهم من القى به فى غرف الغاز، ومنهم من تم دفنه  وهو حى مع آلاف غيره فى جيتوهات اليهود، ومنهم من اطلق عليه الرصاص فى طوابير قتل اليهود..... قصص مؤلمة توضح وحشية الإنسان وقساوته. حكوا لى عن تخاذل المجتمع الدولى عن حمايتهم أو حتى استقبالهم،حكوا لى عن سياسة الابواب المغلقة فى وجوههم حتى واجهوا مصيرهم المحتوم، حكوا لى عن عدوى الكراهية ضدهم والتى كانت تنتقل من مكان إلى آخر فى اوروبا كأنها فيروس مميت.

ربما الشئ الوحيد الذى اراحنى بعد أن استمعت إلى الضحايا هو قول دانيال لى: اكتب ما سمعت منا حتى تتجنب البشرية تكرار هذه المأسى مرة أخرى، نحن الآن فى مكان راحة وسعادة ولكننا نحكى لك فقط لكى تتجنب البشرية مثل هذه الكوارث، بقدر حزنى على وحشية الإنسان بقدر راحتى عندما علمت أنهم سعداء فى عالمهم الآخر.

عدت من الخيال إلى الواقع، إلى عالمى فى الشرق الأوسط فوجدت أن الكراهية ضد اليهود انتقلت بالفعل من أوروبا إلى الشرق الأوسط. كانت الكراهية ضد اليهود فى عصر النازى سياسة دولة وثقافة عامة، ولكن الكراهية ضد اليهود فى الشرق الأوسط أخطر بكثير، حيث أنها تحولت إلى غريزة بشرية وثقافة دينية،أطفال صغار يرضعون الكراهية ضد اليهود مع لبن الأم ويرثونها فى الجينات، المساجد فى كل مكان تتحدث عن أن نهاية العالم لن تأتى إلا عندما يقتل المسلمون كل يهودى فى العالم، حتى الشجر والحجر سينادى على المسلمين ورائى يهودى تعالى اقتله. أستمعت إلى حسن نصر الله يوم 17 أغسطس 2012 بمناسبة يوم القدس العالمى وهو يقول " إن صراعنا مع العدو الصهيونى مسألة دين وعقيدة"،أى أنه لا يوجد حل لدى السيد نصرالله هو ومن معه من الإسلاميين سوى بإبادة اليهود كلهم. الدولة اليهودية محاطة بالكراهية من كل مكان، وهناك كماشة إرهابية تحاصرها من حماس وحزب الله  وإيران وسيناء وقريبا القاعدة فى الجولان. فى واقعى شهدت ثلاثة مسلسلات تليفزيونية جماهيرية فى ستة شهور ، كل مسلسل استمر عرضه ثلاثين حلقة على نطاق واسع فى المنطقة العربية،آخرهم "فرقة ناجى عطا الله" للممثل الشهير عادل إمام الذى اذيع فى اكثر من مائة محطة تليفزيونية عربية فى شهر رمضان، وهو يصف اليهود بكل الصفات السلبية ويدعو إلى سرقتهم لأن هذا حلال، كما فعل بطل المسلسل وعصابته ،حيث سرق 200 مليون دولار من بنك إسرائيلى واعطاهم للمسلمين فى الصومال.... وهكذا لم يعد قتل اليهود فقط حلالا ولكن سرقتهم أيضا.

فى واقعى الشرق أوسطى وجدت عشرات الآلاف من المساجد تلعن اليهود يوميا،وجدت الخطاب الرسمى للإسلاميين هو وصف اليهود بأبناءالقردة والخنازير. وجدت مئات المقالات التى تنشر الكراهية يوميا ضد اليهود،تمتلأ صحفنا وكتبنا بحكايات خرافية من كتاب مزور أسمه "بروتوكولات حكماء صهيون" يقولون لنا فيه أن اليهود يصنعون فطير الفصح بذبح المسلمين والمسيحيين واستخدام دماءهم!!!. فى منطقتنا يكرهون بعضهم البعض ويحاربون بعضهم البعض ويختلفون فى كل شئ ولكن يتفقون على كراهية اليهود والمسيحيين. فى منطقتنا يعلن رؤساء دول أن هدفهم هو محو إسرائيل من على الخريطة وأن أول قنبلة نووية يمتلكونها سوف تلقى على إسرائيل. فى منطقتنا تحولت الكراهية ضد اليهود إلى مهرجانات فنية وثقافية وسياسية. فى منطقتنا ينكرون الهولوكوست رغم آلاف  من الاحياء شهود عيان على حدوثه، ومن يعترف به يقول أن خطأ هتلر الوحيد أنه لم يقضى على كل يهود العالم. فى منطقتنا لا يمنعهم من إبادة اليهود سوى عدم قدرتهم على ذلك. باختصار منطقتنا مصابة  بلعنة الكراهية والعنف، فهناك فائض كراهية هائل وفائض عنف متزايد ينتظر لحظة انطلاقه.

رغم كل مأسى الهولوكوست ولكننى وجدت ضوءا فى نهاية النفق، لقد تناقص عدد اليهود بفعل الهولوكوست ولكنهم خرجوا أكثر قوة،  رجعوا من الشتات واسسوا دولتهم القومية على أرضهم التاريحية،دولة قوية متقدمة ديموقراطية حديثة. وأيضا خرج أحفاد الأنبياء من الهولوكوست ليساهموا فى الدفاع عن حقوق الإنسان وعن حقوق الأقليات وعن الحريات فى كل مكان، وشاركوا فى إصدار المئات من المواثيق الدولية الحقوقية عبر الأمم المتحدة ، وساهموا فى نهضة الغرب علميا وثقافيا وفنيا.

 لقد صنعت الأمة اليهودية العظيمة تاريخا جديدا بعد الهولوكوست.

ولكن دروس الهولوكوست تعيدنا مرة أخرى إلى مربع الواقع المعاش، لقد بدأت التيارات الإسلامية المتطرفة تحكم قبضتها وتسيطر على الشرق الأوسط، وبعد عدة سنوات من الآن سيتحول الشرق الأوسط إلى شرق أوسط إسلامى غاضب عدوانى على اليهود وعلى الأقليات المسيحية الموجودة هناك.

أننى هنا أنبه العالم كله على أن الكراهية ضد اليهود والمسيحيين وصلت إلى ذروتها فى الشرق الأوسط، وأن كليهما يواجه عدوا مشتركا وهو التطرف الإسلامى المتنامى، فهل يتدخل العالم لحمايتنا وإنقاذنا قبل أن تقع الكارثة؟؟.

هذه هى رسالتى إلى الضمير العالمى

 

كاتب المقال باحث وناشط حقوقى بارز، ومدير منتدى الشرق الأوسط للحريات-القاهرة-واشنطن

اجمالي القراءات 2803

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   صلاح الدنارى     في   الجمعة ٠٧ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[68810]

ما هذا الكلام!?

أوافقك ان العنصرية ضد المسيحيين خطأ.وأضيف ولابد من قتل المتعصبين من المسلمين ولا رحمة معهم. ولكن فى نفس الكلام هناك مسيحيين صهاينة فى كل العالم هدفهم هو الدفاع عن ما يسمى بإسرائيل وقد ضحك عليهم عندما قيل لهم ان المسيح سينزل مرة أخرى هاهاها.


ولكن كفاية الإسطوانة المقرفة المتعلقة باليهود، المحرقة وقصصها.

1- الضحايا عددهم أقل من مليون.

2 - حقيقة المحرقة هى ان هؤلاء الضحايا الأبطال رفضوا الذهاب إلى ما يسمى بإسرائيل لأنهم رفضوا إستيلاء الصهاينة على فلسطين.

3- الصهاينة استعملوا هتلر كأداة قتل لهؤلاء اليهود الغلابة وكأداة لإبتزاز العالم فيما بعد كما هو يحدث الأن..


أنت تقول ان فلسطين هو وطن اليهود! لا وألف لا وسيطردون شر طردة.

حتى جماعة اليهود المعتدلة ناتوراى كارتا يؤمنون ان اليهود يجب ان يعيشوا مع اخوانهم المسلمين والمسيحيين تحت حكم فلسطينى!


لن يستطيع أحد للأسف وقف التيار المسلم المتعصب لأن اتباعهم كثيرين جدا فى الشرق الأوسط.


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-09-27
مقالات منشورة : 95
اجمالي القراءات : 1,099,426
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 62
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt