مصورة مصرية تروي قصة هروبها بعد ملاحقتها بوطنها حتى وصولها لألمانيا

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٥ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


مصورة مصرية تروي قصة هروبها بعد ملاحقتها بوطنها حتى وصولها لألمانيا

لا مكان للصحافيين والإعلاميين في مصر السيسي سوى السجون".. هكذا تتلخص قصة المصورة الصحفية المصرية "سمية عبدالرحمن" التي لم تجد أمامها سوى الهروب من وطنها ومواجهة مصير مجهول؛ بسبب الملاحقات الأمنية التي تعرضت لها وسط حملة قمع صارمة ينفذها النظام الحالي منذ مجيئة للسلطة ضد العاملين في مجال الصحافة والإعلام ومؤسساتهم.

وتصنف منظمة "مراسلون بلا حدود" مصر في المرتبة 168 (من أصل 180) في تصنيفها العالمي لحرية الصحافة، وباتت البلاد توصف منذ تولي الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بأنها واحدة من أكبر السجون في العالم للصحفيين.

ومنذ تولي "السيسي" رئاسة مصر عقب انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب "محمد مرسي"، سُجن عشرات الصحفيين، وتم حظر المئات من مواقع الويب أو يتعذر الوصول إليها في الغالب، فيما تحتضر الصحافة المستقلة في الوقت الحالي.

وفي مقابلة مطولة مع موقع "ميدل إيست آي"، روت "سمية" (27 عاما) تفاصيل قصتها ومعاناتها الشديدة بسبب الملاحقات الأمنية والفصل التعسفي من العمل خلال وجودها في مصر.

وبموجب ذلك، وجدت المصورة الصحفية الشابة نفسها مضطرة لترك شغفها بالعمل الإعلامي وتغيير حساباتها على مواقع التواصل، وفي بعض الأحيان عملت كمصورة أفراح في منطقة حدودية بعيدا عن القاهرة. مشيرة إلى أن تلك المعاناة تواصلت في مراحل لاحقة حتى استقرت بنهاية المطاف في ألمانيا.

وذكرت "سمية " أنها شاركت فى ثورة 25 يناير/كانون الأول 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس المصري الراحل "حسني مبارك" وكان عمرها آنذاك 14 عاما، ومعها والدها التي تعرض للاعتقال في عام 1998 وسجن مدة 7 سنوات بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

وأشارت إلى أن والدها تعرض خلال سجنه للتعذيب، حيث لا تزال آثار الصعق بالصدمات الكهربائية على ظهره ورقبته وساقه، لافتة إلى آماله بمجتمع أكثر حرية بعد يناير 2011 انتهت في عام 2013 بعد أن أطاح الجيش بـ"مرسي"، أول زعيم منتخب ديمقراطياً في مصر.

تقييد وملاحقات

بعد التحاقها بالجامعة فى 2014، كان حلم المصورة الصحفية دائما ما يرواد "سمية"؛ وما لبثت أن شرعت في تحقيق حلمها من خلال التدريب في أوقات فراغها بعدد من المؤسسات الإعلامية.

وفي غضون ذلك، دافعت عن حقوق الطلاب الذين تم اعتقالهم ودعمت دعوات توفير التعليم المجاني، إضافة إلى دعم روح ثورة يناير، التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

وبعد ذلك عملت أولاً في موقع "البوابة" الإخباري ، ثم في عام 2017 بموقع صحيفة "فيتو"، وكلاهما يدعم نظام "السيسي" ويدار بإشراف من الأجهزة الأمنية.

وخلال عملها حاولت "سمية" متابعة شغفها ودعم القصص التي تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والعنف السياسي وفضلا عن الأحوال الاقتصادية المتدهورة، لكن ذلك وجه بمعارضة من رؤسائها بسبب أنه يخالف السياسة التحريرية، حسبما قيل لها في موقع "فيتو".

وبدلاً من ذلك ظهرت قصصها "سمية" على قناة "الجزيرة" - لكن بدون اسمها لأسباب تتعلق بالسلامة- لكن في يونيو 2018، تم استدعاؤها وزميلها المصور "إسلام جمعة" من قبل رئيس قسم التصوير في الصحيفة، الذي أبلغهما بقرار الصحيفة فصلهما دون تفسير، وسحب بطاقاتهما الصحفية.

وفجر اليوم التالي، اعتقلت عناصر أمنية تابعة للأمن الوطني "جمعة" من منزله، واختفى لمدة 44 يومًا. وعندما عاد للظهور في أواخر أغسطس/آب، وجهت إليه تهم في القضية 441/2018، التي اتهمت عددًا كبيرًا من الصحفيين وغيرهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.

بلا جواز سفر

وبعد اعتقال زميلها، شعرت "سمية" وعائلتها بالخوف واتخذوا قرارا بمغادرة المنزل والانتقال إلى آخر خارج مدينة القاهرة.

في أواخر أغسطس/آب 2019، ذهبت "سمية" إلى مطار القاهرة الدولي للسفر إلى بيروت وحضور ورشة عمل لمدة أسبوع كجزء من المنحة التي حصلت عليها، لكنها تعرضت للتوقيف من أجل استجوابها وتم احتجازها لمدة ثماني ساعات.

بالنهاية سُمح لها بالمغادرة ولكن تمت مصادرة جواز سفرها. استغرقت ثلاثة أشهر للحصول على بديل يمكن مصادرته بسهولة مرة أخرى؛ ما يعني أنها أصبحت محاصرة في مصر.

كانت خطة "سمية" تتمثل في الابتعاد عن الصحافة والسياسة حتى تتمكن من الهروب من مصر، فقامت بتغيير أرقام هواتفها ورفضت نشر أي شيء يتعلق بالسياسة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما انتقلت إلى مرسى علم، وهو منتجع على البحر الأحمر، حيث أصبحت مصورة زفاف وحفلات للسياح.

الهروب عبر السودان

خلصت "سمية" إلى أن الخروج من مصر عن طريق البر هو الخيار الأفضل، حيث يتم تهريبها عبر الحدود الجنوبية إلى السودان، تواصلت بالفعل مع المهربين ودفعت لهم 1000 دولار مقابل الرحلة.

وذكرت أن المهربين أبلغوها أنها حال ضبطها من قبل جنود حرس الحدود، فسوف يطلقون النار لأن لديهم أوامر بذلك مباشرة على من يركضون عبر الحدود.

وبالرغم من المخاطرة بحياتها لكن "سمية" قبلت لأنها كانت تعتبر نفسها ميتة في مصر، وكان الفرار منها محاولة للبقاء على قيد الحياة.

لم تخبر "سمية" أصدقائها أو أسرتها عن مسارها، خشية أن يصابوا بالقلق أو يتعرضوا للخطر.

وقالت "سمية": "قلت لهم للتو إنني سأهرب، لكن لا كيف ولا أين. قلت لأمي: عندما أستقر في بلد، سأخبرك، وأفعل ذلك لأكون بأمان".

وفي وقت لاحق علمت "سمية" أن قوات الأمن زارت منزلها بعد مغادرتها.

وأثناء محاولته للهرب خارج البلاد علقت الشاحنة في الصحراء، ولم يتم تحريرها إلا بعد عدة ساعات من العمل الشاق. في النهاية، عبرت المجموعة إلى السودان في 20 يناير/ كانون الثاني.

وبعد العبور إلى السودان اختبأت "سمية" في بلدة حدودية لمدة شهر خوفا من عثور الأمن السوداني عليها واكتشاف دخولها البلاد بشكل غير قانوني؛ ما يترتب عليه ترحيلها إلى مصر قبل أن ينتهي المهربون من ترتيبات سفرها إلى تركيا.

في نهاية المطاف، حصلت "سمية" على ختم دخول لتركيا بقيمة 300 دولار بفضل اتصالات لها مع أفراد جماعة الإخوان التي لمن تكن تنتسب لها، ثم توجهت إلى الخرطوم والمطار. وهناك، حجزت رحلة إلى القاهرة، ولكن مع توقف في إسطنبول، لم تكن "سمية" عائدة إلى مصر بل كانت تهرب إلى تركيا.

وبعد وصولها تركيا، لم يكن لدى "سمية" تأشيرة عند وصولها إلى مطار إسطنبول في 20 فبراير/شباط الماضي، وبدلاً من ذلك سلمت نفسها لقوات الأمن.

احتجزت في المطار لمدة 22 ساعة وخضعت للاستجواب، لقد تعرضت للاعتداء اللفظي وتهديد بترحيلها لمصر، لكنها تمكنت من الاتصال بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية في تركيا.

وعلقت "سمية" قائلة: "هم الذين ساعدوني وقدموا طلبًا إلى السلطات حتى أتمكن من دخول تركيا حتى لا يتم ترحيلي إلى القاهرة".

وخلال وجودها في تركيا، مرت "سمية" بتجربة زواج غير موفقة، وبعد معاناة وجدت طريقها لمغادرتها بعد قبولها في دورة مدتها ستة أشهر في التصوير الصحفي بجامعة هانوفر في ألمانيا.

موطن بلا خوف

بعد حصولها على تأشيرة طالب من السفارة الألمانية في تركيا، وصلت هانوفر في 8 أبريل/ نيسان 2022، ثم تقدمت بطلب للحصول على اللجوء في أواخر أغسطس/آب.

وقالت "سمية": "كانت حياتي في مصر مليئة بالخوف من السجن. هروبي إلى السودان كان هروبي إلى مصير مجهول. كان من الممكن أن أتعرض للقتل في مرحلة ما. وفي تركيا، طاردني سوء الحظ مرة أخرى".

وأضافت: "أعتزم أن أجعل من ألمانيا موطني، على الرغم من آلام الخسارة والنفي. بعد كل ما مررت به، اكتشفت أن الوطن هو المكان الذي لا أشعر فيه بالخوف".

وعن عودتها لمصر قال "سمية": "أتمنى لو أستطيع، لكني لا أستطيع. إذا عدت إلى مصر سأعود إلى السجن. لا مكان لي في مصر".
اجمالي القراءات 513
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق