فيض من غيض.:
خطبة صلاة جمعة .

يحي فوزي نشاشبي Ýí 2017-09-10


 

بسم الله  الرحمن الرحيم

******* 

خطبة  صلاة  جمعة

****

كان خطيب صلاة الجمعة مسترسلا في خطبته، وإن ما جال في خاطري هو: يا ترى؟ ما هي الملاحظات والتساؤلات التي تكون فرضت نفسها الآن حاليا على كل واحد من هؤلاء المؤمنين المستمعين؟ ومن المفروض أن هذه التساؤلات تعدّ بالمئات. وأما ما شـدّ انتباهي، فهي مواضيع ثلاثة، على الأقل:

الأول: عندما تناول الخطيب أمر العمل والكد والإجتهاد مستدلا بتلك الآية المشهورة المتعلقة بذي القرنين:

Ra bracket.png وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا Aya-83.png إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا Aya-84.png فَأَتْبَعَ سَبَبًا Aya-85.png - الكهف –

( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا Aya-93.png قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا Aya-94.png قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌفَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا Aya-95.png آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا  La bracket.pngالكهف 18/93-96 -

وكنتُ مهتما بالموضوع مثل غيري، وكنتُ منتظرا أن يتعمق  الخطيب أكثر في هذه الآيات إلى ما أراه وأعتقده ذا أهمية بالغة، وهو اهتمام ذو القرنين بتلك الأسباب التي أرساها الله عز وجل في كل سماء، وجعلها مسخرة لذلك المخلوق الذي أمر الخالق ملائكته بأن يسجدوا له، ذلك المخلوق الذي أراد سبحانه وتعالى أن يجعله خليفته في الأرض.

نعم، تمنيت أن يسترسل الخطيب في هذا الجانب، وقد طرحه أحد الكتاب ومفاده باختصار هو: " نعم، إنه علم شرعي فعلا..علم شرعي حقيقي وليس علم القيل والقال..علم تطبيقي يفيد الناس والمجتمع " ( ما مكنني فيه ربي  خير )الكهف 95.

إلا أن الخطيب مـرّ على الآيات مر الكرام، واكتفى بالقول بأن جل الأنبياء كانوا يشتغلون في شتى الأعمال، كالرعي والتجارة والصناعة. وهنا يحضرني تعليق لأستاذ في مناسبة، فاجأ الحاضرين، عندما صرح قائلا إن الله لا يحابي أحدا أبدا، فالأمم التي أبلت البلاء الحسن في مختلف الإنجازات والإختراعات والإكتشافات في أي عصر، لاسيما ما نراه في عصرنا الحالي، إنها أمم فهمت ووعت وهضمت ما فهمه وما وعاه وهضمه ذو القرنين الذي احترم واعتبر تلك الأسباب التي سخرها الله لعباده المستخلفين في الأرض. (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ)(...(165سورة الأنعام.وأما عن لسان حالنا فصريح، وهو: أننا ما زلنا مهتمين -فقط- بتلاوة هذه الآية وأمثالها منتظرين أن يحدث شئ ما في مكان ما أوعهد ما؟ وما زالت أمثال هذه الآية لم تحرك فينا ساكنا.

أما عن الموضوع الثانيالذي شـدّ انتباهي، فهو عندما نفهم من الخطيب أنه بدأ يستعد لإنهاء خطبته حيث تلا علينا الآية: رقم 56 في سورة الأحزاب: (إن الله وملائكته يصلون على النبئ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ). معقبا بتوجيه طلبه بل أمرنا بـه جميعا أن: صلوا عليه أي على النبي، فبادر الجميع  كرجل واحد مستجيبين لأمر الإمام، أو لنقل، ظانين أو واهمين أنهم مستجيبون عندما صاحوا جميعهم بهذه الجملة المعتادة التي يكاد المرء يجزم بأنها من بين ذلك النادر الذي يجمع عليه المؤمنون ولا يختلفون صائحين (صلى الله عليه- وسلم–بل وسلم تسليما كثيرا). ومباشرة بعد ذلك صاح الخطيب بقوله هو الآخر: صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، وأضاف: اللهم صلّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلم  تسليما كثيرا) .

وأما عن التساؤلات التي كانت دائما تفرض نفسها علـيّ، وقد تكون فاعلة ذلك على بقية المستمعين، فهي:

1) هل يعقل أن يصرح الله بأنه هو وملائكته يصلون على النبئ، ثم مباشرة يوجه أمره إلى الذين آمنوا آمرا أياهم (إن الله وملائكته يصلون على النبئ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )، هل يعقل أو يتصور أن يأتي أمر الله غامضا،

غير واضح، غير دقيق بما فيه الكفاية؟ عندما يأمرنا بـ: صلوا عليه وسلموا تسليما؟. ويمكن أن يكون التساؤل كما يلي: عندما أمرنا الله عز وجل ب ـ :( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)ماذا كان منتظرا منا قوله أو فعله لنكون حقا استجبنا فعلا استجابة صحيحة ؟ وأما عن إجابتنا بالقول:

(صلى الله عليه وسلم- أو، وسلم تسليما كثيرا)، فيمكن أن توصف تلك الإجابة بتلك المقولة: "تحصيل الحاصل" أو" هو مجرد تكرار غير مفيد شيئا" لأننا نكون صرحنا مكررين أن الله صلى عليه، ونضيف بأن الله لم يكتف بأنه صلى عليه بل زاد فسلم عليه تسليما كثيرا)، وهل سلم الله حقا تسليما كثيرا على النبئ؟  هل الله  سلم على النبئ سلاما ؟ يعني تحية؟ وهل المطلوب منا نحن أن نسلم على النبئ سلاما ؟ أم تسليما ؟ تسليما بما جاء به من عند  ربه ؟ أو  هناك  معنى آخر لـ :  تسليما ؟

2) وعندما نهضم تلك الإفتراءات التي تنسب إلى عبد الله ورسوله، ونصدقها بلا تورع، لاسيما تلك التي تكون صادمة  ومصطدمة بتعاليم الله؟ ألا نكون متهمين خاتم الأنبياء والرســل " محمد بن عبد الله " بأنه لم يكن متبعا ما يوحي إليه؟ (ياأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۚإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚوَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (3). الأحزاب.

الموضوع الثالث: عندما يختم الإمام خطبته بذلك الوصف الكـبير

الموجه لخاتم الأنبياء والرسل، وبأنه أفضل خلق الله وإمام الأنبياء والمرسلين،وبأنه سيد الكونين والثقلين، وما إلى ذلك، ألا يخشى  هذا الخطيب وأمثاله هم الأغلبية، ألا يخشون من حيث يدرون أو لا يدرون، أن يكونوا متهمين الرسول نفسه والمؤمنين معه بأنهم مصابون بنوع من غرور، وبأنهم غير ملتزمين بالإيمان الصادق بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبأنهم وقعوا في خطيئة التفريق بين رسل الله ؟ (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚكُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚوَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖغُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة – 285 

بل وبأنهم مصرون على اتخاذ خاتم الأنبياء والرسل بدعا من الرسل ورغما عنه :( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖإِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) الأحقاف رقم 9.

* أما عن الإستنتاج الأخير-حسب رأيي طبعا- فهو أننا عندما نقول" صلى الله عليه وسلم" أو" وسلم تسليما كثيرا"، إلخ، لا نكون مستجيبين لا لأمر الله الذي جــاء: "صلوا عليه وسلموا تسليما" ولا مستجيبين لأمر ذلك الخطيب من أعلى منبره، بل حتى ذلك الإمام نفسه يصعب الفهم بأنه مستجيب في شئ عندما يقولها مدوية : ( صلى الله عليه وسلم – اللهم صل عليه وسلم تسليما كثيرا كما  صليت إلخ ...) ومن يدري لعلنا سنحقق في يوم من الأيام إنجازا ونهتدي إلى الصيغة الصائبة أو المصيبة، المناسبة، المطلوب منا اتخاذها جوابا صحيحا موفقا لأمر الله الرحمان الرحيم ؟ .

 

*****  

اجمالي القراءات 8991

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-10-28
مقالات منشورة : 288
اجمالي القراءات : 3,139,786
تعليقات له : 384
تعليقات عليه : 401
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco