القول الثابت

رمضان عبد الرحمن Ýí 2008-07-19


القول الثابت


خلق الله عز وجل الناس جميعاً من ضعف ثم قوة ثم ضعف، إلى أن ينتهي أجل كل إنسان وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة لعلهم يعقلون، ولكي يدركوا أن الذي خلق هذا الكون إله واحد، وأعطى جميع الناس حرية الاعتقاد، وقال عز من قال:


((وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً))
سورة الكهف آية 29.

ثم بعد ذلك يصنف الله الناس ثلاث أصناف الصنف الأول وهو المؤمن الذي يظل يسعى ويبحث ويجتهد من أجل أن يصل إلى الحق، ويهديه الله إلى ذلك الحق، فيقول ربنا العظيم:
((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) سورة العنكبوت آية 69.

فيزداد إيمان هذا المؤمن بأن يقول الحق ويبين ما قد يسره الله له إلى الناس، دون أن يخشى في الله لومة لائم، وحتى لو كان الثمن أن يظل مضطهد من المجتمع، فيظل متمسك بذلك الحق لأنه ليس بعد الحق إلا الظلال، ودون أن نزكي أنفسنا أو نتهم غيرنا بأنهم على خطأ فلنقرأ مع بعض هذه الآية الكريمة وما تدل به عن الذين يتبعون الحق، يقول تعالى:
((يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ)) سورة إبراهيم آية 27.

أي القول الثابت الذي لا يتغير، ولا جدال فيه في قول  الله عز وجل وما دون ذلك هي اجتهادات بشرية تختلف من زمن إلى أخر ومن شخص إلى أخر ، وقبل أن يخضع المؤمنين على قول الحق، قال تعالى لرسوله الكريم:
((وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)) سورة الإسراء آية 74.

فمن هنا جاء التثبيت من الله للرسول والمؤمنين أن يتمسكوا بقول الله عز وجل، هذا هو الصنف الأول من المؤمنين، منذ نزول القرآن وإلى قيام الساعة، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ومما لا شك فيه أن المؤمن الذي يستمع إلى كلام الله يلين ويقشعر قلبه لأنه يستمع للحق، فعلى الإنسان أو المسلم العاقل دون كبرياء أن يضع نفسه في اختبار أمام كلام الله، ليعلم هل يلين ويقشعر قلبه بذكر الله؟!.. حتى يصبح مؤمن بالقول الثابت كما قال الله تعالى، أما الصنف الثاني من الناس الذين لا يكتفون بوحدانية الله ولا يكتفون بشرع الله وهم المشركين منذ بداية الخلق وإلى قيام الساعة، الذين كانوا يتهمون أنبياء الله ورسله ومن يخلفهم على الحق أنهم مجانين، فعلى سبيل المثال كما قال فرعون إلى قومه، يقول تعالى:
((قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)) سورة الشعراء آية 27.

أي يتهم موسى وهارون رسل الله بالجنون، وهذه عادة المتكبرين الذين أشركوا مع الله ما لم ينزل به سلطان، على مدى التاريخ كما قالوا لإبراهيم عليه السلام من قبل حين كانوا ينحتون من الحجارة أصنام يعبدونها من دون الله، ثم بعد ذلك يقولوا لخليل الله، يقول تعالى:
((قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ)) سورة الأنبياء آية 55.

أما عن مشركي قريش وما تعدوا به على خاتم الأنبياء عليه وعلى الأنبياء جميعاً السلام، وقالوا:
((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)) سورة ص آية 5.

أي يرفضون الامتثال إلى عبادة الله الواحد القهار، ثم يتهمون الرسول أيضاً بالجنون، يقول تعالى:
((وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)) سورة الحجر آية 6.

وبالرغم من كل تلك القصص التي ما كنا نعلم عنها شيئاً قبل أن يخبرنا الله من خلال القرآن الكريم، ومع ذلك وإلى الآن ما زال البعض من المسلمين في أغلبية الدول العربية يطوفون بالأضرحة والحجارة، ويعتقدون أنها جزء من العبادة، والبعض يقدس تلك الحجارة والأضرحة كما يقول المصريين (نظرة ومدد يا أبو العربي) أي يطلبون المدد من مبنى أصم لا فرق بينه ولا بين أصنام الأمم السابقة، والفرق الوحيد هو المكان والزمان، أو المواد التي أنشئ بها الضريح، ولكن الطريقة هي هي في تقديس الأنصاب التي حذرنا الله عز وجل منها، يقول تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة المائدة آية 90.

أما عن الصنف الثالث من الناس الذي يكفر بكل شيء ولا يقدس لا شجر ولا حجر ولا يعترف بوجود الله الذي خلقهم من لا شيء، ثم بعد ذلك يقول الطبيعة أو الصدفة، ومثل هؤلاء الناس لا جدال معهم ولا نقاش، وبالرغم من أن جميع الناس المؤمن والمشرك والكافر وهم في مستوى الأنفس شهدوا جميعاً أنه لا إله إلا الله، يقول تعالى:
((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)) سورة الأعراف آية 172.

فيا ليت تبحث الناس وتجتهد لتعلم أنهم على القول الثابت الذي لا يتغير، أدعو الله أن يهدينا وإياكم لقول الحق ويثبتنا على ذلك.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 16602

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-08-29
مقالات منشورة : 363
اجمالي القراءات : 5,395,847
تعليقات له : 1,031
تعليقات عليه : 565
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : الاردن