خطوات ضرورية قبل القبض على مبارك ومحاكمته

محمد عبد المجيد Ýí 2008-04-10



أوسلو في 10 ابريل 2008

لم يعد العدُّ التنازلي لسقوط نظام مبارك صعباً على من يفهم ألفَ باء السياسة، ولحظات ما قبل سقوط الطغاة.
نهايات قبل تبدو مختلفة ظاهريا، شاه إيران، وعيدي أمين دادا وفرانكو وسالازار وسوموزا وصدام حسين وبول بوت وهيلاسلاسي ومنجستو هيلامريم وجان بيدل بوكاسا وغيرهم ..، لكنها في الحقيقة متشابهة ومتشابكة ولو كان يفصل احداها عن الأخرى زمنٌ سحيق ومكان بعيد.



الآن يمكننا أن نبدأ في ملء الفراغات التي قد تسبب لنا ارتباكات حين يتم القبض على حسني مبارك وهو يستعد للقفز داخل أحشاء طائرة تقلع به مع أسرته إلى مكان اللجوء الأخير وقد سبقته مليارات من أموال شعبنا العظيم.

أولا: إعداد قائمة سوداء بالإعلاميين والمثقفيين والصحفيين الذين كانوا طوال عهده المشؤوم طابورا خامساً، ورجال أمن داخل المؤسسات الصحفية، ومرشدين بينهم وبين أجهزة القمع خطوط ساخنة، ليلا أو نهارا، يتم فيها وضع ملفات زملائهم رهن إشارة السلطة.

لم يكن هناك في مصر كلها أكثر كراهية لشعبنا، وإضرارا بمصلحته، ومدّاً في عمر الإرهابي مبارك أكثر من الإعلاميين والصحفيين والمثقفين والكُتّاب الذين باعونا بثمن بخس جنيهات معدودات، وأمان ظاهري لهم ولعائلاتهم.

القائمة السوداء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخطيء فيها، فأسماؤهم معروفة، وكتاباتهم تشهد عليهم يوم تحرير مصر، ويوم القيامة.

ثانيا: قائمة سوداء بكل الذين تحوّلوا إلى حيتان تأكل خيرات مصر، وتضع بدلا منها فسادا وسموما وسرطانات ، وتنهب، وتقوم بتهريب ماربحته استغلالا وحراما وأكلا سُحْتّاً من لقيمات كانت أقصى أماني أفواه فقرائنا.

ثالثا: محاولة تركيز الكتابة على نداءات ودعوات إلى دول العالم كله، وأخص بالذكر الدول العربية الشقيقة، التي تدعم نظام الارهابي مبارك، وتمُدّ في روحه، وتزيد من عذابات شعبنا، وهي تحسب أنها تحسن صنعا.

رابعا: قائمة سوداء ثالثة بكل الأجهزة الإعلامية والفضائيات التي رفضت الانحياز لشعبنا وهو ينتفض غضبا، أو على الأقل خانت شرف المهنة فلم تُشر من قريب أو من بعيد إلى ثورة شعب عانى لأكثر من ربع قرن من أعتى الأنظمة الطاغوتية الفاسدة.

إن الفضائيات، وفي مقدمتها غير الحكومية، والتي رفضت حتى الحياد في أخبار الانتفاضة المصرية، فحاولت أن تقف مع عدو مصر بالصمت، ينبغي لها أن تعرف أنَّ يوم الحساب بات قريبا، ولن يهرب منه كبير أو صغير أو دولة عظمى أو شقيقة.

خامسا: لقد آن الوقت لمعرفة نهج الإخوان المسلمين وهل هم ( عيال ) يتراجعون عندما يقترب الشعب من النصر ، أم هم بهلوانيون يلعبون على كل الحبال، أم هم حركة إسلامية تنتظر فقط الفرصة المناسبة ولها أجندتها الخاصة وحساباتها مع الشعب ومع السلطة.

إما أن ينحاز الإخوان المسلمون إلى الحق والشعب والمظلومين والمساكين، أو يُتَرّبوا وجوهَهم بلعبة الانتهازية، وحينما يأتي النصر من عند الله لن يكون لهم موقع في قلوب أبناء مصر، فمعدن الإخوان المسلمين عند الشدّة، وقد نكثوا وعودَهم عِدّة مرات رغم أننا قاب قوسين أو أدنى من القبض على مبارك وزوجته وابنيهما.

سادسا: البدء في عمل سري تحت الأرض لتعيين حكومة مصرية مؤقتة تمسك بزمام الأمور فور سقوط مبارك، وأن تكون تلك الحكومة مرتبطة ارتباطا وثيقا بجيش مصر العظيم، وأيضا لاستتباب الأمن قبل أن يستعين مبارك بالولايات المتحدة وإسرائيل كما استعان محمد رضا بهلوي في ثورة مصدق، فأعادوه إلى الحكم.

سابعا: المصريون ليسوا فقط مسلمين، وأحبابنا .. شركاء الوطن لهم مالنا وعليهم ما علينا، والقضاء على مبارك هو إنتصار لأقباطنا الذين عانوا من ظُلْمِه كما عانى مسلمو أرض الكنانة.

الموقف القبطي الوطني ينبغي أن لا يتأخر أو يضع شروطا أو تسبقه هواجس وخوف من وصول الجماعات الدينية إلى الحكم، فثورة الغضب ستأتي بإذن الله لمصر بالخير، ولا فارق بين مسلم وغير مسلم، وبين يساري ويميني وشيوعي ووفدي وإخواني وناصري ومستقل، والحديث عن أفضلية مصري على آخر انطلاقا من عقيدته أو مذهبه أو حزبه هو حديث يعرقل النصر، ويدعم الطاغية.

الكرة في ملعب الإخوان المسلمين والأقباط، وأي تأخر في الانحياز إلى الشعب تحت أي مبرر، هو في الواقع انحياز للقصر وسيّده وقاتلنا ومعذبنا وناهب خيراتنا.

ثامنا: لقد أثبتت غضبة شعبنا أن الإنترنيت هو السلاح القادر على الاطاحة بمبارك في المرة القادمة بإذن الله، فليكن الرابع من مايو أو أي يوم تحدده الحركة الوطنية.

تاسعا: إن الدعوة لأنْ يبقى المصريون في بيوتهم تحمل لنا الخسائر، وتجعل النظام قادرا على التحرك بسهولة، وتحجب عن العصيان المدني والانتفاضة والغضب الشعبي عددا هائلا لو نزلوا إلى الشوارع لقام ضباط الأمن بتسليم أنفسهم لقيادات الحركة الوطنية، وربما انحازت كل قوى الأمن المركزي، وأكثرهم أيضا باحثون في طوابير الخبز عن لقمة العيش، للشعب المصري، وهنا تبقى شعرة واحدة قبل أن ينضم جيشنا إلى الشعب، فهو منه وليس من قاتليه وناهبيه ومخرّبي الأرض الطيبة.

عاشرا: الأموال .. الأموال .. الأموال

إذا كان حقا ما يتم تداوله من أن مبارك وزبانيته وعصابات حكمه وأصدقاء علاء وجمال مبارك ولصوص الزراعة والدواء وتجار المخدرات وعصابات القروض المصرفية قد تمكنوا أو سيتمكنوا من تهريب عشرات المليارات من أموال شعبنا، فإن إعادة هذه الأموال لمصر لن تكون عملية هيّنة.

لذا فإن هروبهم هو في الوقت نفسه السماح لثروات شعبنا بالهروب معهم.

لابد من وضع خطة مُحْكَمة تمنع تهريب الأموال، وتضع مدراء المصارف في القائمة السوداء إذا سمحوا بالتهريب.

وأخيرا نبعث بالتهنئة لشعبنا العظيم، فبعد وقت قصير تتنفس مصر، ويبكي أمامنا المنافقون والمتزلفون وأعداء الشعب من ضباط الأمن ومحرري صحف النفاق وإعلاميي الطابور الخامس وكل الجبناء الذين ناصروه طوال فترة استعباد مصر وشعبها.

أيها المصريون: هل تشاهدون من قريب يوم تحرير مصر من أوغاد الاستبداد؟

إنني أراه رؤي العين، بل أكاد أسمع ضحكات أطفالنا ونسائنا، وزغاريد الفرح، والعالم كله يقف مشدوها أمام احتفال المصريين بيوم تحريرهم.

أخيرا سيرضى الله عنّا فقد نسيناه طويلا عندما صمتنا، وتراجعنا، وأنكمشنا، وتركنا مصر تستصرخنا، ونحن نضحك.

ما أسعد الحُرّ عندما يكتشف أن الحرية والإيمان توأمان لا ينفصلان.

ما أروع الإحساس بأن الله سيرضى عنا، عندما نفُكّ قيودَنا بأيدينا قبل الدعاء، وننبذ من أيّ تراثٍ يأتينا فكرةَ الطاعة للعصاة والمجرمين والمستبدين.

أيها المصريون،

ألا تسمعون ضحكات الملائكة التي غابت عنّا طويلا؟

ألا تتناهي أيضا إلى أسماعكم دعوات الشكر من أجيال قادمة وهم يفتخرون بكم، ويقولون بأنهم ورثوا عنا أرضا حرة كريمة؟

البيان رقم(1) كما أتخيله: نهنيء الشعب المصري بأهم أعياده في ربع قرن، ونعلن أنه تم القبض على مبارك وأسرته وهم يهرولون ناحية طائرة كانت تهم بالاقلاع بهم من شرم الشيخ، لكن يقظة جيشنا ومخابراتنا ورجال الأمن أحبطت محاولة الهروب.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com

اجمالي القراءات 11207

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,911,681
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway