التاريخ وتفاحة ستيف جوبز

شادي طلعت Ýí 2014-07-05


يذكر التاريخ ثلاث تفاحات لكل منها حكاية، بيد أنهن قد تسببن في تغيير شكل الإنسانية وهن :
أولاً/ تفاحة آدم، وهي التي تسببت في خروج أبو البشر من الجنة، ليعاني هو وباقي نسله من الصراع مع الحياة.
ثانياً/ تفاحة نيوتن، وهي التفاحة التي أضافت إلى العلم وبسببها إكتشف إسحاق نيوتن قانون الجاذبية الأرضية.
ثالثاً/ تفاحة ستيفن جوبز، وهو محور المقال، وقد يبدو الإسم غير معروف للبعض، ولكن بذكر أعمال ستفن جوبز، سيعرفه الجميع، فهو مؤسس شركة آبل Apple، أي يعرفه كل مستخدم لأحد أجهزة اللاب توب، أو الآي فون، أو الآي باد، أو الآي بود، إنه صاحب الإبتكارات على شاشات الكمبيوتر ولغة البرمجة، هو أول من إستخدم الصور في البرمجيات، وهو مخترع فأرة الحاسوب ! ومخترع الكمبيوتر الشخصي، هو مؤسس شركة آبل التي تعد بقيمة أصولها التي تتجاوز 345 مليار دولار، المتنافس الأكبر على الصدارة بين كل شركات العالم، بما في ذلك الشركات النفطية.
 
لقد إخترع ستيفن جوبز من خلال تفاحته المعروفة، بشركة آبل، ما إستطاع به تغيير شكل الإنسانية، فقد عبر بالإنسانية من خلال ثلاثة عقود وبضع سنوات من العمل، لينقلها نقلة حضارية هائلة، فهو صاحب نقلة تكنولوجية غير مسبوقة، وكل ما سوف يأتي بعدها سيكون إستكمالاً لما بدأته تفاحة ستيف جوبز.
 
ستيفن جوبز ليس بالرجل العادي ولم يكن بالشاب العادي ولم يكن أيضاً طفلاً عادياً،  فحياته كانت مليئة بأسرار كانت خفية عليه هو شخصياً ! وعثراته في الحياة أيضاً لم تكن بالقليلة، فقد عانى من الفقر، قبل أن يكون واحداً من أغنى رجال العالم، وما كان متفوقاً في دراسته، سبق له وأن عمل في حقول التفاح، وسبق له وأن كان بائعاً لزجاجات الكوكا كولا، إنه بقراءة قصة حياة ستيف جوبز، يتبين أنه يؤكد أنه لا علاقة بين التفوق العلمي والتفوق العملي، ويؤكد أن عبء الإبداع من الصفر أقل من عبء الإبداع في النجاح، ويؤكد أن الحياة تتطلب الكفاح مهما كان العمر قصير، وتؤكد قصة حياة ستيف جوبز أنه كان وسيظل علامة مضيئة في التاريخ.
 
وبداية أود أن أسرد بعض نقاط الضعف في حياة ستيفن جونز :
 
بداية ولد ستيف جونز في 24 فبراير من عام 1955م، وتوفي في 5 إكتوبر عام 2011م، أي عاش الرجل 56 عام و 7 أشهر و 9 أيام،  فترة قد تكون قصيرة، لرجل أثرى الإنسانية جمعاء، فقفزت بها قفزات طويلة ومرتفعة، فكانت سبباً، لإنتشار العلم والثقافات، للعالم كله وليس لفئة معينة.
 
أولاً/ ستيفن  جوبز هو إبن لرجل  مسلم عربي سوري أمريكي، إسمه عبدالفتاح الجندلي، أما السيد/ جوبز، فهو أبوه بالتبني.
 
ثانياً/ ولد ستيف جوبز، لأب مسلم وتبنته عائلة مسيحية، لكنه سافر إلى الهند ثم عاد منها بوذياً.
 
ثالثاً/ الأب الذي أنجب ستيف جوبز كان يعمل أستاذاً جامعياً، وتخصصه العلوم السياسية، بينما كان أبوه بالتبني رجلاً متوسط الحال، لم يتمكن من دفع مصاريف الدراسة لـ ستيف، بعدما رسب في السنة الأولى له في جامعة ريد، بمدينة بورتلاند بولاية أوريجون.
 
رابعاً/ لم يلقى ستيف جوبز، أي دعم من والده الذي أنجبه، لا  معنوياً أو مادياً.
 
خامساً/ والد ستيف جوبز الذي أنجبه، أنجب أيضاً إبنة أخرى إسمها منى، وهي أخت  ستيف من الأب، إلا أنها هي الأخرى تنازل عنها أبوها، ليقوم بتربيتها زوج أمها السيد/ سيمبسون، وحصلت إبنته على إسم زوج أمها فأصبحت، منى سيمبسون ! فحتى بعد أن تزوج والد ستيف، من أمه السيدة/ جوان شيبل، لم يفكر في إستعادة إبنه، بل إنه ترك أيضاً إبنته الثانية.
 
بعد العرض السابق يتبين لنا، أن ستيف جوبز صاحب التفاحة الثالثة، والمعروفة في العالم كله، والتي كان لها السبق في زيادة سرعة سير الحضارة الإنسانية، في فترة وجيزة جداً، منذ سبعينات القرن الماضي منذ تأسيس شركة Apple عام 1976م، يتبين لنا أن الرجل (ستيف جوبز) قد شعر بالظلم من أقرب الناس إليه وهو أبوه الحقيقي، بل وشعر بالظلم من أمه أيضاً، إذ تنازل عنه كليهما، لتتبناه عائلة أخرى لم تكن بالعائلة الغنية، بل كانت أقل حالاً، من أبويه الحقيقيين.
 
لقد إلتقى ستيف جوبز بأخته وقت أن كان عمره 27 عاماً، في العام 1982م، بعد أن قامت أخته بدعوته للإحتفال بنشر روايتها الأولى إذ أنها روائية، وسبحان الله حتى الإبنة التي تنازل عنها، عبدالفتاح الجندلي، تصبح هي الأخرى من أشهر الروائيين في أمريكا والعالم، ولكن هي الأخرى تحمل لقباً غير لقب الأب، فإسمها منى سيمبسون، تماماً كما حمل أخيها لقب جوبز ! ويوم أن إلتقى ستيف جوبز بأخته وأعلن كلاهما صلة القرابة بينهما، سأل ستيف أخته عن أمه، ولكنه لم يسألها عن أبيه، ويرى البعض هنا ممن عرفوا أو التقوا بوالد ستيف، يرونٓ أن ستيف كان ينفي علاقته بأبيه الحقيقي، نظراً لأنه مسلماً !
 
والواقع أنني أرى أن ستيف لم ينكر علاقته بأبوه ليس لكونه مسلم، فـ ستيف نفسه ترك المسيحية وإعتنق البوذية، فلم يكن للإبن أي غضاضة في كون أبيه مسلماً أو غير غير مسلم، والحقيقة أني أرى أن السبب الحقيقي لتنكر ستيف لأبيه، هو كون الأب السيد/ عبدالفتاح الجندلي، رجل أناني، جعل ستيف يشعر أن أبوه قد أنجبه عن طريق الخطأ، وأنه قد أتى إلى الدنيا، نتيجة بحث أبيه عن متعة سريعة من أمه فكان هو ثمرة تلك العلاقة !
 
والحقيقة أيضاً تصديقاً لما أقول، عندما تمت مواجهة، ستيف جوبز بحقيقة والديه كل من عبدالفتاح الجندلي، وأمه جوان شيبل، قال عنهما أنهما كانا فقط مخزناً لنطفته، أي كانا سبباً ليأتي للحياة فقط، وأعتقد أن الرجل كان يتألم كلما تحدث عن أبويه اللذين أنجباه.
 
إنه شعور سيئ على أي إبن، يتنازل أبوه عنه، وكأنه لم يكن !!ولكن العذاب الذي أصاب ستيف جوبز، بسبب تنكرأبوه له في بداية الأمر لا يساوي العذاب الذي لاقاه أبوه عبدالفتاح الجندلي، بعد أن تنكر له إبنه ستيف جوبز، فيما بعد.
 
حقاً إن الحياة سلف ودين فكما تدين تدان، وحقاً لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع، فلو كان عبدالفتاح الجندلي، أستاذ العلوم السياسية والرجل الميسور الحال، يعلم أن ولده سيتنكر له يوماً، ما كان تخلى عنه، ولو كان يعلم أن ثروته التي إعتقد أنها كبيرة، لن تساوي نقطة في بحر ثروة إبنه ستيف جوبز في المستقبل، ما كان تخلى عنه، ولو كان يعلم أن التاريخ سيذكر إبنه كأحد العظماء، ما كان تخلى عنه، ولو كان الأب يعلم أن إبنه سيموت قبله ودون أن يراه ولو لمرة واحدة، ما كان تخلى عنه.
 
لقد عاقبت الدنيا عبدالفتاح الجندلي أشد العقاب، بداية بتنكر إبنه له، والمرة الثانية بوفاة الإبن نتيجة مرض سرطان البنكرياس النادر الإصابة جداً، إلا أنها مشيئة الله لكي يموت الإبن بعد أن وصل إلى القمة، في حياة أبيه، الذي تنكر له وهو صغير.
 
أما ستيف جوبز، فأنا أعتقد أنه لم يكن سعيداً بحياته بالرغم من وصوله إلى القمة، علمياً ومالياً ومعنوياً، فشركة Apple التي أسسها ستيف جوبز، سميت بهذا الإسم لأن التفاح كان هو الفاكهة المفضلة لـ ستيف جوبز، ولأنه سبق له وأن عمل في حقول التفاح حتى يحصل على المال، في العقد الثاني من عمره، ولأنه كان يرى أن التفاحة رمز من رموز الجنة، وكما أنها تسببت في خروج آدم من الجنة، فإنها أيضاً كانت سبباً لإسحاق نيوتن، ليكتشف قانون الجاذبية.
 
في النهاية لنقرأ سطوراً، من أقوال ستيف جوبز، هذا العالم والمفكر والقائد الفذ :
 
المقولة الأولى : إن الإبداع هو الذي يميز القائد عن التابع.
 
المقولة الثانية: كن قريباً دائماً و ملاصقاً للتميز النوعي، بعض الناس ليسوا معتادين على أجواء الإمتياز.
 
المقولة الثالثة : إن الطريقة الوحيدة لإنجاز أعمال عظيمة هو أن تحب ما تعمل، وإذا لم تجد ما تحبه، إستمر في البحث عنه، ولا تقنع بغيره، فكما هو الحال مع جميع مسائل القلب، ستعرف ما تحبه حين تراه.
 
المقولة الرابعة: نحن نأكل مما زرع الآخرين، ونلبس ملابس من صنع الآخرين، ونتحدث بلغة من تطوير الآخرين. ما أعنيه أننا بإستمرار مستهلكون للأشياء من حولنا، إنه لشعور رائع أن نبتكر أشياء جديدة ونضعها في حوض خبرات المعرفة الإنسانية.
 
المقولة الخامسة : هناك في الديانة البوذية، مصطلح عظيم يدعى (عقلية المبتدئين)، إنه من الرائع أن تمتلك عقلية المبتدئين.
 
المقولة السادسة :أنا أعتقد مبدئياً أننا نقوم بإغلاق عقولنا حين نبدأ بمشاهدة التلفاز، بينما نشغل عقولنا حين نجلس للعمل أما كمبيوتراتنا.
 
المقولة السابعة : ربما أكون الشخص الوحيد في العالم الذي يدرك أن خسارة ربع بليون دولار، هو عمل يشحذ شخصيتي ويصقلها.
 
المقولة الثامنة : أنا مستعد لأقايض كل ممتلكاتي التكنولوجية بجلسة صفاء مسائية مع سقراط.
 
المقولة التاسعة : نحن هنا لكي نضع بصمتنا في هذا الكون، وإلا ما فائدة مجيئنا إليه ؟!
 
المقولة العاشرة : إن وقتك محدود، لذلك لا تضيعه بأن تعيش حياة وحلم الآخرين.لا تعيش على نتائج تفكير الآخرين، ولا تجعل من ضوضاء آراء الآخرين تغرق صوتك وحدسك الداخلي. إن واحداً من أهم الأشياء في الحياة هو أن يكون لديك الشجاعة لتتبع حدسك الداخلي، لأن بداخلك حدساً يعرف بطريقة معينة، ما ستصبح عليه يوما ما، وكل ما عدا ذلك هو شيء ثانوي.
 
تحية إلى ستيف جوبز، ولعل ملامح حياته تكون عبرة لمن لا يعتبر، خاصة لآباء لا يستحقون اللقب.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 11963

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-11-20
مقالات منشورة : 309
اجمالي القراءات : 3,634,052
تعليقات له : 79
تعليقات عليه : 228
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt