آحمد صبحي منصور Ýí 2013-09-26
السادس والعشرون
أولا :
1 ـ هناك ( علوم ) فى القرآن لم يلتفت اليها الأئمة ( المفسراتية ) فى العصور الوسطى الذين إتخذوا القرآن مهجورا ، وحصروا إعجازه فى الفصاحة وللعرب فقط ، ونظروا اليه وعلى عيونهم غشاوة الأكاذيب المفتراة من الأحاديث التى أخضعوا لها القرآن ، ثم تعاملوا معه بالتأويل والتحريف للمعنى ، ومزاعم النسخ ، وكل منهم يدخل على القرآن بالرجس الذى فى قلبه لينتقى من الآيات ما يتفق ظاهرها مع الأحاديث المفتراة التى يؤمن بها وخرافات دينه الأرضى ، ويؤول أو يتجاهل غيرها ، أو يقول بأنها منسوخة أو ملغى وباطل العمل بها.!!. لم تكن قلوبهم طاهرة ليمسّها نور القرآن بسبب الرجس الذى إحتل قلوبهم . وفي آيات كريمة من آيات الإعجاز العلمى تتحدث عن مواقع النجوم يقول جل وعلا عن القرآن الكريم : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)الواقعة ) . من النجوم ما نراها . لأنها إنفجرت وانتهت وتحولت الى ثقب أسود أو أبيض . ولكن لأنها تبعد عنا بلايين السنين الضوئية فلا يزال نورها يصل الينا بعد فنائها ، ليس منها الآن ولكن من الموقع الذى كانت فيه قبل فنائها وموتها . وهذا هو القسم العظيم : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) . والمقسوم عليه هو القرآن الكريم : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) .والذى يهمنا هنا أن الأئمة ( المفسراتية) فى العصور الوسطى إنشغلوا بخرافاتهم وإفتراءاتهم وأكاذيبهم ونزاعاتهم الفقهية والمذهبية عن تدبر القرآن وإكتشاف علومه ، ومنها إشاراته العلمية . وتلاميذهم الآن يهللون لاكتشافات علماء الغرب فى الفلك وغيرها ، ويتخصص بعضهم فى بحث الاتفاق بين هذه الاكتشافات العلمية والاشارات القرآنية لها ، ولكن لا يتساءل : لماذا غشيت عيون أئمتهم المفسراتية وعميت عن قراءة هذه الآيات التى تشير الى حقائق علمية بسهولة وبساطة ؟ .!
الجواب فى القرآن الكريم نفسه، فالله جل وعلا فى هذه الآيات من سورة الواقعة يشير الى الذى يصلح لأن يمسّه نور القرآن فيقول : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)الواقعة ) ، فلا يمكن لمن طُبع على قلبه أن يتسلل الى قبه نور القرآن . لهذا ظلوا بعيدين عن القرآن وظل القرآن بعيدا عنهم بسبب الرجس الذى فى قلوبهم ، وقد قال جل وعلا فى هذه النوعية من البشر : ( كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)،) ثم قال عن القرآن الكريم : ( وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) الانعام ) . فالقرآن وتفصيلاته التى هى ( عن علم ) تكون هدى ورحمة لمن يؤمن بالقرآن فعلا وحده حديثا : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) ( الأعراف ). أما الذين ( لايؤمنون ) و ( لا يعقلون ) من أئمة المفسراتية وغيرهم فقد إستحقوا الرجس : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (100) قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101) يونس ).
معجزة إختيار اللفظ فى منهج القرآن الكريم فى ايراد الحقيقة العلمية
وللقرآن الكريم جانب من الاعجاز العلمى ليس فقط فى الاشارة للحقائق العلمية مثل كروية الأرض ودورانها حول نفسها ، ولكن من أهم نواحى الاعجاز ـ فى نظرى ـ هو طريقة القرآن الكريم الفريدة فى صياغة تلك الحقيقة العلمية فى لغة سهلة لا تصدم عقول أول من استمع الى القرآن الكريم وهم العرب الأميون فى القرن السابع الميلادى . أى ليس فقط فى صياغة الحقيقة العلمية بطريقة لا تصدم عقول العالم فى القرون المظلمة و لكن ايضا بطريقة لا تنال من صدقية الحقيقة العلمية ذاتها ، بحيث تظل تلك الحقيقة العلمية المذكورة فى القرآن صالحة للفهم الميسور فى عصرنا ووفق مدلول تلك الحقيقة العلمية الحديث ، بل وأكثر من ذلك ، فان العادة أن تصاغ الحقائق العلمية بصورة تقريرية جافة خالية من الجمال اللغوى ، ولكن القرآن العظيم يأتى بها فى صورة بلاغية متحركة ناطقة مضيئة بارعة مع عدم الاخلال بمدلولها العلمى ، بل إن مدلولها العلمى يكون أكثر وضوحا وبيانا بتلك البلاغة القرآنية المعجزة الفريدة.ولن نسهب فى التأطير والتنظير والتحليل فدعنا ندخل فى الشرح و التمثيل.
ثانيا :
نماذج لاختيار اللفظ فى ايراد الحقيقة العلمية فى القرآن الكريم
1 ـ لو قال رب العزة فى القرآن ( الأرض كروية ) أو ( إنّ الشمس تنطلق فى مدار داخل مجرة التبّانة ) أو ( إن الآرض تدور حول نفسها وتدور أيضا حول الشمس بما يؤدى الى حدوث الليل والنهار ) لتعرّض الرسول والاسلام الى سخرية هائلة ، علاوة على أن هذه العبارات جافة وتخلو من الرونق البلاغى . ولكن كانت لهذه الحقيقة أساليبها الرائعة فى الصياغة وفى إختيار اللفظ .
يقول جل وعلا : ( خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) (5) الزمر ) .تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل هو تصوير رائع لكروية الأرض ودورانها حول نفسها ومحورها ودورانها حول الشمس .
2 ـ ومنه أيضا إيلاج الليل فى النهار وإيلاج النهار فى الليل وتداخلهما : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) الحديد ) (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) (29) لقمان ). وهذا التداخل وسعى كل منهما وراء الآخر هو تعبير رائع لدوران الأرض حول نفسها وما ينتج عنه حركة الضوء الشمسى وسيرانه من تعرض نصف الكرة الأرضية للشمس ، ودورانها فى نفس الوقت حول الشمس . وبالتالى نفهم إختلاف المواقيت بين البلاد ، وكيف يكون نهار فى أمريكا وليل فى مصر فى نفس الوقت ، ونفهم سريان الليل خلف النهار وسيران النهار خلف الليل كأنما يطارد كل منهما الآخر ، وفق توقيت نتعامل به ، ونحسبه . وما أروع إختيار اللفظ فى قوله جل وعلا عن حركة الليل والنهار : ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ (35) المدثر ) (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) التكوير ) (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) ) الشمس )، ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) الليل )
3 ـ يقول رب العزة : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) يس )( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) الزمر )( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان ). والإعجاز هنا فى إختيار اللفظ ( تجرى لمستقر لها )، فقد فهمه العرب الأميون على أن الشمس تجرى من الصباح الى مستقر لها عند الغروب ، وتخيلوا أن الشمس تجرى وتدور حول الأرض . وكان سهلا على ( المفسراتية ) فى العصر العباسى أن يصلوا من القرآن نفسه للفهم الصحيح ن إلا إنهم ركنوا للخرافات و تأليف خرافات ونسبتها للنبى كما فعل البخارى فى حديثه عن أنّ الشمس تصعد الى عرش الرحمن لتشكو له من أن قوما يعبدون غيره فيردها الى دورانها !.
رب العزة جل وعلا يؤكّد بقاء الشمس تجرى فى الفضاء الكونى تؤدى دورها لنا الى ( أجل مسمى ) ، وهو موعد قيام الساعة . كان ينبغى لهم أن يفهموا من القرآن أن الشمس تجرى لمستقر لها أى الى موعد قيام الساعة شأنها شأن السماوات نفسها التى ستتدمر هى الأخرى مع الأرض عند حلول ( الأجل المسمى ). وكان ينبغى أن يفهموا أن الشمس والقمر والنجوم والمجرات هى التى تقع بين السماوات والأرض ، طبقا للتعبير القرآن ( وما بينهما ) :( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى )(الاحقاف 3 ).، أى إن السماوات هى ما بعد النظام الكونى من النجوم والمجرات . والأجل الذى ستنتهى به الشمس والقمر هو نفس الأجل للسماوات ، فالانفجار سيدمر السماوات والأرض وما بينهما من نجوم ومجرات . ولقد خلقها الله جل وعلا بالحق ، والى ( أجل مسمى ) هو تدميرها كلها لينتهى هذا اليوم الدنيوى ويأتى اليوم الآخر بالحساب . هذا هو ( الحق ) الذى به تم ( خلق السماوات والأرض ) وما بينهما ، وهو نفس الحق الذى سيتم به تدميرها كلها عند حلول ( الأجل المسمى ) المحدد سلفا، يقول جل وعلا:( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ) ( الاحقاف 3 ). ويدعونا رب العزّة جل وعلا للتفكير فى مصيرنا يوم الحساب : ( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ )(الروم 8 ) . المفسراتية لم يفهموا لأنهم لم يتدبروا القرآن لأنه كانت على قلوبهم أقفال : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ( محمد )
4 ـ عميت أبصارهم حتى عن ملاحظة وجود ( تاء التأنيث ) فى الحديث عن بعض الحشرات ، وخلوها من أخرى ، هذا مع تركيز معظم المفسراتية على ( اللغة والنحو ) فى القرآن . يتحدث رب العزة عن أنثى العنكبوت بالذات التى تهيىء عش الزوجية للذكر ، فإذا قام بتلقيحها قضمت رأسه وقتلته . وضرب المثل هنا للمشرك الذى يأتى للقبر المقدس يرجو الخير ويطلب المدد وهو لايدرى أنه قد أضاع مستقبله عند الله جل وعلا القائل :( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) العنكبوت ). إعجاز إختيار اللفظ هنا فى تاء التأنيث (الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ ) . لو قيل ( العنكبوت أتخذ ) لكان قول بشر جاهل .
ونفس الحال مع البعوضة ، يتحدث رب العزة عن الأنثى فقط فيقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ) (26) ( البقرة ). إن عجائب البعوض مذهلة خصوصا وهى تمصّ بخرطومها الهش دم الانسان وتخترق به جلده ، وتقوم بمنع الدم من التجمد والتجلط . لا يفعل ذلك ذكر البعوض ، ولكنها الأنثى فقط .!.
ويقول جل وعلا عن ( الشغّالة ) من النحل : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) النحل ). التعبير هنا عن الأنثى الشغالة التى ترشف رحيق الثمرات وتنتج النحل لتغذّى به اليرقات ، ويخرج منها النحل مختلفا الوانه حسب نوعية الثمرات .
ونفس الحال مع إنثى النمل الشغالة ، وجاء الحديث عنها بالأنثى فى قوله جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا ) (19) ( النمل ). هنا حديث عن مستعمرة ضخمة للنمل ، والشغالة من النمل بالآلاف هى التى تخرج من مساكنها تحت الأرض . وتعبير المساكن يوضحه العلم الحديث عن عبقرية النمل فى إعداد مساكن حقيقية بغرف تهوية وأقسام مختلفة وبحجرات متنوعة ومنظمة لشتى الأغراض ، و قد تتفوق بهذه العبقرية على ملايين البشر . كل هذا جاء الحديث عنه بالأنثى .
أما عندما تكلم رب العزة عن الذباب فقد إستعمل أسلوب الجنس ( ذباب ) ليدل على الذكر والنثى حين يأكل طعامه . والأكل هنا لا فارق فيه بين ذكر وانثى . ولكن يتميز الذباب بأنه يقوم بهضم طعامه وتحليله الى عناصره الأولية قبل أن يبتلعه ، أى لو إلتقط قطعة ضئيلة من السكر فهو يسارع بإمتصاصها بلعابه لتتحول بسرعة فائقة الى عناصر السكر ، وقبل أن تصل الى فمه لا تصير ( السكر ) بل العناصر التى كانت تكوّن السكر . يقول جل وعلا يتحدى المشركين الذين يقدسون البشر يضرب لهم هذا المثل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ) (73) الحج ). وروعة إختيار اللفظ هنا لبس فقط فى الحديث عن ( جنس الذباب ذكرا وأنثى ) ولكن أيضا فى إختيار قوله جل وعلا (لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ) الذى يعبّر عن السرعة فى إمتصاص الذباب لطعامه . ويبقى الهدف من ضرب هذا المثل ، وهو موجّه لعصرنا أيضا . ففى حياة محمد عليه السلام لو سلب الذباب منه شيئا فلن يستطيع أن يسترده ، فعلى فرض أنه إستطاع أن يقبض على هذه الذبابة بالذات فلن يستنقذ منها ما سلبته منه لأنه اصبح شيئا آخر ..( أصبح فى خبر كان ) . وينطبق هذا المثل على عيسى والحسين وعلى والبخارى ..وكل البشر الذين يقدسهم المشركون .
أخيرا
لم يفهم المفسراتية إعجاز القرآن العلمى لأنهم إختاروا بمحض إرادتهم أن تعمى قلوبهم عن نور القرآن ، أى رضوا لأنفسهم بمرض العشى ، أى أن ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40) الزخرف )
ودائما : صدق الله العظيم .!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5110 |
اجمالي القراءات | : | 56,648,823 |
تعليقات له | : | 5,442 |
تعليقات عليه | : | 14,815 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
قريش وأهل الكتاب: هل كانت رسالا ت اهل الكتا ب الساب قين .. دور...
لأحتنكنّ : ما معنى ( لأحتن كن ) في الآية 62 في سورة الاسر اء ...
السحر: هل تري ان السحر حقيقة ؟ وهل يمكن ايذاء شخص عن...
سؤالان : السؤا ل الأول : هل قنوت صلاة الصبح فرض ؟ أم...
أم الكتاب : ما المقص ود بأم الكتا ب ؟ ...
more