هل للعرب فضل علمى على الغرب ؟
هل للعرب فضل علمى على الغرب ؟
جاء هذا السؤال من الاستاذ عبد المجيد المرسلى : يقول :( السلام عليكم دكتور.
قلت فى إحدى مقالاتك بأنه طُلب منك تدريس مادة اُثر المسلمين فى الحضارة الاوروبية ورفضت لأنه بالنسبة لك لا يوجد أى تاتير فعلى لأن المسلمين اكتفوا فقط بتعريب الفلسفة اليونانية وشرحها والتعليق عليها . سؤالى هو الم تستفد أوروبا من ما انتجه العلماء المسلمون الذين ضهروا خصوصا فى العصر العباسي فى عهد المأمون متل الخوارزمي وفى الجبر جابر ابن حيان وابن رشد وفى الكيمياء وابن النفيس فى علم التشريح وغيرهم ، ام أن هؤلاء كانوا فقط ضاهرة عابرة لم يتم تشجيعهم والاهتمام بعلمهم واعطاهم الدعم من طرف الدولة الحاكمة انداك لكى يستفاد من علمهم؟ ).
أقول :
أولا :
كنت ولا زلت أرفض تعبير ( الحضارة العربية الاسلامية ) فمعظم (العلماء ) و ( الفقهاء ) لم يكونوا عربا ، كما إنه من الظلم للاسلام أن ننسب ما قاموا به الى الاسلام . هو ( عمل بشرى )، يجب نسبته للبشر الذين أنتجوه ، وليس الى دين الله جل وعلا . الاسلام ( دين الله جل وعلا ) هو ( قرآن وفقط ). الذين زعموا الايمان بالقرآن الكريم ومن نسميهم بالمحمديين لهم حضارة بشرية وأديان أرضية بشرية وأقوال بشرية وأخطاء وخطايا ومزايا وعيوب بشرية . وفى النهاية فالجميع سيكونون مسئولين عن أعمالهم وأقوالهم أمام الواحد القهار جل وعلا القائل ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) الانشقاق )
ثانيا
هناك مراحل تاريخية لما يعرف ب ( الحضارة الإسلامية العربية ).
المرحلة الأولى : النشأة ( فى العصر الأموى )
1 ـ ليست علما على الاطلاق ، مجرد ثرثرة شفهية عن القرآن و تاريخ النبى وترديد للأشعار وتراث الجاهلية ، نشأت فى المدينة بعد أن زالت عنها الأضواء فى العصر الأموى وما بعده الى الشام والعراق ومصر . كانت نوعا من إسترجاع تاريخ مضى وإعادة صياغته لتصبح به المدينة بالإفك والبهتان الحرم الثانى فى أديانهم الأرضية .
2 ـ لم يكن هناك تدوين ، ولم يكن روادها من العرب الذين إنشغلوا بالفتوحات والسياسة والحروب فيما بينهم . نبغ فيها ( الموالى ) أبناء الرقيق السابقين ، وكانوا خدم السادة العرب ، ولهم خلفية علمية وفراغ ودوافع للتفوق على أسيادهم. ثم كانوا أساتذة العرب فيما بعد فى أوائل العصر العباسى . من أعمدة الموالى : الحسن البصري وابن سيرين في البصرة وسليمان بن يسار ونافع وربيعة الرأي في المدينة ، ومجاهد وعكرمة وعطاء في مكة وسعيد بن جبير في الكوفة ومكحول في الشام ويزيد بن حبيب في مصر. ربيعة الرأى كان استاذا لمالك بن أنس ، وكان مالك بسبب نسبه الى الأنصار هو الذى اشتهر ، أما الذى إفتقر فكان ربيعة الرأى ( صاحب الرأى والعقل ). الوحيد الذى نبغ من العرب كان الخليل بن احمد الفراهيدى الذى وضع أُسس النحو العروض ومعاجم الألفاظ . وكوفى على عبقريته وعزّة نفسه بالفقر الشديد ، بينما كانت أموال الخلفاء تنهال على الشعراء والمغنيين والمغنيات .
3 ـ فى هذه المرحلة لم يظهر أى إتّجاه علمى ( وحين نقول : إتّجاه علمى نقصد الفلسفة والعلوم الطبيعية ) . الذى تردد هو روايات شفهية مخترعة عن القرآن وعن السيرة . وتم تدوينها فى أوائل العصر العباسى فى ( موطّأ مالك ) و ( الأم للشافعى ). وتم تحصينها من النقد بجعلها دينا منسوبا للرسول زورا وبهتانا . وتلك هى بداية التدمير الذاتى لما يقال عنه حضارة اسلامية عربية .وهو التدمير الذى أجهض محاولات البناء على التراث اليونانى والهندى.
المرحلة الثانية ( فى العصر العباسى )
1 ـ قامت الدولة العباسية بمساعدة الفرس ، فبرز فيها دور الفرس سياسيا وفكريا . وكان العراق ( العربى والعجمى / العراق وايران ) مركز الدولة ، تتوسط بين الشرق ( آسيا ) والغرب ( أوربا ). وبعد توطيد الدولة بدأ المأمون حركة الترجمة عن التراث الهندى واليونانى ، وعلا شأن المعتزلة أصحاب المدرسة العقلية اللاهوتية ، بينما خفت صوت مدرسة الحديث فى المدينة وتوابعها فى العراق والشام ومصر . بدأ الصدام بين مدرستى المعتزلة والحديث فيما يُعرف ب ( خلق القرآن ) . إنحاز الخليفة المأمون الى رأى المعتزلة بأن القرآن مخلوق ، وأراد فرض هذا الرأى على الجميع ، فكانت محنة أحمد بن حنبل ، وأصحابه ، واستمرت المحنة فى خلافة المعتصم ثم الواثق بعده .
لم تكن السياسة بعيدة عن الموضوع ، إذ قام الحنابلة بثورة على الخليفة الواثق تحت شعار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وإخترعوا حديث : ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) . قتل الخليفة الواثق بيده زعيم الثورة ( أحمد بن نصر الخزاعى ) . كان أعمدة حكم وقتها من أئمة المعتزلة خصوصا ابن الزيات الذى إضطهد ولى العهد ( أخ الخليفة الواثق ). بمؤامرة محبوكة مات الواثق فجأة فتولى الأخ باسم الخليفة المتوكل ، وكان من أسوأ الخلفاء ، وحدث فى عهده الانقلاب الكبير باضطهاد المعتزلة والشيعة وتقرير ( السُنّة ) دينا .
2 ـ تأثير هذا كان شديدا على الحركة العلمية ( الفلسفة والكيميا والطب ..الخ ). بدأ الخليفة المأمون بحركة الترجمة ، وتنوعت الترجمات ، وبدأ نوع من البناء على هذا الفكر ، خصوصا فى المنهج . كان منهج اليونان نظريا تصوريا لا يعوّل على التجربة . جاءت بوادر التجارب العلمية فى عصر الخليفة الواثق ، وذكر المؤرخ المسعودى فى تاريخه ( مروج الذهب ) إنه كان يجتمع بالعلماء ويناقشهم فى تجاربهم . بدأ إجهاض هذا الاتجاه العلمى بعصر المتوكل . فانتشرت مصانع الحديث ، وتكلمت ليس فقط فى الفقه والتشريع بل فى العقائد والغيبيات ، ثم أصبحت تتكلم جهلا فى العلوم الطبيعية . ثم ما لبث أن جاء الدين الصوفى بالطامة الكبرى ، وهى ( العلم اللدنى ) ، أى زعم الوحى الالهى المباشر الذى ينزل من الله جل وعلا على قلب الصوفى ، فليس محتاجا لأن يخترع حديثا يقول حدثنى فلان عن فلان ، بل يكفيه أن يقول ( حدثنى قلبى عن ربى ) أو قال الهاتف ، أو أنه رأى النبى فى المنام أو رأى رب العزة فى المنام . ويصبح هذا دينا . وكالعادة إتّسعت الموضوعات فشملت ــ بمزاعم الكرامات ــ قدرة الولى الصوفى على كل شىء ، بدون حاجة الى فعل أى شىء . تأثر العصر المملوكى بهذا حيث سيطر عليه التصوف وعلمه اللدنى ، فتحول أئمة الحديث والفقه الى آلهة ، يشرحون كتبهم ، بينما تم تحريم الفلسفة والمنطق ، وانتهى المعتزلة تماما . بهذا عاد المحمديون الى عصور الجهل التى قاست منها أوربا .صحا المحمديون على أوربا تستعمر بلادهم . حين كان نابليون يدخل الأزهر بخيوله كان شيوخ الأزهر يحاربونه بتلاوة البخارى و أوراد ( دلائل الخيرات )، يحسبون أنهم يحسنون صُنعا .
