آحمد صبحي منصور Ýí 2017-01-31
( إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا )
مقدمة :
قلنا فى كتاب ( القرآن وكفى ) إن الأحاديث المنسوبة زورا للنبى محمد عليه السلام تنقسم من حيث الموضوع الى ثلاثة أقسام : أحاديث فى الوعظ والدعاء ، وليس هناك أروع مما جاء فى القرآن الكريم وعظا وهداية ودُعاءا فلا حاجة للمؤمن اليها ، وأحاديث منسوبة للنبى فى التشريع ، وينفيها القرآن الكريم الذى يحصر وظيفة الرسول فى البلاغ ، وقد كانت تأتيه الأسئلة فلا يرد عليها حتى تنزل عليه الاجابة قرآنا ( يسألونك عن .. قل )، ثم أحاديث فى الغيبيات ، ورب العزة يؤكد فى القرآن الكريم أن النبى محمدا عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ولم يكن له أن يتحدث فيه أصلا ، ومنه غيب المستقبل وما سيحدث فى الآخرة وموعد قيام الساعة . وترادفت أسئلة كثيرة للنبى محمد عن موعد قيام الساعة ، وتوالت الاجابات تؤكد مرة بعد أخرى أنه عليه السلام لا علم له بالساعة وموعدها،ومنها قوله جل وعلا: ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)النازعات ).
ونتوقف مع الآيات الكريمة تدبرا ، نرجو من الله جل وعلا التوفيق .
أولا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)) .
1 ـ عن التأكيد بأن علم الساعة هو لله جل وعلا وحده ، نقرأ قول رب العزة جل وعلا : (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) لقمان ) ( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ) (47) فصلت ) (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) الزخرف )
2 ـ ومع إن علم الساعة عند الله جل وعلا وحده إلا إنهم كانوا يسألون النبى محمدا عليه السلام عن موعدها . عن كثرة السؤال عن الساعة نقرأ قول رب العزة جل وعلا :(يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)الأعراف ) ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) الاحزاب ) .
3 ـ ومع هذا التأكيد على أن النبى محمدا لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد الساعة فقد إستفحل كفر المحمديين بهذه الايات الكريمة فزورا أحاديث فى غيب الساعة ، فى علاماتها وفى أحداثها وفيما يحدث يوم القيامة، ومنها أساطيرهم عن الشفاعة وعن الحروج من النار . ولو قرأت عشرات الآيات القرآنية التى تنفى شفاعة البشر وتنفى علمهم بالساعة فسينظرون اليك وهم لا يبصرون ، فإذا شرحت لهم التناقض بين هذه الآيات الكريمة وأحاديث البخارى إكفهرّت وجوههم غضبا تعصبا للبخارى وكفرا بالقرآن الكريم . هذا واقع يؤكد كفر المحمديين بالقرآن الكريم .
ثانيا : فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43))
1 ـ التساؤل هنا إستنكارى . يعنى ما أنت والعلم بالساعة . يكفى هذا التساؤل الاستنكارى الموجّه من رب العزة لخاتم النبييين ــ عليهم جميعا السلام ـ لكى يتبرأ المؤمن بالقرآن الكريم من نسبة تلك الأحاديث الى خاتم المرسلين .
2 ـ وعليه نفهم أنه عليه السلام لايمكن مطلقا أن يتكلم فيما لا علم له به . خصوصا وأن الآية التالية يقول فيها رب العزة لخاتم المرسلين :
ثالثا :( إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44))
1 ـ يعنى إليه جل وعلا وحده العلم بالساعة ، وهذا ما تكرر فى قوله جل وعلا :(يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ) .هنا اسلوب قصر فى: (لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ) ، وهو نفس الاسلوب فى:( إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44)). والعادة أنه فى كل ما يخصّ رب العزة جل وهلا يأتى باسلوب القصر مثل ( لا إله إلا الله ) (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ) (59) الانعام )( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) النمل )
2 ـ الجديد فى قوله جل وعلا : :( إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44)) هو وصف العلم بالساعة بالمطلق النهائى . وهذا المطلق لا نستطيع تخيله بعقولنا ولا تصل اليه مداركنا . لذا فإن التعبير القرآنى عن اليوم الآخر يأتى بالاسلوب المجازى للتقريب الى أفهامنا .
3 ـ هذا علم مقصور على رب العزة جل وعلا ، أما بالنسبة للرسول محمد عليه السلام فيقول له ربه جل وعلا :
رابعا : (إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)).
1 ـ هنا حصر دور الرسول فى التبليغ فقط . والتبليغ من معانيه الإنذار . وهو عليه السلام عليه أن ينذر من يخشى الساعة ، يذكّره ويعظه . أما الكافر المعاند فيعرض عنه . إن كل إنسان مفروض عليه أن يفكّر فيما ينفعه . والتفكير فى الدين يرد على عقول الناس ، ومنهم من يفكر حينا ثم تشغله الدنيا ، ومنهم من يهتم وينشغل ولكن يؤمن بأباطيل ، وهذا ينطبق على المتدينين بالدين الأرضى وما فيه من مفتريات الشفاعات ودخول الجنة مجّانا وبلا حساب والخروج من النار بالشفاعات ..الخ . المؤمن صحيح الايمان هو الذى يسعى باحثا عن الهداية . وبسعيه هذا يستحق أن يهديه الله جل وعلا . لذا قال جل وعلا للرسول عليه السلام (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) )طه ). ليس عليه أن يشقى جريا وراء الناس ليهتدوا ، فليس عليه هداهم ، ولكن الذى يشاء من الناس الهداية يهده الله جل وعلا : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) (272) البقرة ) ، وليس هو عليه السلام مسئولا عمّن سيدخل الجحيم (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) البقرة ) . ليس فى الاسلام إلحاج فى الدعوة ، بل الإعراض عمّن يعاند ، وتركه لمصيره الذى إختاره لنفسه . (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) النجم ).
خامسا : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).
1 ـ بالموت تدخل النفس فى البرزخ وتظل فيه الى البعث : (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ) البرزخ تموت فيه النفس فلا تُحسّ بالزمن ( هذا عدا المعذبين فى البرزخ قوم نوح وقوم فرعون ، وعذا المُنعّمين فى البرزخ الذين يُقتلون فى سبيل الله ) . عند البعث يعتقد الكافر المجرم أنه نام أو مات من ساعة ، والساعة فى المصطلح القرآن يوم أو بعض يوم . هذا بينما يعرف المؤمنون أهل العلم عند البعث أنهم مكثوا فى البرزخ الى قيام الساعة . ويقول فى هذا رب العزة جل وعلا :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ) ، ولا يقتنع المجرمون بأنه فعلا مرت عليهم قرون فى البرزخ قبل بعثهم، يقول جل وعلا :(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ )(35)الاحقاف ).
وفى الحشر يتعرف بعضهم ببعض ( من الأمة الواحدة ) ويتذكرون حياتهم الدنيا فتمر عليهم ذكراها كأنها ساعة من النهار يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) (45) يونس ) ،! وعند الحشر يتهامسون عن مدة بقائهم فى البرزخ ، يقول جل وعلا : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104) طه ). هذا معنى قوله جل وعلا : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).
2 ـ إنعدام الاحساس بالزمن فى البرزخ يسرى على الجميع ( عدا من يتعذب ومن يتنعم ) . البشرية من الجيل الأول مع البشرية من آخر جيل سيستيقظون يوم البعث يظنون أنهم ناموا ( أو ماتوا ) يوما أو بعض يوم . بالنسبة لمن مات من مئات القرون ومن مات قبيل قيام الساعة عند البعث سيتصور كل منهم أنه نام أو مات بالأمس فقط . هنا لا فارق بين ابن آدم القاتل وابن آدم القتيل وآخر من يموت من أبناء آدم .
3 ـ معنى هذا أنه بينك وبين يوم البعث هو ما تبقى لك من عُمر وحياة فى هذا الدنيا + يوم أو بعض يوم . .!!
لنفترض أنك فى الستين من عمرك ، ومقدر لك أن تموت بعدعام ، أى فى الحادية والستين ، إى يبقى لك عند بعثك وشهودك يوم القيامة : عام + يوم أو بعض يوم .
4 ـ وقت نزول القرآن وفى مكة أمر الله جل وعلا رسوله أن يقول لقومه :( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ) . يهمنا هنا قوله جل وعلا : (إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ). أى عذاب قريب جدا . كان هذا خطابا لهم من 14 قرنا . لو حسبناها بزمننا لقلنا كيف يكون عذابا قريبا وقد مرت كل هذه القرون ؟ لكنه بحساب مدة البرزخ التى هى يوم أو بعض يوم سيكون عذابهم قريبا. أى نفترض أن أباجهل مثلا سمع هذا الكلام ، ثم مات بعدها ببضع سنوات . يكون عذابه قريبا لأن سيستيقظ يوم البعث معتقدا أنه نام أو مات من يوم أوبعض يوم . سيكون بينه وبين العذاب مقدار ما تبقى من عمره بعد سماع هذه الآية + يوم أو بعض يوم . أى كان هو بين يدى عذاب شديد .!. نفس الحال فى قوله جل وعلا لهم من 14 قرنا : ( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40) النبا ) .
هو أيضا كلام لنا ولكل من سيأتى بعدنا . إن بيننا وبين يوم القيامة هو ما يتبقى من عمرنا زائد البرزخ وهو يوم أو بعض يوم . ولنتذكر أن عمرنا يمرّ بسرعة 60 دقيقة فى الساعة ، وأن زمننا متحرك وأننا نقترب من الموت يوما فيوما . وعمأ قليل سينطبق علينا قوله جل وعلا : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).
ودائما : صدق الله العظيم .!!
تحليل جميل ومنطقي استاذ احمد وهذا ما يوافق كذلك قوله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فاحين ننام ونستيقظ لا نشعر بالزمن ولا بالمكان المادي المحيط بنا و هو اشارة على خروج النفس من الجسد بشكل مؤقت وهي في ذتها اية لؤلي الألباب او لمن اراد ان يتفكر واعتقد ان هذا كان مايعنية قوله سبحانه (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) كما تتكرر في اكثر من اية .. لكن للأسف منذ صغرنا ونحن نحفظ ونردد ولا نعي ونفكر ونتدبر وقد اضعنا القران واضعنا دلائله ومواعظة .. وياليتنا توقفنا عند اضاعة القران بل كفرنا به بنسب تلك الأحاديث المزعومة التي تتناقض مع تشريعاته ولو تفكر دعاة الأحاديث بتلك الأيات ماكان لتنطلي عليهم تخاريف عذاب القبر وثعبان الأقرع وان روح تصعد للسماء ثم تنزل من جديد في القبر الخ من هذه الأفترائات الغيبية لكنه بنفس الوقت اعجازين بنسبة للقران اولها اثبات حفظ الله تعالى للقران وتناقض كتب البشر مع كتاب الله هو اكبر دليل على ذلك وتصديق لقوله سبحانه { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} الأعجاز الثاني ان القران كتاب من عند الله بما يحتويه من حقائق علمية نبني عليها مفهومنا للغيب كما حدث عند المقارنة بين خروج النفس اثناء النوم و اثناء الموت بينما تعجز الكتب البشرية و الأحاديث المفتراة في معرفة تلك الحقائق الغيبية فاتبني تصورات من تخمين عقولها كما صوروا لنا ان بعد الموت هناك عذاب في القبر مما يعني ربطهم بين عالم البرزخ ولعالم المادي وان الروح ترجع للجسد وهو مدفون بالقبر ويتحدث ويرى وييسمع قرع نعال من دفنوه ويضل يعذب الى ان يبعث ثم يسئل من جديد يوم القيامة ولمضحك ان عذاب القبر يأتي قبل السؤال اي قبل ان يحمل كتابة بشماله كما جاء بقوله سبحانه { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} فان كان الكافر يعذب بالقبر فالماذا قد يأتي يوم الحساب ويتمنى انه مات وقضي عليه ولم يعلم ماهو مصيره (وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) ؟ و اذا كان هو يعذب بالقبر اذاً ماحاجة لسؤاله من جديد ؟ والأعجب من ذلك انهم جعلوا عذاب القبر هو صنف واحد يسري على المؤمن والكافر وليس على الكافر فقط كما انه لا يوجد حديث يتكلم عن نعيم القبر بينما الله تعالى اعد جهنم للكافرين فقال {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ومن اجل لذك وقع شيوخ سلفية بمأزق فاخذوا كعادتهم السيئة يلوون عنق الأيات التي تتحدث عن النعيم ويحرف في معانيها لكي يسكتوا فقط افواهه المعارضين و المشككين ولكي يقولوا ان نعيم القبر وعذابة حقيقة مؤكده من القران وبذلك تجد السلفين حين يصلون في تشهد يقولون اللهم نجنا من عذاب القبر ومن فتنة المسيح الأعور الدجال ووو الخ ويتصورون ان الله تعالى سوف يعذبهم لا محاله سواء اطاعوه ام عصوه فما لهم الا ان يتعوذوا مئة مرة كل يوم او يقرئوا اية معينة في يوم معين قبل النوم اثناء الأستيقاظ لعلى وعسى ان ينجوا من عذاب القبر وما يثبت كذلك ان العذاب مرسوخ بعقولهم وانهم معذبون لا محاله حتى لو امنوا واطاعوا الله هو انهم يتصورون ان يوم القيامة سوف يكون هناك عرض سيرك يمر به جميع المؤمنون من جسر يسمونه بزعمهم الصراط المستقيم الذي ان عبروه نجوا من جهنم ومن حولهم تتخطفهم الكلاليب وكئن الله يريد عمداً اسقاطهم في جهنم .. اذا كان كذلك فالماذا نضيع الوقت بطاعة ولعبادة ؟ لماذا لا نذهب لأقرب مهرجات سيرك ونتدرب المشي على الحبل حتى اذا جاء جسر جهنم ننستطيع العبور بسلام لا ادري لماذا كل هذه التصورات عن الجحيم ولماذا كل هذا التركيز على العذاب ربما هو احساس الظالم و شعوره بقتراب اجله
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5129 |
اجمالي القراءات | : | 57,226,509 |
تعليقات له | : | 5,456 |
تعليقات عليه | : | 14,834 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
أسئلة عن : ( بوتين سيقتل بشار ، سوريا وثقافة الاستبداد والاستعباد )
الغزالى حُجّة الشيطان ( الكتاب كاملا )
خاتمة كتاب ( الغزالى حُجّة الشيطان فى كتابه إحياء علوم الدين )
الغزالى حُجّة الشيطان : الغزالى فى الإحياء يقرر الحلول فى الله والاتحاد به تبعا لوحدة الوجود ( 3 )
دعوة للتبرع
الطوفان: ما معنى الطوف ان فى القرآ ن ؟...
صحابة انتهازيون: عن قول بعض المنا فقين ( قَالَ قَدْ أَنْع َمَ ...
حماس من تانى: سلام علیکم یا دکتر صبحی منصور انا لا ارید...
الدعوة والتبليغ: أنت هاجمت جماعة الدعو ة والتب ليغ مع انهم...
We Take Pride in Bei: We Take Pride in Being an American Citizen P ublished in April 18,...
more
نفهم أن قوم نوح و قوم فرعون معذبون في البرزخ و نفهم أن من يُقتل في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون في البرزخ كذلك و السؤال هل حصر التعذيب لقوم نوح و قوم فرعون في البرزخ أم إستمرارية نفس العذاب لنفس من يرتكب نفس الفعل أو قريبا منه عطفا على من يقتل في سبيل الله يبقى حيا في البرزخ عند ربه و الذين يقتلون في سبيل الله - أعتقد - ليس حصراً على السابقين .