هل نريد دولة قانون فعلاً؟

نبيل شرف الدين Ýí 2010-06-07


 

لم يحدث هذا فجأة، بل تداعت الكيانات الخارجية والداخلية على جثة الدولة المصريةـ وليس الحكومةـ لتنهشها، بينما لا يملك أولو الأمر منا سوى عبارات النفى السخيفة ولغو القول، وإليكم بعضاً، مما تختزنه ذاكرتى المثقلة بالمرارات لمشاهد لو وضعت جنباً إلى جنب لاكتشفنا أى انحطاط بلغناه.

لماذا تجرؤ حركة مثل «حماس» لا يتجاوز عدد أعضائها طلاب جامعة مصرية واحدة، على اقتحام حدودنا وقتل جنودنا ورفع &Uaع علمها على مقر حكومى؟

وكيف يصل الأمر بمقاول حرب مثل حسن نصرالله، ليقول صراحة إنه أرسل كوادر حزبه لتخترق أمننا بزعم مساندة المقاومة فى غزة، كأن مصر مستباحة فلا يحاول حتى إنكار فعلته، بل يباهى بها؟!

وأين كنا ودول منابع النيل تتسرب من بين أيدينا لنجد ساستها يصرخون فى وجوهنا بأن نفيق من أوهام الاستعلاء التى نتحدث بها عن حقوقنا التاريخية فى حصة مياه النهر، التى دونها الموت والخراب؟

كل هذه الإهانات فى كفة، وما يجرى فى الداخل فى كفة أخرى، فخلال الأيام الماضية شهدت مصر حدثين يكشفان مدى هشاشة الدولة، وهما: حكم الإدارية العليا، الذى يلزم الكنيسة القبطية بالتصريح بالزواج ثانية لمسيحى مطلق، والثانى هو انتخابات مجلس الشورى، وما شابها من أعمال عنف وعدم اكتراث شعبى.

وبدلاً من أن تجتهد الكنيسة القبطية ـ وليس بوسع أحد أن يزايد على احترامى شخصياً لمكانتها والدفاع عن مواقفها الوطنية فى التصدى للملف الشائك الخاص بالأحوال الشخصية نجدها الآن تتحدى أحكام القضاء، وتؤكد عدم امتثالها بزعم «الالتزام بتعاليم الدين وحماية تماسك الأسرة»، وهنا ينبغى على الدولة الاعتداد بالزواج المدنى، ومن يرغب فى الطقوس ـ إسلامية أو مسيحية أو غيرها ـ فليفعل، لكن الأساس يكون للعقد المدنى، كما يحدث فى الدول المتحضرة.

أعرف حالات لزيجات بين مسيحيين وصلت لطريق مسدود وانتقلت من دائرة المحبة إلى كهوف العداوة، ومعظم هؤلاء من المسيحيين المتدينين، لأنهم لو لم يكونوا هكذا لما كانت لديهم مشكلة، فبوسعهم مثلاً اللجوء لألاعيب تغيير الملة أو الطائفة حتى تطبق الشريعة الإسلامية على قضيتهم وينتهى الأمر، لكن حرص هؤلاء على الارتباط وفق تعاليم عقيدتهم وتقاليد كنيستهم هو ما دفعهم لساحات القضاء، لأن الطلاق أحياناً يكون حلاً ناجعاً لعلاقات ضربها الخراب، ولم يعد استمرارها من الحكمة ولا حتى مصلحة الطرفين.

وهنا تجد الكنيسة ومن يصطف خلفها دفاعاً عن مواقفها، فى العاطل والباطل، حيال مأزق حقيقى، يتمثل فى سؤال المواطنة ودولة القانون، فكيف نشكو ليل نهار من انعدام معايير العدالة فى ملفات أخرى كبناء دور العبادة، والمناصب العليا والفرز الطائفى وغير ذلك، بينما ننحاز دون تفكير لسطوة رجال الدين؟!

أما الحدث الثانى فهو انتخابات الشورى، وبدلاً من أن يسعى الحزب الوطنى بكل أذرعه الأخطبوطية التى تنتشر فى كل أنحاء مصر، لتفعيل دوره، وتنقية صفوفه من الانتهازيين والفاسدين، والتواصل مع البسطاء لتقديم خدمات حقيقية لهم فى مواجهة تمدد التيار الدينى بشقيه (الإخوانى والسلفى)، نجد جهابذة الحزب يفضلون الحل الأسهل، وهو نسف العملية الانتخابية، وتمرير النتائج التى تروقهم.

نحن الآن أمام منعطف حاد، وهو: ماذا نريد لمستقبل بلادنا؟، هل نريد دولة شرائع أم دولة قانون؟ وهل ينبغى أن تكون الكلمة العليا بيد الدولة أم بيد رجال الدين؟ وكيف نطالب الآخرين باحترامنا ونحن لا نحترم قوانين دولتنا، وما الفرق بين اللجوء للعنف والتزوير، واستخدام الدين فى اللعبة السياسية من جهة أخرى.

بالمختصر المفيد، مصر بحاجة ملحّة لمنظومة «أتاتوركية» تفصل بين الدين والسياسة، لأن الاستمرار فى هذا الخلط سيؤدى لمزيد من الفرز الطائفى، وربما يقودنا لفوضى شاملة، وينسف أملاً لبناء دولة عصرية، فهذه الدولة هى «علمانية بالضرورة»، وعلى من يجادل فى هذه الحقيقة السياسية الساطعة، أن يسمى لنا دولة دينية واحدة يمكن تصنيفها كدولة قانون، ومن هنا فعلينا إعادة ترتيب أوراق مؤسساتنا.. الكنيسة، الأزهر، الأحزاب السياسية.. إلخ، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وهو المستعان على غضب الجميع، فدائماً كانت كلمة الحقّ قاسية، ولم تبق لقائلها صديقاً.

اجمالي القراءات 11130

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   السبت ١٢ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[48371]

السيد نبيل شرف الدين , اختلف معك في موقفك مع الكنيسة هذه المرة

حضرتك شخص احترمه , ولكن اعتقد تجاوزت الحق هذه المرة . يا سيدي الفاضل , المشكلة انكم لا تعرفون معنى الكنيسة , الكنيسة ليست البناية والحيطان والشبابيك فقط و مكان نؤدي فيه الصلوات , الكنيسة يا اخ نبيل , هي مجموعة المؤمنين التي تؤمن بالمسيح وتعاليمه , يعني يطلق اسم الكنيسة على البناء وايضا على جماعة المؤمنين بالمسيح .


مماكتبته :


وهنا تجد الكنيسة ومن يصطف خلفها دفاعاً عن مواقفها، فى العاطل والباطل، حيال مأزق حقيقى، يتمثل فى سؤال المواطنة ودولة القانون، فكيف نشكو ليل نهار من انعدام معايير العدالة فى ملفات أخرى كبناء دور العبادة، والمناصب العليا والفرز الطائفى وغير ذلك، بينما ننحاز دون تفكير لسطوة رجال الدين؟!


1-وهنا تجد الكنيسة ومن يصطف خلفها دفاعاً عن مواقفها، يا اخ نبيل , لا يوجد من يصطف خلف الكنيسة , لان من تقصدهم هم من يكونون الكنيسة كلهم مع بعض نسميهم ايضا الكنيسة .


2- في العاطل والباطل .  هذه قوية شوية يا اخ نبيل , لا اعتقد ان هناك عاطل وباطل تقوم به الكنيسة . والعاطل والباطل في نظرك قد يكون هو الحق والحقيقة عند غيرك والعكس صحيح ايضا.


3-  فكيف نشكو ليل نهار من انعدام معايير العدالة فى ملفات أخرى كبناء دور العبادة، والمناصب العليا والفرز الطائفى وغير ذلك، بينما ننحاز دون تفكير لسطوة رجال الدين؟! 


هذه قوية جدا جدا يا اخ نبيل بل قل صاروخ ارض ارض  او  ارض جو  ههههههههههههههههههههههههه


, يعني كيف يا اخ نبيل , هل لو طالب الاقباط بحقوقهم المهدورة في وطنهم من بناء الكنائس والمناصب العليا والفرز الطائفي وغير ذلك , فيجب عليهم ان يخرسوا اذا صدر القضاء حكما ضد شريعة المسيح  ,  يا اخ نبيل , هل ستوافق القضاء وتكتب نفس الشئ لو صدر اي قاضي في مصر قرارا يسمح بان يتزوج المسلم خمس نساء في نفس الوقت , هل ستوافقه ؟ اكيد جوابك كلا بالطبع , يا سيد نبيل , لا تكل بمكيالين عندما يتعلق الامر وخاصة بالعقيدة لانه غير مقبول منك ,   الست معي في هذا  .


2   تعليق بواسطة   جمال عبود     في   السبت ١٢ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[48384]

قضية الفنانة هالة صدقي وطليقها رجل الأعمال مجدي وليم.

أحييكم إحواني وأخواتي الكرام وأرجو منكم تقديم توضيح مفصل لموضوع القضية التي فجرت الخلاف بين الكنيسة القبطية والقضاء المصري_ قضية الفنانة هالة صدقي (وهي للعلم من أب فلسطيني وأم مصرية) وطليقها رجل الأعمال مجدي وليم.


حسب الكلام الذي سمعناه فإن البابا شنودة أعطى السيدة هالة صدقي إذنا بالزواج الثاني ولكنه يرفض إعطاء السيد مجدي وليم هذا الإذن، ولذلك لجأ مجدي إلى القضاء الذي أصدر قرارا يطالب البابا بالسماح لمجدي بالزواج الثاني.


أفهم أن الطلاق في الكنيسة القبطية يتم لعلة الزنا وبعد الطلاق يمنع الطرف المقترف لجريمة الزنا من الزواج الثاني في حين يسمح للطرف البريء بالزواج بعد الطلاق، وهذا الكلام لا مشكلة فيه. ولكن ما فهمته هو أن مجدي يطالب البابا بتوضيح سبب منعه من الزواج ولكن البابا يرفض ذلك، وهذا الموقف من البابا غير مفهوم البتة. لماذا لا يعلن البابا سبب منع مجدي من الزواج الثاني كأن يقول هو شحص زاني ولا يحق له الزواج بعد الطلاق؟! وإذا كان البابا لا يريد تشويه صورة الرجل في العلن وعلى رؤوس الأشهاد فيمكنه مقابلته على انفراد وإبلاغه بالأسباب التي تجعله يحجب عنه حق الزواج بعد الطلاق. يعني حتى الشخص المجرم الذي اقترف كل أنواع الجرائم والذي حكم عليه بالإعدام يقوم القاضي بإبلاغه بالحكم ومبرراته ولا يجوز أبدا إخفاء الأسباب التي أوجبت الحكم بالإعدام عن المتهم الذي تمت إدانته. وأيضا حتى الله سبحانه وتعالى الذي له الملك والقوة والحرية المطلقة سيطلع أهل النار على صحف أعمالهم وسيخبرهم بنتيجة ميزان أعمالهم وسيبين لهم الأسباب التي جعلت مصيرهم إلى النار، فكيف يكون للبابا الذي هو بشر ضعيف الحق في الحكم على شخص ما بالحرمان دون أن يطلع هذا الشخص على الأسباب!؟ كيف يحق للبابا ذلك في أمر يتعلق بحياة السيد مجدي وليم؟ من الطبيعي أن يلجأ السيد مجدي إلى القضاء لأنه يريد من االبابا أحد أمرين: إما أن يبين له الأسباب الموجبة للمنع من الزواج وهذا حق أصيل له، أو أن يتراجع عن القرار إذا لم يكن لديه أي اسباب وبالتالي السماح له بالزواج الثاني. وكما علمنا فإن القاضي طلب من البابا الأسباب الموجبة للمنع ولكن البابا رفض إعلان الأسباب ولذلك صار القاضي ملزما بإعتبار قرار البابا بمنع مجدي من الزواج الثاني قرارا مجحفا لا يستند إلى أي قواعد أو لوائح وإنما هو قرار قرقوشي باطل. والذي يتحمل مسؤولية الأمر كله من أوله إلى آخره هو البابا للأسف لأن الحل بيده، فإما أن يسمح لمجدي بالزواج أو يعلن الأسباب الموجبة. طبعا إلا إن كان من حق البابا الحكم وإصدار القرارت دون إعلان الأسباب الموجبة، وبالتالي هو يعطي لنفسه من الحقوق ما حرمه الله على نفسه.


والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-10-01
مقالات منشورة : 61
اجمالي القراءات : 747,667
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 108
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt