عبدالناصر....حياة مثيرة ...وموت درامي:
عبد الناصر ....بين الحقيقة والخيال
اشرف ابوالشوش
Ýí
2007-02-27
بسم الله الرحمن الرحيم
الكتابة عن حياة اي زعيم او قائد , تاريخي او معاصر , تفلت دائما من دائرة النقد البناء او المحايدة الي دائرة تبني المواقف واندماج المشاعر مع او ضد هذه الشخصية مما يجعل الكتابة عنه تخرج من دائرة النقد البناء الى دائرة الانحياز التام او الكره والتشفي.
الرئيس الراحل / جمال عبدالناصر لم يكن استشناء من هذه القاعدة اعلاه , بل وربما هو من اكثر الرؤساء الذين تثبت المقالات والاخبار التي كتبت عنهم هذه القاعÏil;عدة. فالزعيم الراحل انقسم الناس بعد موته الي قسمين رئيسيين:
قسم عمل على تقديس جمال عبدالناصر وجعله اسطورة وطنية قومية عربية وضرورة لابد منها وهبة الله من السماء .واكبر دليل على ذلك قصيدة الشاعر الراحل نزار قباني التي قال فيها - فقدناك يااخر الانبياء
وقسم جعل من عبدالناصر شيطانا رجيما وشماعة علق عليه كل اخطاء زمنه والازمان التي تلته من النكسة وحتى ماكان بعد موته وصولا الي الحاضر الاقتصادي والسياسي لمصر والوطن العربي وحتى سوء سلوك المواطنين
لا انكر ان في نفسي شيء من الاعجاب بجمال عبدالناصر لكنه اعجاب مغلف بالعقل والمنطق فاعترف ان للرجل اخطاء كبيرة كما كانت له محاسن كبيرة ,بل ان الاعجاب بعبد الناصر بلغ في يوم من الايام مدى غريبا من التقديس لدرجة ان بعض الطلبة في السودان كانو يقراون خطب لعبدالناصر في طابور الصباح ويتبارون في من الذي يحفظها عن ظهر قلب اكثر من الاخر!!!! وهذه الحكاية قصها علي احد الذين عايشوها - لاني ببساطة لم اكن قد ولدت بعد في عهد عبدالناصر
والحقيقةاني لا احب ولا اؤيد الحزب الناصري لانه حزب قام على تقديس شخص وان ضد اي تقديس لاي شخص او اي شيء في العالم الي الله سبحانه وتعالى -
بل ان اغلب ان لم يكن كل الاحزاب التي تعتنق الاشتراكية كفكر اقتصادي وسياسي كانت تحب عبدالناصر حبا حتى انه تكون حزب باسم الحزب الناصري في كل بلد عربي تقريبا بعد وفاته مباشرة - السودان كمثال
وقبل ان ابداء في سرد مزايا ومساوي الرئيس الراحل احب ان اشرح لم اكتب عنه الان بالذات وقد انتهى عهده ودخلت مصر والعالم العربي في منظومة سياسية واقتصادية مخالفة تماما لما كان عليه الامر في زمن عبدالناصر , بل ولم اكتب عنه وانا في الاساس لست بمصري؟
الحقيقة اني اكتب عنه لاسباب عديدة منها ان الرجل كما قلت قد قلت عنه الكتابات المحايدة بالاضافة الي ان الكثير من انجازاته ربما ضخمت اكثر من اللازم والبعض الاخر تم تناسيه تماما عمدا او سهوا ,بلاضافة الي ان الرجل يمثل حقيقة مادة خصبة وثرة لكل من يريد ان يتعرف على نمط وسلوك التفكير السياسي العربي على الاقل في فترةمعينة.
اما عن كوني غير مصري , فانا اعتقد ان كل من مصر وسوريا والعراق تمثل اهم بلدان المنطقة سياسيا واجتماعيا بل وحتى دينيا وان اي تغير يطراء على هذا الحزام العربي جيدا كان او سيئ فهو لامحالة منعكس وبقوة على كافة دول المنطقة العربية ,بالاضافة الي ان عبدالناصر لم يكن رئيس لمصر وحدها بقدر ما كان اول واخر زعيم عربي لكل دول المنطقة حتى اني اعتقد انه كان بامكان عبدالناصر وبما يمثله من ثقل سياسي وبما لديه من جماهيرية طاغية ان يشكل وجدان الشعب العربي في اي دولة وان يجعله ينقاد وراء اي قرار سياسي له حتى لو كان خارج نطاق سلطته الطبيعية في مصر
واكبر دليل على كلامي هذا هو مشروع الوحدة العربية الذي كان بين مصر وسوريا ايام عبدالناصر وكيف ان الحكومة السورية في ذلك الوقت تنازلت عن رئاسة الجمهورية العربية الي عبدالناصر لما وجدته من شعبية جارفة وحب طاغي لعبدالناصر في قلوب السوريين وكذلك المظاهرات التي خرجت تايدا لعبدالناصر بعد استقالته عند النكسة في جميع الدول العربية تقريبا وخروج الجماهير الغير مبرمج لاستقباله عندما زار السودان بعد النكسة في اكبر استفتاء شعبي على عبدالناصر
مصر ماقبل عبدالناصر
تعتبر الفترة التاريخية التي سبقت عبدالناصر والضباط الاحرار مرحلة تاريخية حرجة ومهمة ومنعطفا هاما في تاريخ ووجدان الشعب المصري , حيث كانت مصر ترزح تحت نير الاستعمار التركي ممثلا في اسرة محمد علي باشا واخر احفاده على مصر فاروق الاول والاخير , والذي كان بدوره اي الاستعمار التركي يرزح هو الاخر تحت الاستعمار والوصاية من قبل بريطانية العظمى الدولة التي لاتغيب عنها الشمس في ذلك الوقت
وكانت مصر تئن تحت وطات التكبر والتجبر الذي كان يقوم به الاتراك ابناء الباشوات على الشعب المصري صاحب الارض الحقيق والذي جعلوه في نظرهم ليسوا سوى شعب فلاح لايستحق من الحياة سوى ان يضرب بالكرباج السوداني - وحقيقة لا اعلم لم لم يشتهر عن السودان شيئا في تلك الفترة غير هذا الكرباج القاسي
ولولا حركات الكفاح والنضال المصري في تلك الحقبة من ثورة عرابي باشا ووثورة 19 وكفاح سعد باشا زغلول زعيم الامة في ذلك الوقت لم يكن مقدرا لثورة الضباط الاحرار ان تقوم لانه وببساطة لولا كفاح هؤلاء الابطال الذين سبقوها لما نال المواطن المصري ذلك الحق ولو اليسير من التعليم ولظل الجيش محصورا فقط على طبقة ابناء الباشوات كضباط وباقي الشعب المصري مجرد جنود لاغير
في تلك الفترة الزمنية كانت الامة العربية تمر بواحدة من اقسى محنها والتي مازالت تعاني منها حتى الان متمثلة في احتلال اليهود سنة 48 السوداء للاراضي الفلسطينة الحبيبة وقيام الجامعة العربية الهزيلة منذ ولادتها والهزيمة الشنيعة التي نالتها القوات العربية ذات الجيوش الحديثة العهد بالحروب الحديثة وعقائدها العسكرية على يد عصابات اليهود بعد ان كان النصر قاب قوسين او اكثر لولا الخيانة التي تمت بوجود صفقة السلاح الفاسد -اي ان الغرب استفاد منا مرتين مرة باخذ اموالنا ليعطينا السلاح الفاسد ومرة بجعل خير ابناء الامة في ذلك الوقت يموتون على حدو فلسطين الحبيبة وبذلك يموت معها الامل في تحرير الارض من المعتدي الغاشم-وهذا لن يحصل باذن الله تعالى
كما ان تلك الفترة شهدت ضيق الشعب المصري من تفاهات فاروق ونزواته التي فاقت كل الحدود في حين كان الغالبية العظمى من الشعب الذي من المفروض انه مسؤل عنه امام الله يرزح تحت خط الفقر, ومما زاد الطين بله انه حتى الموقف النبيل الوحيد الذي كان فاروق يستطيع عمله لارضاء نفسه طبعا لاحب في سواد عيون الشعب المصري الا وهو تحدي الاستعمار الانجليزي وسياسة السفارة البريطانية التي كانت تسيطر على قصر عابدين وعلى سير الاحزاب في مصر ,حتى هذا التحدي فشل فشلا شنيعا فيه عندما اضطره الشفير الي القبول بالنحاس باشا او طرده من القصر الملكي واعطاء الملكية لغيره
في تلك الظروف الحالكة السواد قام عبد الناصر ومعه بعض الضباط بتكوين تنظيم الضباط الاحرار كتنظيم سياسي عسكري سري يهدف الي قلب النظام الحاكم في مصر وقتها وطرد الانجليز
والذين عايشوا التنظيم عن قرب او كتبوا عنه او حتى عرفوا عبدالناصر يعرفون جيدا قوة شخصية عبدالناصر بالاضافة الي عقليته التكتيكية التي اكتسبها لانه كان استاذ في كلية القادة والاركان وكان يدرس الاستراتيجات العسكرية الحربية , كل هذه الاسباب بالاضافة الي طموح عبدالناصر الشخصي جعل عبدالناصر هو الرجل الاول في التنظيم واهله بعد ذلك ليتنزع الرئاسة من محمد نجيب الذي كان اول رئيس مصري يحكم مصر منذ عهد الاتراك
المقالة القادمة باذن الله - بداية الثورة وبداية حكم عبدالناصر
عبدالناصر بين المحاسن والمساوي
اجمالي القراءات
27202
هل نقول محمد أم أشرف؟