3 ـ على إن ما فعله المامون والمعتصم والواثق أطلق شرارة ، أنتجت علماء كابن سينا والبيرونى والرازى والفارابى والزهرى وجابر بن حيان وابن النفيس ومؤخرا ابن رشد . كانوا أفرادا متفرقين يعملون بجهدهم وسط مناخ رفض لهم ، ويكفى ما عاناه ابن رشد . أولئك كانوا نقاط ضوء فى ظلام الجهل .
ثالثا :
1 ـ الاحتكاك بين أوربا والمحمديين بدأ بتوغل فتوحات الخلفاء فى اوربا شرقا وغربا ، وفى جزر البحر المتوسط ، ثم الحروب الصليبية ، وإسترداد أوربا لما إحتله المحمديون فى آسيا الصغرى وشبه جزيرة ايبريا ، وعلى هامش هذا الصراع بين الفريقين إستفاد الغرب من بعض إنجازات المحمديين ، والأهم أنه أراد الأسبان الوصول الى الهند وانتزاع التجارة الشرقية من الدولة المملوكية فكان إكتشاف أمريكا ، وقيام حركة الاكتشاف ثم الاستعمار فى العالم الجديد والقديم من أمريكا الى استراليا وجزر الهند الشرقية . أدى هذا الى تآكل القوى الأوربية المتحكمة من الملكية والاقطاع والنبلاء والفرسان ، وتحولت الأموال والنفوذ الى التُّجار ، فقامت فى أوربا ( الدول القومية ) وبدأ ( السير ) فى الأرض لاكتشاف المزيد ، ولاختراع الجديد . وحلّت التجارب محل المنهج النظرى الاغريقى . وبهذا لم يحدث إنقطاع فى مسيرة العلم وتطبيقاته التكنولوجية ، بل أصبح العلم فى تطور كل دقيقة من داخل الذرة الى ما بعد المجرة .
أخيرا
ظهرت حركة الاستشراق فى أوربا ، ومن المستشرقين من إعترف بفضل الخوازمى وابن حيان والادريسى وابن النفيس وابن رشد والزهراوى والرازى ..الخ .
المحمديون ــ فى خيبتهم الأزلية ـ هللوا لهذا ، وتراقصوا على مقولة فضل العرب والمسلمين على أوربا . لو كان هناك فضل من الأساس فلماذا لم يستفد به المحمديون فى عصور الظلمات . تراقص المحمديون أيضا بمقولة إن القرآن الكريم سبق الغرب فى إشاراته العلمية . وهذا صحيح . ولكن كان القرآن الكريم مع المحمديين فلم يستفيدوا منه علما ولا هدى ، إتّخذوه مهجورا ، ولا يزالون .
اجمالي القراءات
3678
ثقافة العرب تدمرالابداع العلمى
اجابة استاذنا الدكتور احمد صبحى على سؤال"هل للعرب فضل علمى على الغرب ؟ تجاوزت الرد التقليدى على هذا السؤال لتبحث وتحلل فى تاريخ العرب لتكشف النقاب عن تاريخ دموى بدوى قبلى يرتكز على العنف- الجهل-الفخربالنسب والقبيله بدون ادنى سبب يدعوللفخر-الاستغراق والتمادى فى الغرائز- والتضييق على الابداع العلمى الحقيقى ليصبح شعرالفخر والغريزه ومدح السلاطين بديلا عن العلم, ولازال مفعول هذا التاريخ ساريا حتى يومنا هذا فى صورة الارهاب الفكرى والجسدى ووصد الابواب امام العلماء والتضييق عليهم بدليل انهم حين يهاجرون الى الغرب تتيح بلاد المهجرالجديده اظهارانجازات هذه العقول اللامعه. وهناك سؤال يطرح نفسه هل يخسر العالم فى عدم وجود العرب والمحمديين؟ اعتقد لن يخسر شيئا لانهم لم يساهموا باى نصيب فى الحضاره الانسانيه بل هم عاله على الحضاره الحديثه