ازواج و نساء النبي،و قصة الدعي زيد :
حزب نساء و ازواج النبي محمد عليه السلام ج2 : أَزْوَٰجَكَ.. وبنات عمك وعماتك وخالك وخالاتك

أحمد بغدادي Ýí 2023-02-22


حزب نساء و ازواج النبي محمد عليه السلام ج2 : أَزْوَٰجَكَ.. وبنات عمك وعماتك وخالك وخالاتك

نبدأ هذا الجزء بقراءة و دراسة معمَّقة ل الآيتين 52 و 53 من سورة الأحزاب ، ثم نعود رجوعاً للآية 37 من نفس السورة :

قال الله تعالى :

۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱلَّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ ٱلَّٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِىٓ أَزْوَٰجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا( 50)۞ تُرْجِى مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِىٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ۖ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ ءَاتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا( 51)لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا ( 52 )۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلَّآ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنتَشِرُواْ وَلَا مُسْتَـْٔنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى ٱلنَّبِىَّ فَيَسْتَحْىِۦ مِنكُمْ ۖ وَٱللَّهُ لَا يَسْتَحْىِۦ مِنَ ٱلْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَٰعًا فَسْـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍۢ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَآ أَن تَنكِحُوٓاْ أَزْوَٰجَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦٓ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمًا (الأحزاب - 53)

- - عن - - التَحْلِيل والحَلَال - - واشتقاقات الجذر الثنائي الحَرف( حَلَّ ) :

– حَالَ ، يَحُول، الحَول ،حِلٌّ ، حِوَلاً
– أحَلَّ، يُحِلُّ ، حَلال

عندما تحُول بين شيءٍ و آخر فأنت تستثنيه…كذلك إحلال العُقدة من اللسان لا يعني فكَّها بل منع قيامها بالإستثناء أثناء تسَلْسُل لفظ الكلام …

وما أحلَّه الله عزَّ و جَل لنبيه في هذه السلسلة :

( أَزْوَٰجَكَ ٱلَّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) : وهذا في غاية الغرابة ، لأن هذا معروف مسبقاً ، ولم يضف شيئاً جديداً… الزوجة حلالٌ لزوجها الذي ترتبط معه بعقد نكاح… إذاً، لا بد من يكون هذا التحليل مخصَّصاً لأمرٍ مختلفٍ تماماً عن الصورة النمطية التي تُستدعَى في الذهن عند قراءة هذه الآيات.

( وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ) : ملك اليمين هم المتعاقدون أيمانياً معك، ويعملون لديك في البيت و مكان العمل، يأكلون من طعامك و يسكنون معك في مسكنك… و يتعالجون على نفقتك… و كما يبدوا من سياق الآية، فإن هناك نِسَاءً انفصلن عن قومهم وهاجرن إلى الله و رسوله ، وأصبحن يعتمدن معاشياً و وفي سُكناهُن وفي تسيير أمورهن على النبي عليه السلام…

( وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ ٱلَّٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ ) : المعروف أن بنات العم و غيرهن من الأقارب هنَّ حلال لجميع المسلمين، فما فائدة تكرار ذلك هنا للنبي عليه السلام !!! اللافت أيضاً عبارة ( هَاجَرْنَ مَعَكَ ) وهي معطوفة كما يبدو، وكما سبق وأشرنا، على رقم 2.

( وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ) : هناك إمرأة، ويبدو بأنها من المهاجرات أيضاً، ستهب نفسها للنبي عليه السلام لكي *يستنكحها*، لا لكي *ينكحها* ،والفرق كبير،حيث يبرز القرآن الكريم هنا المعنى العادي الأصلي للفعل *نكَحَ*، والذي وفقاً لمعناه استخدمته العرب مع مرِّ الزمن للتعبير عن رابط العلاقة الشرعية بين الزوجين ، ولنا في الفعل *طَلَّقَ* مثلاً واضحاً الذي يمكن استخدامه للإشارة إلى التفريق بين الزوجين وإلى أوضاعٍ أخرى.و ( النَكْحُ ) هو بَيْنٌ و إِيوَاءٌ لمن إستُخلِصَ من إحكامٍ ما. وهذه المرأة، وكما علمنا من السياق القرآني مستثناة من بين جميع النساء - - ويضاف لها ، كون الآية ختمت بها - يُضاف لها جميع من سبق من النساء باعتبار أن الله تعالى ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِىٓ أَزْوَٰجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ )،و بالتالي ما هو للنبي هو للنبي فقط، وما للمؤمنين هو للمؤمنين فقط لا يَحِلُّ لهم ما للنبي حتى لا يُصيب النبي أي حَرَج.. و من هذا الأساس التشريعي نعلم أن إبنة عم النبي المهاجرة ، مثلاً، محرَّمةٌ تحريماً تاماً على جميع المسلمين و لايجوز لهم نكاحها حتى لو لم تكن مرتبطةً بعقد نكاحٍ مع النبي، وكذلك هنَّ بقية النساء المذكورات بمن فيهن المرأة الواهِبة لنفسها، سواء كان ذلك في حياته وحتى بعد موته، عليه السلام، وعلى رأسهن طبعاً أزواج النبي المأجُورات بعد عقد نكاحٍ. والقصد هنا اللاتي يطبخن و ينظفن ويغسلن الثياب و يعتنين بالنبي، فيَأجرُهن النبي على ذلك، أي يستمتع منهن مقابل أجر ، وليس القصد هنا المَهر وما إلى ذلك… ،وما ينطبق على أزواج النبي المعقودات بعقد نكاح من تحريمات و قيود و محظورات، ينطبق كذلك على نساء كما سنرى، و يَحرُم على المؤمنين نكاحهن.

تعرِض الآية بعد ذلك الحرية للنبي في إِرْجَاء وإيوَاء و عَزْلِ من يشاء منهن… وبالتالي يَرْضَين جميعهن بما آتاهن، أو ما صدر منه تجاههن في هذا المنحى…

( لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ ) ، هذا المَنْعُ لا يقل غرابةً عما سبق، فبعد فتح الباب على مصراعيه بالتحليل الخاص للنبي، يُغلق فجأةً… ولقائلٍ أن يصرِّح بأن هذا ربما أوحي للنبي سابقاً من مقام النبوة، وهذا صحيح… لكن غلقُ الباب بهذا الشكل يضع علامة استفهام كبيرة جداً حول ماهية و حقيقة ما يحدث، والذي يبتعد ابتعاداً تاماً عن مفهوم الحريم و الجنس …

--البارز في هذه النقطة الحديث عن التبديل : واحدة من الزوجات المعقود نكاحهن اللاتي تم ذكرهن اولاً، مقابل واحدة من النساء ممن ذُكِرن في تلك اللائحة من بعدهن... والمعنى ان النبي سيزجي واحدةً من النساء، أي يعطيها صفة زوج مقابل تحويل إحدى أزواجه إلى صفة (نساء)...

حتى (يا محمد) حتى لو أثار دهشتك حُسْنُ أحدٍ من النساء ، وليس الكلام هنا عن الحُسن الخارجي، حيث أن أحْسَن و الحَسَن في القرآن يتعلق بكمال جوهر الشيء و تمام مناعته. فأحسن الحديث هو أكمله و أفضله… حتى لو عَرَضَ لك إمرأة أفضل من إحداهن ممن كُنَّ بَيْنَ يَدَيك، فلا يحق لك تبديلها…

( إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ ) : هذه العبارة معطوفة على اللاتي فِئْنَ هجرةً إلى الله و رسوله.. وهي إعادة تأكيد بأن للنبي الحق، من بعد تحديد ما أُحِلَّ له، ومن بعد إغلاق اللائحة أمامه، بأن يبدل على ما لديه من ازواجه من ملك يمينه اللاتي فِئْنَ إليه فقط ، وليس له خارج ذلك أي تخويل، أما الكلام عن قبطية أو يهودية سباها النبي فهو من تأليفات ابن إسحاق..

( بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ ) : هي بُيوتٌ وليست مسَاكِن إذاً … والفرق بين البَيت و المَسْكَن كبير. الكَعْبَة هي البَيتُ الحَرَام وليست المَسْكَن أو الحُجْرَة أو الغُرفَة الحَرَام… و كل كلمةٍ مما سبق لها استخدامها الخاص بها… عندما يدخل النبي بيت أحدٍ من أزواجه او نساءه يتحوَّل التوصيف من( بيوتهن) إلى ( بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ )... وكذلك أي مَسْكنٍ يدخله عليه السلام من مسَاكِن المؤمنين ينطبق نفس التوصيف عليه( بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ ) ، باعتباره عليه السلام ، أبَاً لجميع المؤمنين.

– بيان الآية 34 من سورة الأحزاب : هذه الآية تسبق الآية 37 التي ذُكِرَ فيها زيدٌ، وهي الشارحة المفصِّلة و الكاشفة أيضاً لغموض ما ذكرناه من التفصيلات التسع في الآيات 52 و 53، و عبر بيانها أيضاً ستَنجَلِي ، بإذن الله تعالى، الخلفية الحقيقية ل الآية 37 ،و سبب وجود ذلك العدد الكبير من النساء حوله عليه السلام.

قال الله عزَّ و جَل :

۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا (29) يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا (30) ۞وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا (31) يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا (32) وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا (33) وَٱذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (الأحزاب - 34)

( إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ ) : يا أزواج النبي، أنتن لستن هنا من أجل دُنيا فانية أو متاعٍ زائل، أنتن هنا لهدفٍ أرقى من ذلك،ومن ترد منكن زينة الحياة الدنيا، ستحصل عليه وستخرج من حزب ازواج النبي. هذا التنبيه الإلهي ، فالنبوي، لهن، يُحضِّرهن لواقعٍ يجب ان يكن على بيِّنةٍ منه : لا متاع و لا رفاهية.. أنتن هنا لله تعالى و لرسوله تبتغين الدار الآخرة. وبالتالي الصورة التي رَوَّجها و يُروِّجها الحكواتية و القصاصون ،المُسمَّون فقهاء ومفسراتية، عن طَوافٍ أو طُوفانٍ جنسي بغسلٍ واحد يعبر عن غشاوةٍ أعمت قلوبهم حتى يبرروا لأولي نعمتهم الإباحة والقباحة الجنسية.

( يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ ) تتوالي التنببهات و التحذيرات لكن هذه المرة لنساء النبي، انتن هنا من اجل الله و رسوله… أما و أنكم قد فعلتم و وهبتم انفسكم، وبعد نبذ حطام الدنيا، يجب عليكن نبذُ أية غرائِز، و تقوى الله، وإلا فالعذاب مضاعفٌ لَكُنَّ.

( وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ ) والتزامكن بما سبق و قنوتكن لله تعالى، والسير في عمل الصالحات سيؤتيكن أجركن مرتين. هي إذاً مكاسب أُخروية لا نيوية. والهدف من ذلك كله أرقى و أعَم من متعٍ مؤقتة زائلة.

( يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ) لقد اختاركم الله تعالى دوناً عن العالمين من النساء.. فاحذرن كل الحذر ممن في قلوبهم مرضٌ من مُدَّعي الإيمان، المنافقين الذين يبتغون أذية الرسول ، ولا تخضعن بالقول لأحد.

(وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ) :وسلاحكن في تقوى الله عزَّ و جَل هو اقترانكن في البيوت التي خصصها النبي لَكُنَّ، ولا تتطاولن على حدودكن الموضوعة لَكُنّ كما كانت تفعل النساء في الجاهلية. و لَكُنَّ في إقامة الصلاة منسكاً و مسلكاً أمضَى أدَاة وقاية وحماية، والتي ستُؤتِيكُنَّ زكواة انفسكن طاعةً الله و الرسول.

إذاً يُحضِّرُ الله تعالى حزب أزواج نساء النبي لأمرٍ عظيم فيه ابتعادٌ عن متاع و شهوات الحياة الدنيا والتزام البيوت و اجتناب المنافقين الذين في قلوبهم مرض، وأقامة الصلواة وتحصيل الزكواة بتقوى الله تعالى وطاعة رسوله… و يُبيِّن لهن جسَامة و عُقوبة أي انتهاك و ما اعدَّ الله تعالى لهن من أجرٍ إن التزمن. كل هذا لأجل ماذا؟

( إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ ) هنا ينتقل الباري عزَّ و جَل لتوضيح الهدف و نتاج ما سبق من أوامر و إلزامات و تنببهات : إذهاب الرِجس عن حزب نساء و أزواج النبي. و الرِجسُ هو ما يُثبِّطُ قوَّة الحياة والنشاط و العمل في الإنسان. نلاحظ هنا إفراد كلمة( ٱلۡبَيۡتِ ) الذي كان من قبل ( بيوت النبي/بُيُوتِكُنَّ ) … إذاً، تَحَققُ زوال الرِجس عن حزب نساء و ازواج النبي يجعلهن من أهل البيت. أهلُ البيت الحرام، الكعبة. والذين استحقوا هذا التوصيف من قبل آخرون كانوا يقيمون أيضاً قريباً من البيت الحرام ، وهم آل إبراهيم ،عليهم السلام.

۞ وَٱذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ۞ : بعد كل ما سبق ،، ومع زوال الرِجس، يتضح الهدف النهائي من إقامة حزب نساء و ازواج النبي وعزلهن عن بقية نساء المؤمنين، و خصَّهُن فقط بالرسول عليه السلام، و هذا الهدف هو : حِفْظُ كتاب الله…{ وَٱذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِى بُيُوتِكُنَّ} : عندما يكون الرسول حَاضِراً، فهو يَتْلُوا عليهن آيَات الكتاب الحكيم. وعندما يَغِيب، يَقُمْنَّ بِذِكْرِ ما تلاهُ الرسول، وتكون صفة البيوت(بُيُوتِكُنَّ ) . و يبدوا أن المؤمنين الذين يحبُّون النبي كانوا يسارعُون إلى البيت الذي يقال أن النبي وصل إليه، فيدخلونه دون إذن و

يجالسونه و يزدحم بهم المكان، وكانوا يؤذون النبي بدون ان ينتبهوا، و يُعطِّلُون مهمَّة الرسول، وكان عليه السلام يستحي منهم، فلا يؤنبهم أو يعاتبعهم، من طيبة نفسه و رأفته و رحمته بالمؤمنين، عليه السلام… طبعاً يستدعي هذا إلى الذِهن حِزب الخُلَّص من أصحاب النبي، الجُنود المجهولون الذين كانوا يقومون حيِّزاً كبيراً من الليل معه من أجل نفس الهدف، و هو حِفظُ كتاب الله تعالى في الصُدُور :

{ ۞ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَىِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى ٱلْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ ۙ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍۢ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌۢ(المزمل - 20).

– أخيراً عن الدَعِي زَيد و حزب نساء النبي : زمنياً ، تمثل سورة الأحزاب بداية استقرار دولة النبوَّة مع زوال أحزاب العدوان و جلاء مظاهريهم من أهل الكتاب، وانكشاف عِوَار المُرجفين والمُنافقين…

والإستقرار يعني الإهتمام بالقرآن الكريم و بدء عملية جمعه و قرآنه بمن اختارهم و اختصهم الله تعالى بهذا الشرف العظيم.

عَلِمَ الدَعِي بصفته : زَيد، كغيره من المسلمين بشأن حزب نساء النبي من مقام النبوَّة و لاحقاً من خلال التنزيل الحكيم… و عًلِمَ أن زَوجه كانت من ضِمن نِسَاء النبي اللاتي حرَّمهن الله تعالى على المؤمنين،{ والتي ستكتسب بسبب حالة زيد، صفة الزوج من دون عقد نكاح،} وأنه يجب عليه مفارقتها.. لا طلاقها كون عقد النكاح باطلاً في الأساس.

ولسائلٍ هنا أن يسأل :كيف عقد عليها في الأساس وهي من محارم النبي؟

الجواب الأرجح أنهم كانوا ضمن الذين تأخروا عن الهجرة إلى الله ورسوله… وأنه عَقَدَ على زَوجه قبل الهجرة، و التي كانت ابنة عمٍّ أو عمَّةٍ أو خالً أو خالة للنبي… ، لذلك خرج الدَعِي بصفته : زيد، من منزل الزوجية، خرج و لم يَعُد، وفاق خروجه 4 اشهر فوقع الفراق. ولقد حاول النبي، في البدء أن يُثنيه عن قراره مخافة الناس، لا مخافةً من المؤمنين، فكيف سيؤوي إليه زوج دعِّيه السابقة، و سيكثر الكلام في حقه وحق المؤمنين الذي طالهم أذىً كبير أيضاً من المنافقين في قصة الإفك الذي روت تفاصيله سورة النور … فكانت( زَوَّجْنَٰكَهَا ) نهاية الحَرج السائد، ليس فقط حرج النبي، بل حرج جميع المسلمين الذين ليس عليهم حرج من إزجاء أزواج أدعيائهم إن غابوا عن نسائهم فوق الأربعة أشهر بالفَقْدِ او الموت او الخُروج الذي ليس له رَجعة، او لأي سببٍ آخر غير معلوم.

۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٍۢ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ۖ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٍۢ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَسْـَٔلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْـَٔلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ۞ (الممتحنة - 10)

أما الآية 52 من سورة الأحزاب، فسيرى المتدبِّر فيها مدى العناية الإلهية في اختيار أزواج و نساء النبي. لقد بدأت الآية( بأزواج) النبي المعقود نكاحهن، واللاتي آتاهن أجورهن. لقد علم الله مقدار وفاء و إخلاص تلك الأزواج له، ثم فصَّلَت في( نساء النبي) ابتداءً ب اللاتي هاجرن إلى الله ورسوله وأصبحن من ملك يمينه، و هن لا يحتجن إلى اختبارٍ أكبر من هذا… ثم رابط الدم في بنات العم و العمة و الخال و الخالة المهاجرات أيضاً إلى الله و رسوله. وآخرهن التي وهبت نفسها تزَهُّباً إلى الله و رسوله حتى تنال شرف صحبة النبي وتعلم القرآن الكريم على يديه.هذا لو قبلها النبي

أما النبي فقد كان أباً بكل ما للكلمة من معنى لجميع المؤمنين كون ازواجه بقيد عقدة النكاح امهات لكل المؤمنين من الرجال و النساء ، كذلك كانت نساء النبي اللاتي اختارهن الله عزَّ و جَل لتعلُّم القرآن الكريم و حفظه.. فكان يدخل عليهن و يعلمهن الكتاب و الحكمة كما يدخل أحدنا على ابنته البارَّة به.
أما المؤمنون فكانوا الأبناء المخلصين للنبي، ولقد صغت قلوبهم للذكر الحكيم و تعاملوا مع ازواج و نساء النبي كأمهاتٍ لهم، ومع النبي كأبٍ اعلى من آبائهم .
يتبع بإذن الله

والله أعلم
اجمالي القراءات 1143

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   أحمد بغدادي     في   الجمعة ٢٤ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[93993]

بضع تعديلات


أجريت بضع تعديلات في النص،خاصةً في فقرة  نهاية البحث، وهي الأهم، من اجل إجلاء أي لبس و زيادة في التوضيح....



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-10-29
مقالات منشورة : 13
اجمالي القراءات : 19,647
تعليقات له : 152
تعليقات عليه : 95
بلد الميلاد : Syria
بلد الاقامة : Syria